أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 984

جلسة 29 من مارس سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عبد العال السيد؛ وعضوية السادة المستشارين: مجدي الخولي، الدكتور عبد الرحمن عياد؛ إبراهيم فودة وعبد العزيز هيبه.

(182)
الطعن رقم 240 لسنة 46 القضائية

(1) إرث دعوى. ملكية. تركة.
طلب الوارث تثبيت ملكيته لحصة في أطيان وحصة في منزل هما نصيبه في تركة مورثه. وجوب تقدير قيمة الدعوى بجملة الطلبات فيها. اعتبارها ناشئة عن سبب قانوني واحد هو الإرث.
(2) بيع. عقد. هبة.
القضاء باعتبار التصرف منجزاً. لا يتعارض مع تنجيزه. عدم إمكان المتصرف إليه دفع الثمن. علة ذلك. التصرف الناجز صحيح باعتباره بيعاً أو هبة مستترة.
1- تنص الفقرة الأولى من المادة 38 من قانون المرافعات على أنه "إذا تضمنت الدعوى طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد كان التقدير باعتبار قيمتها جملة..." وإذ كان الإرث هو الواقعة التي يستمد منها الطاعن حقه في طلب تثبيت الملكية فإن العبرة في تقدير قيمة الدعوى لتقدير نصاب الاستئناف تكون بقيمة الطلبات جملة لأنها ناشئة عن سبب قانوني واحد، ومن ثم فلا عبرة بقلة نصيب الطاعن الذي طلب تثبيت ملكيته له في المنزل عن النصاب الانتهائي لمحكمة الدرجة الأولى طالما كانت قيمة طلباته - بتثبيت ملكيته لحصته في أطيان وحصته في منزل - جملة تجاوز ذلك النصاب.
2- إذ كان الحكم المطعون فيه قد انتهى صحيحاً إلى تنجيز التصرف، فإنه لا يتعارض مع تنجيزه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عدم استطاعة المتصرف إليه دفع الثمن المبين بالعقد لأن التصرف الناجز يعتبر صحيحاً سواء أكان العقد في حقيقته بيعاً أو هبة مستترة في عقد بيع استوفى شكله القانوني.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 579 لسنة 1963 مدني كلي شبين الكوم على والد المطعون بصفته ولياً طبيعياً عليها للحكم بتثبيت ملكيته إلى 8 س و21 ط أطياناً زراعية شيوعاً في 22 س و8 ط و2 ف وإلى 46.5 م2 شيوعاً في المنزل الموضح بصحيفة الدعوى والتسليم وقال بياناً للدعوى أن المرحوم... توفى في يناير سنة 1973 وانحصر إرثه في زوجته "المطعون عليها" وتستحق في تركته الربع فرضاً وفي ولدي أخيه وهما... يستحقان باقي تركته تعصيباً وقد خلف المورث تركه في وضع أولاد المطعون عليها بصفته عبارة عن أطيان زراعية مساحتها 22 س و8 ط و7 ف ومنزل مسطحه 124 م2 بناحية قسم... وإذ كان نصيب الطاعن في هذه التركة 8 س و21 ط شيوعاً في الأطيان و46.5 م2 شيوعاً في المنزل وامتنع والد المطعون عليها بصفته عن تسليمها له فقد أقام الطاعن الدعوى للحكم بطلباته، دفعت المطعون عليها الدعوى بأن المورث باع لها الأطيان والمنزل بموجب عقدي بيع مؤرخ أولهما في 10/ 6/ 1966 والثاني في 24/ 5/ 1970 ونص في الفقرتين على اقتران البيع بدفع يد المشترية، دفع المدعي "الطاعن" بصورية العقدين على أساس أنهما في حقيقتهما وصية ولم يقصد بهما البيع المنجز - قضت المحكمة بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المدعي "الطاعن" بكافة طرق الإثبات القانونية أن عقدي البيع الابتدائيين المؤرخين 10/ 6/ 1969، 24/ 5/ 1970 يستران وصية وأنه لم يدفع فيهما ثمن وصرحت للمطعون عليها بالنفي بذات الطرق وبعد أن