أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 767

جلسة 15 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد نائبي رئيس المحكمة، محمد خيري الجندي ومحمد شهاوي.

(128)
الطعن رقم 1221 لسنة 58 القضائية

(1، 2) دعوى. شفعة. قانون "سريان القانون من حيث الزمان".
(1) دعوى الشفعة. اعتبارها مرفوعة بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة. م 63 مرافعات. لا محل لإعمال أحكام قانون المرافعات السابق الساري وقت صدور القانون المدني. علة ذلك.
(2) ميعاد الثلاثين يوماً المقررة لرفع دعوى الشفعة. بدء سريانه من تمام إعلان البائع والمشتري بالرغبة في الأخذ بالشفعة. إعلان أحدهما قبل الأخر. مؤداه. الاعتداد بتاريخ الإعلان الأخير.
(3) حكم "تسبيب الحكم: عيوب التدليل: التناقض".
التناقض الذي يفسد الحكم. ماهيته. ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى ما يمكن حمل الحكم عليه أو يفهم على أساس قضى في منطوقه.
(4) عقد "عقد البيع". شفعة.
عقد البيع الذي يتولد منه حق الشفيع في طلب الشفعة. لا يجوز للمشتري أن يتحدى به سنداً لملكيته في مواجهة الشفيع ولو سجل.
(5) خبرة. محكمة الموضوع.
تقرير الخبير. لمحكمة الموضوع الأخذ به كله أو ببعض ما جاء به. علة ذلك.
(6) بيع. شفعة "إيداع الثمن".
الثمن الحقيقي. استقلال محكمة الموضوع باستخلاصه متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة. استخلاص أن الثمن الوارد بالعقد المسجل هو الثمن الحقيقي وليس الثمن المدعي بالعقد الابتدائي الذي يزيد عليه لعدم قيام الدليل على ذلك. سائغ.
1 - الأصل أن ترفع الدعوى بالطريق المحدد في قانون المرافعات الساري وقت رفعها ولما كانت المادة 63 من قانون المرافعات الحالي تقضي بأن ترفع الدعوى بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك، وكان القانون لم يستثن دعوى الشفعة من الطريق العادي لرفع لدعاوى، وكانت المادة 943 من القانون المدني قد اكتفت بالنص على رفع دعوى الشفعة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة دون أن تحيل صراحة إلى قواعد رفع الدعوى التي كان معمولاً بها وقت صدور القانون المدني أو ترسم طريقاً معيناً لرفعها فينبني على ذلك أن دعوى الشفعة تعتبر مرفوعة من تاريخ إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة وفق قانون المرافعات الحالي المنطبق على واقعة الدعوى.
2 - ميعاد الثلاثين يوماً المقرر لرفع دعوى الشفعة على البائع والمشتري إنما يبدأ سريانه من وقت تمام إعلان كليهما بالرغبة في الأخذ بالشفعة، فإذا أعلن أحدهما قبل الأخر فالعبرة بالإعلان الأخير.
3 - التناقض الذي يفسد الحكم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة هو ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضى الحكم بما قضى به في منطوقه.
4 - البين أن الحكم المطعون فيه قد قضى بأحقية المطعون ضده الأول في الشفعة معتمداً في قضاءه على ما ثبت لديه من أنه شريك على الشيوع مع البائعة للقدر المشفوع فيه، ورفض ما تمسك به الطاعن من أنه يشارك المطعون ضده الأول في الملكية الشائعة للأرض التي يقع فيها هذا القدر تعلقاً بما أسبغه عليه الخبير خطأ من وصف الشريك المشتاع في هذه الأرض استناداً لشرائه القدر المذكور بموجب العقد محل الشفعة، وهذا النظر من الحكم سديد ذلك بأنه متى كان عقد البيع ذاته هو الذي يتولد منه حق الشفيع في طلب الشفعة بمجرد تمام انعقاد البيع على العين المشفوعة، فلا يجوز للمشتري أن يتحدي بنفس العقد سنداً لملكيته لهذه العين في مواجهة الشفيع ولو سجل.
