أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 514

جلسة 15 من فبراير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ د. رفعت عبد المجيد نائبي رئيس المحكمة، محمد خيري الجندي ومحمد شهاوي.

(86)
الطعن رقم 495 لسنة 54 القضائية

(1، 2، 3، 4) إصلاح زراعي. إيجار "إيجار الأرض الزراعية".نظام عام. محكمة الموضوع "مسائل المواقع". استئناف "الطلبات الجديدة في الاستئناف".
(1) مستأجر الأرض الزراعية. عدم جواز إخلائه منها إلا إذا أخل بالتزام جوهري في القانون أو العقد. م 35 ق الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 المعدل. إنهاء العقد بانقضاء مدته. للمستأجر وحده دون المؤجر. تعلق ذلك بالنظام العام.
(2) صاحب حق الانتفاع الذي انتقلت إليه حيازة الأرض الزراعية. له تأجيرها للغير. عدم انقضاء عقد الإيجار بانقضاء حقه في الانتفاع، امتداده تلقائياً في مواجهة المالك للأرض المؤجرة دون توقف على إجارته.
(3) استخلاص توافر الصفة في المؤجر - استقلال محكمة الموضوع به متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(4) دعوى المؤجر بطلب طرد المطعون ضدهما للغصب. طلب فسخ العقد لعدم سداد الأجرة لأول مرة أمام محكمة الاستئناف. جديد. أثره.
1 - النص في المادة 35 من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 المعدلة بالقانون رقم 52 لسنة 1966 على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء الأطيان المؤجرة ولو عند انتهاء المدة المتفق عليها في العقد إلا إذا أخل المستأجر بالتزام جوهري يقضي به القانون أو العقد ويقع باطلاً كل اتفاق يتضمنه العقد يخالف الأحكام المنصوص عليها في هذا القانون" وما جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون تعديلها من أنه منذ العمل بقانون الإصلاح الزراعي صدرت قوانين متتالية بامتداد عقود إيجار الأراضي الزراعية، حماية لصغار الزراع الذين يعتمدون بصفة رئيسية في معاشهم على ما تذره تلك الأطيان المؤجرة إليهم من ريع، ولذلك رؤى النص على عدم جواز طلب إخلاء الأطيان المؤجرة إلا إذا أخل المستأجر بالتزام جوهري يقضي به القانون أو العقد على نحو ما هو مقرر بالنسبة لإيجار الأماكن وبطلان كل اتفاق يتضمنه العقد يخالف الأحكام المنصوص عليها في هذا العقد. فمفاد ذلك أن المشرع ألغى حق مؤجر الأرض الزراعية في إنهاء الإيجار بانقضاء مدته وجعل ذلك حقاً للمستأجر وحده حماية له، أسوة بما أتبعه بالنسبة لمستأجر الأماكن، وذلك بنص أمر متعلق بالنظام العام يحميه من الإخلاء من الأرض التي يستأجرها دون اعتبار لشخص المؤجر أو صفته أو من يحل محله، ما دام المؤجر كان صاحب صفة تخوله التأجير وقت إبرام العقد، ومن ثم فقد عطل المشرع كل حكم يخالف ذلك من أحكام عقد الإيجار في القانون المدني.
2 - إذ كان لصاحب حق الانتفاع متى انتقلت إليه حيازة الأرض محل هذا الحق أن يستغلها لحسابه الاستغلال المعتاد على الوجه الذي تصلح له، إما بزراعتها أو بتأجيرها إلى من يقوم بذلك، فإذا أجرها للغير استعمالاً لحقه في الانتفاع كان صاحب صفة في التأجير، وبالتالي فإن عقد الإيجار الصادر منه لا ينقضي بانقضاء حقه في الانتفاع بل يمتد تلقائياً في مواجهة المالك للأرض المؤجرة دون توقف على إجارته.
