أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 30 - صـ 997

جلسة 31 من مارس سنة 1979

برئاسة السيد المستشار عدلي مصطفى بغدادي نائب رئيس المحكمة؛ وعضوية السادة أحمد صلاح الدين زغو، محمود حسن رمضان، عبد العزيز عبد العاطي إسماعيل، وحسن عثمان حسن عمار.

(185)
الطعن رقم 41 لسنة 45 القضائية

(1، 2) شركات. "انقضاء الشركة" إيجار. "إيجار الأماكن".
(1) انقضاء الشركة بهلاك أموالها. أثره. دخولها في دور التصفية. بقاء شخصيتها المعنوية بالقدر اللازم للتصفية. البنود المتعلقة بإدارة الشركة ومنها عقود الإيجار. بقاؤها قائمة لحين انتهاء التصفية.
(2) تصفية الشركة. للمصفي حق بيع موجوداتها وأموالها ومنها حق إيجار العين التي تشغلها.
(3) حكم. "تسبيب الحكم".
طلب الخصم تحقيق دفاع غير مؤثر في النزاع. إغفال الحكم الرد عليه. لا خطأ.
(4) إيجار. "إيجار الأماكن". بيع. "بيع الجدك".
بيع المستأجر للمصنع أو المتجر المؤجر له. موافقة المؤجر ليست شرطاً لصحة العقد.
1 - مؤدى نص المادة 523 من القانون المدني أنه إذا انقضت الشركة بتحقيق أي سبب من أسباب انقضائها - ومنها ما نصت عليه المادة 527 مدني من هلاك أموالها - فإنها تدخل في دور التصفية حيث تنتهي سلطة المديريين فيها ويتولى المصفي أعمال التصفية وإجراء ما تقتضيه من القيام - باسم الشركة ولحسابها - باستيفاء حقوقها ووفاء ما عليها من ديون وبيع مالها منقولاً أو عقاراً - على نحو ما نصت عليه المادة 535 مدني - وهو ما يستوجب بقاء الشخصية المعنوية للشركة بالرغم من حلها تسهيلاً لعملية التصفية وحفظاً لحقوق الغير حتى يمكن للمصفي القيام بهذه الأعمال مما يقتضي بدوره قيام العقود والعلاقات المستمرة المتعلقة بإدارة الشركة واللازمة لاستمرار عملية التصفية - ومنها عقود الإيجار الصادرة للشركة - وذلك لحين الانتهاء من التصفية بتمام كافة أعمالها وتحديد صافي الناتج منها وتقديم المصفي تقريره بذلك واعتماده من الشركاء ومؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن شخصية الشركة تبقى بعد حلها بالقدر اللازم للتصفية وإلى أن تنتهي، وأن المصفي يصبح صاحب الصفة الوحيد في تمثيل الشركة في جميع الأعمال التي تستلزمها هذه التصفية.
2 - شخصية الشركة تبقى بعد حلها ودخولها في دور التصفية لحين انتهاء الأعمال التي تستلزمها هذه التصفية ومن بينها بيع أموال الشركة منقولاً كانت أو عقاراً، مما مؤداه أن يكون للمصفي المعين لتصفية البنك التجاري - بسبب هلاك رأس ماله بالخسارة - الحق في بيع موجودات البنك وأمواله ومنها حق إيجار عين النزاع تحقيقاً لأغراض التصفية.
3 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع ببحثه والرد عليه هو الدفاع الجوهري المؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم، ومن ثم فلا تثريب على المحكمة إن هي لم تقم بالرد على طلب تحقيق دفاع غير مؤثر في النزاع.
