أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 524

جلسة 15 من فبراير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد "نائبي رئيس المحكمة، محمد خيري الجندي ومحمد شهاوي.

(87)
الطعن رقم 1047 لسنة 58 القضائية

تقادم "تقادم مسقط. وقف التقادم". دعوى "دعوى التعويض". تعويض حكم. مسئولية.
تقادم دعوى التعويض الناشئة عن جريمة. وقف سريانه طوال مدة المحاكمة الجنائية. علة ذلك. عودة سريانه من تاريخ انقضاء الدعوى الجنائية بصدور حكم بات أو بصيرورة الحكم الصادر فيها باتاً أو بأي سبب آخر من أسباب الانقضاء.
المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مؤدى أحكام المادتين 172، 382 من القانون المدني أنه إذا كان العمل غير المشروع يشكل جريمة بما يستتبع قيام الدعوى الجنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعويان بأن اختيار المضرور الطريق الجنائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة فإن سريان التقادم بالنسبة له يقف ما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً ويظل الوقف سارياً حتى تنقضي الدعوى الجنائية، وهذا الانقضاء يكون بصدور حكم بات فيها من محكمة النقض أو بصيرورة الحكم الصادر فيها باتاً بفوات الطعن فيه أو بسبب آخر من أسباب الانقضاء ومن تاريخ هذا الانقضاء يعود. تقادم دعوى التعويض إلى السريان ذلك أن بقاء الحق في ربع الدعوى الجنائية أو تحركها فيها قائماً يعد في معنى المادة 382/ 1 من القانون المدني مانعاً يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - وبالقدر اللازم للفصل في الطعن - تتحصل في أن الطاعنتين أقامتا الدعوى رقم 4169 لسنة 1981 أمام محكمة الجيزة الابتدائية على المطعون ضدهما وآخر غير مختصم في الطعن بطلب إلزامهم متضامنين بأن يؤدوا إليهما مبلغ خمسين ألف جنيه على سند من القول أن تابع المطعون ضده الأول........ تسبب بخطئه أثناء قيادته السيارة رقم 6422 هيئة النقل العام بالقاهرة في قتل مورثهما وقد ضبط عن الواقعة المحضر رقم 231 لسنة 976 جنح قسم الجيزة قضى فيه ابتدائياً بإدانة هذا التابع ولما استأنف الحكم قضت محكمة الجنح المستأنفة ببراءته بتاريخ 13 من مايو سنة 1978 ولم تطعن النيابة العامة في هذا الحكم بطريق النقض، وإذ كان المطعون ضده الأول حارساً للسيارة التي تسببت في وقوع الحادث وكانت هذه السيارة مؤمناً عليها لدى الشركة المطعون ضدها الثانية فإنهما يكونا مسئولين عن تعويض ما حاق بهما من ضرر نتيجة موت مورثهما ولذا فقد أقامتا الدعوى ليحكم لهما بهذا التعويض. وبتاريخ 13 من مارس 1986 قضت محكمة أول درجة بسقوط حق الطاعنين في إقامة الدعوى بالتقادم. استأنفت الطاعنتان هذا الحكم بالاستئناف رقم 5017 لسنة 103 قضائية لدى محكمة استئناف القاهرة، وفي 6 من يناير سنة 1988 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنتان في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد تنعى الطاعنتان به على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك تقولان أن الحكم إذ قضى بتأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجة القاضي بسقوط حقهما في رفع الدعوى بالتقادم محتسباً سريان هذا التقادم من تاريخ صدور الحكم النهائي من محكمة الجنح المستأنفة ببراءة تابع المطعون ضده الأول في 13/ 5/ 1978 رغم تمسكها بأن سريان تقادم الدعوى المدنية يظل موقوفاً حتى تاريخ صيرورة هذا الحكم باتاً بفوات ميعاد الطعن بطريق النقض فيه الأمر الذي يعيب الحكم المطعون فيه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأن - من المقرر في قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى أحكام المادتين 172، 382 من القانون المدني أنه إذا كان العمل غير المشروع يشكل جريمة بما يستتبع قيام الدعوى الجنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعويان بأن اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة فإن سريان التقادم بالنسبة له يقف ما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريها أو السير فيها قائماً، ويظل الوقف سارياً حتى تنقضي الدعوى الجنائية، وهذا الانقضاء يكون بصدور حكم بات فيها من محكمة النقض أو بصيرورة الحكم الصادر فيها باتاً بفوات الطعن فيه، أو بسبب آخر من أسباب الانقضاء ومن تاريخ هذا الانقضاء يعود تقادم دعوى التعويض إلى السريان ذلك أن بقاء الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً يعد في معنى المادة 382/ 1 من القانون المدني مانعاً معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض، لما كان ذلك وكان الثابت من مدونات الحكم المطعون فيه أن محكمة الجيزة للجنح المستأنفة قضت في الاستئناف المرفوع من تابع المطعون ضده الأول ببراءته بتاريخ 13 مايو سنة 1978 وكان الأمر يتطلب حتى يصبح هذا القضاء باتاً والذي يعود منه سريان تقادم دعوى التعويض المدنية فوات ميعاد الطعن بالنقض فيه من النيابة وهو أربعون يوماً من تاريخ الحكم الحضوري وفقاً لما تقضي به المادة 34 من القانون رقم 57 لسنة 959 من شأن حالات وإجراءات الطعن أمام محكمة النقض، وإذ كانت الفترة التي بدأت منذ تاريخ السير في الدعوى الجنائية قبل تابع المطعون ضده الأول وحتى فوات ميعاد الطعن بالنقض في الحكم النهائي الصادر فيها غير محتسبة في تقادم حق الطاعنتين في المطالبة بالتعويض الذي رفعت به الدعوى الراهنة، وكانت الطاعنتان قد أقامتا الدعوى بطلب هذا التعويض في 22/ 6/ 1981 فإن الحكم المطعون فيه وقد احتسب ميعاد سقوط حقهما في رفع تلك الدعوى من تاريخ الحكم النهائي الصادر في 13 مايو 1978 ودون أن يعرض لبحث مدة التقادم السابقة وتلك اللاحقة على الفترة التي أوقف فيها التقادم خلال إجراءات السير في الدعوى الجنائية وحتى صدور حكم بات فيها يكون فضلاً عن مخالفته القانون قد أخطأ في تطبيقه وشابه القصور في التسبيب مما يوجب نقضه لهذا السبب.