أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 935

جلسة 5 من إبريل سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد وليد الجارحي، محمد بدر الدين توفيق، شكري جمعة حسين ومحمد محمود عبد اللطيف.

(153)
الطعن رقم 510 لسنة 55 القضائية

(1) قانون "تفسير".
إيراد المشرع مصطلحاً في نص ما لمعنى معين. وجوب صرفه لهذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه ثبوت مجافاة المعنى الاصطلاحي لقصد المشرع وجوب التصرف على الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه النص.
(2، 3) إيجار "إيجار الأماكن" "إقامة المستأجر مبنى مكون من أكثر من ثلاث وحدات سكنيه" حكم "تسبيبه" "عيوب التسبيب" "ما يعد قصوراً".
(2) إقامة المستأجر مبنى مكون من أكثر من ثلاث وحدات سكنية في تاريخ لاحق لاستئجار تخييره بين إخلاء سكنه الذي يستأجره أو توفير مكان ملائم لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبنى الذي أقامه. م 22/ 2 ق 136 لسنة 1981 كفاية ثبوت إقامة ذلك المبنى لحسابه وتمتعه عليه بسلطات المالك عدم اشتراط استناد ملكيته إلى سبب من أسباب كسب الملكية المحددة قانوناً. علة ذلك.
(3) إقامة الحكم قضاءه برفض دعوى إخلاء المستأجر لإقامته مبنى مكون من أكثر من ثلاث وحدات سكنية، على أساس خلو الأوراق مما يفيد أن المبنى الذي أقامه مملوكاً له بسبب من أسباب كسب الملكية التي نص عليها في القانون دون بحث مستندات الطاعن التي دلل بها على أن المستأجر أقام ذلك المبنى لحسابه وانتفع به خطأ وقصوره.
1 - الأصل في قواعد التفسير أنه أورد المشرع مصطلحاً معيناً في نص ما لمعنى معين وجب صرفه لهذا المعنى في كل نص آخر فيه، إلا أنه إذا تبين أن المعنى الاصطلاحي يجافي قصد المشرع فإن ذلك يؤكد أنه تحول عن هذا المعنى إلى معنى آخر غير ذلك الذي يدل عليه ظاهر النص ومن ثم فإن التصرف على الحكم الصحيح من النص يقتضي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه.
2 - النص في الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 - في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير وبيع الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر - يدل على أن المشرع استهدف تحقيق نوع من التوازن في العلاقات الإيجارية فارتأى أنه مما يحقق العدل أن يخير المستأجر بين إخلاء المسكن الذي يستأجره أو توفير مكان ملائم للمؤجر أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بأجرة لا تزيد عن مثلي الأجرة التي يدفعها إذا أقام لحسابه في تاريخ لاحق على عقد استئجاره بناء تزيد وحداته عن ثلاث إذ يكون في مكنته حينئذ الاستغناء عن سكنه والاستعاضة عنه بآخر في المبنى الذي أقامه، ومن ثم فإنه يتعين إعمال هذا الحكم في جميع الحالات التي يقيم فيها المستأجر المبنى الجديد لحسابه ويكون له وحده حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه حتى ولو لم يستند في ذلك إلى أي من أسباب كسب المكية الواردة في القانون على سبيل الحصر إذ محل ذلك هو "ادعاء الملكية في دعوى الاستحقاق باعتبارها دعوى عينية بقيمها مالك الشيء ويكون محلها المطالبة به حيث لا تثبت به الملكية إلا بسبب من تلك الأسباب، أما في الدعوى التي يقيمها المؤجر على المستأجر استعمالاً للرخصة التي خولها له النص المشار إليه فهي من الدعاوى الشخصية القائمة على التزامات ناشئة عن عقد الإيجار فلا يكلف المدعي فيها بإثبات ملكية المستأجر منه للمبنى الجديد، وإنما كل ما يطلب منه هو إقامة الدليل على أن هذا المستأجر أقام المبنى لحسابه وكانت له عليه سلطات المالك، والقول بغير ذلك يجافي قصد الشارع ويؤدي إلى أن يصبح مشتري أرض المبنى بعقد غير مسجل أحسن حالاً ممن التزم بأحكام القانون وبادر إلى تسجيل عقد شرائه. وأنه مما يؤيد أن المشرع في المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 