3 - استخلاص توافر الصفة في المؤجر التي تخوله الحق في التأجير وقت إبرام العقد أو عدم توافرها من الأمور الواقعية التي تقررها محكمة الموضوع مما تقتنع به من أدلة الدعوى ولا سلطان لأحد عليها في ذلك متى استندت في قضائها إلى اعتبارات سائغة.
4 - لما كان الثابت أن الطاعن قد أقام دعواه بطلب طرد المطعون ضدهما من أرض النزاع للغصب لقيام أولهما بتأجيرها بعد انتهاء حقه في الانتفاع بها إلى الثاني الذي يضع يده عليها، وكان طلبه فسخ عقد الإيجار المبرم بين المطعون ضدهما لعدم وفائهما بأجرة هذه الأرض إليه قد أبدى منه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، وهو يغاير طلبه الأصلي في الدعوى موضوعاً وسبباً، فلا يقبل منه إبداء طلب فسخ العقد أمام تلك المحكمة باعتباره من الطلبات الجديدة طبقاً للفقرة الأولى من المادة 235 من قانون المرافعات، وبالتالي فلا عليها إن هي لم تعر هذا الطلب التفاتاً لأنه لا يعد بهذه المثابة من قبيل الدفاع الجوهري الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدهما وورثة المرحوم......... الدعوى رقم 847 لسنة 1977 مدني شبين الكوم الابتدائية بطلب الحكم بطردهم من مساحة سبعة قراريط من الأرض الزراعية المبينة بصحيفتها، وقال بيانات لذلك أنه يمتلك هذه المساحة بطريق الميراث عن والدته وكان قد اتفق مع المطعون ضده الأول والمرحوم........ على أن يتركها لهم للانتفاع بها في مقابل انتفاعه بالمروى الخاصة بهم لري زراعته، تنفيذاً لهذا الاتفاق قام المطعون ضده الثاني باستغلال تلك المساحة في الزراعة لحسابهم، وإذ لم يعد هو في حاجة إلى استعمال المروى المذكورة فقد طالب المطعون ضدهما ورثة المرحوم.............. بالتخلي عن حيازة أرض النزاع وتسليمها إليه فأبوا عليه ذلك رغم تجرد حيازتهم من سندها القانوني، مما حدا به إلى رفع دعواه ليحكم بطلباته. ندبت المحكمة خبيراً فقدم تقريره ثم حكمت بتاريخ 28 من يناير سنة 1980 برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف طنطا - مأمورية شبين الكوم - بالاستئناف رقم 135 لسنة 13 قضائية. وبتاريخ 20 من ديسمبر سنة 1983 حكمت المحكمة برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أنه أقام قضاءه على أن المطعون ضده الثاني يستند في حيازته لأرض النزاع إلى عقد الإيجار المؤرخ 21/ 7/ 1969 - الصادر له من المطعون ضده الأول باعتباره صاحب حق الانتفاع بهذه الأرض، فيكون العقد صحيحاً لصدوره ممن يملك حق التأجير، لذا فإنه يسري في حق الطاعن المالك للأرض ويظل ممتداً تطبيقاً للمادة 35 من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 المعدلة بالقانون 52 لسنة 1966. لهذا في حين أن الثابت من تقرير الخبير المنتدب ومن محضر الشكوى الإداري رقم 2624 تلا ومن الحكم رقم 1535 لسنة 1969 مدني شبين الكوم الابتدائية أن حق المطعون ضده الأول في الانتفاع بأرض النزاع قد انتهى منذ بداية سنة 1965 وهو التاريخ المعاصر لاستغناء الطاعن عن الانتفاع بالمروى الخاصة بالمطعون ضده الأول، وبالتالي فإن عقد الإيجار الذي حرره الأخير للمطعون ضده الثاني بعد هذا التاريخ يكون صادراً منه يعد انتهاء حقه في الانتفاع بأرض