5 - لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية أن تأخذ بتقرير الخبير كله أو ببعض ما جاء به وتطرح بعضه لأنها غير مقيدة بآراء أهل الخبرة إذ هي لا تقضي إلا على ما تطمئن إليه دون أن يشوب حكمها في ذلك أي تناقض، فلا على الحكم المطعون فيه إن هو قضى للمطعون ضده الأول بحقه في الشفعة أخذاً بما اقتنع به من تقرير الخبير في هذا الصدد وأطرح ما تضمنه من إسباغ وصف الشريك المشتاع في أرض النزاع خطأ على الطاعن، للأسباب السائغة التي ساقها الحكم.
6 - استخلاص الثمن الحقيقي من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
ولما كانت محكمة الاستئناف قد عهدت إلى الخبير المنتدب لبحث النزاع بيان الثمن الحقيقي للأرض المشفوع فيها ومدى مطابقتها للثمن المسمى بعقد البيع المسجل رقم........ فانتهى الخبير من بحثه إلى أن ثمنها الحقيقي يبلغ 3000 جنيه استناداً لما هو ثابت بعقد البيع المسجل آنف البيان وأشار في تقريره إلى أن الطاعن ادعى بأن الثمن الحقيقي يبلغ 4868.750 جنيهاً حسبما اتفق الطرفان في عقد البيع الابتدائي دون أن يقدم دليلاً على ذلك سوى العقد المسجل، وكان الحكم المطعون فيه قد صدق على ما انتهى إليه الخبير في تقريره بخصوص الثمن الحقيقي للأرض المشفوع فيها، لما كان ذلك وكانت أوراق الدعوى تدخلت مما يفيد صحة ما يدعيه الطاعن من تقديمه للمحكمة العقد الابتدائي لأرض النزاع استدلالاً على أن ثمنها الحقيقي بما يزيد عن الثمن المثبت بالعقد المسجل، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بأسبابه سالفة البيان سائغاً ويكفي لحمل ما خلص إليه من أن الثمن الحقيقي الذي حصل به بيع تلك الأرض هو 3000 جنيه، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الطاعن والمطعون ضدها الثانية الدعوى رقم 398 لسنة 1984 مدني السويس الابتدائية بطلب الحكم بأحقيته في أخذ قطعة الأرض المبينة بالصحيفة بالشفعة لقاء ثمن مقداره ثلاثة آلاف جنيه وملحقاته مع التسليم. وقال بياناً لذلك أن المطعون ضدها الثانية باعت إلى الطاعن حصة مقدارها 12 من 24 قيراطاً شائعة في مساحة 82.90 متراً من تلك الأرض مقابل ذلك الثمن، وباعتباره شريكاً على الشيوع مع البائعة بحصة مقدارها 6 من 24 قيراطاً في الأرض المذكورة فيحق له أخذ القدر المبيع بالشفعة وقد أودع ذلك الثمن وملحقاته البالغة 128 جنيهاً خزانة المحكمة الابتدائية وأعلن رغبته في الأخذ بالشفة في 12، 20 من مارس سنة 1984 وأقام هذه الدعوى ليحكم بطلباته. بتاريخ 22 من يناير سنة 1985 حكمت المحكمة بعدم قبول الدعوى لعدم تقديم الشفيع ما يدل على إيداع الثمن الحقيقي. استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسماعيلية - مأمورية السويس بالاستئناف رقم 36 لسنة 8 قضائية، وأضاف أمامها إلى طلباته الأصلية في الدعوى طلب إزالة المنشآت التي أقامها الطاعن في أرض النزاع، وأبدى الأخير دفعيين بسقوط الحق في الشفعة لانقضاء أربعة أشهر على تسجيل عقد بيع الأرض المشفوع فيها قبل اتخاذ إجراءات الشفعة، كذلك لانقضاء ثلاثين يوماً على إعلانه بصحيفة - الدعوى منذ تاريخ إعلانه بإنذار الرغبة في الأخذ بالشفعة. ندبت المحكمة خبيراً وبعد أن قدم تقريره