أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 11 - صـ 220

جلسة 17 من مارس سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحسن العباس، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

(38)
الطعن رقم 244 لسنة 25 القضائية

( أ ) نقض "أسباب الطعن" "ما يعتبر سبباً جديداً". صيدليات.
النعي على الحكم أنه خالف قانون الصيدليات رقم 5/ 41 إذ قضى بإعادة الصيدلية ومخزن الأدوية إلى المطعون عليه مقابل رد الثمن للطاعن لأن هذا القانون لا يخطر على غير الصيدلي اقتناء مخازن الأدوية. غير مقبول أمام محكمة النقض إذا لم يثبت سبق إثارته أمام محكمة الموضوع.
(ب) بيع "اشتباه البيع بعقود أخرى". شركات. بطلان "آثار الحكم به".
تكييف الحكم للعقد على أساس أنه وإن وصف في ظاهره بأنه عقد شركة، إلا أنه في حقيقته عقد بيع والقضاء ببطلانه، لم يكن هذا محل نعي من الطاعن. لا محل للنعي عليه فما رتبه على ذلك من آثار البطلان بإعادة المتعاقدين إلى حالتهما الأولى قبل التعاقد.
(ج) دعوى "نظر الدعوى أمام المحكمة" "الطلبات الأصلية والاحتياطية".
ليس ثمة ما يقتضي بحث الطلب الاحتياطي طالما أن المحكمة قد أجابت الطلب الأصلي.
1 - النعي على الحكم المطعون فيه أنه إذ قضى بإعادة الصيدلية ومخزن الأدوية إلى المطعون عليه مقابل رد الثمن إلى الطاعن قد خالف قانون الصيدليات رقم 5 لسنة 1941، ذلك لأن هذا القانون لا يحظر على غير الصيدلي اقتناء مخازن الأدوية. يكون غير مقبول أمام محكمة النقض إذا لم يثبت سبق إثارة الطاعن له من قبل أمام محكمة الموضوع.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد قضى ببطلان العقد المبرم بين الطاعن والمطعون عليه على أساس أن هذا العقد وإن وصف في ظاهره بأنه عقد شركة إلا أنه في حقيقته وفي قصد المتعاقدين عقد بيع يعتبر باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام طبقاً لأحكام قانون الصيدليات رقم 5 لسنة 1941، وكان هذا التكييف الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه لم يكن محل نعي من الطاعن، فإنه لا محل للنعي على الحكم فيما رتبه من آثار على ذلك البطلان وهي إعادة الطرفين إلى حالتهما الأولى قبل التعاقد برد المبيع إلى البائع والثمن إلى المشتري.
3 - إذا كان المطعون عليه قد أقام دعواه الابتدائية وطلب فيها الحكم بصفة أصلية ببطلان عقد الشركة برمته واحتياطياً ببطلان ما تضمنه البند الثاني عشر من أحكام تتعلق بتنظيم التصفية وبالتصفية على أساس آخر، وكانت محكمة الاستئناف قد أجابت المطعون عليه إلى الطلب الأصلي فإنه لا يكون ثمة ما يقتضي بحث الطلب الاحتياطي.