النزاع، خلافاً لما ذهب إليه الحكم بناء على تحصيل خاطئ لفهم الواقع في الدعوى، فلا يحاج بهذا العقد لصدوره ممن لا يملكه، هذا إلى أنه إذا كان عقد الإيجار قد صدر من المطعون ضده الأول باعتباره صاحب حق الانتفاع فإن هذا العقد ينقضي بانقضاء حق الانتفاع طالما لم تلحقه أجازته بصفته مالكاً للعين المؤجرة من الغير طبقاً للمادة 560 من القانون المدني، فتكون المحكمة الابتدائية مختصة بطلب الطرد على هذا الأساس خلافاً لما انتهى إليه الحكم المطعون فيه من أن الدعوى تنطوي ضمنياً على طلب فسخ عقد إيجار أرض زراعية مما يتعين على الطاعن الرجوع في شأنه إلى المحكمة الجزئية المختصة، وفي ذلك ما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن النص في المادة 35 من قانون الإصلاح الزراعي رقم 178 لسنة 1952 المعدلة بالقانون رقم 52 لسنة 1966 على أنه "لا يجوز للمؤجر أن يطلب إخلاء الأطيان المؤجرة ولو عند انتهاء المدة المتفق عليها في العقد إلا إذا أخل المستأجر بالتزام جوهري يقضي به القانون أو العقد ويقع باطلاً كل اتفاق يتضمنه العقد يخالف الأحكام المنصوص عليها في هذا القانون" وما جاء في المذكرة الإيضاحية لقانون تعديلها من أنه منذ العمل بقانون الإصلاح الزراعي صدرت قوانين متتالية بامتداد عقود إيجار الأراضي الزراعية، حماية لصغار الزراع الذين يعتمدون بصفة رئيسية في معاشهم على ما تدره تلك الأطيان المؤجرة إليهم من ريع، ولذلك رؤى النص على عدم جواز طلب إخلاء الأطيان المؤجرة إلا إذا أخل المستأجر بالتزام جوهري يقضي به القانون أو العقد على نحو ما هو مقرر بالنسبة لإيجار الأماكن وبطلان كل اتفاق يتضمنه العقد يخالف الأحكام المنصوص عليها في هذا القانون. فمفاد ذلك أن المشرع ألغى حق مؤجر الأرض الزراعية في إنهاء الإيجار بانقضاء مدته وجعل ذلك حقاً للمستأجر وحده حماية له، أسوة بما أتبعه بالنسبة لمستأجر الأماكن وذلك بنص أمر متعلق بالنظام العام يحميه من الإخلاء من الأرض التي يستأجرها دون اعتبار لشخص المؤجر أو صفته أو من يحل محله، ما دام المؤجر كان صاحب صفة تخوله التأجير وقت إبرام العقد، ومن ثم فقد عطل المشرع كل حكم يخالف ذلك من أحكام عقد الإيجار في القانون المدني. وإذ كان لصاحب حق الانتفاع متى انتقلت إليه حيازة الأرض محل هذا الحق أن يستغلها لحسابه الاستغلال المعتاد على الوجه الذي تصلح له، إما بزراعتها أو بتأجيرها إلى من يقوم بذلك، فإذا أجرها للغير استعمالاً لحقه في الانتفاع كان صاحب صفة في التأجير، وبالتالي فإن عقد الإيجار الصادر منه لا ينقضي بانقضاء حقه في الانتفاع بل يمتد تلقائياً في مواجهة المالك للأرض المؤجرة دون توقف على إجازته. متى كان ذلك وكان استخلاص توافر الصفة في المؤجر التي تخوله الحق في التأجير وقت إبرام العقد أو عدم توافرها من الأمور الواقعية التي تقررها محكمة الموضوع مما تقتنع به من أدلة الدعوى ولا سلطان لأحد عليها في ذلك متى استندت في قضائها إلى اعتبارات سائغة، وكان الحكم المطعون فيه قد ضمن أسبابه أن عقد الإيجار الذي يستند إليه المطعون ضده الثاني في حيازته لأرض النزاع والمثبت في دفاتر الجمعية التعاونية الزراعية بتاريخ 21/ 7/ 1967 قد صدر إليه من المطعون