أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 11 - صـ 251

جلسة 24 من مارس سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحسن العباس، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

(45)
الطعن رقم 40 لسنة 27 "أحوال شخصية"

( أ ) التماس إعادة النظر. قانون "تطبيق القانون في الزمان" "الأثر الفوري لقوانين المرافعات" "تنظيم الانتقال من ولاية القانون القديم إلى الجديد" "القوانين المنظمة لطرق الطعن".
طريقة الطعن في الحكم تحدد بالقانون الساري المفعول وقت صدوره. الم 1 (مرافعات) مثال. إلغاء الق 462/ 55 بإلغاء المحاكم الشرعية لبعض أحكام اللائحة الشرعية ومنها باب التماس إعادة النظر وتقريره اتباع أحكام قانون المرافعات ابتداء من 1/ 1/ 1956. مؤداه عدم الاعتداد بما نص عليه فيه إلا اعتباراً من هذا التاريخ. حكم صادر من المحكمة العليا الشرعية في 28/ 12/ 1955 جواز الطعن فيه بالالتماس.
(ب) وقف "شروط الواقف". نقض "حالات الطعن" "مخالفة القانون".
مثال لوقف مرتب الطبقات تنطبق عليه الم 3/ 2 من الق 180/ 1952.
1 - تحدد طريقة الطعن في الحكم بالقانون الساري المفعول وقت صدوره عملاً بالمادة الأولى من قانون المرافعات إذ ورد على القاعدة المقررة بها والتي تنص على سريان قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها - ورد على هذه القاعدة ضمن الاستثناءات المقررة بالمادة "القوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها متى كانت ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق"، ولما كان القانون رقم 462 الصادر في 24 من سبتمبر سنة 1955 والخاص بإلغاء المحاكم الشرعية قد نص بمادته الأولى على أن هذا الإلغاء لا يعمل به إلا ابتداء من أول يناير سنة 1956 - فإن مؤدى ذلك هو عدم الاعتداد بما نصت عليه المادة 13 من هذا القانون من إلغاء بعض أحكام لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، ومنها المواد 329 إلى 335 الخاصة بالتماس إعادة النظر، وعدم الالتفات إلى ما تقره المادة السادسة من هذا القانون من اتباع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية أو المجالس الملية - إلا منذ الوقت الذي تقرر بالمادة الأولى من القانون المذكور لإلغاء المحاكم الشرعية وهو أول يناير سنة 1956، وإذن فمتى كان حكم المحكمة العليا الشرعية قد صدر في 28/ 12/ 1955 فإن الطعن فيه بالالتماس يكون مقبولاً، ومن ثم يكون النعي على الحكم المطعون فيه بمخالفة القانون في هذا الخصوص على غير أساس.
2 - إذا كان يبين من كتاب الوقف أن الوقف جعل الوقف على نفسه ومن بعده على بناته الخمس، فإذا متن جميعاً يكون الموقوف على من يوجد من أولادهن ثم على ورثتهم طبقة بعد طبقة بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره، فإن إنشاء الواقف لوقفه على هذا النحو يعد إنشاء لوقف واحد مرتب الطبقات تنطبق عليه الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 180 لسنة 1952 التي تنص على أنه "إن كان الوقف مرتب الطبقات آلت الملكية للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق"، بمعنى أن تطبيق أحكام قانون إلغاء الوقف على غير الخيرات يؤدي في خصوص الوقف موضوع النزاع إلى اعتبار أعيانه ملكاً للأحياء من الموقوف عليهم جميعاً يستوي في ذلك من كان منهم مستحقاً فعلاً في الوقف وقت صدور القانون المذكور ومن كان محجوباً على سبيل التوقيت، وإذن فإذا كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه باعتبار المطعون عليه الأول مستحقاً في ملكية الأعيان الموقوفة إلى تفسيره لكتاب الوقف باعتبار أن شروطه تنم عن إنشاء وقف واحد مرتب الطبقات وإلى تطبيقه لحكم القانون في هذا الخصوص وفقاً لنص المادة 3/ 2 من القانون رقم 180 لسنة 1952، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بمخالفة القانون على غير أساس.


