أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 558

جلسة 22 من فبراير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد نائبي رئيس المحكمة، محمد خيري الجندي ومحمد شهاوي.

(94)
الطعن رقم 1042 لسنة 58 القضائية

(1، 2) أهلية. شخصية اعتبارية "صور من الأشخاص الاعتبارية: الهيئات والطوائف الدينية" دعوى الصفة في الدعوى.
(1) ثبوت الشخصية الاعتبارية للهيئات والطوائف الدينية. مناطه. اعتراف الدولة بها. شرطه. صدور ترخيص أو إذن خاص بقيامها.
(2) طائفة الأقباط الأرثوذكس. اعتراف المشرع بالشخصية الاعتبارية لها واعتبار البطريرك نائباً عنها ومعبراً عن إرادتها في كل ما يختص به مجلس عمومي الأقباط الأرثوذكس وما يخص الأوقاف الخيرية التابعة لها. مؤداه. أن البطريرك هو صاحب الصفة في تمثيل هذه الطائفة في التقاضي دون سواه ما لم يرد في القانون نص يسند صفة النيابة في شأن من شئونها لهيئة معينة أو شخص معين إلى غير البطريرك.
1 - مفاد المادتين 52، 53 من القانون المدني - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الشخصية الاعتبارية للهيئات والطوائف الدينية لا تثبت إلا باعتراف الدولة اعترافاً خاصاً بها، بمعنى أنه يلزم صدور ترخيص أو إذن خاص بقيام الشخصية لكل هيئة أو طائفة دينية.
2 - إذ كان الفرمان العالي الصادر في 18 من فبراير سنة 1856 بشأن تنظيم أمور الطوائف غير الإسلامية في الدولة العليه تضمن النص على حق هذه الطوائف في أن يكون لها مجالس مخصوصة تشكل في البطركخانات ثم اتبع ذلك صدور الأمر العالي في 14 من مايو سنة 1883 بالتصديق على لائحة ترتيب واختصاصات مجلس الأقباط الأرثوذكس العمومي المعدل بالقوانين 8 لسنة 1908، 3 لسنة 1917، 29 لسنة 927، 48 لسنة 1950، 267 لسنة 1955 وكان مؤدى نصوص المادة الأولى والثانية والثالثة من هذا الأمر أن المشرع اعترف بالشخصية الاعتبارية لطائفة الأقباط الأرثوذكس واعتبر البطريرك نائباً عنها ومعبراً عن إرادتها في كل ما يختص به مجلس عمومي الأقباط الأرثوذكس والمتعلق بمدارس وكنائس وفقراء ومطبعة هذه الطائفة وكذلك ما يخص الأوقاف الخيرية التابعة لها، وهو ما أكده المشرع عند إصداره القرار بقانون رقم 264 لسنة 1960 الذي - أنشأ هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس وأسند لها اختيار واستلام قيمة الأراضي الموقوفة على البطريرك والبطريركية والمطرنيات والأديرة والكنائس وجهات التعليم وجهات البر الأخرى المتعلقة بهذه الطائفة التي يديرها مجلس يرأسه البطريرك وأشار القرار الجمهوري رقم 1432 لسنة 1960 بأن البطريرك يمثل هذه الهيئة قانوناً، وإذ كان القانون هو مصدر منح الشخصية الاعتبارية لطائفة الأقباط الأرثوذكس وكان تمثيل هذه الطائفة في التقاضي هو فرع من النيابة القانونية عنها يعين مداها ويبين حدودها ومصدرها القانون، وكان الأصل أن البطريرك هو الذي يمثل طائفة الأقباط الأرثوذكس في المسائل السابق الإشارة إليها دون سواه ما لم يرد في القانون نص يسند صفة النيابة في شأن من شئونها لهيئة معينة أو شخص معين إلى غير البطريرك، لما كان ذلك فإن الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر واعتبر أن لطائفة الأقباط الأرثوذكس بمحافظة القليوبية شخصية اعتبارية ورتب على ذلك أن