4 - من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن علم المؤجر ببيع المتجر أو المصنع أو موافقته عليه ليس أيهما شرطاً لصحة انعقاده - باعتباره عقداً رضائياً يتم باتفاق طرفيه، بل أنه يجوز للمحكمة - رغم عدم موافقة المؤجر عليه - أن تقضي بنفاذه في حقه بإبقاء الإيجار للمشتري إذا ما تحققت من توافر الشروط المقررة في هذا الصدد.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 1339 سنة 1972 مدني عابدين ضد المطعون عليهم للحكم بطردهما من العين المبينة بصحيفة الدعوى وقال بياناً لذلك أنه اشترى تلك العين من مالكها الذي حول له عقد إيجارها الصادر إلى البنك التجاري المصري وإذ تقررت تصفية هذا البنك وعين المطعون عليه الأول مصفياً له وأناب عنه المطعون عليه الثاني في إنهاء إجراءات التصفية، وفوجئ الطاعن باستيلاء هذا الأخير على العين بغير حق فقد أقام عليهما دعواه، أحيلت الدعوى إلى المحكمة الابتدائية حيث قيدت برقم 948 سنة 1973 مدني كلي جنوب القاهرة. قضت المحكمة برفض الدعوى. استأنف الطاعن الحكم بالاستئناف رقم 5029 سنة 90 ق القاهرة - وبتاريخ 23/ 11/ 1974 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب: ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الدرجة الأولى بأن شخصية البنك التجاري المصري قد انتهت بهلاك رأس ماله بأكمله مما يصبح معه عقد الإيجار الصادر له عن الشقة منتهياً وإن استمرار شخصيته أثناء التصفية إنما تكون بالقدر اللازم لإتمامها، إلا أن المحكمة أهدرت هذا الدفاع وردت عليه بما يخالف نص المادتين 527 و33، من القانون المدني وأضاف الحكم المطعون فيه الذي أيد قضاءها قوله أن البنك لم يفقد كل ماله وأن ثمة عقارات أخرى مملوكة له وهو ما يناقض الثابت بميزانية التصفية.
وحيث إن النعي - في شقه الأول - مردود، ذلك أن ما نصت عليه المادة 533 من القانون المدني من أنه "تنتهي عند حل الشركة سلطة المديرين أما شخصية الشركة فتبقى بالقدر اللازم للتصفية وإلى أن تنتهي هذه التصفية" يدل على أنه إذا انقضت الشركة بتحقيق أي سبب من أسباب انقضائها. ومنها ما نصت عليه المادة 527 مدني من هلاك أموالها - فإنها تدخل في دور التصفية حيث تنتهي سلطة المديريين فيها ويتولى المصفي أعمال التصفية وإجراء ما تقتضيه من القيام - باسم الشركة لحسابها - باستيفاء حقوقها ووفاء ما عليها من ديون وبيع مالها منقولاً أو عقاراً - على نحو ما نصت عليه المادة 535 مدني - وهو ما يستوجب بقاء الشخصية المعنوية للشركة بالرغم من حلها تسهيلاً لعملية التصفية وحفظاً لحقوق الغير حتى يمكن للمصفي القيام بهذه الأعمال مما يقتضي بدوره قيام العقود والعلاقات المستمرة المتعلقة بإدارة الشركة واللازمة لاستمرار عملية التصفية - ومنها عقود الإيجار الصادرة للشركة - وذلك لحين الانتهاء من التصفية بتمام كافة أعمالها وتحديد صافي الناتج منها وتقديم المصفي تقريره بذلك واعتماده من الشركاء ومؤدى ذلك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن شخصية الشركة تبقى بعد حلها بالقدر اللازم للتصفية وإلى أن تنتهي، وأن المصفي يصبح صاحب الصفة الوحيد في تمثيل الشركة في جميع الأعمال التي تستلزمها هذه التصفية. لما كان ذلك وكان الحكم الابتدائي - الذي أيده الحكم المطعون فيه وأخذ بأسبابه - قد التزم هذا النظر في رده على دفاع الطاعن المشار إليه بسبب النعي إذ قرر بأنه لا عبرة للقول بانقضاء شخصية البنك التجاري بمجرد ثبوت أنه حقق خسائر على نوع معين لأنه إذ وضع تحت التصفية فإن معنى ذلك أن شخصيته كانت قائمة وقت إجراء هذه التصفية لما يتطلبه ذلك من معاملات وإجراءات من بينها بيع البنك ذاته بالجدك وهو أوجب ما يستوجبه إجراء هذه التصفية، فإن النعي على الحكم - بهذا الشق - يكون على غير أساس. هذا والنعي - في شقه الثاني - غير مقبول ذلك أنه وقد نعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة للثابت بميزانية التصفية وكان لم يقدم إثباتاً من هذه الميزانية فإن هذا الشق من النعي يكون - وأياً كان وجه الرأي في جدواه - عارياً عن الدليل ومن ثم غير مقبول.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم الابتدائي - المؤيد بالحكم المطعون فيه - أخطأ في تطبيق حكم المادة 594 من القانون المدني بشأن بيع الجدك على عين النزاع، إذ ليس للمصفي - وقد انتهت شخصية البنك التجاري بهلاك رأس ماله وثبوت مديونيته للغير - في بيع تلك العين هذا إلى أنه لم ينعقد بيع لأن المشتري لم يدفع ثمناً، مما لا مجال معه لتطبيق حكم المادة آنفة الذكر، فضلاً عن خطأ الحكم فيما قرره من أن ضرراً لم يصب الطاعن في هذا الشأن مع أنه اشترى عين النزاع للإقامة فيها.