ضده الأول بصفته صاحب حق الانتفاع بهذه الأرض مما يخوله تأجيرها وقت إبرام العقد، أخذاً بما انتهى إليه الخبير المنتدب في تقريره نتيجة أبحاثه وسماعه لأقوال طرفي الخصومة والشهود والمعاينة من قيام هذا الحق في ذلك التاريخ وعدم انقضائه إلا بزوال سببه متمثلاً في انقضاء الحق المقابل للطاعن في الانتفاع بالمروى الخاصة بالمطعون ضده الأول منذ عشر سنوات - سابقة على نهاية سنة 1978 التي جرت فيها أعمال الخبرة وكان هذا استخلاصاً - سائغاً له مأخذه الصحيح من الأوراق، مارسته محكمة الموضوع بما لها من سلطة فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المطروحة عليها بما فيها أعمال الخبير المنتدب والأخذ بتقريره ما دامت قد رأت فيه ما يكفي لجلاء وجه الحق في الدعوى، وكان لا يقبل من الطاعن القول بانقضاء حق المطعون ضده الأول في الانتفاع قبل إبرامه عقد الإيجار استناداً إلى محضر الشكوى الإداري والحكم المشار إليهما طالما كان الثابت أنه قام بسحب هذين المستندين من أوراق الدعوى ولم يقدمهما في الطعن مما يكون نعيه بذلك عارياً عن دليله. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه رتب قضاءه على أن عقد إيجار أرض النزاع قد صدر صحيحاً ممن يملكه فيسري بعد انقضاء حق الانتفاع في مواجهة الطاعن المالك بهذه الأرض إعمالاً لحكم الامتداد القانون لإيجار الأرض الزراعية الواردة في قانون الإصلاح الزراعي، وأنه لا يصح من الأخير التحدي بعدم نفاذ عقد الإيجار في حقه استناداً لما يقضي به نص المادة 560 من القانون المدني من أن عقد الإيجار الصادر من صاحب حق الانتفاع ينقضي بانقضاء حقه إذا لم يحزه مالك الرقبة، بعد إذ أصبح هذا النهي معطلاً في شأن عقود إيجار الأراضي الزراعية إعمالاً لأحكام قانون الإصلاح الزراعي فمن ثم فإن الحكم المطعون فيه وقد التزم هذا النظر في قضائه يكون قد أصاب صحيح القانون، فيغدو النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك في دفاعه أمام محكمة الاستئناف بأن انتفاع المطعون ضدهما بأرض النزاع لمدة ثمانية عشر عاماً دون أداء الريع أو الأجرة المستحقة له عنها يعد إخلالاً منهما بالتزاماتها الجوهرية قبله يجيز له طلب فسخ عقد الإيجار المحرر بينهما وطردهما، ومع ذلك لم يتناول الحكم المطعون فيه هذا الدفاع الجوهري بالرد مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود ذلك بأنه لما كان الثابت أن الطاعن قد أقام دعواه بطلب طرد المطعون ضدهما من أرض النزاع للغصب لقيام أولهما بتأجيرها بعد انتهاء حقه في الانتفاع بها إلى الثاني الذي يضع يده عليها، وكان طلبه فسخ عقد الإيجار المبرم بين المطعون ضدهما لعدم وفائهما بأجرة هذه الأرض إليه قد أبدى منه لأول مرة أمام محكمة الاستئناف، وهو يغاير طلبه الأصلي في الدعوى موضوعاً وسبباً. فلا يقبل منه إبداء طلب فسخ العقد أمام تلك المحكمة باعتباره من الطلبات الجديدة طبقاً للفقرة الأولى من المادة 235 من قانون المرافعات، وبالتالي فلا عليها إن هي لم تعر هذا الطلب التفاتاً لأنه لا يعد بهذه المثابة من قبيل الدفاع الجوهري الذي تلتزم المحكمة بالرد عليه، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.