المحكمة

حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن المطعون عليه الأول أقام الدعوى رقم 42 لسنة 1954 أمام المحكمة الكلية الشرعية بالإسكندرية على الطاعنات والسيد أمين الشهر العقاري المطعون عليه الثاني، وقال في بيانها إن جده لأمه المرحوم أحمد محمد عبد الوهاب وقف الأطيان المبينة بكتاب الوقف الصادر منه في 23/ 9/ 1923، وجعل وقفها على نفسه ومن بعده على بناته الخمس فائقة وفاطمة وحافظة وحقيقات وإحسان، فإذا ماتت إحداهن انتقل نصيبها إلى أخواتها وإذا متن جميعاً يكون الموقوف على من يوجد وقتها من أولادهن ذكوراً وإناثاً بالسوية بينهم ثم على أولاد أولادهم، ثم على ورثتهم طبقة بعد طبقة، وتوفى الواقف في 10/ 3/ 1933 عن بناته الخمس، ثم توفيت ابنته فاطمة في 25/ 4/ 1939 عن ولد واحد، وتوفيت ابنته حقيقات في 24/ 11/ 1951 عن أربعة أولاد، كان هو أي المطعون عليه الأول أحدهم، واستطرد المدعي يقول أنه بصدور المرسوم بقانون رقم 180 لسنة 1952 بإلغاء نظام الوقف على غير الخيرات، وطبقاً للمادة الثالثة منه أصبح يشترك مع خالاته الأحياء في هذا الوقف وبقدر نصيبه فيه بربع نصيب والدته حقيقات البالغ خمس الموقوف وطلب بالحكم بثبوت استحقاقه له، وقضت المحكمة في 10/ 5/ 1955 برفض الدعوى، فاستأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم، وقيد استئنافه أمام المحكمة الشرعية العليا برقم 21 سنة 1955، وفي 28/ 12/ 1955 قضى في الاستئناف برفضه، فأقام المطعون عليه المذكور التماساً هذا الحكم أمام محكمة استئنافه الإسكندرية أعلن الطاعنات والمطعون عليه الثاني بصحيفته في 24/ 1/ 1956، وقضت المحكمة في 12/ 6/ 1957 بقبول الالتماس شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم الملتمس منه وباستحقاق المطعون عليه الأول لملكية ربع الخمس من وقف جده المرحوم أحمد محمد عبد الوهاب، فطعنت الطاعنات في هذا الحكم بطريق النقض في 27 من يونيه سنة 1957 وقدمت النيابة العامة مذكرة طلبت فيها رفض الطعن، وبتاريخ 16 من ديسمبر سنة 1958 عرض الطعن على دائرة فحص الطعون، فقررت إحالته إلى الدائرة المدنية والتجارية ومسائل الأحوال الشخصية، وأمر السيد رئيس المحكمة في 22 من إبريل سنة 1959 بإعلان تقرير الطعن إلى المطعون عليهما وحدد لهما خمسة عشر يوماً من تاريخ إعلانهما لإيداع مذكرة بدفاعهما مشفوعة بالمستندات التي يريان تقديمها، وللنيابة العامة الإحدى والعشرين يوماً التالية لإبداء رأيها في الطعن، وبعد إعلان تقرير الطعن أودعت النيابة العامة مذكرة ثانية تمسكت فيها برأيها السابق فأمر السيد رئيس المحكمة بتحديد جلسة 25 من فبراير سنة 1960 أمام هذه الدائرة لنظر الطعن وفيها صممت النيابة على رأيها.
وحيث إن الطعن يقوم على سببين يتحصل أولهما في النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في تطبيق القانون، وتقول الطاعنات في بيان ذلك إن حكم المحكمة العليا الشرعية موضوع الالتماس صدر في 28/ 12/ 1955 وقد ألغي القانون رقم 462 لسنة 1955 المواد من 329 إلى 335 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الخاصة بالتماس إعادة النظر، وأصبح لا سبيل للطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم الشرعية إلا بالتماس في حدود المواد 417 وما بعدها من قانون المرافعات أو بطريق النقض، كما تقول الطاعنات إن رفع الالتماس عن حكم المحكمة العليا الشرعية الصادر في 24/ 1/ 1956 على أساس لائحة ترتيب المحاكم الشرعية استناداً إلى أنه خالف القانون ولم يصادف قولاً في المذهب - إن رفع الالتماس على هذا النحو يعد إجراء مخالفاً للقانون ما دام المشرع قد عين طريقاً آخر للطعن في مثل هذا الحكم هو الطعن بطريق النقض بدلاً من الالتماس على النحو المتقدم.