حكمت بتاريخ 16 من يناير سنة 1988 بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض دفعي الطاعن بسقوط الحق في الشفعة، وبإجابة المطعون ضده الأول إلى طلب أحقيته في أخذ أرض النزاع بالشفعة لقاء الثمن المودع وملحقاته، وبعدم قبول طلبه وإزالة المنشآت، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بأولهما على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول أن الثابت أن المطعون ضده الأول قد أعلنه بإنذار رغبته في الأخذ بالشفعة بتاريخ 12 من مارس سنة 1984 بينما لم يتم إعلانه والمطعون ضدها الثانية البائعة له بصحيفة الدعوى إلا في 17 و26 من إبريل سنة 1984 لذا فإن حق الشفعة يكون قد سقط بمضي ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الشفيع إنذار الرغبة في الأخذ بالشفعة قبل رفع دعواه طبقاً للمادة 943 من القانون المدني مما كان يوجب على المحكمة أن تقضي بسقوط الحق في الشفعة، وإذ انتهى الحكم المطعون فيه إلى غير ذلك فإنه يكون معيباً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن الأصل أن ترفع الدعوى بالطريق المحدد في قانون المرافعات الساري وقت رفعها، ولما كانت المادة 63 من قانون المرافعات الحالي تقضي بأن ترفع الدعوى بصحيفة تودع قلم كتاب المحكمة ما لم ينص القانون على غير ذلك، وكان القانون لم يستثن دعوى الشفعة من الطريق العادي لرفع لدعاوى، وكانت المادة 943 من القانون المدني قد اكتفت بالنص على رفع دعوى الشفعة خلال ثلاثين يوماً من تاريخ إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة دون أن تحيل صراحة إلى قواعد رفع الدعوى التي كان معمولاً بها وقت صدور القانون المدني أو ترسم طريقاً معيناً لرفعها فينبني على ذلك أن دعوى الشفعة تعتبر مرفوعة من تاريخ إيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة وفق قانون المرافعات الحالي المنطبق على واقعة الدعوى. إذ كان ذلك وكان ميعاد الثلاثين يوماً المقرر لرفع دعوى الشفعة على البائع والمشتري إنما يبدأ سريانه من وقت تمام إعلان كليهما بالرغبة في الأخذ بالشفعة، فإذا أعلن أحدهما قبل الأخر فالعبرة بالإعلان الأخير، وكان المطعون ضده الأول قد أعلن الطاعن والمطعون ضدها الثانية البائعة له برغبته في الأخذ بالشفعة في 12، 20 من مارس سنة 1984 وأودع صحيفة الدعوى في 11 من إبريل سنة 1984 فإنها تكون قد رفعت في الميعاد المحدد بالمادة 943 السالفة الذكر. وإذ خلص الحكم المطعون فيه إلى ذلك سديداً فمن ثم يكون النعي عليه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه التناقض والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أنه استند في قضائه إلى تقرير الخبير المنتدب في ذات الوقت الذي عاب فيه الحكم على الخبير قوله في تقريره بأن الطاعن يمتلك العقار المبني المجاور للأرض المشفوع فيها مستدلاً على خطئه بأن عقد البيع محل دعوى الشفعة هو بذاته مصدر ملكية الطاعن لذلك العقار، فتناقضت بذلك أسباب الحكم فضلاً عن أن ما أخذه على تقرير الخبير في هذا الصدد غير سديد إذ الثابت من تقرير ومحاضر أعماله أن الطاعن يمتلك منزلاً مكوناً من خمسة طوابق بالمنطقة رقم (5) مكرراً بشارع