وحيث إن هذا النعي - في شقه الأول مردود بما هو مقرر قانوناً - وعلى ما سلف بيانه في الرد على السبب السابق - من أن شخصية الشركة تبقى بعد حلها ودخولها في دور التصفية لحين انتهاء الأعمال التي تستلزمها هذه التصفية ومن بينها بيع أموال الشركة منقولاً كانت أو عقاراً، مما مؤداه أن يكون للمصفي المعين لتصفية البنك التجاري بسبب هلاك رأس ماله بالخسارة - الحق في بيع موجودات البنك وأمواله - ومنها حق إيجار عين النزاع تحقيقاً لأغراض التصفية واستيفاء لأقصى ما يستطاع من الحقوق للبنك، ولما كان قضاء الحكم المطعون فيه قد جرى بذلك فإنه لا يكون قد خالف القانون أو أخطأ في تطبيقه. هذا والنعي في الشق الباقي منه غير مقبول، ذلك أن جميع ما آثاره الطاعن فيه - من أن بيعاً لم يقع بمقولة أن المشتري لم يدفع ثمناً وأن ضرراً جسيماً قد أصابه من جراء ذلك التصرف - لا يعدو أن يكون دفاعاً موضوعياً جديداً خلت الأوراق مما يدل على سبق طرحه على محكمة الموضوع ولا يجوز من ثم إبداؤه لأول مرة أمام النقض.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بطلب إلزام المطعون عليه الثاني بأن يقدم إيصالات الأجرة الصادرة من الطاعن حتى سنة 1972 وذلك إثباتاً لأن الوفاء بالأجرة كان من المطعون عليه الأول بصفته مصفياً لا من المطعون عليه الثاني، إلا أن المحكمة لم تجب الطاعن إلى هذا الطلب، هذا إلى أن الحكم اعتبر الإعلان عن بيع تصفية البنك التجاري إلى المطعون عليه الثاني المنشور بالوقائع المصرية حجة على الطاعن وذلك رغم ما أوضحه في دفاعه من أن هذا النشر لا يفيد علم الكافة خلافاً للنشر في الجريدة الرسمية.
وحيث إن النعي - في شقه الأول - مردود بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن الدفاع الذي تلتزم محكمة الموضوع ببحثه والرد عليه هو الدفاع الجوهري المؤثر في النتيجة التي انتهى إليها الحكم، ومن ثم فإنه لا تثريب على المحكمة إن هي لم تقم بالرد على طلب تحقيق دفاع غير مؤثر في النزاع، لما كان ذلك وكان القول بأن الطاعن كان يحرر إيصالات الأجرة باسم المصفي لا صلة له بواقعة قيام الأخير ببيع حق إيجار العين إلى المطعون عليه الثاني - فإن تقديم تلك الإيصالات يكون غير مؤثر في النزاع ولا على المحكمة إن هي التفتت عن هذا الطلب. هذا والنعي في شقه الثاني غير سديد ذلك أن البين من مدونات الحكم أن استدلاله بالنشر عن البيع بالوقائع المصرية كان على حصول البيع ذاته، كما وأنه لم يجعل لتوافر علم الطاعن - بهذا البيع - وانتفائه أي أثر في قضائه، وكان المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة إن علم المؤجر ببيع المتجر أو المصنع أو موافقته عليه ليس أيهما شرطاً لصحة انعقاده باعتباره عقداً رضائياً يتم باتفاق طرفيه، بل أنه يجوز للمحكمة - رغم عدم موافقة المؤجر عليه - أن تقضي بنفاذه في حقه بإبقاء الإيجار للمشتري إذا ما تحققت من توافر الشروط المقررة في هذا الصدد، ومن ثم فإن هذا الشق من النعي يكون على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.