أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 477

جلسة 8 من فبراير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد نائبي رئيس المحكمة محمد خيري الجندي وعبد العال السمان.

(83)
الطعن رقم 1520 لسنة 57 القضائية

(1) التزام "تعدد طرفي الالتزام". بيع. تجزئة. عقد.
عدم تحديد نصيب كل من الدائنين أو المدينين المتعددين. مؤداه انقسام الالتزام عليهم بحسب الرؤوس أو بأنصبة متساوية ما لم يعين الاتفاق أو القانون نصيب كل منهم. أثره. انصراف آثار الالتزام القابل للانقسام الناشئ عن العقد إلى أطرافه دون غيرهم من لم تكن له صلة بترتيب الأثر القانوني الناشئ عن الالتزام لا يصدق عليه وصف المتعاقد ولو ورد ذكره بالعقد كأحد أطرافه.
(2) دعوى "دعوى صحة التعاقد". بيع "دعوى صحة ونفاذ عقد البيع" حكم.
القضاء بصحة ونفاذ عقد البيع فيما تضمنه من بيع العقار المبين بالعقد وبالصحيفة ثبوت اختلاف أوصاف العقار في العقد عن الصحيفة. لا يعد تناقضاً. علم ذلك.
(3) تقسيم. بيع.
إسباغ وصف التقسيم على الأرض. شرطه. أن تجزأ قطعة الأرض إلى أكثر من قطعتين.
(4) بيع "دعوى صحة المتعاقد". دعوى "دعوى صحة ونفاذ عقد البيع". "الدفاع في الدعوى". حكم "تسبيب الحكم: عيوب التدليل ما لا يعد قصوراً".
تمسك البائعين في دعوى صحة التعاقد بأن المشترين تصرفوا بالبيع في أرض النزاع إلى الغير بعقود عرفية. دفاع غير جوهري لا يصير به تنفيذ الالتزام جبراً على البائع غير ممكن.
(5) نقض "أسباب الطعن: السبب المجهل".
عدم بيان الطاعن أوجه الدفاع التي أغفل الحكم الرد عليها. نعي مجهل غير مقبول.
(6) التزام "تعدد طرفي الالتزام" عقد بيع. تجزئة.
التضامن. لا يفترض. وجوب رده إلى القانون أو الاتفاق. عدم النص في العقد المنشئ للالتزام المتعدد في طرفيه على التضامن بين الدائنين أو المدنين. أثره. انقسام الالتزام.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا لم يعين الاتفاق أو القانون نصيب كل من الدائنين أو المدنين المتعددين لم يبين إلا أن ينقسم الالتزام عليهم بحسب الرؤوس أو بأنصبة متساوية. وإذ كان مقتضى هذه القاعدة هو انصراف آثار الالتزام القابل للانقسام الناشئ عن العقد إلى أطرافه دون غيرهم، ومن ثم فلا يجوز التمسك بها بالنسبة لغير المتعاقد على إنشاء الالتزام ولو ذكر في العقد أو أسبغ عليه فيه على خلاف الحقيقة وصف المتعاقد اعتباراً بأن إسباغ وصف المتعاقد إنما ينصرف إلى من يفصح عن إرادة متطابقة مع إرادة أخرى على إنشاء الالتزام أو نقله أو تعديله أو زواله في خصوص موضوع معين يحدد العقد نطاقه، دون أن يعتد بإطلاق كل من يرد ذكره بالعقد أنه أخذ أطرافه طالما لم تكن له صلة بشأن ترتيب الأثر القانوني الذي يدور حوله النزاع الناشئ بسبب العقد.
2 - إذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بصحة ونفاذ عقد البيع كل النزاع فيما تضمنه من بيع الطاعن الأول والمرحوم........ مورث الطاعنين الثلاثة الأوائل القدر المبيع إلى المطعون ضدهم شائعاً في المساحة المبينة الحدود والمعالم بالعقد وبصحيفة الدعوى، وكانت إشارته في صحيفة الدعوى تنحصر فيما يتفق من أوصاف مع عقد البيع سند الدعوى، فإنه يكون قد عين المبيع تعيناً نافياً للجهالة في غير تناقض.
