أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 564

جلسة 22 من فبراير سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد نائبي رئيس المحكمة، محمد خيري الجندي ومحمد عبد العال السمان.

(95)
الطعن رقم 863 لسنة 53 القضائية

(1، 2) خبرة "دعوى الخبير للخصوم". "ندب خبير آخر". بطلان. محكمة الموضوع. إثبات.
(1) التحقق من إخطار الخبير للخصوم ببدء عمله. من سلطة محكمة الموضوع متى استندت - إلى أسباب سائغة ترتد إلى أصل ثابت. إغفال الخبير إرفاق إيصال الكتاب المسجل إلى الخصم. لا بطلان. علة ذلك.
(2) محكمة الموضوع. عدم التزامها بإجابة طلب ندب خبير آخر متى وجدت في تقرير الخبير السابق ما يكفي لتكوين عقيدتها.
(3) دعوى "حجز الدعوى للحكم: تقديم المستندات والمذكرات. حكم.
قبول المذكرات أو المستندات في فترة حجز الدعوى للحكم. غير جائز. الاستثناء. أن تكون قد صرحت بتقديمها واطلع الخصم عليها. م 168 مرافعات. التفات المحكمة عن مستندات قدم في فترة حجز الدعوى للحكم دون أن تصرح بذلك. لا عيب.
(4) بيع "مقدار المبيع". تقادم "تقادم مسقط".
تقادم حق المشتري في إنقاص الثمن أو فسخ العقد بسبب العجز في المبيع بانقضاء سنة من وقت تسلمه المبيع تسلماً فعلياً. شرطه. تعيين مقدار المبيع في العقد. بيانه على وجه التقريب. أثره. تقادم الدعوى بخمس عشر سنة. م 433، 434 مدني.
1 - لما كان التحقيق من إخطار الخبير ببدء عمله ونفي ذلك من الأمور الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بلا سلطان عليها لأحد في ذلك ما دامت تستند فيما تقرره إلى أسباب سائغة ترتد إلى أصل، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص سائغاً بما أورده من أسباب لها موردها الصحيح من الأوراق أن الخبير المنتدب قد وجه الدعوى إلى الطاعن إيذاناً ببدء عمله طبقاً للإجراءات المنصوص عليها قانوناً، وكان صحيحاً ما قرره الحكم من أن إغفال الخبير إرفاق إيصال الكتاب المسجل المرسل إلى الخصم لا ينفي واقعة الإخطار ذاتها ذلك أن المشرع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لم يوجب على الخبير إرفاق هذا الإيصال فمن ثم يكون تقدير الخبير بمنأى عن البطلان. ويكون النعي بهذا السبب على الحكم المطعون فيه تبعاً لذلك على غير أساس.
2 - المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة طلب ندب خبير أخر متى اقتنعت بسلامة تقرير الخبير السابق ندبه ووجدت فيه ما يكفي لتكوين عقيدتها في الدعوى فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يستجب إلى طلب الطاعن تعيين آخر لاقتناعه بتقرير الخبير الذي انتدبته محكمة أول درجة وكفايته في استجلاء وجه الحق في الدعوى.
3 - لا يجوز للمحكمة طبقاً لنص المادة 168 من قانون المرافعات أن تقبل مذكرات أو مستندات في فترة حجز الدعوى للحكم إلا أن تكون قد صرحت بتقديمها واطلع الخصوم عليها، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قررت في جلسة المرافعة الختامية 12/ 1/ 1983 حجز الدعوى للحكم لجلسة 17/ 2/ 1983 مع التصريح للطرفين بتقديم مذكرات خلال أسبوعين، فقدم الطاعن مذكرة وحافظة مستندات طويت على رسم هندسي لأرض النزاع بتاريخ 30/ 1/ 1983 فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يعر هذا المستند التفاتاً طالما أن المحكمة لم تصرح للخصوم خلال فترة حجز الدعوى للحكم بتقديم مستندات أصلاً، ولا يعد ذلك منها إخلالاً بحق الطاعن في الدفاع.