المحكمة

وحيث إن وقائع النزاع - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه يملك صيدلية معروفة باسم اوتونون هوير بشارع شريف بالإسكندرية باعها إلى الطاعن في 4 من مارس سنة 1944 بثمن مقداره 8000 ج قبض منها ألفي جنيه بإيصال ثم 4000 ج، وقدم المشتري خطاب ضمان من بنك أثينا بباقي الثمن، ووضع الطاعن يده من ذلك التاريخ حتى 24 من مارس سنة 1944 حيث استبان المتعاقدان أن الصفقة لا يمكن إتمامها لمخالفتها لقانون الصيدليات رقم 5 سنة 1941 بسبب أن المشتري غير حائز لرخصة صيدلي قانوني، وللتحايل على هذا الخطر القانوني حرر الطرفان فيما بينهما عقداً وصفاه بأنه عقد شركة في 25 من مارس سنة 1944 وضع له تاريخ سابق هو 6 من مارس سنة 1944 وأثبت تاريخه في 13 من إبريل سنة 1944 تضمن تكوين شركة تضامن لمدة خمس سنوات تنتهي في 5 من مارس سنة 1949 برأس مال مقدراه 6500 جنيه منه 6000 جنيه من مال الطاعن والباقي 500 جنيه نصيب المطعون ضده في رأس المال وهو ما يقابل الصيدلية ومعداتها وملحقاتها على أن تكون الإدارة والتوقيع للشريكين معاً وتكون نسبة الأرباح والخسائر هي 75% للطاعن، و25% للمطعون عليه، ونص في البند الثاني عشر من عقد الشركة على أن تكون التصفية في نهاية المدة أو في حالة الحل لأي سبب آخر على أساس قسمة البضائع عيناً أو توزيع ثمنها عليهما، على أن تكون المعدات والأثاثات من نصيب الطاعن في مقابل ربع قيمتها الذاتية، أما التصريحات والرخص وحق التأجير فيتنازل عنها المطعون عليه لأي صيدلي قانوني يختاره الطاعن مقابل الثمن الذي يحدد والذي يكون من حقه وحده، فإن لم يتنازل المطعون عليه في الميعاد الذي يصير الاتفاق عليه فإنه يدفع مبلغ ألف جنيه تعويضاً للطاعن فضلاً عما يكون لهذا الأخير من حق في طلب تنفيذ هذا التنازل، وقد نشب الخلاف بين الطرفين ثم تصالحا بعقد مؤرخ 12 من فبراير سنة 1945 تضمن إسناد الإدارة إلى المطعون عليه مقابل أجر شهري 16 جنيهاً يدرج في باب المصروفات العامة على أن يودع الإيراد اليومي باسم الشركة في أحد البنوك والاحتفاظ بمبلغ 50 جنيه في خزانة المحل لمواجهة المصروفات، وما لبث الخلاف أن نشب بين الطرفين مرة أخرى ولكنهما توافقا على حسم منازعاتهما عن طريق التحكيم فحررا مشارطة في 17 من يوليه سنة 1948 شرط فيها اختصاص المحكمين بالفصل نهائياً في جميع المنازعات بشأن أي شرط من شروط عقدي 6 من مارس سنة 1944 و12 من فبراير سنة 1945 وفي المنازعات الخاصة بإدارة وحسابات الشركة وفي كل أعمال التنفيذ التي تلت هذين العقدين وفي كل إجراء تحفظي يتقدم به أي من الطرفين، وأصدر المحكمون قرارهم أولاً - بإبطال عقد 6 من مارس سنة 1944 لعدم شرعية الغرض الذي أنشئت الشركة من أجله ثانياً - تصفية الشركة على أساس تحصيل مالها قبل الغير ودفع ما عليها وبيع موجوداتها وعمل الحساب وتصفية ذمة كل من الشريكين قبل الآخر وإعادة حصة كل منهما إليه فيعطى الطاعن 6000 جنيه مضافاً إليها حصته في الأرباح أو مخصوماً منها حصته في الخسائر وتعطى الصيدلية بمشتملاتها إلى المطعون عليه بعد أداء ما في ذمته، ورفع الطاعن دعوى ببطلان هذا القرار فقضى نهائياً ببطلانه لعدم ولاية المحكمين للتصدي للعقد من ناحية صحته أو بطلانه ولو رخص لهما الطرفان بذلك، ولذلك لجأ المطعون عليه إلى القضاء فأقام الدعوى رقم 546 سنة 1949 تجاري كلي الإسكندرية على الطاعن طلب فيها الحكم له بإبطال عقد الشركة المؤرخ 6 من مارس سنة 1944 وعلى التخصيص ببطلان البند الثاني عشر الخاص بالتصفية وبتصفية الشركة وإعادة الحالة إلى ما كانت عليه قبل العقد برد كل حصة من رأس المال إلى صاحبها، واستند الطاعن في طلب الإبطال إلى أن العقد في نشأته باطل فهو صورة من صور التدليس بالقانون فضلاً عن كونه جاء مخلاً بالتكافؤ في الحقوق والالتزامات الذي تحتمه طبيعة الشركات، ورأت محكمة الإسكندرية الابتدائية أن عقد الشركة صحيح مكتمل الأركان وقد نص فيه على طريقة التصفية أو الحل ولا تشوبه الصورية التي لم يقدم المطعون عليه دليلاً كتابياً عليها وليس في غرضها ما يخالف النظام العام أو الآداب كما أن البند الثاني عشر من العقد لا يحوي شرط الأسد وليس فيه إخلال بالتكافؤ ولذلك أصدرت حكمها في 31 من ديسمبر سنة 1950 برفض طلب إبطال الشركة وإجابة طلب التصفية ورسمت طريقها على أساس العقد، استأنف المطعون عليه هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية طالباً تعديل الحكم المستأنف فيما قضى به من رفض طلب بطلان عقد الشركة على وجه أصلي وبطلان المادة 12 منه على وجه احتياطي والحكم في هذا الطلب بالبطلان وإجراء التصفية وتعيين مصف تكون مأموريته.....