3 - يشترط لإسباغ وصف التقسيم على الأرض الذي حظر المشرع إنشاءه أو تعديله أو التصرف بالبيع في قطعة أرض من أراضيه تطبيقاً لأحكام المواد 1، 2، 10 من القانون 52 لسنة 1940 قبل إلغائه بالقانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني أو إعمالاً لأحكام المواد 11، 12، 22 من هذا القانون الساري بعده أن تجزأ قطعة الأرض إلى أكثر من قطعتين، فإذا لم تكن التجزئة كذلك انتفى وصف التقسيم الذي عناه المشرع بهذه الأحكام فيغدو حكم الحظر الوارد بها عن التصرفات بما فيها البيع منحسراً لما كان ذلك وكان عقد البيع محل النزاع قد انصب على حصته شائعة من أرض زراعية في مساحة أكبر مما لا تتحقق معه شرط التجزئة على نحو ما قصده المشرع، فمن ثم فإن هذا البيع يكون بمنأى عن الحظر الوارد بتلك الأحكام وجزاء البطلان المترتب على مخالفتها.
4 - لما كان الغرض من دعوى صحة التعاقد هو إجبار البائع على تنفيذ التزامه بنقل ملكية تنفيذاً عينياً متى كان هذا التنفيذ ممكناً، وهو يكون كذلك طالما كان المبيع لم يخرج عن ملكية البائع. وكان لا يقبل من الطاعنين التمسك في دفاعهم بأن المطعون ضدهم تصرفوا بالبيع من أرض النزاع إلى الغير بعقود عرفية خلافاً لما التزموا به بين أنفسهم من عدم التصرف فيها لتعلق هذا الأمر بمصلحة المشترين وحدهم.
كما أن هذا التصرف من الأخيرين ليس من شأنه زوال الملكية عن الطاعنين، ولا يصير به تنفيذ التزامهم بنقل ملكية المبيع إلى المطعون ضدهم غير ممكن. فمن ثم لا يعتبر هذا الدفاع جوهرياً وبالتالي فلا على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن الرد عليه لأن المحكمة لا تلتزم بالرد إلا على الدفاع الجوهري الذي يؤثر في النتيجة التي انتهت إليها في حكمها.
5 - أوجب القانون بيان سبب الطعن بالنقض في صحيفته تعريفاً به وتحديداً لإمكان التعرف على المقصود منه وإدراك العيب الذي شاب الحكم وكان الطاعنون لم يكشفوا عن وجوه الدفاع التي أثاروها في مذكرتهم المقدمة لمحكمة الاستئناف في خلال فترة حجز الدعوى للحكم وأغفل الحكم المطعون فيه الرد عليها نعيهم بذلك لا يقبل لوروده مجهلاً.
6 - المقرر أنه إذا عين العقد المنشئ للالتزام المتعدد في طرفيه نصيب كل من الدائنين أو المدينين ولم ينص على التضامن بين هؤلاء أو لتلك فإن الالتزام يكون قابلاً للانقسام عليهم بحسب أنصبتهم التي عينها العقد وكان الواقع في الدعوى حسبما أفصحت عنه الأوراق وسجله الحكم المطعون فيه أن عقد البيع محل النزاع صدر من الطاعن الأول والمرحوم........ ورد فيه اسم المرحومة........ ضمن فريق البائعين دون أي توقع عليه وتضمن بيع قطعة أرض شائعة تبين أن حقيقة مساحتها 1 ف، 19 ق، 4 س إلى المطعون ضدهم كل يقدر حصته المذكورة في العقد وكذلك المرحوم الذي اشترى بصفته ولياً طبيعياً على ابنتيه القاصرتين........ و........ من هذه المساحة حصته مقدارها 10 ق و18 س وإذ كان العقد قد خلا من النص على التضامن في الالتزام بالبيع فإن هذا الالتزام يكون قابلاً لانقسام على البائعين والمشترين كل يعذر حصته المعينة في العقد. متى كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير المنتدب أن عقد البيع انصب على مساحة تملكها الخصيمة المتدخلة في الدعوى من الأرض المبيعة مقدارها 5 قراريط و10 أسهم و3/ 4 سهم وكانت هذه الحصة لم يصدر منها بيع فإنه يتعين استبعاد هذا المقدار من حصص المشترين جميعاً دون إلزام البائعين اللذين وافقا على البيع بتعويض المطعون ضدهم عن المقدار المستبعد عيناً، طالما كان الالتزام بالبيع قابلاً للانقسام، ولا يغير من هذا النظر القول باتساع ملكية البائعين بما يفي بالمساحة التي انصب عليها البيع كاملة، لما في الأخذ به من خروج على أحكام قابلية الالتزام المتعدد طرفيه للانقسام وافتراض قيام تضامن بين البائعين في التزامهما بالبيع وتنفيذه تنفيذاً عينياً خلافاً لما هو مقرر من أن التضامن لا يفترض ولا يؤخذ فيه بالظن ولكن ينبغي أن يرد إلى نص في القانون أو إلى الاتفاق لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر بعدم استبعاده المساحة التي تمتلكها الحصة المتداخلة في المبيع من الحصص المشتراه من أرض النزاع جميعها رغم تمسك الطاعنين بذلك في دفاعهم وقضى بصحة ونفاذ عقد البيع عن حصص المطعون ضدهم كاملة قولاً منه بأن ملكية البائعين تتسع لها. مما لا يصح رداً، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون وبالقصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهم أقاموا على الطاعن الأول........ مورث الطاعنين الثلاثة الأول الدعوى رقم 1633 لسنة 1982 مدني دمنهور الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 11/ 7/ 1980 المتضمن بيعهما لهم مساحة 1 فدان و8 قيراط و6 سهم شائعة في مساحة 1 فدان و19 قيراط و14 سهم من الأرض الزراعية المبينة بصحيفة الدعوى وذلك بواقع 18 سهم و4 قيراط للمطعون ضده الأول و2 قيراط لكل من المطعون ضدهم الثاني والثالثة والرابعة و4 ط للمطعون ضده الخامس شخصياً وكذلك مساحة 3 قيراط و18 سهم ومساحة 2 قيراط بصفته ولياً طبيعياً على ولديه القاصرين........ على التوالي و1 قيراط للمطعون ضدها السادسة و10 قيراط و18 سهم للمطعون ضده السابع، لقاء ثمن مقداره سبعة وعشرون ألف جنيه مع التسلم، وذك تأسيساً على أن البائعين المذكورين قد باعا لهم هذه الحصص نظير الثمن المسمى بالعقد وتقاعساً عن تنفيذ التزامهما بنقل الملكية إليهم مما حدا بهم إلى إقامة هذه الدعوى بطلباتهم. واستندوا في دعواهم إلى عقد البيع آنف الذكر الدعوى الذي ورد فيه ذكر اسم المرحومة....... مورثة الطاعنين ضمن فريق البائعين ولم توقع على العقد كما تضمن فريق المشترين فيه اسم المرحوم......... بشارة بصفته ولياً طبيعياً على ابنتيه القاصرتين........ المشمولة حالياً بوصاية الطاعنة الثانية - ولمياء الطاعنة الثالثة - كمشتر لمساحة أخرى مقدارها 10 قيراط و18 سهم وأثناء الخصومة أمام محكمة أول درجة تدخلت فيها المرحومة........ تدخلاً هجومياً وطلبت الحكم ببطلان عقد البيع محل النزاع على أساس أنها المالكة للمساحة التي انصب عليها البيع وأنها لم توقع على العقد ندبت المحكمة خبيراً في الدعوى وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 31 من ديسمبر سنة 1985 في موضوع التدخل برفضه وبإجابة المطعون ضدهم إلى طلباتهم في الدعوى. استأنف الطاعنون هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية - مأمورية دمنهور - بالاستئناف رقم 133 لسنة 42 قضائية، وبتاريخ 19 من فبراير سنة 1987 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقضه وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطاعن أقيم على ستة أسباب ينعى الطاعنون بأولها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولان أن الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه على ما ورد بتقرير الخبير المنتدب من أن المرحومة........ مورثة الطاعنين التي ذكر اسمها ضمن البائعين ولم توقع على عقد البيع تمتلك في أرض النزاع حصة مقدارها الثمن آلت إليها بطريق الميراث في تركة المرحوم زوجها والد البائعين الآخرين منتهياً إلى استبعاد ما يعادل هذه الحصة الميراثية من القدر المبيع، هذا في حين أنه متى كان الثابت من عقد البيع المؤرخ 11/ 7/ 1980 أن البيع انصب على صفقة واحدة لم يحدد فيها نصيب كل فرد من البائعين الثلاثة فإنها توزع عليهم بالتساوي مثالثه بينهم مما كان يتعين معه استنزال نصيب مورثة الطاعنين التي لم توافق على البيع بمقدار الثلث الذي تملكه وليس بما يعادل حصتها الميراثية في تركة زوجها التي تشتمل على الأرض المبيعة إذ لا تلازم بين التزام البائع في عقد البيع وبين مصدر ملكيته خلافاً لما ذهب إليه الحكم المطعون فيه مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا لم يعين الاتفاق أو القانون نصيب كل من الدائنين أو المدينين المتعددين لم يبق إلا أن ينقسم الالتزام عليهم بحسب الرؤوس أو بأنصبة متساوية وإذ كان مقتضى هذه القاعدة هو انصراف آثار الالتزام القابل للانقسام الناشئ عن العقد إلى أطرافه دون غيرهم، ومن ثم فلا يجوز التمسك بها بالنسبة لغير المتعاقد على إنشاء الالتزام، ولو ذكر في العقد أو أسبغ عليه فيه على خلاف الحقيقة وصف المتعاقد. اعتباراً بأن إسباغ وصف المتعاقد إنما ينصرف إلى من يفصح عن إرادة متطابقة مع إرادة أخرى على إنشاء الالتزام أو نقله أو تعديله أو زوال في خصوص موضوع تعين يحدد العقد نطاقه، دون أن يعتد بإطلاق كل من يرد ذكره بالعقد أنه أخذ أطرافه طالما لم تكن له صلة بشأن ترتيب الأثر القانوني الذي يدور حوله النزاع الناشئ بسبب العقد. متى كان ذلك وكان الثابت أن مورثة الطاعنين المتدخلة في الدعوى وإن ذكرت ضمن الفريق البائع في عقد البيع محل النزاع إلا أنها لم توقع عليه مع البائعين الآخرين وطلبت إبطاله تأسيساً على أنها المالكة للمساحة المبيعة فندبت محكمة أول درجة لذلك خبيراً وسجلت في حكمها التمهيدي عليها أنها أقرت في إنذار رغبتها في أخذ ثلث المساحة بالشفعة أنها تملك فيها على الشيوع حصة مقدارها الثمن ميراثها عن زوجها المتوفى المرحوم......... والد البائعين الآخرين، وكان الخبير قد انتهى في تقريره إلى أن أرض النزاع لا تزال شائعة وأن مساحتها الحقيقية مقدارها 1 ف و17 ط و12 س وقد آلت ملكيتها إلى الخصيمة المتدخلة وولديها البائعين الآخرين بطريق الميراث المذكور بحصة مقدارها الثمن فرضاً للأولى والباقي تعصبياً للأخيرين تطبيقاً لأحكام المواريث في الشريعة الإسلامية، فاحتسب الحكم بناء على ذلك حصة هذه الخصيمة في الأرض المبيعة بما يعادل الثمن، إذ كان ذلك وكان لا يسوغ في تحديد هذه الحصة لاعتصام بقاعدة انقسام الالتزام المتعدد الطرف بحسب الرؤوس أو بأنصبة متساوية عدم تحديده موجب الاتفاق أو نص في القانون طالما لم تكن الخصيمة المتدخلة طرفاً في عقد البيع ولم يترتب الالتزام الناشئ عنه قبلها أثراً إنما يتعين لتحديد ملكيتها بيان مصدرها