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن حكم المحكمة العليا الشرعية وقد صدر في 28/ 12/ 1955 فقد تحدد طريق الطعن فيه بالقانون الساري المفعول وقت صدوره عملاً بالمادة الأولى من قانون المرافعات، إذ ورد على القاعدة المقررة بها والتي تنص على سريان قوانين المرافعات على ما لم يكن قد فصل فيه من الدعاوى أو تم من الإجراءات قبل تاريخ العمل بها، ورد على هذه القاعدة ضمن الاستثناءات المقررة بالمادة "القوانين المنظمة لطرق الطعن بالنسبة لما صدر من الأحكام قبل تاريخ العمل بها متى كانت ملغية أو منشئة لطريق من تلك الطرق"، ولما كان القانون رقم 462 الصادر في 24 من سبتمبر سنة 1955 والخاص بإلغاء المحاكم الشرعية قد نص بمادته الأولى على أن هذا الإلغاء لا يعمل به إلا ابتداء من أول يناير سنة 1956، فإن مؤدى ذلك هو عدم الاعتداد بما نصت عليه المادة 13 من هذا القانون من إلغاء بعض أحكام لائحة ترتيب المحاكم الشرعية ومنها المواد 329 إلى 335 الخاصة بالتماس إعادة النظر وعدم الالتفات إلى ما تقرره المادة السادسة من هذا القانون من اتباع أحكام قانون المرافعات في الإجراءات المتعلقة بمسائل الأحوال الشخصية والوقف التي كانت من اختصاص المحاكم الشرعية أو المجالس الملية، إلا منذ الوقت الذي تقرر بالمادة الأولى من القانون المذكور لإلغاء المحاكم الشرعية وهو أول يناير سنة 1956، ولما كان الحكم من المحكمة الشرعية قد صدر في 28/ 12/ 1955 فإن الطعن فيه بالالتماس يكون مقبولاً، ومن ثم يكون النعي بمخالفة القانون في هذا الخصوص على غير أساس.
وحيث إن الطاعنات يتعين على الحكم المطعون فيه بالسبب الثاني الخطأ في تطبيق القانون، وتقلن في بيان ذلك أن الحكم قضى للمطعون عليه الأول بالاستحقاق في ملكية العقارات الموقوفة تأسيساً على أنه وقف مرتب الطبقات لا تؤول ملكيته إلى المستحقين وقت صدور القانون رقم 180 لسنة 1952 فحسب ولكن إلى ذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم أيضاً عملاً بالفقرة الثانية من المادة 3 من القانون المذكور، في حين أن توزيع الملك كان يتعين أن يكون أساسه تحديد الاستحقاق طبقاً لشروط الواقفين. وتقول الطاعنات في هذا الخصوص إنه يبين من كتاب الوقف أنه ليس مرتب الطبقات، وإنما جعله الواقف على مرحلتين الأولى على بناته الخمس والثانية على أولاد بناته ثم على أولادهم ويعد الوقف في هذه المرحلة الثانية إنشاء لوقف جديد مستقل عن الوقف في مرحلته الأولى الذي حرم به الواقف أولاً بناته من الاستحقاق ما دامت واحدة منهن على قيد الحياة.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أنه يبين من كتاب الوقف المحرر في 23/ 9/ 1923 أن الواقف جعل الوقف على نفسه ومن بعده على بناته الخمس، فإذا متن جميعاً يكون الموقوف على من يوجد من أولادهن ثم على ورثتهم طبقة بعد طبقة بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره. وإنشاء الواقف لوقفه على هذا النحو يعد إنشاء لوقف واحد مرتب الطبقات تنطبق عليه الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 180 لسنة 1952 التي تنص على أنه "إن كان الوقف مرتب الطبقات آلت الملكية للمستحقين الحاليين ولذرية من مات من ذوي الاستحقاق من طبقتهم كل بقدر حصته أو حصة أصله في الاستحقاق" بمعنى أن تطبيق أحكام قانون إلغاء الوقف على غير الخيرات يؤدي في خصوص الوقف موضوع هذه الدعوى إلى اعتبار أعيانه ملكاً للأحياء من الموقوف عليهم جميعاً، يستوي في ذلك من كان منهم مستحقاً فعلاً في الوقف وقت صدور القانون المذكور ومن كان محجوباً على سبيل التوقيت، ولما كان الحكم المطعون فيه قد استند في قضائه باعتبار المطعون عليه الأول مستحقاً في ملكية الأعيان الموقوفة إلى تفسيره لكتاب الوقف على ما سبق بيانه باعتبار أن شروطه تنم عن إنشاء وقف واحد مرتب الطبقات وإلى تطبيقه لحكم القانون في هذا الخصوص وفقاً لنص الفقرة الثانية من المادة 3 من القانون رقم 180 لسنة 1952 الخاص بإلغاء الوقف على غير الخيرات، لما كان ذلك، فإن الحكم يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً مما يجعل النعي عليه بمخالفة القانون على غير أساس.