، وقيد الاستئناف برقم 34 سنة 7 ق، وقد استعرضت محكمة الاستئناف وقائع النزاع واستخلصت منها أن ما قصد إليه الطرفان بعقد الشركة إنما هو تنفيذ شروط عقد البيع بوسيلة تكفل لهما الهرب من أحكام قانون الصيدليات لان كلاً منهما ليس بصيدلي، وأن عقد الشركة في حقيقته عقد بيع وضع على هذه الصورة ليخفي قصدهما غير المشروع وهو التلاعب بنصوص قانون الصيدلة الذي يهدف إلى رعاية الصالح العام فيكون عقد الشركة باطلاً وكأنه لم يكن وتزول كل آثاره وتنعدم الالتزامات الناشئة عنه مما يستتبع رد المبيع إلى البائع الذي يلتزم بدوره برد ما قبضه من الثمن وهو 6000 جنيه فيعود كل شيء إلى أصله، وأصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 23 مارس سنة 1955 بإلغاء الحكم المستأنف وببطلان عقد البيع المؤرخ 6 مارس سنة 1944 الموصوف بأنه عقد شركة وبإعادة المتعاقدين للحالة التي كان عليها قبل تحريره وذلك بإعادة الصيدلية ومخزن الأدوية المبين بهذا الحكم للمستأنف (المطعون عليه) على أن يرد هذا للمستأنف عليه (الطاعن) مبلغ ستة آلاف من الجنيهات وجعلت المصاريف مناصفة بين الطرفين، وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وذلك بتقرير في قلم كتاب هذه المحكمة بتاريخ 21 مايو سنة 1955، وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 22 ديسمبر سنة 1959 وفيها حضر وكيل الطاعن وطلب إحالة الطعن على الدائرة المدنية والتجارية كما صممت النيابة العامة على رأيها المتضمن نقض الحكم، وأصدرت دائرة الفحص قرارها بإحالة الطعن على الدائرة المدنية والتجارية لنظره بجلسة 18 من فبراير سنة 1960 وفيها حضر الطرفان وصمم كل منهما على طلبات كما صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب. يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه إذ قضى بإعادة الصيدلية ومخزن الأدوية إلى المطعون عيه مقابل رد الثمن إلى الطاعن قد خالف القانون رقم 5 سنة 1941، ذلك لأن هذا القانون لا يحظر على غير الصيدلي اقتناء مخازن الأدوية.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن الطاعن يثير فيه سبباً لم يثبت سبق إثارته من قبل أمام محكمة الموضوع.
وحيث إن الطاعن ينعى في السببين الثاني والثالث على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون، ويقول في بيان ذلك إنه متى قضى بإبطال عقد الشركة أو عقد البيع وكان المتعاقدان قد استمرا في استغلال موضوع العقد بوصفهما شريكين فإن هذا البطلان لا يمنع من قيام شركة واقعية بينهما تصفى على أساس اتفاقاتهما ما دام قد وجد اتحاد في المصالح ناتج من امتداد العمل على أساس التشارك وأن البطلان الذي يلحق العقد الذي أوجد هذا التشارك لا يمكن أن يمحو الحالة الواقعية التي ظلت مستمرة طوال تلك الفترة مما يقتضي وجود التصفية، وإذا قضى الحكم المطعون فيه بإعادة المتعاقدين إلى الحالة التي كانا عليها قبل البيع وأغفل القضاء بالتصفية فإنه يكون قد خالف القانون في آثار البطلان كما خالفه في قضائه بأكثر من الطلبات بتعرضه لما لم يكن معروضاً عليه لأن الاستئناف ينقل الدعوى بحالتها التي كانت عليها - بالنسبة لما رفع عنه الاستئناف فقط - ولم يستأنف المطعون عليه الحكم إلا بالنسبة لما قضى به من رفض طلب البطلان.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه قد قضى ببطلان العقد المبرم بين الطرفين على أساس أن هذا العقد وإن وصف في ظاهره بأنه عقد شركة إلا أنه في حقيقته وفي قصد المتعاقدين عقد بيع يعتبر باطلاً بطلاناً متعلقاً بالنظام العام طبقاً لأحكام القانون رقم 5 سنة 1941، وهذا التكييف الذي انتهى إليه الحكم المطعون فيه لم يكن محل نعي من الطاعن، ولذلك فلا محل للنعي على الحكم فيما رتبه من آثار على ذلك البطلان وهي إعادة الطرفين إلى حالتهما الأولى قبل التعاقد برد المبيع إلى البائع والثمن إلى المشتري، ومردود كذلك بأن المطعون عليه قد أقام الدعوى الابتدائية وطلب فيها الحكم بصفة أصلية ببطلان عقد الشركة برمته واحتياطياً ببطلان ما تضمنه البند الثاني عشر من أحكام تتعلق بتنظيم التصفية وبالتصفية على أساس آخر، ولما كانت محكمة الاستئناف قد أجابت المطعون عليه إلى الطلب الأصلي فإنه لم يكن ثمة ما يقتضي بحث الطلب الاحتياطي.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس متعيناً رفضه.