أصلاً ومقداراً طبقاً للقانون وكان الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه قد حدد مقدار ما تملكه الخصيمة المتدخلة الواجب استبعاده من المساحة المبيعة بما يعادل حصتها الميراثية في تركة زوجها ومقدارها الثمن شرعاً طبقاً للقانون حسبما تضمنه تقرير الخبير اقتنع به وأطمأن إليه، فإنه يكون سديداً ومبنياً على فهم صحيح للواقع في الدعوى واعتبارات سائغة ومقبولة تزيد إلى أصل ثابت من شأنها أن تؤدي إلى ما انتهى إليه قضاؤه في هذا الصدد، ومن ثم فإن النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب لا يعدو أن يكون مجادلة موضوعية فيما تستقل به محكمة الموضوع من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة والمستندات التي أخذت بها بقية الوصول إلى نتيجة أخرى غير التي انتهت إليها مما لا يصلح سبباً للطعن بالنقض.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تحصيل فهم الواقع والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع باختلاف مساحة وحدود الأرض محل النزاع الواردة في عقد البيع عن مساحتها وحدودها المبينة في صحيفة الدعوى الراهنة فقد جاء بالعقد أن المساحة المبيعة تبلغ 1 فدان و19 قيراط وأن حدها البحري هو أرض اشتراها........ أن حدها الغربي هو أرض وقف المرحوم........، بينما ذكر في صحيفة الدعوى أن مساحتها 1 فدان و19 قيراط و14 سهم وأن حدها البحري مسقى فاصلة القطعة رقم 37 مكرراً وأن حدها الغربي هو طريق فاصل للقطعة 38 مكرراً، كما تضمن تقرير الخبير بيانات مختلفة عن الحدود، وإذ لم تقل محكمة الموضوع كلمتها في هذا الخلاف مع أن - من شأنه عدم تعيين المبيع تعيناً للجهالة، فذلك مما يعيب الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن البين من الرجوع إلى عقد البيع سند الدعوى أنه نص على أن المساحة المبيعة تبلغ فداناً وتسعة عشر قيراطاً مشاعاً تحت العجز والزيادة حسبما يسفر عنه كشف التحديد المساحي، وإذ تضمنت صحيفة الدعوى أن هذا الكشف قد أظهر أن مقدار هذه المساحة هو فدان وتسعة عشر قيراطاً وأربعة عشر سهماً مما لم يكن محلاً لطعن فإن الخلاف بصدد القدر المبيع بين عقد البيع وصحيفة الدعوى يكون منتفياً، وإذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بصحة ونفاذ عقد البيع كل النزاع فيما تضمنه من بيع الطاعن الأول والمرحوم........ مورث الطاعنين الثلاثة الأوائل القدر المبيع إلى المطعون ضدهم شائعاً في المساحة المبينة الحدود والمعالم بالعقد وبصحيفة الدعوى وكانت إشارته في صحيفة الدعوى تنحصر فيما يتفق من أوصاف مع عقد البيع سند الدعوى، فإنه يكون قد عين المبيع تعيناً نافياً للجهالة في غير تناقض ومن ثم يغدو النعي على الحكم المطعون فيه بهذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع ببطلان عقد البيع محل النزاع لورود البيع على جزء من أرض داخل كردون المدينة خلافاً لأحكام القانون رقم 52 لسنة 1940 ومن بعده القانون رقم 3 لسنة 1982 التي تحظر تجزئة الأرض أو التصرف فيها بالبيع قبل صدور قرار التقسيم من الجهة الإدارية المختصة ومع ذلك فقد أغفل الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهري مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه لما كان يشترط لإسباغ وصف التقسيم على الأرض الذي