للمطعون ضده الأول أسقف الأقباط بهذه المحافظة حق تمثيلها في التقاضي بشأن النزاع المطروح في الدعوى مع المطعون ضده الثاني رئيس لجنة الكنيسة ودون أن يمنحها القانون هذا الحق يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما الأول بصفته مطراناً للأقباط الأرثوذكس بمحافظة القليوبية والثاني بصفته رئيساً لكنيسة السيدة العذراء والملاك غبريال بسند نهور أقاما الدعوى رقم 322 لسنة 1982 لدى محكمة بنها الابتدائية على الطاعن بطلب الحكم بتثبيت ملكيتها للأرض المبينة بالصحيفة وما أقيم عليها من بناء، وقالا شرحاً للدعوى أن أقباط بلدة سند نهور وضعوا أيديهم على هذه الأرض بنية تملكها منذ عام 1931 وأقاموا عليها داراً للمناسبات وأداء الشعائر الدينية فاكتسبوا ملكيتها بوضع اليد المدة الطويلة، وإذ كان الطاعن بصفته قد أقام الدعوى رقم 327 لسنة 1973 أمام محكمة مركز بنها على ورثة المستأجر نصر أيوب بطلب فسخ عقد الإيجار المؤرخ 7/ 2/ 1967 المحرر بينه وبين الأخير عن ذات الأرض موضوع النزاع باعتبارها ضمن أعيان وقف المسجد العمري الكبير، وركن في طلب الفسخ إلى امتناع ورثة المستأجر عن أداء الأجرة وتغييرهم الغرض من الانتفاع بالعين المؤجرة، ونازعه هؤلاء الورثة في ادعائه وأقاموا الدعوى رقم 388 لسنة 1973 أمام محكمة مركز بنها بطلب إلغاء عقد الإيجار سالف الذكر، وإذ صدر حكم في الدعويين بإجابة الطاعن إلى طلباته ورفض الدعوى الأخيرة وتأييد بالحكم الصادر في الاستئناف رقم 30 لسنة 982 مدني بنها ولما كان ادعاء الطاعن بصفته في هاتين الدعويين يعتبر منازعة لأقباط بلدة سند نهور في ملكيتهم تلك الأرض وكان المطعون ضدهما يمثلان هؤلاء الأقباط فقد أقاما الدعوى ليحكم بمطلبهما، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره قضت في 31 من ديسمبر 1985 برفض الدعوى لرفعها من غير صفة. استأنف المطعون ضدهما هذا الحكم بالاستئناف رقم 101 لسنة 91 قضائية لدى محكمة استئناف طنطا "مأمورية بنها". وبتاريخ 6 من يناير سنة 1988 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وتثبيت ملكية المطعون ضدهما لأرض النزاع وما أقيم عليها من بناء. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره. وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه على سند من أن لطائفة الأقباط الأرثوذكس ببلدة سند نهور التابعة لمطرانية القليوبية شخصية اعتبارية مستقلة يمثلهم قانوناً المطعون ضده الأول مطران القليوبية باعتباره الرئيس الأعلى لها، كما يمثلهم المطعون ضده الثاني بصفته رئيساً للجنة الكنيسة المقامة على الأرض المطلوب تثبيت ملكيتهم لها، في حين أن مفاد المادتين 52، 53 من القانون المدني والأوامر العالية التي صدرت لتنظيم أمور الطوائف غير الإسلامية في مصر ضمنها طائفة الأقباط الأرثوذكس وما لحقها من تعديلات أن الدولة لم تعترف بالشخصية الاعتبارية إلا لطائفة الأقباط الأرثوذكس دون كنائسها أو تجمعاتها، وأنها اعتبرت البطريرك الذي يرأس المجلس العمومي لهذه الطائفة هو النائب والممثل القانوني لها دون سواه، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر ورتب على قضائه بإسباغ الشخصية الاعتبارية على طائفة الأقباط الأرثوذكس ببلدة سند نهور وكنيستهم حق المطعون ضدهما