أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 910

جلسة 29 من مارس سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ عبد الحميد سليمان نائب رئيس المحكمة، محمد بدر الدين توفيق، شكري جمعه حسين ومحمد محمود عبد اللطيف.

(150)
الطعن رقم 2473 لسنة 55 القضائية

(1، 2) إيجار "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن والتنازل عن الإيجار". بيع الجدك. حكم "تسبيبه" "عيوب التدليل".
(1) إبقاء الإيجار في حاله بيع المصنع أو المتجر المنشأ بالعين. م 594/ 2 مدني جوازه استثناء من الأصل المقرر بحظر التنازل عن الإيجار. شرطه. أن يكون المكان المؤجر مستغلاً في نشاط تجاري. العبرة في ذلك بوارد التصرف على محل تجاري دون الاعتداد بالوصف الوارد بالعقد "خضوع هذا التكييف لرقابة محكمة النقض.
(2) نشاط المدرسة الخاصة لا يعتبر من قبيل الأعمال التجارية. ورود عقد الإيجار على مدرسة خاصة وتضمنه خطراً على المستأجر المطعون ضده الأول بالتنازل عن الإيجار اعتبار الحكم المطعون فيه عين النزاع متجراً لمجرد أن المطعون ضده المذكور كان يحصل على نسبة من إيراد المدرسة التي أنشأها، وأجازته بيعها بالجدك للمطعون ضده الثاني طبقاً للمادة 594/ 2. خطأ. علة ذلك.
1 - حظرت المادة 31/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - بشأن إيجار الأماكن - المقابلة للمادة 18/ 3 من القانون رقم 136 لستة 1981 - على المستأجر تأجير المكان من الباطن أو التنازل عليه بغير إذن كتابي صريح من المؤجر، وإلا كان للمؤجر طلبه إخلاء المكان المؤجر في حاله مخالفة هذا الحظر، واستثناء من هذا الأصل أجازت الفقرة التالية من المادة 594 من القانون المدني التجاوز عن الشرط المانع، وأباحت للمستأجر التنازل عن الإيجار في حالة بيعه المتجر أو المصنع الذي أنشأه في المكان المؤجر، بشرط أن تثبت الصفة التجارية لنشاط المستأجر وقت إتمام هذا البيع، مما مفاده أنه بتعين أن يكون المكان المؤجر مستغلاً في نشاط تجاري، فان انتفى عن هذا النشاط الصفة التجارية، فإنه يخرج عن مجال تطبيق المادة 594/ 2 سالفة البيان. والعبرة في تكييف هذا التصرف أن يكون وارداً على محل تجاري، ولا يعول في ذلك على الوصف المعطى له بالعقد، إذ أن التكييف مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض، ويتوقف عليه تطبيق النص الخاص ببيع المحل التجاري الوارد في المادة 594/ 2 من القانون المدني في حالة توافر شروطه أو عدة تطبيقه وإعمال أثر الحظر المنصوص عليه في قانون إيجار الأماكن إذا لم يكن النشاط تجارياً.
2 - إذ كان عقد الإيجار محل النزاع قد حظر على المطعون ضده الأول التنازل عن الإيجار، وكان الواقع المطروح في الدعوى أن المكان المؤجر هو مدرسة خاصة وكان النص في المادتين الأولى والثالثة من القانون رقم 16 لسنة 1969 - في شأن التعليم الخاص، والمادة السادسة عشر من قرار وزير التربية والتعليم رقم 41 لسنة 1970 في شأن اللائحة التنفيذية للقانون سالف البيان - يدل على أن نشاط المدرسة الخاصة لا يعتبر من قبل الأعمال التجارية في مفهوم قانون التجارة إذ أن الهدف الرئيسي منه هو التعليم لا المضاربة على عمل المدرسين والأدوات المدرسية، ويؤكد ذلك أن القانون رقم 14 لسنة 1931 بشأن الضرائب على الدخل أورد في المادة 72 منه بياناً بسعر الضريبة على أرباح المهن الحرة، وغيرها من المهن غير التجارية وأعفى منها المعاهد التعليمية، وسايره في ذلك القانون رقم 157 لسنة 1981 الذي نص في المادة 82/ 2 منه على إعفاء المعاهد التعليمية التابعة أو الخاضعة لإشراف إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام من الضريبة على أرباح المهن غير التجارية، وإذ كان ذلك، وكان مفاد المادتين 21 من القانون رقم 16 لستة 1969 سالف البيان، 38 من لائحته التنفيذية