حظر المشرع إنشائه أو تعديله أو التصرف بالبيع في قطعة أرض من أراضيه تطبيقاً لأحكام المواد 1، 2، 10 من القانون 52 لسنة 1940 قبل إلغائه بالقانون رقم 3 لسنة 1982 بإصدار قانون التخطيط العمراني أو إعمالاً لأحكام المواد 11، 12، 22 من هذا القانون الساري بعده أن تجزأ قطعة الأرض إلى أكثر من قطعتين، فإذا لم تكن التجزئة كذلك انقضى وصف التقسيم الذي عناه المشرع بهذه الأحكام فيغدو حكم الحظر الوارد بها عن التصرفات بما فيها البيع منحسراً. لما كان ذلك وكان عقد البيع كل النزاع قد انصب على حصة شائعة من أرض زراعية في مساحة أكبر مما لا تتحقق معه شرط التجزئة على نحو ما قصده المشرع، فمن ثم فإن هذا البيع يكون بمنأى عن الحظر الوارد بتلك الأحكام وجزاء البطلان المترتب على مخالفتها، وإذ واجه الحكم المطعون فيه دفاع الطاعنين في هذا الخصوص ومنتهياً فيه إلى هذه النتيجة فإنه يكون صائباً ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون أنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضدهم المشترين لأرض النزاع قد تصرفوا فيها بالبيع لآخرين بعقود عرفية بأثمان باهظة مخالفين بذلك التزامهم في عقد البيع محل التداعي بعدم تصرف أحد منهم فيها إلا بموفقة باقي المشترين وذلك تحقيقاً للغرض من شرائها وهو إجراء مشروع تقسيم لها مستقبلاً، وقد نتج عن إخلالهم بالتزامهم أن أصبح تنفيذ مشروع التقسيم المزمع إنشاؤه مستحيلاً وبالتالي فلا يجوز لهم مطالبة الطاعنين بتنفيذ التزامهم بالبيع، ومع ذلك فقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على الدفاع الجوهري مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه لما كان الغرض من دعوى صحة التعاقد هو إجبار البائع على تنفيذ التزامه بنقل ملكية تنفيذاً عينياً متى كان هذا التنفيذ مكناً، وهو يكون كذلك طالما كان المبيع لم يخرج عن ملكية البائع. وكان لا يقبل من الطاعنين التمسك في دفاعهم بأن المطعون ضدهم تصرفوا بالبيع من أرض النزاع إلى الغير بعقود عرفية خلافاً لما التزموا به بين أنفسهم من عدم التصرف فيها لتعلق هذا الأمر بمصلحة المشترين وحدهم كما أن هذا التصرف من الأخيرين ليس من شأنه زوال الملكية عن الطاعنين، ولا يصير به تنفيذ التزامهم بنقل ملكية المبيع إلى المطعون ضدهم غير ممكن. فمن ثم لا يعتبر هذا الدفاع جوهرياً وبالتالي فلا على الحكم المطعون فيه إن هو التفت عن الرد عليه لأن المحكمة لا تلتزم بالرد إلا على الدفاع الجوهري الذي يؤثر في النتيجة التي انتهت إليها في حكمها، ويغدو النعي عليه بهذا غير منتج.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب السادس أن الحكم المطعون فيه لم يرد على أوجه دفاع الطاعنين التي تضمنتها مذكرتهم المقدمة لمحكمة الاستئناف بتاريخ 24/ 1/ 1987 في خلال فترة حجز الدعوى للحكم وفي ذلك ما يبطله.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك بأنه لما كان القانون قد أوجب بيان سبب الطعن بالنقض في صحيفته تعريفاً به وتحديداً لإمكان التعرف على المقصود منه وإدراك العيب الذي شاب الحكم، وكان الطاعنون لم يكشفوا عن وجوه الدفاع التي أثاروها في مذكرتهم المقدمة لمحكمة الاستئناف في خلال فترة حجز الدعوى للحكم وأغفل الحكم المطعون فيه الرد عليها، فإن نعيهم بذلك لا يقبل لوروده مجهلاً.
