أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 257

جلسة 30 من إبريل سنة 1960

برياسة السيد حسن داود نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود عياد، ومحمد فؤاد جابر، وفهيم الجندي، والحسيني العوضي، وعادل يونس، ومحسن العباس، ومحمود القاضي المستشارين.

(4)
الطلب رقم 84 سنة 24 قضائية "رجال القضاء"

( أ ) محكمة النقض "ولايتها".
من شروط انعقاد اختصاصها كون القرار المطعون فيه صادراً في شأن شخص متصف بصفة من الصفات المنصوص عليها في الم 23 الق 147/ 49 نظام قضاء.
(ب) محكمة النقض "ولايتها".مجموعة رسمية.نيابة عامة.
تظلم موظف فني في المجموعة الرسمية من اعتباره خاضعاً لقانون الموظفين معتبراً أنه من رجال النيابة العامة.عدم قيامه بتأدية أية وظيفة من وظائفها.انقطاع صلته بالاختصاصات المناطة برجال النيابة العامة المبينة بقانون نظام القضاء.عدم اختصاص محكمة النقض بنظر طلبه.الم 23 الق 147/ 49.
(ج) مجموعة رسمية.نيابة عامة.
عدم تبعية وظائف المجموعة الرسمية للنيابة العامة.عدم قيام موظفوها بتأدية أي عمل من الأعمال المخصوصة برجال النيابة العامة.
(د) مجموعة رسمية.
عدم اعتبار موظفوها الفنيين من الموظفين القضائيين الذين ينتظمهم ورجال القضاء والنيابة سلك واحد.الق 66/ 43، 188/ 52.
(هـ) وظيفة "الوظائف القضائية".
ضابط اعتبارها كذلك يستمد من القوانين الصادرة في شأنها.
(و) قانون "قانون ربط الميزانية".
عدم اعتباره قانوناً إلا من الناحية الشكلية فقط.هو من الناحية الموضوعية عمل تنفيذي إداري.
1 - مؤدى نص المادة 23 من القانون 147 لسنة 1949 أن من شرائط انعقاد الاختصاص لمحكمة النقض أن يكون القرار المطعون فيه صادراً في شأن شخص متصف بصفة من الصفات المنصوص عليها في تلك المادة بأن يكون من رجال القضاء أو النيابة العامة أو من الموظفين القضائيين بالمصالح المنوه عنها فيها - فإذا لم يقم به هذا الوصف انحسر الاختصاص عنها.
2 - إذا كان الطالب قد تقدم بطلبه إلى محكمة النقض متظلماً من اعتباره خاضعاً لقانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 - معتبراً أنه من رجال النيابة العامة، وكان الواقع في أمره أنه لا يقوم بتأدية أية وظيفة من وظائفها المبينة في الفصل الخامس من الباب الأول من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949، فإنه لا يعتبر من رجال النيابة العامة الذين عناهم هذا الفصل وأشارت إليهم المادة 23 من القانون السالف الذكر والذين نظم القانون 66 لسنة 1943 أحوال تعيينهم وترقيتهم وأقدميتهم، ذلك أن عمله كموظف فني في المجموعة الرسمية منقطع الصلة بتلك الاختصاصات التي نيط برجال النيابة العامة مباشرتها حسبما هو منصوص عليه في قانون نظام القضاء، ومن ثم تكون محكمة النقض غير مختصة بنظر هذا الطلب.
3 - وظائف المجموعة الرسمية ليست من الوظائف التابعة للنيابة العامة ولا يقوم موظفوها بتأدية أي عمل من الأعمال المخصوصة برجال النيابة العامة وفقاً لقانون نظام القضاء.
4 - لم يرد بقانون استقلال القضاء رقم 66 لسنة 1943 ولا بالقانون رقم 188 لسنة 1952 ما يفيد اعتبار موظفي المجموعة الرسمية الفنيين من الموظفين القضائيين الذين ينتظمهم هم ورجال القضاء والنيابة العامة سلك واحد رتبت فيه أوضاع أقدميتهم تجاه بعضهم البعض ويتنقلون على مقتضى القواعد المرسومة فيه بين مختلف الوظائف القضائية في القضاء والنيابة وبالديوان العام وبمحكمة النقض وبالنيابة العامة.
5 - ضابط اعتبار الوظيفة من الوظائف القضائية إنما يستمد من القوانين الصادرة في هذا الشأن.
6 - قانون ربط الميزانية لا يعتبر قانوناً إلا من الناحية الشكلية فحسب أما من الناحية الموضوعية فهو عمل تنفيذي إداري [(1)].


