أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 11 - صـ 89

جلسة 28 من يناير سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحسن العباس، ومحمود القاضي المستشارين.

(13)
الطعن رقم 358 لسنة 23 القضائية

( أ ) عمل "التحكيم في منازعات العمل" "ميعاد الفصل في النزاع".
وضع الم 15 من المر بق 318/ 1952 لقاعدة تنظيمية للحث على سرعة الفصل في النزاع. خلو المر بق من النص على جزاء البطلان. الإخلال بالقاعدة لا يترتب عليه بطلان القرار الذي يصدر من هيئة التحكيم بعد مدة الشهر.
(ب) عمل "التحكيم في منازعات العمل" "تشكيل هيئة التحكيم" "المندوبان المحلفان".
الم 11، 16/ 2 من المر بق 318/ 1952 مؤداهما أن انعقاد الهيئة يقع صحيحاً إذا لم يحضره المندوبان المحلفان أو أحدهما وأن الهيئة لا يجب عليها قانوناً أن تثبت في قرارها رأيهما إلا إذا كان مخالفاً للرأي الذي انتهت إليه.
(ج) عمل "التحكيم في منازعات العمل" "تشكيل هيئة التحكيم" "مندوباً مصلحة العمل والصناعة" "حلف اليمين".
الم 14 من المر بق 318/ 1952 تشترط أن يحلف المنذر بين اليمين. عدم تقديم الدليل على أنهما باشرا عملهما دون حلف اليمين. النعي بالبطلان لخلو القرار ومحاضر الجلسات مما يدل على أنهما قد أدياها. عار عن الدليل.
1 - المادة 15 من المرسوم بقانون رقم 318 سنة 1952 التي أوجبت على هيئة التحكيم الفصل في النزاع في مدة لا تزيد على شهر من بدء نظره إنما وضعت قاعدة تنظيمية للحث على سرعة الفصل في النزاع، وقد خلا المرسوم بقانون 318 لسنة 1952 من النص على البطلان جزاء على مخالفة أحكام المادة 15 سالفة الذكر، ومن ثم فليس من شأن الإخلال بهذه القاعدة - على ما جرى به قضاء محكمة النقض - أن يلحق البطلان القرار الذي يصدر من الهيئة بعد مدة الشهر.
2 - تنص المادة 11 من المرسوم بقانون رقم 318 لسنة 1952 على أن يحضر أمام هيئة التحكيم مندوبان أحدهما عن الغرفة الصناعية أو عن صاحب العمل والآخر عن النقابة أو عن العمال، وأنه على طرفي النزاع إحضار المندوبين في يوم الجلسة، ولا يكون للمندوبين رأي في المداولات وأنه إذا "تغيب المندوبان أو أحدهما صح انعقاد الجلسة بدونهما أو بمن حضر منهما إذا رأت الهيئة ذلك"، كما تنص المادة 16/ 2 من ذلك القانون على أنه "يجب على الهيئة قبل المداولة وإصدار قرارها أخذ رأي كل من المندوبين المذكورين الحاضرين أو رأي من يحضر منهما، فإذا صدر قرار الهيئة على خلاف رأي المندوبين أو أحدهما وجب إثبات رأي المخالف في القرار مع بيان أسباب عدم الأخذ به".
ومؤدى هذه النصوص أن انعقاد الهيئة يقع صحيحاً إذا لم يحضره المندوبان المذكوران أو أحدهما، وأن الهيئة لا يجب عليها قانوناً أن تثبت في قرارها رأي هذين المندوبين أو أحدهما إلا إذا كان مخالفاً للرأي الذي انتهت إليه، فإذ كانت النقابة الطاعنة لم تدع أن هذين المندوبين أو أحدهما قد أبدى رأياً مخالفاً لما انتهت إليه هيئة التحكيم فإن النعي على القرار المطعون فيه أنه قد خلا من بيان أن الهيئة التي أصدرته قد راعت ما أوجبته المادة 16/ 2 من ذلك القانون يكون غير منتج.
3 - إذا كانت الطاعنة لم تقدم ما يدل على أن المندوبين قد باشرا عملهما دون حلف اليمين المبينة في المادة 14 من المرسوم بقانون 318 سنة 1952 فإن نعيها على القرار المطعون فيه بالبطلان - لأنه ليس فيه ولا في محاضر جلسات هيئة التحكيم ما يدل على أن مندوبي مصلحة العمل والصناعة قد أديا اليمين المبينة بالمادة 14 سالفة الذكر - يكون عارياً عن الدليل.


