أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 691

جلسة 6 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمود شوقي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ أحمد مكي، ماهر البحيري، محمد جمال حامد وأنور العاصي.

(115)
الطعن رقم 413 لسنة 58 القضائية

(1) عقد "تكييف العقد". محكمة الموضوع. نقض.
التعرف على قصد المتعاقدين. من سلطة محكمة الموضوع. تكييفه القانوني. خضوعه لرقابة محكمة النقض.
(2) هبة. عقد.
اشتراط المقابل في الهبة. أثره. التبرع بتقديم عقار لجهة إدارية لإقامة مشروع ذي نفع عام تتحمل الإدارة بقيمة نفقاته عقد إداري وليس هبة مدنية. مؤدى ذلك.
(3) ملكية "أسباب كسب الملكية". تسجيل.
الملكية في المواد العقارية. لا تنتقل سواء فيما بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير إلا بالتسجيل.
1 - لئن كان التعرف على ما عناه المتعاقدان في العقد هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أنه متى استخلصت المحكمة ذلك فإن التكييف القانوني الصحيح لما قصده المتعاقد إن وإنزال حكم القانون على العقد هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض.
2 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الهبة التي يشترط فيها المقابل لا تعتبر من التبرعات المحضة. وأن التبرع بتقديم عقار لجهة إدارية لإقامة مشروع ذي نفع عام على أن تتحمل الإدارة بقيمة النفقات وإقامة المشروع لا يعتبر عقد هبة يخضع للأحكام المقررة في القانون المدني من وجوب إفراغه في ورقة رسمية، وإنما يعتبر عقداً إدارياً تطبق عليه الأحكام والقواعد الخاصة بالعقود الإدارية. لما كان ذلك وكان الإقرار المؤرخ بتاريخ 8/ 1/ 1975 الصادر من مورث المطعون ضده الثاني قد تضمن تبرعه بالعقار موضوع التداعي لمجلس مدينة بنها لإقامة مدرسة ومسجد وأن الجهة الإدارية قبلت ذلك فإن هذا التعاقد الذي تم صحيحاً بين عاقدين يكون في حقيقته عقداً من المعاوضة غير المسماة، وهو ما جرى الفقه والقضاء على وصفه بأنه عقد تقديم معاونة أو مساهمة يلتزم بمقتضاه شخص بالمساهمة نقداً أو عيناً من نفقات مرفق عام أو مشروع ذي نفع عام، وهو بهذه المثابة لا يعتبر هبة مدنية فلا تجب له الرسمية، ولا يجوز الرجوع فيه وذلك على الرغم مما قد يكون وارداً فيه من ألفاظ التبرع أو التنازل أو الهبة إذ أن هذه الألفاظ إنما تساق لبيان الباعث وراء هذا التصرف دون أن يؤثر بحال على كيان العقد وحقيقته سالفة البيان.
3 - مؤدى نص المادة التاسعة من القانون 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الملكية في المواد العقارية لا تنتقل - سواء بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير - إلا بالتسجيل، وما لم يحصل هذا التسجيل تبقى الملكية على ذمة المتصرف، ولا يكون للمتصرف إليه في الفترة ما بين التعاقد إلى وقت التسجيل سوى مجرد أمل في الملكة دون أي حق فيها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام الدعوى 1857 لسنة 1981 مدني بنها الابتدائية على المطعون ضده الثاني بطلب الحكم بصحة ونفاذ العقد المؤرخ 1/ 3/ 1979 المتضمن بيع المطعون ضده الثاني له أرضاً زراعية موضحة الحدود والمعالم بالصحيفة لقاء ثمن مقداره 1200 جنيه، تدخل الطاعن في الدعوى طالباً رفضها. كما طلب تثبيت ملكيته لعين النزاع والتسليم تأسيساً على أن مورث البائع وهبها له بإقرار مؤرخ بتاريخ 8/ 1/ 1975 لإقامة مدرسة ومسجد عليها، ومحكمة أول درجة بعد أن ندبت خبيراً في الدعوى وقدم تقريره حكمت