وحيث عن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقولون بأنهم تمسكوا في دفاعهم أمام محكمة الموضوع بأن المرحوم........ مورث الطاعنين الثلاثة الأول بصفته ولياً طبيعياً على ابنتيه القاصرتين........ - المشمولة حالياً بوصاية الطاعنة........ - الطاعنة الثالثة - كان ضمن فريق المشترين في العقد محل النزاع فقد اشترى لحساب ابنتيه المذكورتين الحصة الواردة بهذا العقد، وإذ ثبت أن البيع انصب على مساحة تملكها الخصيمة المتداخلة والتي لم تجز البيع فكان يتعين استبعاد تلك المساحة من جميع أنصبة المشترين بما فيها النصيب الذي اشتراه المرحوم........ لحساب ابنتيه الطاعنين سالفتي الذكر فلا يؤدي استبعادها من نصيبها وحدهما دون بقية المشترين المطعون ضدهم - إلى حرمانها من الصفقة عيناً لمصلحة هؤلاء الأخيرين مع ذلك لم يواجه الحكم المطعون فيه هذا الدفاع وذهب في عبارة مبهمة إلى القول بأن الثابت من تقرير الخبير أن البائعين يمتلكان مساحة 1 ف و14 ط و3 و1/ 4 س من القدر المبيع بالعقد محل النزاع ورتب على ذلك أن ملكية البائعين تجاوز المساحة التي تعاقد المطعون ضدهم على شرائها، مما لا يصلح رداً على هذا الدفاع فإن الحكم المطعون فيه يكون معيباً.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك بأن المقرر أنه إذا عين العقد المنشئ للالتزام المتعدد في طرفيه تصيب كل من الدائنين أو المدنين ولم ينص على التضامن بين هؤلاء أو أولئك فإن الالتزام يكون قابلاً للانقسام عليهم بحسب أنصبتهم التي عينها العقد - على ما سلف بيانه - وكان الواقع في الدعوى حسبما أفصحت عنه الأوراق وسجله الحكم المطعون فيه أن عقد البيع محل النزاع صدر من الطاعن الأول والمرحوم........ ورد فيه اسم المرحومة........ ضمن فريق البائعين دون أي توقع عليه وتضمن بيع قطعة أرض شائعة تبين أن حقيقة مساحتها 1 ف و19 ط و14 س إلى المطعون ضدهم كل بقدر حصته المذكورة في العقد وكذلك المرحوم......... الذي اشترى بصفته ولياً طبيعياً على ابنتيه القاصرتين........ من هذه المساحة حصته مقدارها 10 ط و18 س وإذ كان العقد قد خلا من النص - على التضامن في الالتزام بالبيع فإن هذا الالتزام يكون قابلاً لانقسام على البائعين والمشترين كل بقدر حصته المعينة في العقد، متى كان ذلك وكان الثابت من تقرير الخبير المنتدب أن عقد البيع انصب على مساحة تملكها الخصيمة المتدخلة في الدعوى من الأرض المبيعة مقدارها 5 قراريط و10 أسهم و3/ 4 سهم، وكانت هذه الخصيمة لم يصدر منها بيع فإنه يتعين استبعاد هذا المقدار من حصص المشترين جميعاً دون إلزام البائعين اللذين وافقا على البيع بتعويض المطعون ضدهم عن المقدار المستبعد عيناً، طالما كان الالتزام بالبيع قابلاً للانقسام، ولا يغير من هذا النظر القول باتساع ملكية البائعين بما يفي بالمساحة التي انصب عليها البيع كاملة، لما في الأخذ به من خروج على أحكام قابلية الالتزام المتعدد طرفيه للانقسام، وافتراض قيام تضامن بين البائعين في التزامهما بالبيع وتنفيذه تنفيذاً عينياً خلافاً لما هو مقرر من أن التضامن لا يفترض ولا يؤخذ فيه بالظن ولكن ينبغي أن يرد إلى نص في القانون أو إلى الاتفاق. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر بعدم استبعاده المساحة التي تمتلكها الخصمة المتداخلة في المبيع من الحصص المشتراه من أرض النزاع جميعها رغم تمسك الطاعنين بذلك في دفاعهم وقضى بصحة ونفاذ عقد البيع عن حصص المطعون ضدهم كاملة قولاً منه بأن ملكية البائعين تتسع لها مما لا يصح رداً، فإنه يكون معيباً بمخالفة القانون وبالقصور في التسبيب مما يوجب نقضه في هذا الخصوص.