أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 552

جلسة 21 من فبراير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار محمد أمين طموم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد جمال الدين شلقاني نائب رئيس المحكمة، صلاح محمود عويس، محمد رشاد مبروك والسيد خلف.

(93)
الطعن رقم 1390 لسنة 54 القضائية

(1 - 3) حكم "حجية الحكم الجنائي" "عيوب التدليل" "ما يعد قصوراً". قوة الأمر المقضي. إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير المفروش".
(1) حجية الحكم الجنائي أمام المحاكم المدنية. شرطه. أن يكون قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين وفي الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله. المادتان 102 إثبات، 456 إجراءات جنائية.
(2) الأماكن المؤجرة مفروشة. اقتضاء مؤجرها مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار غير مؤثم. أساس ذلك. فصل المحكمة الجنائية في وصف العقد. أثره. عدم جواز بحث هذه المسألة من المحكمة المدنية.
(3) قضاء الحكم المطعون فيه بصورية وصف عقد إيجار النزاع بالمفروش استظهار شروط إعمال حجية الحكم الجنائي الصادر ببراءة الطاعنة من تهمة تقاضي مبالغ خارج نطاق عقد الإيجار تأسيساً على كون العقد مفروشاً. قصوراً.
(4) إيجار "إيجار الأماكن" "تحديد الأجرة".
لجان تحديد الأجرة. اختصاصها بتقدير أجرة الأماكن الخاضعة للقانون 49 لسنة 1977. حق المالك والمستأجر في الطعن على قراراتها أمام المحكمة الابتدائية المختصة. وقف حجية تلك القرارات لحين صيرورتها نهائية باستنفاذ طرق الطعن عليها أو فوات مواعيده.
1 - المقرر - في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 أن الحكم الصادر في الدعوى الجنائية تكون له حجية ملزمة أمام المحكمة المدنية فيما فصل فيه فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك تبين الدعويين المدنية والجنائية وفي الوصف القانون للفعل ونسبته إلى فاعله فإن فصلت المحكمة الجنائية بحكم بات في هذه المسائل امتنع على المحاكم المدنية مخالفة الحكم الجنائي السابق عليه.
2 - الأماكن المؤجرة مفروشة لا تسري عليها أحكام القوانين الاستئنافية المتعلقة بتحديد الأجرة ومن ثم يكون اقتضاء مؤجرها مبالغ خارج نطاق العقد أمراً غير مؤثم قانوناً وإنما يكون مؤثماً إذ كان بمناسبة إبرام إيجار مكان خال فإذا فصلت المحكمة الجنائية - وهي بصدد الجريمة المشار إليها - في وصف العقد وما إذا كان خالياً أم مفروشاً فلا يجوز للمحكمة المدنية أن تعيد بحث هذه المسألة.
3 - إذ كان الثابت في الدعوى أن الطاعنة تمسكت في دفاعها المبدى بمذكرتها المقدمة بجلسة ( - ) أمام محكمة الاستئناف بحجية الحكم الصادر في الجنحة رقم ( - ) جنح أول المنصورة واستئنافها ( - ) جنح مستأنف المنصورة فيما قضى به من براءتها من تهمة تقاضي مبالغ من المطعون عليه خارج نطاق العقد محل النزاع مؤسساً قضاءه على أن هذا العقد هو عقد إيجار مفروش وإذ قضى الحكم المطعون فيه بصورية وصف ذلك العقد بالمفروش دون أن يستظهر في أسبابه مدى توافر شروط إعمال حجية الحكم الجنائي المشار إليه بالنسبة لوصف العقد فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب.
4 - مؤدى المواد 12، 13، 17، 18، 19 من القانون رقم 49 ولسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - أن المشرع اختص بتقدير إيجار الأماكن الخاضعة لأحكامه لجاناً خاصة جعل من سلطتها إجراء هذا التقدير طبقاً للأسس التي وصفها وخول المالك والمستأجر الحق في الطعن في قرارها أمام المحكمة الابتدائية المختصة وتقف حجية تلك القرارات لحين صيرورتها نهائياً أما باستنفاد طرق الطعن عليها أو فوت مواعيده.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 3567 لسنة 1978 مدني المنصورة الابتدائية ضد الطاعنة بطلب الحكم بتخفيض أجرة العين المؤجرة له إلى مبلغ أربعة جنيهاً شهرياً اعتباراً من 1/ 11/ 76 وقال بياناً لذلك أنه بموجب عقد مؤرخ 1/ 11/ 1976 استأجر من الطاعنة حانوتاً بقصد استعماله ورشة سمكرة وقد استغلت الطاعنة حاجته لهذه العين فحررت قائمة بأدوات لم يتسلمها وذكرت في العقد - على خلاف الحقيقة - أنه مؤجرة مفروشة وإذا حددت لجنة تقدير الإيجارات أجرة العين بمبلغ 4 جنيه شهرياً فقد أقام الدعوى بطلبه سالف البيان. بتاريخ 16/ 11/ 1982 حكمت المحكمة باعتبار الأجرة القانونية للعين محل النزاع 4.832. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 671 لسنة 34 ق مدني لدى محكمة استئناف المنصورة التي حكمت بتاريخ 2/ 2/ 1984 بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وعرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة نظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب ومخالفة الثابت بالأوراق. وفي بيان ذلك تقول إنها تمسكت في دفاعها أن الحكم الصادر في الجنحة رقم 5073 سنة 1978 جنح أول المنصورة واستئنافها رقم 9431 سنة 1978 جنح مستأنف المنصورة إذ قضى ببراءتها من تهمة تقاضي مبالغ من المطعون عليه خارج نطاق عقد الإيجار محل النزاع مؤسساً قضاءه على أن هذا العقد هو عقد إيجار مفروش، يكون قد فصل فصلاً لازماً لقضائه في حقيقة - العقد ويمتنع لذلك على المحكمة المدنية إعادة بحث هذه المسألة غير أن الحكم المطعون فيه قضى بصورية وصف هذا العقد بالمفروش دون أن يورد هذا الدفاع الجوهري بما يرد عليه. كما أطرح ما تمسكت به في دفاعها من أنها طعنت على قرار لجنة تقدير الإيجار الذي قدر أجرة العين محل النزاع بمبلغ 4.832 مليم جنيه شهرياً بالدعوى رقم 2826 لسنة 78 - المنصورة الابتدائية رغم أنها قدمت صورة رسمية من صحيفة تلك الدعوى ضمن حافظة مستنداتها أمام محكمة أول درجة، وأيد الحكم المستأنف رغم ابتنائه على ذلك القرار الذي لم يصبح نهائياً.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أنه لما كان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن مفاد نص المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية و102 من قانون الإثبات الصادر بالقانون رقم 25 لسنة 1968 أن الحكم الصادر في الدعوى الجنائية تكون له حجية ملزمة أمام المحكمة المدنية فيما فصل فيه فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين المدنية والجنائية، وفي الوصف القانون للفعل ونسبته إلى فاعله فإن فصلت المحكمة الجنائية بحكم بات في هذه المسائل امتنع على المحاكم المدنية مخالفة الحكم الجنائي السابق عليه. وأن الأماكن المؤجرة مفروشة لا تسري عليها أحكام القوانين الاستثنائية المتعلقة بتحديد الأجرة. ومن ثم يكون اقتضاء مؤجرها مبالغ خارج نطاق العقد أمراً غير مؤثم قانوناً وإنما يكون مؤثماً إذ كان بمناسبة إبرام إيجار مكان خال، فإذا فصلت المحكمة الجنائية - وهي بصدد الجريمة المشار إليها، في وصف العقد وما إذا كان خالياً أم مفروشاً فلا يجوز للمحكمة المدنية أن تعيد بحث هذه المسألة. وكان الثابت في الدعوى أن الطاعنة تمسكت في دفاعها المبدى بمذكرتها المقدمة بجلسة 1/ 1/ 1989 أمام محكمة الاستئناف بحجية الحكم الصادر في الجنحة رقم 5073 لسنة 78 أول المنصورة واستئنافها رقم 9431 لسنة 78 جنح مستأنف المنصورة، فيما قضى به من براءتها من تهمة تقاضي مبالغ من المطعون عليه خارج نطاق العقد محل النزاع مؤسساً قضاءه على أن هذا العقد هو عقد إيجار مفروش وإذ قضى الحكم المطعون فيه بصورية وصف ذلك العقد بأنه مفروش دون أن يستظهر في أسبابه مدى توافر شروط إعمال حجية الحكم الجنائي المشار إليه بالنسبة لوصف العقد فإنه يكون قد شابه القصور في التسبيب وإذ كان مؤدى المواد 12، 13، 17، 18، 19 من القانون رقم 49 ولسنة 1977 في شأن تأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - أن المشرع اختص بتقدير إيجار الأماكن الخاضعة لأحكامه لجاناً خاصة جعل من سلطتها إجراء هذا التقدير طبقاً للأسس التي وضعها. وخول لكل من المالك والمستأجر الحق في الطعن في قرارها أمام المحكمة الابتدائية المختصة، وتقف حجية تلك القرارات لحين صيرورتها نهائياً أما باستنفاد طرق الطعن عليها أو فوات مواعيده. وكانت الطاعنة قد تمسكت في دفاعها أن قرار لجنة تقدير الإيجارات الصادرة بتاريخ 25/ 4/ 1978 بتقدير أجرة العين محل النزاع لم يصبح نهائياً إذا طعنت عليه بالدعوى رقم 2826 لسنة 1978 مدني المنصورة الابتدائية قدمت صورة صحيفة تلك الدعوى. فإن الحكم المطعون فيه إذا أيد الحكم الابتدائي الذي قضى بتحديد أجرة العين محل النزاع أخذاً بالقرار المشار إليه بمقولة أن الطاعنة لم تقدم ما يدل على أنها طعنت على ذلك القرار ولم يرد على دفاع الطاعنة سالف البيان. يكون قد خالف الثابت بالأوراق وشابه قصور في التسبيب أدى به إلى الخطأ في تطبيق القانون بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.