في النيابة عنهم في التقاضي ودون أن يورد سنده فيما انتهى إليه فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك بأن مفاده المادتين 52، 53 من القانون المدني - وعلى ما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة - أن الشخصية الاعتبارية للهيئات والطوائف الدينية لا تثبت إلا باعتراف الدولة اعترافاً خاصاً بها، بمعنى أنه يلزم صدور ترخيص أو إذن خاص بقيام الشخصية لكل هيئة أو طائفة دينية، إذ كان الفرمان العالي الصادر في 18 من فبراير سنة 1856 بشأن تنظيم أمور الطوائف غير الإسلامية في الدولة العليه تضمن النص على حق هذه الطوائف في أن يكون لها مجالس مخصوصة تشكل في البطركخانات ثم اتبع ذلك صدور الأمر العالي في 14 من مايو سنة 1883 بالتصديق على لائحة ترتيب واختصاصات مجلس الأقباط الأرثوذكس العمومي المعدل بالقوانين 8 لسنة 1908، 3 لسنة 1917، 29 لسنة 927، 48 لسنة 950، 267 لسنة 1955 ونص في المادة الأولى على أنه "يشكل مجلس عمومي لجميع الأقباط بالقطر المصري للنظر في كافة مصالحهم الداخلية في دائرة اختصاصاته التي ستتبين في المواد الآتية دون غيرها ويكون مركزه بالدار البطريركية" وفي المادة الثامنة على أن "يختص المجلس المذكور بالنظر في جميع ما يتعلق بالأوقات الخيرية التابعة للأقباط عموماً وكذا ما يتعلق بمدارسهم وفقرائهم ومطبعتهم وكافة المواد المعتادة نظرها بالبطريكخانه" وفي المادة الثالثة على أن "يتولى رياسة المجلس حضرة البطريرك". وكان مؤدى هذه النصوص أن المشرع اعترف بالشخصية الاعتبارية لطائفة الأقباط الأرثوذكس واعتبر البطريرك نائباً عنها ومعبراً عن إرادتها في كل ما يختص به مجلس عمومي الأقباط الأرثوذكس والمتعلق بمدارس وكنائس وفقراء ومطبعة هذه الطائفة وكذلك ما يخص الأوقاف الخيرية التابعة لها، وهو ما أكده المشرع عند إصداره القرار بقانون رقم 264 لسنة 1960 الذي أنشأ هيئة أوقاف الأقباط الأرثوذكس وأسند لها اختيار واستلام قيمة الأراضي الموقوفة على البطريرك والبطريركية والمطرنيات والأديرة والكنائس وجهات التعليم وجهات البر الأخرى المتعلقة بهذه الطائفة التي يديرها مجلس يرأسه البطريرك وأشار القرار الجمهوري رقم 1433 لسنة 1960 بأن البطريرك يمثل هذه الهيئة قانوناً، وإذ كان القانون هو مصدر منح الشخصية الاعتبارية لطائفة الأقباط الأرثوذكس وكان تمثيل هذه الطائفة في التقاضي هو فرع من النيابة القانونية عنها يعين مداها ويبين حدودها ومصدرها القانون، وكان الأصل أن البطريرك هو الذي يمثل طائفة الأقباط الأرثوذكس في المسائل السابق الإشارة إليها دون سواه ما لم يرد في القانون نص يسند صفة النيابة في شأن من شئونها لهيئة معينة أو شخص معين إلى غير البطريرك، لما كان ذلك، فإن الحكم المطعون فيه وقد خالف هذا النظر واعتبر أن لطائفة الأقباط الأرثوذكس بمحافظة القليوبية شخصية اعتبارية ورتب على ذلك أن للمطعون ضده الأول أسقف الأقباط بهذه المحافظة حق تمثيلها في التقاضي بشأن النزاع المطروح في الدعوى مع المطعون ضده الثاني رئيس لجنة الكنيسة ودون أن يمنحها القانون هذا الحق يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة إلى بحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين تأييد الحكم الصادر من محكمة أول درجة.