يجاور الأرض المشفوع فيها من الجهة البحرية وقد آلت إليه ملكيته بموجب العقد المسجل رقم 142 لسنة 1979 السويس بيد أن أرض النزاع تقع في قطعة أخرى بنفس الشارع وأن تصرف المطعون ضدها الثانية ببيعها إليه قد تم بموجب العقد محل النزاع المسجل رقم 610 لسنة 1983 السويس، وليس بموجب العقد السابق، وفي ذلك ما يعيب الحكم المطعون فيه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك بأن التناقض الذي يفسد الحكم وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هو ما تتماحى به الأسباب بحيث لا يبقى بعدها ما يمكن حمل الحكم عليه، أو ما يكون واقعاً في أسبابه بحيث لا يمكن معه أن يفهم على أي أساس قضى الحكم بما قضى به في منطوقه. ولما كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه سجل أن الطاعن تمسك في دفاعه بعدم أحقية المطعون ضده الأول في مزاحمته في الشفعة لأنه يشارك الأخير في الملكية الشائعة للأرض التي تشمل القدر المشفوع فيه حسبما أشار إلى ذلك الخبير المنتدب في تقريره من أنه يمتلك فيها بموجب عقد البيع المسجل رقم 610 لسنة 1983 - السويس حصة شائعة مقدارها 12 من 24 قيراطاً، وكان الحكم قد أفصح في أسبابه عن اعتماده في قضائه بأحقية المطعون ضده الأول في أخذ ذلك القدر بالشفعة على ما تضمنه تقرير الخبير من أن الأخير شريك على الشيوع مع البائعة للطاعن بحصة مقدارها 6 من 24 قيراطاً في تلك الأرض، وواجه الطاعن آنف البيان بقوله "وأنه عن الرغم بأن المستأنف ضده الأول شريك على الشيوع في الأرض الكائن بها القدر موضوع النزاع حسبما جاء بتقرير الخبير فمردود إذ أن قول الخبير في هذا الصدد ينصرف للقدر المطلوب أخذه بالشفعة والمباع من المستأنف ضدها الثانية للمستأنف ضده الأول بالعقد المشهر رقم 610 في 23/ 11/ 1983، وأن واقع الحال أن المستأنف ضده الأول مالك للقطعة رقم "5 أ" المجاورة لأرض النزاع ولا شك أن المستأنف باعتباره شريكاً على الشيوع يتقدم المستأنف ضده الأول كجار مالك حسبما هو منصوص عليه بالمادتين 936، 937/ 3 من القانون المدني........ ومفاد ذلك أن الحكم المطعون فيه قد قضى بأحقية المطعون ضده الأول في الشفعة معتمداً في قضائه على ما ثبت لديه من أنه شريك على الشيوع مع البائعة للقدر المشفوع فيه، ورفض ما تمسك به الطاعن من أنه يشارك المطعون ضده الأول في الملكية الشائعة للأرض التي يقع فيها هذا القدر تعلقاً بما أسبقه عليه الخبير خطأ من وصف الشريك المشتاع في هذه الأرض استناداً لشرائه القدر المذكور بموجب العقد محل الشفعة، وهذا النظر من الحكم سديد ذلك بأنه متى كان عقد البيع ذاته هو الذي يتولد منه حق الشفيع في طلب الشفعة بمجرد تمام انعقاد البيع على العين المشفوعة، فلا يجوز للمشتري أن يتحدى بنفس العقد سنداً لملكيته لهذه العين في مواجهة الشفيع ولو سجل طالما كان حق الشفيع في الشفعة قائماً - ولم يسقط - لما كان ذلك وكان لمحكمة الموضوع في حدود سلطتها التقديرية أن تأخذ بتقرير الخبير كله أو ببعض ما جاء به وتطرح بعضه لأنها غير مقيدة بآراء أهل الخبرة إذ هي لا تقضي إلا على ما تطمئن إليه دون أن يشوب حكمها في ذلك أي تناقض، فلا على الحكم المطعون فيه - إن هو قضى للمطعون