سمعت أقوال الشهود إثباتاً ونفياً قضت بتاريخ 2/ 2/ 1975 بتثبيت ملكية المدعي "الطاعن" إلى نصيبه الميراثي في تركة مورثة عمه المرحوم... الخ، استأنفت المطعون عليها هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا "مأمورية شبين الكوم" طالبة إلغاءه والحكم برفض الدعوى وقيد الاستئناف برقم... وفي 21/ 5/ 1975 قضت المحكمة قبل الفصل في الموضوع بإحالة الدعوى إلى التحقيق ليثبت المستأنف عليه الطاعن بكافة طرق الإثبات القانونية أن عقدي البيع المؤرخين 10/ 6/ 1969، و24/ 5/ 1970 صوريان صورية نسبية وأنهما يخفيان وصية وأن المورث ظل محتفظاً بحيازة الأطيان المبيعة وبحق الانتفاع بها لنفسه مدى حياته وصرحت للمستأنفة "المطعون عليها" بالنفي بذات الطرق وبعد أن استمعت لأقوال شهود الطرفين إثباتاً ونفياً قضت بتاريخ 21 يناير سنة 1976 بإلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه بالسبب الأول أنه إذ طلب تثبيت ملكيته لنصيبه في الأطيان وفي المنزل فإن الدعوى تكون مرفوعة بطلبين مستقلين، ولما كانت قيمة نصيبه في المنزل أقل من النصاب الانتهائي للمحكمة الابتدائية وصدر حكم محكمة الدرجة الأولى بتثبيت ملكية الطاعن لمساحة 31 م2 في المنزل وهو أقل مما طلب بصحيفة الدعوى ولم تفطن محكمة الاستئناف إلى صيرورة الحكم في هذا الشق نهائياً لا يجوز استئنافه إلا لمخالفة القانون أو بطلان الحكم وبشرط دفع الكفالة المنصوص عليها في القانون فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه إذ تنص الفقرة الأولى المادة 38 من قانون المرافعات على أنه (إذا تضمنت الدعوى طلبات متعددة ناشئة عن سبب قانوني واحد كان التقدير باعتبار قيمتها جملة...) وكان الإرث هو الواقعة التي يستمد منها الطاعن حقه في طلب تثبيت الملكية فإن العبرة في تقدير قيمة الدعوى لتقدير نصاب الاستئناف تكون بقيمة الطلبات جملة لأنها ناشئة عن سبب قانوني واحد ومن ثم فلا عبرة بقلة نصيب الطاعن الذي طلب تثبيت ملكيته له في المنزل عن النصاب الانتهائي لمحكمة الدرجة الأولى طالما كانت قيمة طلباته جملة تجاوز ذلك النصاب ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في الإسناد ومخالفة الثابت بالأوراق وفي بيان ذلك يقول أنه ولئن كان من إطلاقات محكمة الموضوع أن تأخذ بأقوال شاهدي المطعون عليها وتطرح أقوال الطاعن إذ أنه يتعين أن يكون ما أخذت به مؤدياً إلى النتيجة التي انتهت إليها لما كان ذلك وكان الظاهر من أدلة الدعوى توافر شرطي القرينة المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني في التصرف بالبيع الصادر من المورث إلى زوجته المطعون عليها بموجب العقدين المطعون عليهما بالصورية وهما احتفاظ المورث المتصرف بحيازة الأعيان المتصرف فيها وبحقه في الانتفاع بها لنفسه مدى حياته حيث شيعت جنازته من المنزل المقول بتصرفه فيه بالبيع للمطعون عليها وكان هو القائم على زراعة أطيانه المتصرف فيها حتى وفاته فإن الحكم المطعون فيه إذ أخذ - على خلاف ذلك - في اعتبار المتصرف بموجب العقدين بيعاً منجز وإنهما لم يكونا ساترين لوصية مضافة إلى ما بعد موت المورث بأقوال شاهدي المطعون عليها رغم ما شابها من تناقضات مادية وعدم اتفاقها مع الواقع المطعون ومع أن المورث لم يكن بحاجة تدعوه للتصرف في أمواله بالبيع ولم يكن بمقدور المطعون عليها أو والدها دفع الثمن يكون قد أخطأ في الإسناد وخالف الثابت بالأوراق.