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار وبعد المرافعة والمداولة.
من حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 16 من يونيه سنة 1954 طعن الطالب في القرار الصادر من وزير العدل بتاريخ 5 من مايو سنة 1954 طالباً إلغاءه والتقرير بأحقيته في الترقية لوظيفة مساعد نيابة اعتباراً من 17/ 4/ 1954 - وقال شرحاً لطلبه - إنه بتاريخ 17/ 4/ 1952 صدر قرار من وزير العدل بتعيينه في وظيفة بالمجموعة الرسمية بدرجة معاون نيابة، ولما كان هذا التعيين قد حصل تطبيقاً لأحكام قانون استقلال القضاء (رقم 66 لسنة 1943) فقد كان يتعين - إعمالاً لحكم المادة 68 من ذلك القانون أن يرقى إلى درجة مساعد نيابة بعد مضي سنة وقبل مضي سنتين من تاريخ تعيينه في وظيفته ولكن وزارة العدل أغفلت أمره مما اضطره في 19/ 4/ 1954 لتوجيه إنذار رسمي لها بضرورة ترقيته إلى مساعد نيابة بالمجموعة الرسمية - وإزاء ذلك وتخلصاً من تبعة هذا الإنذار أصدرت الوزارة في 5 مايو سنة 1954 قراراً بتعيينه في وظيفته بصفة نهائية إلا بعد ذلك تثبيتاً - وصدرت الوزارة هذا القرار بما يفيد أنه صادر بالتطبيق للمادة 19 من القانون رقم 210 لسنة 1951 الخاص بنظام الموظفين - وليس تطبيقاً للمادة 68 من قانون استقلال القضاء الذي حصل التعيين على أساسه - وهو أمر مخالف للقانون إذ لا يجوز للوزارة تخرجه من السلك القضائي - إلى غيره وتخضعه لكادر آخر غير كادر رجال القضاء بعد أن اكتسب حقاً في المعاملة بموجبه وقد خالفت الوزارة بهذا التصرف في حق الطالب ما درجت عليه من معاملة موظفي المجموعة الرسمية المعينين فيها بصفتهم معاوني نيابة فقد طبقت على هؤلاء دائماً قانون استقلال القضاء والكادر الخاص به عند تثبيتهم وترقيتهم إلى وظائف مساعدي نيابة لهذا تقدم بطلبه إلى الجمعية العمومية لمحكمة النقض لتقضي له بالطلبات السالف ذكرها - وقدم في حافظة مستنداته صورتين عرفيتين لقرار تعيينه - وللقرار المطعون فيه - تبينت مطابقتها لأصلها المودع بملف خدمة الطالب المنضم للأوراق - وأبدت وزارة العدل - في مذكرتها بالرد على الطلب دفعا بعدم اختصاص الجمعية العمومية لمحكمة النقض بنظر الطلب تأسيساً على أن الطالب ليس من رجال القضاء والنيابة ولا من الموظفين القضائيين بالديوان العام وهؤلاء هم وحدهم الذين يكون لهم أن يتقدموا بطلباتهم للجمعية العمومية لمحكمة النقض وفقاً لنص المادة 23 من قانون نظام القضاء (147 لسنة 1949) أما من عداهم فلا تختص الجمعية العمومية لمحكمة النقض بنظر طلباتهم - ومن هؤلاء الطالب - فإنه لا يشغل وظيفة قضائية إذ واقع الأمر في خصوصه أنه عين في 17 من إبريل سنة 1952 في وظيفة بالمجموعة الرسمية - مصرفها المالي درجة معاون نيابة خصماً على وظيفة لموظف بالمجموعة الرسمية مصرف ماهيته من درجة مساعد نيابة وذلك على سبيل الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر طبقاً للمادة 19 من القانون 210 لسنة 1951 ثم اعتبر شاغلاً لهذه الوظيفة بصفة نهائية بالقرار المطعون فيه، ووظائف المجموعة الرسمية وإن كانت وظائف فنية إلا أنها ليست وظائف قضائية مما