أن للدولة منح إعانات مالية لأصحاب المدارس الخاصة في بعض الأحوال، وتخصيص مكافآت تشجيعية للمدارس الخاصة التي تؤدي خدمات تعليمية ممتازة، كما أن المادتين 17، 18 من القانون المذكور أوجبتا أن تكون المصاريف الدراسية المقررة ورسوم النشاط المدرسي ونظام الأقسام الداخلية ومقابل الإيواء والتغذية في حدود القواعد التي تضعها وزارة التربية والتعليم، وإلا تعتبر اللائحة الداخلية للمدرسة نافذة إلا بعد اعتمادها من المحافظ المختص بعد أخذ رأي مديرية التربية والتعليم مما مفاده أن الهدف الرئيسي للمدرسة الخاصة هو التربية والتعليم، لا يخرج ما يتقاضاه صاحبها عن مقتضيات هذه الرسالة ويخضع في ذلك لرقابة الجهة الحكومية المختصة، وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه باعتبار عين النزاع متجراً........ لمجرد أن المطعون ضده الأول كان يحصل على نسبة من إيراد المدرسة التي أنشأها، ومن ثم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام على المطعون ضدها الدعوى رقم 4851 لسنة 1980 مدني أمام محكمة شبين الكوم الابتدائية بطلب الحكم انتهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 12/ 1964 وإخلاء العين المؤجرة والتسليم. وقال بياناً لها أنه بموجب هذا العقد استأجر منه المطعون ضده الأول عين النزاع لاستعمالها مدرسة خاصة إلا أنه قام بتأجيرها من الباطن إلى المطعون ضده الثاني مخالفاً للحظر الوارد في العقد والقانون فأقام الدعوى دفع المطعون ضده الثاني بأنه اشترى العين محل النزاع بالجدك بموجب عقد مؤرخ 26/ 3/ 1980. أحالت المحكمة الدعوى إلى التحقيق وبعد سماع شهود المطعون ضدهما حكمت برفض الدعوى. استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 394 لسنة 15 ق طنطا (مأمورية شبين الكوم). وبتاريخ 23/ 6/ 1985 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض. وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن الحكم المطعون فيه أضفى على المدرسة صفة المتجر بمقولة أن المطعون ضده الأول يحقق ربحاً من استغلالها وأجاز بيعها بالجدك وفقاً لحكم المادة 594/ 2 من القانون المدني، في حين أن نشاط المدرسة الخاصة لا يعتبر من قبيل الأعمال التجارية ويعتبر بيعها في حقيقته إيجاراً لها من الباطن أو تنازلاً، عن الإيجار دون موافقته، مخالفاً للحظر الوارد في العقد والقانون مما يوجب الإخلاء، وإذ خالف الحكم هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد ذلك أن المادة 31/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977 بشأن إيجار الأماكن - المقابلة للمادة 18/ 3 من القانون رقم 136 لسنة 1981 - حظرت على المستأجر تأجير المكان من الباطن أو التنازل عليه بغير إذن كتابي صريح من المؤجر، وإلا كان للمؤجر طلبه إخلاء المكان المؤجر في حالة مخالفة هذا الحظر، واستثناء من هذا الأصل أجازت الفقرة الثانية من المادة 594 من القانون المدني التجاوز عن الشرط المانع وأباحت للمستأجر التنازل عن الإيجار في حالة بيعه المتجر أو المصنع الذي أنشأه في المكان المؤجر بشرط أن تثبت الصفة التجارية لنشاط المستأجر وقت إتمام هذا البيع، مما مفاده أنه يتعين أن يكون المكان المؤجر مستغلاً في نشاط تجاري، فإن انتفى عن هذا النشاط الصفة التجارية، فإنه يخرج عن مجال تطبيق المادة 594/ 2 سالفة البيان والعبرة في تكييف هذا التصرف أن يكون وارداً على محل تجاري، ولا يعول في ذلك على الوصف المعطى له بالعقد، إذ أن التكيف مسألة قانونية تخضع لرقابة محكمة النقض، ويتوقف عليه تطبيق النص الخاص ببيع المحل التجاري الوارد في المادة 594/ 2 من القانون المدني في حالة توافر شروطه أو عدم تطبيقه وإعمال أثر الحظر المنصوص عليه في قانون إيجار الأماكن إذا لم يكن النشاط تجارياً. لما كان ذلك وكان عقد الإيجار