ضده الأول بحقه في الشفعة أخذاً بما اقتنع به من تقرير الخبير في هذا الصدد وأطرح ما تضمنه من إسباغ وصف الشريك المشتاع في أرض النزاع خطأ على الطاعن، للأسباب السائغة التي ساقها الحكم. لما كان ذلك وكان غير صحيح ما قال به الطاعن من خطأ الحكم المطعون فيه في بيان ملكيته للعقار المبني المجاور لأرض النزاع محل العقد المسجل رقم 142 لسنة 1979 السويس وخلطه بين هذا العقد وعقد البيع موضوع التداعي المسجل رقم 610 لسنة 1983 السويس إذ خلت أسباب الحكم مما يرشح لصحة هذا القول كما يتضح منها في مقام ردها استقلالاً على دفاع الطاعن بشأن ملكيته للعقار المجاور لتلك الأرض من الجهة البحرية. ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بهذا السبب على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول أنه استند في قضائه بأن الثمن الحقيقي للأرض المشفوع فيها مقداره 3000 جنيه إلى ما ورد بتقرير الخبير الذي اعتمد في بيانه على الثمن المثبت في عقد البيع المسجل، في حين أن الثمن المذكور بهذا العقد صوري إذ يقل عن الثمن الحقيقي الذي اتفق عليه الطرفان في عقد البيع الابتدائي الذي قدمه الطاعن لمحكمة أول درجة ومقداره - 4766.750 جنيهاً وإن ذكر في العقد النهائي بأقل من ذلك لاعتبارات خاصة مما كان يتعين معه على الشفيع إيداع هذا الثمن الحقيقي دون الثمن الصوري وإذ أغفل الحكم المطعون فيه ذلك مكتفياً بما جاء بتقرير الخبير فإنه يكون معيباً.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن استخلاص الثمن الحقيقي من مسائل الواقع التي تستقل بها محكمة الموضوع متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة، ولما كانت محكمة الاستئناف قد عهدت إلى الخبير المنتدب لبحث النزاع بيان الثمن الحقيقي للأرض المشفوع فيها ومدى مطابقته للثمن المسمى بعقد البيع المسجل رقم 610 لسنة 1983 السويس، فانتهى الخبير من بحثه إلى أن ثمنها الحقيقي يبلغ 300 جنيه استناداً لما هو ثابت بعقد البيع المسجل آنف البيان وأشار في تقريره إلى أن الطاعن ادعى بأن الثمن الحقيقي يبلغ 4868.750 جنيهاً حسبما اتفق الطرفان في عقد البيع الابتدائي دون أن يقدم دليلاً على ذلك سوى العقد المسجل، وكان الحكم المطعون فيه قد صدق على ما انتهى إليه الخبير في تقريره بخصوص الثمن الحقيقي للأرض المشفوع فيها بقوله "وإذ لم يظهر من الأوراق أن المستأنف - المطعون ضده الأول - يعلم بأن الثمن الحقيقي هو خلاف أو أكثر مما تدون بالعقد المسجل ومن ثم فلا يحتج عليه إلا بالثمن الوارد بهذا العقد الأخير لا سيما وأن المستأنف ضده الأول - الطاعن - لم يقدم ما يدل على أن الثمن الحقيقي يزيد على ذلك الثمن المسمى بالعقد المذكور.....". لما كان ذلك وكانت أوراق الدعوى قد خلت مما يفيد صحة ما يدعيه الطاعن من تقديمه للمحكمة العقد الابتدائي لأرض النزاع استدلالاً على أن ثمنها الحقيقي بما يزيد عن الثمن المثبت بالعقد المسجل، وكان ما أورده الحكم المطعون فيه بأسبابه سالفة البيان سائغاً ويكفي لحمل ما خلص إليه من أن الثمن الحقيقي الذي حصل به بيع تلك الأرض هو 3000 جنيه، فإن النعي عليه بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.