أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 744

جلسة 14 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد محمود راسم نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ حسين علي حسين، ريمون فهيم نائبي رئيس المحكمة، عزت عمران ومحمد إسماعيل غزالي.

(124)
الطعنان رقما 190، 191 لسنة 55 القضائية

(1) إثبات "القرائن". حكم "عيوب التدليل".
القرينة. ماهيتها. استنباطها من واقعة محتملة أو غير ثابتة بيقين. خطأ.
(2) محكمة الموضوع "سلطتها في فهم الواقع". إيجار "عقد الإيجار".
استخلاص نية المتعاقدين على إبرام عقد الإيجار وتحصيل فهم الواقع في الدعوى مما تستقل به محكمة الموضوع. شرطه. أن تقيم قضاءها على أسباب سائغة.
(3) حكم "تسبيب الحكم: ما يعد قصوراً".
إغفال الرد على دفاع جوهري. قصور.
1 - من المقرر - في قضاء هذه المحكمة أن القرينة هي استنباط أمر مجهول من واقعة ثابتة معلومة بحيث إذا كانت هذه الواقعة محتملة وغير ثابتة بيقين فإنها لا تصلح مصدراً للاستنباط.
2 - لئن كان استخلاص نية المتعاقدين على إبرام عقد إيجار وتحصيل فهم الواقع في الدعوى هو مما تستقل به محكمة الموضوع إلا أن شرط ذلك أن تكون قد أقامت في قضاءها على أسباب سائغة ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها.
3 - لما كان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على دفاع جوهري قد يتغير به - إن صح - وجه الرأي في الدعوى، وإذ كانت المحكمة قد التفتت عنه ولم تتناوله في أسبابها لتقول كلمتها فيه فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعنين استوفيا أوضاعهما الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنات في الطعن رقم 190 لسنة 55 ق أقمن على المطعون ضده........ الدعوى رقم 9234 لسنة 1979 أمام محكمة جنوب القاهرة الابتدائية طالبين الحكم بتمكينهن من الدكان محل النزاع، وقلن شرحاً لدعواهن أن مورثهن المرحوم........ كان يستأجر الدكان المذكور لاستعماله في تصليح الساعات وبعد وفاته في 3/ 11/ 1965 عهدن إلى المطعون ضده بإدارة ذلك المحل وإذ استولى عليه واستأثر به فقد أقمن الدعوى وبتاريخ 29/ 5/ 1980 ندبت المحكمة خبيراً لبيان محتويات المحل وشاغله وسنده في ذلك، وبعد أن قدم الخبير تقريره حكمت بتاريخ 15/ 10/ 1981 بتمكين المدعيات من العين محل النزاع، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 6299 لسنة 98 ق القاهرة وبتاريخ 21/ 11/ 1984 قضت المحكمة بتعديل الحكم المستأنف إلى تمكين الطاعنات من عين النزاع فيما عدا الجزء المؤجر للمطعون ضده. طعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض وقيد طعنهن برقم 190 لسنة 55 ق، كما طعن فيه المطعون ضده وقيد طعنه برقم 191 لسنة 55 ق وقدمت النيابة مذكرتين في الطعنين أبدت فيهما الرأي برفضهما، وإذ عرض الطعنان على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنهما جديران بالنظر وحددت جلسة لنظرهما وفيها أمرت المحكمة بضم الطعن الثاني إلى الطعن الأول ليصدر فيهما حكم واحد، كما التزمت النيابة رأيها.
أولاً بالنسبة للطعن رقم 190 لسنة 55 ق:
حيث إن مما تنعاه الطاعنات على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال وفي بيان ذلك تقلن إن الحكم خلص إلى وجود علاقة إيجاريه بين مورثهن والمطعون ضده عن جزء من عين النزاع دون أي دليل يفيد قيام هذه العلاقة، واستند إلى شهادة صادرة مأمورية الضرائب بمحاسبة مورثهن عن إيراده من هذا الجزء، رغم أن هذه الشهادة مبناها خطاب منسوب صدوره للمورث المذكور جحدته الطاعنات ولنفعن بإنكار توقيع مورثهن عليه الأمر الذي يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد بما هو مقرر في قضاء هذه المحكمة من أن القرينة هي - استنباط أمر مجهول من واقعة ثابتة معلومة بحيث إذا كانت هذه الواقعة - محتملة وغير ثابتة بيقين فإنها لا تصلح مصدراً للاستنباط وأنه ولئن كان استخلاص نية المتعاقدين على إبرام عقد إيجار وتحصيل فهم الواقع في الدعوى هو مما تستقل به محكمة الموضوع إلا أن شرط ذلك أن تكون قد أقامت في قضاءها على أسباب سائغة ومؤدية إلى النتيجة التي انتهت إليها لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خلص إلى أن المطعون ضده قد أستأجر من الباطن من مورث الطاعنات جزءاً من محل النزاع وذلك استناداً إلى الشهادة الصادرة من مأمورية الضرائب المختصة المؤرخة 22/ 11/ 1983 والثابت بها محاسبة المورث عن أرباحه مضافاً إليها إيراد "القرينة" المؤجرة للمطعون ضده بمبلغ 36 جنيه وذلك عن الفترة من منتصف سنة 1961 حتى 3/ 11/ 1965 وأنه كان يباشر نشاطاً بعين النزاع منذ 1/ 4/ 1961، وإذ كانت تلك الشهادة لا تفيد بذاتها بطريق - اللزوم أن هناك علاقة إيجاريه مستوفاة لأركانها القانونية بين المطعون ضده ومورث الطاعنات وكان الحكم لم يورد ماهية - الوقائع التي اعتبرها كاشفة عن اتجاه إرادة الطرفين إلى إبرام عقد إيجار، كما أن كون المطعون ضده يباشر نشاطاً بالمحل يحاسب عن أرباحه أمام مصلحة الضرائب، لا يؤدي عقلاً إلى ثبوت علاقة إيجاريه بينه وبين المستأجر الأصلي للمحل، ومن ثم فإن الحكم يكون قد شابه الفساد في الاستدلال بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
ثانياً: بالنسبة للطعن رقم 191 لسنة 55 ق:
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الإخلال بحق الدفاع وفي بيان ذلك يقول أنه تمسك أمام محكمة الموضوع بأنه المستأجر الحقيقي لعين النزاع بأكملها منذ وفاة مورث المطعون ضدهن في سنة 1965 وقدم المستندات الدالة على ذلك إلا أن الحكم أغفل الرد على دفاعه رغم أنه دفاع جوهري يتغير به وجه الرأي في الدعوى الأمر الذي يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن البين من الأوراق أن الطاعن سبق له التمسك أمام محكمة الموضوع بأنه منذ وفاة المستأجر الأصلي في 3/ 11/ 1965 تركت المطعون ضدهن عين النزاع وانقطعت علاقتهن بها وأصبح هو المستأجر وحده لكامل المحل بعد أن كان مستأجراً لجزء منه في حياة المورث واستدل على ذلك بأوراق قدمها إلى المحكمة وعقد إيجار مؤرخ 1/ 12/ 1978 يفيد استئثاره مع آخر العين محل النزاع من الحارس القضائي على العقار، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على هذا الدفاع رغم أنه دفاع جوهري قد يتغير به إن صح - وجه الرأي في الدعوى، وإذ كانت المحكمة قد التفتت عنه ولم تتناوله في أسبابها لتقول كلمتها فيه فإن حكمها يكون مشوباً بالقصور في هذا الخصوص بما يبطله ويوجب نقضه أيضاً لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.