المحكمة

وحيث إن وقائع النزاع - حسبما يبين من القرار المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن نقابة عمال الشركة المتحدة المصرية للنقل بالنيل قدمت شكوى إلى مكتب العمل تضمنت عشر مطالب ولم يستطع مكتب العمل أن يفض النزاع إلا في مطلب واحد فأحال الشكوى على لجنة التوفيق وأمامها تنازل ممثل العمال عن مطلب آخر، ولما لم يفض النزاع في الطلبات الأخرى أحيل الأمر على هيئة التحكيم بمحكمة استئناف القاهرة. وقد استعرضت الهيئة هذه الطلبات وأصدرت قرارها في 15 من أكتوبر سنة 1953 أولاً: باعتبار المطلب الخاص بمساواة المصريين بالأجانب غير ذي موضوع. ثانياً: برفض ما عدا ذلك من الطلبات. ولما لم تقبل نقابة العمال هذا القرار طعنت فيه بطريق النقض بتقرير في 12 من نوفمبر سنة 1953 - وقد دفعت الشركة المطعون عليها هي والنيابة العامة بعدم جواز الطعن بالنقض في القرارات الصادرة من هيئات التحكيم لأنها هيئات إدارية ولأن الطعن بالنقض لا يرد إلا على الأحكام الصادرة من محاكم الاستئناف - وقد عرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 3 من أكتوبر سنة 1956 وأصر الحاضر عن النقابة على ما جاء بتقرير الطعن. كما أصرت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها. وأصدرت دائرة الفحص قرارها بإحالة الطعن إلى الدائرة المدنية لنظره بجلسة 22 من نوفمبر سنة 1956. وفي تلك الجلسة أصدرت هذه المحكمة قرارها بضم الدفع إلى الموضوع وأجلت نظر الطعن لجلسة 31 من يناير سنة 1957 حتى تبدي النيابة رأيها في موضوعه. وبعد أن قدمت النيابة رأيها في موضوع الطعن برفضه أصدرت هذه المحكمة قرارها بجلسة 31 من يناير سنة 1957 باستبعاد الطعن حتى تسدد الرسوم المستحقة. وقد سددت هذه الرسوم في 26 من أكتوبر سنة 1958 وأعيد نظر الطعن أخيراً بجلسة 14 من يناير سنة 1960 وفيها أصر الطرفان على طلباتهما. وطلبت النيابة العامة رفض الطعن.
وحيث إن الدفع بعدم جواز الطعن أصبح غير ذي موضوع بعد صدور القانون رقم 8 لسنة 1957 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون رقم 318 لسنة 1952 إذ نصت المادة الثالثة من ذلك القانون "على أنه على محكمة القضاء الإداري أن تحيل بدون رسوم إلى محكمة النقض الطعون التي رفعت إليها عن قرارات هيئات التحكيم وذلك بالحالة التي تكون عليها، وتفصل محكمة النقض في تلك الطعون، وكذلك في الطعون التي رفعت إليها قبل العمل بأحكام هذا القانون" - ومؤدى هذا النص أن هذه المحكمة تختص بالفصل في الطعون التي رفعت إليها عن قرارات هيئات التحكيم قبل العمل بهذا القانون - ومن ثم يكون هذا الدفع متعين الرفض.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب يتحصل أولها في النعي على القرار المطعون فيه بالبطلان. ذلك لأن القرار المطعون فيه ومحاضر جلسات هيئة التحكيم ليس فيها ما يدل على أن مندوبي مصلحة العمل والصناعة قد أديا اليمين المبينة بالمادة 14 من القانون رقم 318 لسنة 1952 وعدم حلف العضوين المذكورين من شأنه أن يبطل القرار المطعون فيه - ويتحصل السبب الثاني: في أن هيئة التحكيم التي أصدرت القرار المطعون فيه قد فصلت في النزاع موضوع الخصومة بعد مضي أكثر