بتاريخ 22/ 1/ 1985 برفض طلبات الطاعن، وبصحة عقد البيع استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف 187 لسنة 18 ق وبتاريخ 2/ 12/ 1987 قضت المحكمة بالتأييد، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق الطعن، وعرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فحددت جلسة لنظره فيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث عن الطاعن ينعى بسبب الطعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون ذلك أن مورث المطعون ضده الثاني أراد المساهمة في مشروع بناء مدرسة ومسجد على أرض النزاع، فتبرع بها إلى الطاعن الذي قبل منه ذلك، فيعتبر عقد مساهمة في مشروع ذي نفع عام، ولا تشترط الرسمية لانعقاده، وإذ بني الحكم المطعون فيه قضاءه على ما انتهى إليه من تكييف ذلك العقد بأنه عقد هبه لعقار لم يفرغ في الشكل الرسمي ولم يسجل، ورتب على ذلك بطلانه، فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول ذلك أنه وإن كان التعرف على ما عناه المتعاقدان في العقد هو مما يدخل في سلطة محكمة الموضوع إلا أنه متى استخلصت المحكمة ذلك فإن التكييف القانوني الصحيح لما قصده المتعاقدان وإنزال حكم القانون على العقد هو مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض، وكان من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الهبة التي يشترط فيها المقابل لا تعتبر من التبرعات المحضة، وأن التبرع بتقديم عقار لجهة إدارية لإقامة مشروع ذي نفع عام على أن تتحمل الإدارة بقيمة النفقات وإقامة المشروع لا يعتبر عقد هبة يخضع للأحكام المقررة في القانون المدني من وجوب إفراغه في ورقة رسمية، وإنما يعتبر عقداً إدارياً تطبق عليه الأحكام والقواعد الخاصة بالعقود الإدارية، لما كان ذلك وكان الإقرار المؤرخ بتاريخ 8/ 1/ 1975 الصادر من مورث المطعون ضده الثاني قد تضمن تبرعه بالعقار موضوع التداعي لمجلس مدينة بنها لإقامة مدرسة ومسجد، وأن الجهة الإدارية قبلت ذلك فإن هذا التعاقد الذي تم صحيحاً بين عاقديه يكون في حقيقته عقداً من المعاوضة غير المسماة، وهو ما جرى الفقه والقضاء على وصفه بأنه عقد تقديم معاونة أو مساهمة يلتزم بمقتضاه شخص بالمساهمة نقداً أو عيناً من نفقات مرفق عام أو مشروع ذي نفع عام، وهو بهذه المثابة لا يعتبر هبة مدنية فلا تجب له الرسمية، ولا يجوز الرجوع فيه، وذلك على الرغم مما قد يكون وارداً فيه من ألفاظ التبرع أو التنازل أو الهبة إذ أن هذه الألفاظ إنما تساق لبيان الباعث وراء هذا التصرف دون أن يؤثر بحال على كيان العقد وحقيقته سالفة البيان، إلا أنه لما كان مؤدى نص المادة التاسعة من القانون 114 لسنة 1946 بتنظيم الشهر العقاري - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن الملكية في المواد العقارية لا تنتقل - سواء بين المتعاقدين أو بالنسبة للغير - إلا بالتسجيل، وما لم يحصل هذا التسجيل تبقى الملكية على ذمة المتصرف، ولا يكون للمتصرف إليه في الفترة ما بين التعاقد إلى وقت التسجيل سوى مجرد أمل في الملكة دون أي حق فيها، لما كان ذلك وكان الثابت أن الطاعن لم يسجل عقده المؤرخ بتاريخ 8/ 1/ 1975 فلم تنتقل إليه ملكية أرض النزاع، ويكون الحكم المطعون فيه قد أصاب في قضائه برفض طلباته، ولا ينال من ذلك خطؤه في تكييف العقد باعتباره عقد هبة تجب الرسمية لانعقاده، إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ ورده إلى الأساس السديد دون نقض الحكم، ويكون النعي عليه بهذا السبب غير منتج، ويتعين رفض الطعن.