4 - نص المادتين 433، 434 من القانون المدني يدل على مسئولية البائع عن العجز في المبيع تكون عندما يتبين أن القدر الحقيقي الذي يشتمل عليه البيع ينقص عن القدر المتفق عليه في العقد، وأن تقادم حق المشتري في إنقاص الثمن أو فسخ العقد بسبب العجز في المبيع بانقضاء سنة من تسليمه تسليماً فعلياً إنما يكون في حالة ما إذا كان مقدار المبيع قد عين في العقد، أما إذا لم يتعين مقداره أو كان مبيناً به على وجه التقريب فإن دعوى المشتري لا تتقادم بسنة بل تتقادم بخمس عشرة سنة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
وحيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدهما أقاما على الطاعن الدعوى رقم 8729 لسنة 1979 مدني شمال القاهرة الابتدائية بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع الابتدائي المؤرخ 4/ 3/ 1978 المتضمن بيعه لهما مساحة 10 س و15 ط و1 ف من الأطيان المبينة بالصحيفة وإلزامه بأن يرد إليهما مبلغ 3958 جنيهاً، وقالا بياناً لذلك أنهما اتفقا مع ذلك الأخير على أن يبيع لهما بموجب هذا العقد مساحة فدانين من تلك الأرض مناصفة بينهما لقاء ثمن مقداره 50000 جنيه وفياً منه مبلغ 45000 جنيه، ونص في العقد على دفع الباقي ومقداره 5000 جنيه وقت تسجيل البيع على أن تكون العبرة في احتساب الثمن النهائي للصفقة بما يظهره كشف التحديد المساحي الرسمي على أساس سعر الفدان 25000 جنيه، ثم تبين من كشف تحديد المساحة وجود عجز بالأرض المبيعة وأن مساحة الحقيقة هي 10 س و15 ط و1 ف وتبلغ قيمتها 41042 جنيهاً ومع ذلك فقد امتنع البائع عن تسجيل عقد البيع ورد المبلغ الذي تسلمه بالزيادة عن ثمن هذه المساحة إليهما مما حدا بهما إلى إقامة هذه الدعوى ليحكم بطلباتها، ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره في الدعوى حكمت بتاريخ 22 من ديسمبر سنة 1980 بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 4/ 3/ 1978 فيما تضمنه من بيع الطاعن إلى المطعون ضدهما الأطيان المبينة به والتي تبين من كشف تحديد المساحة أن مساحتها 10 س و15 ط و1 ف لقاء ثمن مقداره 41059 جنيهاً و25 مليماً وبإلزام الأول بأن يرد إلى الأخيرين مبلغ 3940 جنيهاً و 975 مليماً. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 6212 لسنة 98 قضائية وبتاريخ 17 من فبراير سنة 1983 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطعن بأولها على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أنه استند في قضائه إلى تقرير الخبير المنتدب من قبل محكمة أول درجة على الرغم من تمسكه في دفاعه أمام محكمة الاستئناف ببطلان هذا التقرير لعدم توجيه الخبير الدعوى إليه قبل بدء عمله طبقاً للمادة 146 من قانون الإثبات، أما ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من أن الثابت من محضر أعمال الخبير من أنه وجه الدعوى إلى أطراف الخصومة بكتب مسجلة مصحوبة بعلم الوصول وإن إغفاله أرفاق الإيصال الدال على ذلك لا ينفي بذاته توجيه الدعوى إلى الطاعن فلا يصلح رداً، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، إذ واجه الحكم المطعون فيه دفاع الطاعن بقوله: "وحيث إنه عن العوار الموجه لتقرير الخبير بمقولة عدم دعوى المستأنف - الطاعن - للحضور فمردود عليه بما هو ثابت بصدر التقرير من أن الخبير وجه الدعوة لأطراف الخصومة بكتب مسجلة بعلم الوصول الأمر الذي يؤكد صحة دعوه المستأنف - الطاعن - لأن الأصل في الإجراءات أنها روعيت، وطالما أن الشارع لم يوجب على الخبير إرفاق إيصال الخطاب الموصى عليه، فإن إغفال إرفاقه لا ينفي واقعة الإخطار في ذاتها، إذ أن محضر الخبير محضر رسمي لا ينال من حجيته إلا الطعن بالتزوير"، لما كان التحقيق من إخطار الخبير ببدء عمله ونفي ذلك من الأمور الواقعية التي تستقل بها محكمة الموضوع بلا سلطان عليها لأحد في ذلك ما دامت تستند فيما تقرره إلى أسباب سائغة ترتد إلى أصل ثابت، وكان الحكم المطعون فيه قد استخلص سائغاً بما أورده من أسباب لها موردها الصحيح من الأوراق أن الخبير المنتدب قد وجه الدعوى إلى الطاعن إيذاناً ببدء عمله طبقاً للإجراءات المنصوص عليها قانوناً، وكان صحيحاً ما قرره الحكم ما أن إغفال الخبير إرفاق إيصال الكتاب المسجل المرسل إلى الخصم لا ينفي واقعة الإخطار ذاتها ذلك أن المشرع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - لم يوجب على الخبير إرفاق هذا الإيصال فمن ثم يكون تقدير الخبير بمنأى عن البطلان، ويكون النعي بهذا السبب على الحكم المطعون فيه تبعاً لذلك على غير أساس.
وحيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم المطعون فيه أخل بحق الطاعن في الدفاع - إذ لم تستجب محكمة الاستئناف إلى طلبه بندب خبير آخر في الدعوى كما لم تشر في حكمها إلى تقرير الخبير الاستشاري الذي قدمه إليها.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأنه لما كان من المقرر أن محكمة الموضوع غير ملزمة بإجابة طلب ندب خبير أخر متى اقتنعت بسلامة تقرير الخبير السابق ندبه ووجدت فيه ما يكفي لتكوين عقيدتها في الدعوى فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يستجب إلى طلب الطاعن تعيين آخر لاقتناعه بتقرير الخبير الذي انتدبته محكمة أول درجة وكفايته في استجلاء وجه الحق في الدعوى، لما كان ذلك وكان لا يجوز للمحكمة طبقاً لنص المادة 168 من قانون المرافعات أن تقبل مذكرات أو مستندات في فترة حجز الدعوى للحكم إلا أن تكون قد صرحت بتقديمها واطلع الخصوم عليها، وكان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أن المحكمة قررت في جلسة المرافعة الختامية 12/ 1/ 1983 حجز الدعوى للحكم لجلسة 17/ 2/ 1983 مع التصريح للطرفين بتقديم مذكرات خلال أسبوعين، فقدم الطاعن مذكرة وحافظة مستندات طويت على رسم هندسي لأرض النزاع بتاريخ 30/ 1/ 1983، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو لم يعر هذا المستند التفاتاً طالما أن المحكمة لم تصرح للخصوم خلال فترة حجز الدعوى للحكم بتقديم مستندات أصلاً، ولا يعد ذلك منها إخلالاً بحق الطاعن في الدفاع، ومن ثم يكون النعي بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه مخلفة القانون، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك أمام محكمة الموضوع بالدفع بسقوط حق المطعون ضدهما في إنقاص ثمن الأرض المبيعة بمضي أكثر من سنة طبقاً للمادة 434 من القانون المدني إذ الثابت أنهما تسلماً فعلياً وقت التعاقد الحاصل بتاريخ 4/ 3/ 1978 إلا أنهما لا يحركا ساكناً إلا بتاريخ 4/ 10/ 1979 الذي رفعا فيه الدعوى بعد سقوط الدعوى فيهما بالتقادم الحولي، ومع ذلك لم يستجب الحكم المطعون فيه لهذا الدفع مما يعيبه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن النص في المادة 433 من القانون المدني على أنه "إذ عين في العقد مقدار المبيع كان البائع مسئولاً عن نقص هذا القدر بحسب ما يقضي به العرف، ما لم يتفق على غير ذلك........" - وفي المادة 434 منه على "إذا وجد في المبيع عجز أو زيادة فإن حق المشتري في طلب إنقاص الثمن أو في طلب فسخ العقد، وحق البائع طلب تكملة الثمن، يستطيع كل منهما بالتقادم إذا أنقضت سنة من وقت تسليم المبيع تسليماً فعلياً" يدل على أن المسئولية البائع عن العجز في المبيع تكون عندما يتبين أن القدر الحقيقي الذي يشتمل عليه البيع ينقص عن القدر المتفق عليه في العقد، وأن تقادم حق المشتري في إنقاص الثمن أو فسخ العقد بسبب العجز في المبيع بانقضاء سنة من تسليمه تسليماً فعلياً إنما يكون في حالة ما إذا كان مقدار المبيع قد عين في العقد، وما إذا لم يتعين مقداره أو كان مبيناً به على وجه التقريب فإن دعوى المشتري لا تتقادم بسنة بل تتقادم بخمس عشرة سنة. ولما كان البين من الحكم المطعون فيه أنه واجه دفع الطاعن واستبعد تطبيق التقادم الحولي على دعوى المطعون ضدهما قبله بطلب إنقاص الثمن لوجود عجز في الأرض المبيعة بقوله "أن الثابت من عقد البيع الابتدائي أنه وإن كان المستأنف ضدهما قد تسلما المبيع وقت تحرير العقد في 4/ 3/ 1978 إلا أن العقد ذاته في أحد بنوده علق أداء باقي الثمن وقدره 5000 جنيه على الأجل الذي يوقع فيه العقد النهائي حيث العبرة في احتساب الثمن النهائي يكون حسب ما يظهره كشف التحديد المساحي المعتمد من الشهر العقاري، لما كان ذلك فإن التسليم الحاصل في تاريخ تحرير العقد لا يعول عليه طالما كان احتساب الثمن النهائي مرتبطاً بما يظهره كشف التحديد، ولما كانت الأوراق تفتقر إلى وجود كشف رسمي معتمد من مصلحة الشهر العقاري كاشف عن حقيقة المساحة المبيعة فإن الدعوى لا تكون قد تقادمت" مما مفاده أن الحكم خلص إلى أن مقدار المبيع لم يعين في عقد البيع مستدلاً على ذلك بما اتفق عليه الطرفان في أحد بنود العقد من أن المرجع في تعيين هذا المقدار توصلاً لاحتساب الثمن النهائي هو بما يظهر مستقبلاً من كشف التحديد المساحي الرسمي، وبالتالي فلا تكون الدعوى قد تقادمت بسنة، وكان هذا الذي أورد الحكم يتفق مع صحيح القانون ويقوم على أسباب سائغة فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.