تجرى عليه أحكام قانون استقلال القضاء، وقدمت وزارة العدل حافظة ضمنتها مذكرة صادرة من مدير عام التفتيش القضائي - رداً على مذكرة الطالب - من أن ثمة قراراً من وزير العدل صادراً في 3 فبراير سنة 1949 يقضي بتقسيم الوظائف بالديوان العام إلى وحدات منها وحدة خاصة بالوظائف القضائية الخاضعة لنظام الكادر القضائي ومنها الوظائف القضائية بالمجموعة الرسمية وقد ورد بهذه المذكرة أنه تبين من مذكرة المستخدمين المؤرخة 21/ 1/ 1958 عدم وجود قرار بهذا المعنى - كما ورد بها أن وظائف المجموعة الرسمية لم يسبق أن أدرجت ضمن الوظائف القضائية بالديوان العام - وأن شاغلي تلك الوظائف يعتبرون نظراء وتجرى ترقياتهم في الدرجات التي تخلو فقط بنفس وحدتهم "المجموعة الرسمية".ورد الطالب على ما دفعت به وزارة العدل من عدم اختصاص الجمعية العمومية لمحكمة النقض، بأن قرار تعيينه لم يكن مستنداً إلى المادة 19 من قانون الموظفين كما ادعت الوزارة بل إلى قانون استقلال القضاء وأن وظيفته بالمجموعة الرسمية هي وظيفة قضائية، وأنه عومل على هذا الاعتبار فمنح العلاوة بعد سنتين من تاريخ تعيينه على خلاف ما يجرى عليه الشأن في علاوات الوظائف الفنية إذ تستحق علاواتها في أول مايو من كل سنة، وأشار إلى ما كان من سعي وزارة العدل في سنة 1936 إلى تحويل الوظائف الفنية بالمجموعة الرسمية إلى وظائف قضائية وإلى موافقة مجلس لوزراء على ذلك وإدراج تلك الوظائف ابتداء من ميزانية 1936 - 1937 - على هذا الاعتبار بوصفها وظائف قضائية وفضلاً عن ذلك فإن عمل الطالب وزملاءه بالمجموعة الرسمية يطابق عمل القضاة بمكتب تبويب الأحكام بمحكمة النقض.وأبدت النيابة العامة رأيها - مؤازرة الطالب في طلبه من حيث اختصاص الجمعية العمومية لمحكمة النقض بنظره ومن حيث وجوب معاملة الطالب - فيما يخص شئون وظيفته بالأحكام المقررة في قانون استقلال القضاء وتقوم وجهة نظرها على ما سبق إيراده من موافقة مجلس الوزراء على تحويل الوظائف الفنية بالمجموعة الرسمية إلى وظائف قضائية في سنة 1936 وإدراجها ابتداء من ميزانية 1936 - 1937 - بهذا الوصف - واستمرار الحال على هذا المنوال إلى أن حولت في فبراير سنة 1954 - 1955 إلى وظائف فنية عالية - وقالت إن تعيين الطالب في 17/ 4/ 1952 - بالمجموعة الرسمية بدرجة معاون نيابة عملاً بأحكام قانون استقلال القضاء رقم 66 لسنة 1943 مؤداه اعتباره من الموظفين القضائيين بالديوان العام بالوزارة - وأن المذكرة الإيضاحية عن مشروع ميزانية وزارة العدل عن السنة المالية 1954 - 1955 تؤكد هذا المعنى إذ هي تسلم فيه بأن هذه الوظائف كانت معتبرة وظائف قضائية وذكرت النيابة - في خصوص موضوع الطلب - أن الطالب حقيق بأن يعامل بأحكام قانون استقلال القضاء فليس لوزارة العدل أن تستند في قرار 5/ 5/ 1954 موضوع الطب إلى قانون الموظفين 210 لسنة 1951 وأن ما طلبه الطالب من إلغاء القرار في هذا الخصوص حقيق بالإجابة - أما ما عدا ذلك من طلب تثبيته في وظيفته ومن أحقيته للترقية لوظيفة مساعد نيابة بالمجموعة الرسمية فإن وجهة نظر النيابة العامة في شأنهما لم تتلاق مع وجهة الطالب.