محل النزاع قد نظر على المطعون ضده الأول التنازل عن الإيجار وكان الواقع المطروح في الدعوى أن المكان المؤجر هو مدرسة خاصة وكان النص في المادة الأولى من القانون رقم 16 لسنة 1969 في شأن التعليم الخاص على أن "تعتبر مدرسة خاصة في تطبيق أحكام هذا القانون كل منشأة غير حكومية يقوم أصلاً وبصفة فرعية بالتربية والتعليم أو الإعداد المهني أو بأية ناحية من نواحي التعليم العام أو الفني قبل مرحلة التعليم العالي "وفي المادة الثالثة منه على أن تخضع المدارس الخاصة لقوانين التعليم العام والتعليم الفني والتأمينات الاجتماعية........ كما تخضع لرقابة وزارة التربية والتعليم بالمحافظات وتفتيشها في الحدود بالقيود الواردة بهذا القانون والقرارات الوزارية الصادرة تنفيذاً له "وفي المادة السادسة عشر من قرار وزير التربية والتعليم رقم 41 لسنة 1971 في شأن اللائحة التنفيذية للقانون سالف البيان على أن "........ يشترط في صاحب المدرسة الخاصة........ أن يثبت له الشخصية الاعتبارية التي ليس من أغراضها الاتجار أو الميل للاستغلال........ يدل على أن نشاط المدرسة الخاصة لا يعتبر من قبيل الأعمال التجارية في مفهوم قانون التجارة إذ أن الهدف الرئيسي منه هو التعليم لا المضاربة على عمل المدرسين والأدوات المدرسية، ويؤكد ذلك أن القانون رقم 14 لسنة 1931 بشأن الضرائب على الدخل أورد في المادة 72 منه بياناً لسعر الضريبة على أرباح المهن الحرة وغيرها من المهن غير التجارية وأعفى منها المعاهد التعليمية، وسايره في ذلك القانون رقم 157 لسنة 1981 الذي نص في المادة 82/ 2 منه على إعفاء المعاهد التعليمية التابعة أو الخاضعة لإشراف إحدى وحدات الجهاز الإداري للدولة والقطاع العام من الضريبة على أرباح المهن غير التجارية، وإذ كان ذلك وكان مفاد المادتين 21 من القانون رقم 16 لستة 1969 سالف البيان، 38 من لائحته التنفيذية أن للدولة منح إعانات مالية لأصحاب المدارس الخاصة في بعض الأحوال، وتخصيص مكافآت تشجيعية للمدارس الخاصة التي تؤدي خدمات تعليمية ممتازة، كما أن المادتين 17، 18 من القانون المذكور أوجبتا أن تكون المصاريف الدراسية المقرر ورسوم النشاط المدرسي ونظام الأقسام الداخلية ومقابل الإيواء والتغذية في حدود القواعد التي تضعها وزارة التربية والتعليم، وإلا تعتبر اللائحة الداخلية للمدرسة نافذة إلا بعد اعتمادها من المحافظ المختص بعد أخذ رأي مديرية التربية والتعليم مما مفاده أن الهدف الرئيسي للمدرسة الخاصة هو التربية والتعليم، ولا يخرج ما يتقاضاه صاحبها عن مقتضيات هذه الرسالة ويخضع في ذلك رقابة الجهة الحكومية المختصة، وإذ كان البين من مدونات الحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه باعتبار عين النزاع متجراً على ما أورده بمدوناته من أنها "مدرسة خاصة، وكان المستأنف ضده الأول - المطعون ضده الأول - يستغلها لحسابه ويحقق إيراداً وربحاً من وراء ذلك الاستغلال، وهو ما داومت عليه الجمعية التي يمثلها المستأنف عليه الثاني المطعون ضده الثاني - ذلك أن اللائحة الداخلية لتلك المدرسة تمنح صاحب المدرسة الحق في تقاضي نسبة من إيراد المدرسة فإن الحكم المطعون فيه يكون قد خالف هذا النظر واعتبر عين النزاع متجراً لمجرد المطعون ضده الأول كان يحصل على نسبة من إيراد المدرسة التي أنشأها ومن ثم يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أوجه الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم وكان الثابت من الأوراق - أن المطعون ضده الأول قد تنازل عن الإيجار للمطعون ضده الثاني بموجب العقد المؤرخ 26/ 3/ 1980 مخالفاً بذلك شروط العقد والمادة 31/ 2 من القانون رقم 49 لسنة 1977 - ومن ثم فإنه يتعين إلغاء الحكم المستأنف وإنهاء عقد الإيجار المؤرخ 1/ 12/ 1964 وإخلاء العين وتسليمها للطاعن.