أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 897

جلسة 29 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ درويش عبد المجيد نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد عبد المنعم حافظ، د. رفعت عبد المجيد (نائبي رئيس المحكمة) محمد خيري الجندي ومحمد شهاوي.

(148)
الطعن رقم 2013 لسنة 58 القضائية

(1) تقادم. "تقادم دعوى التعويض". دعوى. "تقادم دعوى التعويض". مسئولية. "المسئولية التقصيرية". تعويض. حكم.
تقادم دعوى التعويض الناشئة عن جريمة. وقف سريانه حتى تنقضي الدعوى الجنائية بحكم بات. عله ذلك. اعتبار رفع الدعوى الجنائية أو السير فيها مانع يتعذر معه على المضرور المطالبة بالتعويض.
(2) أهلية. حكم. بطلان. تقادم. "وقف التقادم".
الحكم بعقوبة جناية. أثره. عدم أهلية المحكوم عليه للتقاضي أمام المحاكم مدع أو مدعى عليه. المواد 8، 24، 1، 25/ 4 عقوبات. مخالفة ذلك. أثره. البطلان. إعمال هذه القاعدة على الأحكام الصادرة من المحاكم العسكرية بعقوبة جناية. عدم تعيين المحكوم عليه بعقوبة جناية فيما تقره المحكمة. أثره. اعتبار الفترة التي تسبق صدور الحكم بتعين القيم مانعاً يوقف سريان التقادم.
1 - المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى أحكام المادتين 172، 382/ 1 من القانون المدني أنه إذا كان العمل غير المشروع يشكل جريمة بما يستتبع قيام الدعوى الجنائية إلى جانب دعوى التعويض المدنية فإن الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعويان اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بتعويض الضرر الناشئ عن الجريمة فإن سريان التقادم بالنسبة له يقف ما بقى الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير فيها قائماً ويظل الوقف سارياً حتى تنقضي الدعوى الجنائية. وهذا الانقضاء يكون بصدور حكم بات فيها أو بصيرورته باتاً بفوات ميعاد الطعن، فيه أو بسبب آخر من أسباب الانقضاء ومن تاريخ هذا الانقضاء يعود تقادم دعوى التعويض إلى السريان باعتبار أن بقاء الحق في رفع الدعوى الجنائية أو تحريكها أو السير قائماً بعد في معنى المادة 382/ 1 من القانون المدني مانعاً يتعذر معه على المضرور المطالبة بحقه في التعويض.
2 - مفاد المواد 8، 24/ 1، 25/ 4 من قانون العقوبات أن كل حكم يصدر بعقوبة جناية يستتبع حتماً وبقوة القانون عدم أهلية المحكوم عليه للتقاضي أمام المحاكم سواء بصفته مدعياً أو مدعى عليه بما يوجب إن لم يعين هو قيماً تقره المحكمة أن تتولى المحكمة المدنية التابع لها محل إقامته في غرفة مشورتها تعيين هذا القيم بناء على طلب النيابة العامة أو من له مصلحة في ذلك، فإذا اختصم أو خاصم بشخصه في دعوى خلال فترة تنفيذه للعقوبة الأصلية المقضي بها عليه دون القيم الذي يمثله قانوناً من قبل المحكمة بطلت إجراءات الخصومة بقوة القانون واعتبرت كأن لم تكن، وهي قاعدة يتعين أعمال حكمها على الأحكام التي تصدر من المحاكم العسكرية بعقوبة جناية طبقاً لما تقضي به المادتان 123، 129 من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 باعتبارها تتضمن تشديداً للعقوبة الواردة فيه جاءت في قانون العقوبات، وينبني على ذلك أنه إذا لم يتعين المحكوم عليه بعقوبة جناية من المحاكم العسكرية فيما تقره المحكمة فإنه يتعذر على المضرور من الفعل غير المشروع الذي ارتكبه أن يرفع دعواه بالتعويض قبله إلا بعد أن يلجأ إلى المحكمة التي حددتها المادة 25/ 4 من قانون العقوبات لتعيين القيم، ومن ثم فإن الفترة التي تسبق صدور الحكم بتعيين هذا القيم تعد في حكم المادة 382/ 1 من القانون المدني مانعاً يقف معه سريان التقادم بالنسبة لدعوى المضرور، لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن تقادم دعوى المضرور إن عاد إلى السريان من اليوم التالي لتاريخ 13/ 4/ 1978 الذي أصبح فيه الحكم الجنائي الصادر من المحكمة العسكرية باتاً إلا أن سريان هذا التقادم أوقف من جديد بتقديم المطعون ضده طلب تعيين قيم على المحكوم عليه بتاريخ 30/ 12/ 1979 بعد أن حل محل دائنة - المضرور - في جميع ما له من حقوق قبله عملاً بالمادة 799 من القانون المدني وظل الوقف قائماً حتى صدور الحكم النهائي بتعيين القيم في 15/ 3/ 1984 مما لا تكون معه دعوى المضرور بالتعويض قد سقطت حتى قيام المطعون ضده برفع دعواه بالرجوع بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة في 25/ 7/ 1984.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده بصفته - وزير الدفاع - أقام الدعوى رقم 4459 لسنة 84 لدى محكمة الزقازيق الابتدائية على الطاعن بصفته قيماً على ابنه........ المحكوم عليه في الجناية العسكرية رقم 771 لسنة 1973 الإسماعيلية بالأشغال الشاقة لمدة خمسة عشرة عاماً بطلب الحكم بإلزامه أن يؤدي إليه مبلغ عشرة آلاف وأربع مائة وأربعة وثلاثين جنيهاً، وقال شرحاً للدعوى أن المجني عليه في الجناية سالفة الذكر استصدر ضده باعتباره متبوعاً لمرتكب الحادث المشمول بقوامة الطاعن حكماً في الدعوى رقم 4377 لسنة 77 مدني الزقازيق الابتدائية المؤيد بالحكم الصادر في الاستئناف المقيد برقم 20 لسنة 24 قضائية المنصورة قضى بإلزامه بأداء مبلغ عشرة آلاف جنيه والمصاريف وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة، قام بتنفيذه والوفاء بهذا المبلغ إلى المجني عليه، وإذ كان وفاؤه تنفيذاً لذلك الحكم يخول له وفقاً للمادة 175 من القانون المدني حق الرجوع تابعة مرتكب الفعل غير المشروع بما وفاه فقد أقام الدعوى ليقضي له بمطلبه منها. وبتاريخ 25 ديسمبر سنة 1985 قضت محكمة أول درجة برفض الدعوى لانقضائها بالتقادم، استأنف المطعون ضده هذا الحكم بالاستئناف رقم 11 لسنة 29 قضائية لدى محكمة استئناف المنصورة "مأمورية الزقازيق" وبجلسة 6 مارس سنة 1988 حكمت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وبمطلب المطعون ضده من الدعوى، طعن الطاعن فيه هذا الحكم بطريق النقض وأودعت النيابة العامة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم المطعون فيه وإذ عرض الطعن على المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سبب واحد ينعى الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه، وفي بيان ذلك أنه تمسك في مواجهة المطعون ضده بانقضاء حق المضرور بالتقادم لمضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ علمه بحدوث الضرر وشخص المسئول عنه دون أن ترفع عليه منه الدعوى بطلب التعويض، وإذ فهم الحكم المطعون فيه هذا الدفع خطأ واعتبره أنه يتعلق بسقوط حق المطعون ضده في دعواه بالرجوع وقضى بإلزامه بأداء المبلغ وفاه للمضرور على سند من وقت تقادم تلك الدعوى خلال فترة اتخاذ المطعون ضده إجراءات تعيين قيم ليتسنى له مباشرتها في مواجهته فإنه يكون معيباً مستوجباً نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك بأن من المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن مؤدى أحكام المادتين 172، 382/ 1 من القانون المدني أنه إذا كان العمل غير المشروع يشكل جريمة بما يستتبع قيام الدعوى الجنائية إلى جانب دعوى التعويض المدني فان الدعوى المدنية لا تسقط إلا بسقوط الدعوى الجنائية، فإذا انفصلت الدعويان اختار المضرور الطريق المدني دون الطريق الجنائي للمطالبة بتعويض المضرور الناشئ عن الجريمة فإن بها عليه دون القيم الذي يمثله قانوناً من قبل المحكمة بطلت إجراءات الخصومة بقوة القانون واعتبرت كأن لم تكن، وهي قاعدة يتعين إعمال حكمها في الأحكام التي تصدر من المحاكم العسكرية بعقوبة جنائية طبقاً لما تقضي به المادتان 123، 129 من قانون الأحكام العسكرية رقم 25 لسنة 1966 باعتبارها تتضمن تشديداً للعقوبة الواردة فيه جاءت في قانون العقوبات، وينبني على ذلك أنه إذا لم يعين المحكوم عليه بعقوبة جناية من المحاكم العسكرية قيماً تقره المحكمة فإنه يتعذر على المضرور من الفعل غير المشروع الذي ارتكبه أن يرفع دعواه بالتعويض قبله إلا بعد أن يلجأ إلى المحكمة التي حددتها المادة 25/ 4 من قانون العقوبات لتعيين هذا القيم، ومن ثم فإن الفترة التي تسبق صدور الحكم بتعيين هذا القيم تعد في حكم المادة 382/ 1 من القانون المدني مانعاً يقف معه سريان التقادم بالنسبة لدعوى المضرور، لما كان ذلك، وكان الثابت بالأوراق أن تقادم دعوى المضرور إن عاد إلى السريان من اليوم التالي لتاريخ 13/ 4/ 1978 الذي أصبح فيه الحكم الجنائي الصادر من المحكمة العسكرية باتاً إلا أن سريان هذا التقادم أوقف من جديد بتقديم المطعون ضده طلب تعيينه قيم على المحكوم عليه بتاريخ 30/ 12/ 1979 بعد أن حل محل دائنه - المضرور - في جميع ما له من حقوق قبله عملاً بالمادة 799 من القانون المدني وظل الوقف قائماً حتى صدور الحكم النهائي بتعيين القيم في 15/ 3/ 1984، مما لا تكون معه دعوى المضرور بالتعويض قد سقطت حتى قيام المطعون ضده برفع دعواه بالرجوع بإيداع صحيفتها قلم كتاب المحكمة في 25/ 7/ 1984، لما كان ما تقدم وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى نتيجة صحيحة فيما قضى به من رفض الدفع الذي أبداه الطاعن بسقوط حق المضرور في طلب التعويض بالتقادم وإلزامه بما وفاه المطعون ضده إلى المضرور فإنه لا يعيبه ما يكون قد اشتملت عليه أسبابه من خطأ قانوني في مقام الرد على ذلك الدفع إذ لمحكمة النقض أن تصحح هذا الخطأ وترده إلى الأساس السليم في القانون دون أن تنقضه.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.