من شهر على بدء نظره بمعرفتها مخالفة في ذلك نص المادة 15 من القانون المذكور مع أن القاعدة التي أوردتها هذه المادة من النظام العام شأنها في ذلك شأن كل التنظيمات الخاصة بالعمال ولأن المقصود بها سرعة حسم المنازعات من العمال وأصحاب العمل مراعاة للصالح العام. فإذا أهدرت هذه القاعدة فإن الهيئة تفقد ولايتها في نظر النزاع. وقد كانت أول جلسة لنظر النزاع هي جلسة 17 من يونيه سنة 1953 وصدر القرار المطعون فيه بتاريخ 15 من أكتوبر سنة 1953 وبذلك استغرق نظر النزاع أربعة أشهر على خلاف القانون وهو ما يجعل الحكم باطلاً. ويتحصل السبب الثالث: في أن القرار المطعون فيه قد خلا من بيان أن الهيئة التي أصدرته قد راعت ما أوجبته المادة 16/ 2 من القانون والتي تقضي بوجوب أخذ رأي المندوبين المشار إليها في المادة 11 إذا كانا حاضرين أو رأى من يحضر منهما بوجوب إثبات رأيهما أو رأى أحدهما إذا كان مخالفاً لما انتهت إليه الهيئة. ولا يبين من القرار المطعون فيه أية إشارة إلى أسماء هذين المحلفين أو رأيهما والرد عليه وقد ترتب على إغفال هذا الإجراء الجوهري بطلان الحكم.
وحيث إن هذا النعي مردود في جميع أسبابه - أولاً: لأن الطاعنة لم تقدم ما يدل على أن المندوبين قد باشرا عملهما دون حلف اليمين المبينة في المادة 14 من المرسوم بقانون 318 سنة 1952 ولذلك يكون النعي بما ورد في السبب الأول عارياً عن الدليل - ثانياً: لأن المادة 15 من القانون التي أوجبت على هيئة التحكيم الفصل في النزاع في مدة لا تزيد على شهر من بدء نظره إنما وضعت قاعدة تنظيمية للحث على سرعة الفصل في النزاع، وقد خلا المرسوم بقانون 318 سنة 1952 من النص على البطلان جزاء على مخالفة أحكام المادة 15 سالفة الذكر، وليس من شأن الإخلال بهذه القاعدة على ما جرى به قضاء هذه المحكمة أن يلحق البطلان القرار الذي يصدر من الهيئة بعد مدة الشهر - ثالثاً: لأن المادة 11 من المرسوم بقانون 318 سنة 1952 نصت على أنه يحضر أمام هيئة التحكيم مندوبان أحدهما عن الغرفة الصناعية أو عن صاحب العمل والآخر عن النقابة أو عن العمال، وأنه على طرفي النزاع إحضار المندوبين في يوم الجلسة ولا يكون للمندوبين رأي في المداولات. وأنه إذا "تغيب المندوبان أو أحدهما صح انعقاد الجلسة بدونهما أو بمن حضر منهما إذا رأت الهيئة ذلك". كما نصت المادة 16/ 2 من ذلك القانون على أنه "يجب على الهيئة قبل المداولة وإصدار قرارها أخذ رأي كل من المندوبين المذكورين الحاضرين أو رأي من يحضر منهما. فإذا صدر قرار الهيئة على خلاف رأي المندوبين أو أحدهما وجب إثبات رأي المخالف في القرار مع بيان أسباب عدم الأخذ به" - ومؤدى هذه النصوص أن انعقاد الهيئة يقع صحيحاً إذا لم يحضره المندوبان المذكوران أو أحدهما. وأن الهيئة لا يجب عليها قانوناً أن تثبت في قرارها رأي هذين المندوبين أو أحدهما إلا إذا كان مخالفاً للرأي الذي انتهت إليه - ولما كانت النقابة الطاعنة لم تدع أن هذين المندوبين أو أحدهما قد أبدى رأياً مخالفاً لما انتهت إليه هيئة التحكيم، فإن النعي على القرار المطعون فيه بما ورد في السبب الثالث يكون غير منتج.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.