وحيث إن ما دفعت به وزارة العدل من عدم اختصاص الجمعية العمومية لمحكمة النقض بنظر هذا الطلب - في محله - ذلك أنه لما كانت المادة 23 من القانون رقم 147 لسنة 1949 - تنص على أن "تختص محكمة النقض دون غيرها منعقدة بهيئة جمعية عمومية يحضرها على الأقل تسعة من مستشاريها بالفصل في الطلبات المقدمة من رجال القضاء والنيابة والموظفين القضائيين بالوزارة وبمحكمة النقض وبالنيابة العامة بإلغاء قرارات مجلس الوزراء والقرارات الوزارية المتعلقة بأي شأن من شئون القضاء عدا النقل والندب.." فإن مؤدى ذلك أن من شرائط انعقاد الاختصاص لمحكمة النقض أن يكون القرار المطعون فيه صادراً في شأن شخص متصف بصفة من الصفات المنصوص عليها في تلك المادة بأن يكون من رجال القضاء أو النيابة العامة أو من الموظفين القضائيين بالمصالح المنوه عنها فيها - فإذا لم يقم به هذا الوصف انحسر الاختصاص عنها، ولما كان الطالب قد تقدم بطلبه هذا إلى محكمة النقض متظلماً من اعتباره خاضعاً لقانون الموظفين رقم 210 لسنة 1951 - معتبراً أنه من رجال النيابة العامة وكان الواقع في أمره أنه لا يقوم بتأدية أية وظيفة من وظائفها المبينة في الفصل الخامس من الباب الأول من قانون نظام القضاء رقم 147 لسنة 1949 - فإنه لا يعتبر من رجال النيابة العامة الذين عناهم هذا الفصل - وأشارت إليهم المادة 23 السالف ذكرها والذين نظم القانون رقم 66 لسنة 1943 أحوال تعيينهم وترقيتهم وأقدميتهم - ذلك أن عمله كموظف فني في المجموعة الرسمية منقطع الصلة بتلك الاختصاصات التي نيط برجال النيابة العامة مباشرتها - حسبما هو منصوص عليه في قانون نظام القضاء ووفقاً لما هو مبين آنفاً. ولا يغير من هذا النظر ما ورد في القرار الصادر بتعيين الطالب بتاريخ 17/ 4/ 1952 من أنه عين في وظيفة بالمجموعة الرسمية "بدرجة معاون نيابة" ولا ما ذكر بديباجة هذا القرار من أنه صدر "عملاً بأحكام قانون استقلال القضاء رقم 66 لسنة 1943" - ذلك أن الطالب لم يعين بهذا القرار ملحقاً بالنيابة العامة بصفة معاون وإنما عين موظفاً بالمجموعة الرسمية "بدرجة معاون نيابة" ولا مجادلة في أن وظائف المجموعة الرسمية ليست من الوظائف التابعة للنيابة العامة - ولا يقوم موظفوها - بتأدية أي عمل من الأعمال المخصوصة برجال النيابة العامة وفقاً لقانون نظام القضاء.هذا إلى أنه لم يرد بقانون استقلال القضاء رقم 66 لسنة 1943 ولا بالقانون الذي حل محله وهو القانون رقم 188 لسنة 1952 الصادر في 23 سبتمبر سنة 1952 ما يفيد اعتبار موظفي المجموعة الرسمية الفنيين من الموظفين القضائيين - الذين ينتظمهم هم ورجال القضاء والنيابة العامة سلك واحد رتبت فيه أوضاع أقدميتهم تجاه بعضهم البعض ويتنقلون على مقتضى القواعد المرسومة فيه بين مختلف الوظائف القضائية في القضاء والنيابة وبالديوان العام وبمحكمة النقض وبالنيابة العامة، وإذن فلا اعتداد بما أشار إليه الطالب من تصدير قرار تعيينه بأنه صدر عملاً بقانون استقلال القضاء رقم 66 لسنة 1943 ولا عبرة كذلك بأن تكون وزارة العدل طلبت تحويل الوظائف الفنية بالمجموعة الرسمية إلى وظائف قضائية وأن توافقها اللجنة المالية على وجهة نظرها، ولا بأن مجلس الوزراء أقر هذه الوجهة بقرار أصدره في سنة 1936، ولا بما ورد بقوانين الميزانية المنوه عنها آنفاً من إسباغ وصف الوظيفة القضائية على وظيفة الطالب بالمجموعة الرسمية - ذلك أن ضابط اعتبار الوظيفة من الوظائف القضائية إنما يستمد من القوانين الصادرة في هذا الشأن والمشار إليها فيما سلف، وأن قانون ربط الميزانية لا يعتبر قانوناً إلا من الناحية الشكلية فحسب أما من الناحية الموضوعية فهو عمل تنفيذي إداري لأنه لا يتضمن قواعد عامة مجردة كتلك التي يتضمنها بصفة عامة كل قانون.
وحيث إنه لما تقدم تكون هذه الهيئة - وقد أحيل إليها هذا الطلب "الذي كان مقدماً للجمعية العمومية لمحكمة النقض" عملاً بالمادة 3 من القرار بالقانون 56 لسنة 1959 - غير مختصة بنظره.


[(1)] صدر حكم مماثل في ذات الجلسة في الطلب رقم 124 سنة 24 ق "رجال القضاء".