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك أنه يبين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن حصل وقائع الدعوى ودفاع الطرفين وأقوال الشهود - الذين سمعتهم محكمة الاستئناف - ووازن بينها استخلص عدم توافر الشرطين اللازمين لقيام القرينة المنصوص عليها في المادة 917 من القانون المدني لاعتبار التصرف الصادر من المورث إلى أحد ورثته يخفي وصية وهما احتفاظ المتصرف بحيازة العين المتصرف فيها وباحتفاظه بحقه في الانتفاع بها لحساب نفسه مدى حياته على قوله (وحيث إنه عن موضوع الاستئناف فإن المحكمة تطمئن إلى أقوال شاهدي المستأنفة من أن المورث تخلى عن حيازة العقارات المبيعة ولم ينتفع بها لنفسه بعد أن تصرف فيها لزوجته إذ أجمع الشاهدان على أن والد المستأنفة وضع يده على الأطيان الزراعية بعد أن تصرف فيها المورث وحال حياته ولحين وفاته كما شهدا بأن المورث ترك منزله هو وزوجته حيث أقاما بمنزل العائلة بينما انتقل والد المستأنفة وأشقاؤها حيث أقاموا بذلك المنزل بل بمضمون هذا القول الأخير شهد الشاهد الثاني من شاهدي المستأنف عليه... هذا إلى أن شاهد المستأنفة... كان قد قرر أمام محكمة أول درجة أنه شاهد والد المستأنفة يزرع أطيان النزاع حال حياة المورث وبعد أن تصرف فيها لزوجته فمن ثم وترتيباً على ذلك فإن المحكمة تأخذ بأقوال شاهدي المستأنفة وتلتفت عن أقوال شاهدي المستأنف عليه فإذا أضيف إلى ذلك أن والد المستأنفة كان هو القائم بسداد الأموال الأميرية على أطيان النزاع حال حياة المورث من سنة 1970 حتى سنة 1972 بعد التصرف في أملاكه وقبل أن يتوفاه الله في غضون شهر يناير سنة 1973 على النحو الثابت من المستندات... فإن ذلك كله يوفر في يقين المحكمة أن المورث لم يحتفظ بحيازة الأعيان المبيعة ولم ينتفع بها لنفسه بعد التصرف فيها لزوجته ولحين وفاته...) وحصل الحكم مما تقدم أن والد المطعون عليها وضع اليد على الأعيان المبيعة باسمها ولحسابها ثم رتب على ذلك أن التصرف الصادر بالبيع منجز ولا يخفي وصية - وكان تقدير أقوال الشهود مرهوناً بما يطمئن إليه وجدان قاضي الموضوع ولا سلطان لأحد عليه في ذلك، إلا أن يخرج بتلك الأقوال إلى ما لا يؤدي إليه مدلولها، لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع السلطة في بحث الدلائل والمستندات المقدمة لها وفي موازنة بعضها بالبعض الآخر وترجح ما تطمئن نفسها إلى ترجيحه منها وفي استخلاص ما ترى أنه واقعة الدعوى وذلك بمنأى عن رقابة محكمة النقص، وكانت الأسباب سالفة البيان التي استند إليها الحكم سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه، وكان الحكم المطعون فيه وقد انتهى صحيحاً إلى تنجيز التصرف فإنه لا يتعارض مع تنجيزه - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - عدم استطاعة المتصرف إليه دفع الثمن المبين بالعقد لأن التصرف الناجز يعتبر صحيحاً سواء أكان العقد في حقيقته بيعاً أو هبة مستترة في عقد بيع استوفى شكله القانوني، فإن ما يثيره الطاعن بهذا السبب لا يعدو أن يكون جدلاً في تقدير المحكمة للأدلة المقدمة في الدعوى مما لا يجوز قبوله أمام محكمة النقض ويكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.