سالفة الذكر انصرف عن المعنى الاصطلاحي للفظ المالك إلى ذلك المعنى الآخر ما يبين من استقراء أحكام هذا القانون من أنه أطلق على المؤجر اصطلاح المالك في نصوص المواد 4، 5، 6، 7، 9، 11، 19، 20، 25، الخاصة بتحديد الأجرة، وتقاضى مقدم إيجار، وزيادة أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى وتوزيع تكاليف الترميم والصيانة، وأجر حارس المبنى، والإعفاء من الضرائب العقارية للمباني الجديدة وزيادة الأجرة عند تغيير الاستعمال، والحق في تقاضي نسبة من ثمن بيع المتجر أو المصنع، وتأثيم تقاضي "خلو رجل" وبيع أو تأجير الوحدات المبينة لأكثر من شخص، والتخلف عن تسليم الوحدات المؤجرة في الموعد المحدد، وبطلان الشروط المخالفة لأحكام القوانين المنظمة للعلاقة بين طرفي العلاقة الإيجارية فقد استخدم المشرع في النصوص متقدمة البيان لفظ المالك في غير معناه الاصطلاحي.
3 - العبرة في تفسير النصوص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدعوى على ما أورده من أن الأوراق خلت بما يفيد أن المبنى الذي أقامه المستأجر مملوكاً له، وأن الملكية آلت إليه بسبب من أسباب كسب الملكية التي نص عليها القانون "فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث وتقدير ما انطوى عليه ترخيص البناء، والكشف الرسمي، وتقدير الخبير، والمحضر الإداري - المقدمة في الدعوى - والتي دلل بها الطاعن على أن المطعون ضده أقام ذلك المبنى الجديد لحسابه وانتفع به مما يجعل الحكم أيضاً مشوباً بقصور في التسبيب.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة بعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن الأول أقام على المطعون ضده الدعوى 1588 سنة 1982 مدني المنيا الابتدائية بطلب الحكم بإخلاء الشقة المبينة في الصحيفة وتسليمها له أو بإلزام المطعون ضده بتوفير مكان ملائم له في مبنى يملكه. وقال شرحاً لذلك أن المطعون ضده استأجر تلك الشقة من مورثه بعقد مؤرخ 1/ 2/ 1972 وإذ أقام بناء مملوكاً له مكوناً من أكثر من ثلاثة طوابق وحدات سكنية خالية فقد خيره بين إخلاء الشقة المؤجرة له أو توفير وحدة سكنية له في العقار الذي أقامه عملاً بالمادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981، ولما لم يستجب لطلبه فقد أقام دعواه ومحكمة أول درجة حكمت بعدم قبول الدعوى استأنف الطاعن هذا الحكم بالاستئناف رقم 227 لسنة 20 ق بني سويف "مأمورية المنيا" وبتاريخ 15/ 12/ 1984 قضت الحكم بإلغاء الحكم المستأنف وبرفض الدعوى طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول أن الحكم أقام قضاءه برفض الدعوى على سند من أن الأوراق خلت من دليل على ملكية المطعون ضده للعقار المبين في الصحيفة مما يحول دون تطبيق المادة 22 من القانون رقم 136 سنة 1981 - في حين أن الثابت من تقرير الخبير المندوب في الدعوى والمستخرج الرسمي الصادر عن مأمورية الضرائب العقارية بمطاى والمحضر الإداري رقم 924 سنة 1982 مطاى، ورخصة البناء الصادرة للمطعون ضده أن ذلك العقار مكلف باسمه، مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في محله، ذلك أنه وإن كان الأصل في قواعد التفسير أنه إذا أورد المشرع مصطلحاً معيناً في نص ما لمعنى معين وجب صرفه لهذا المعنى في كل نص آخر يرد فيه، إلا أنه إذا تبين أن المعنى الاصطلاحي يجافي قصد المشرع فإن ذلك يؤكد أنه تحول عن هذا المعنى إلى معنى آخر يدل عليه ظاهر النص. ومن ثم فإن التعرف على الحكم الصحيح من النص يقتضي الغرض الذي رمى إليه والقصد الذي أملاه، لما كان ذلك وكان النص في الفقرة الثانية من المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 في شأن بعض الأحكام الخاصة بتأجير الأماكن وتنظيم العلاقة بين المؤجر والمستأجر على أن: "إذا أقام المستأجر مبنى مملوكاً له يتكون من أكثر من ثلاث وحدات في تاريخ لاحق لاستئجاره يكون بالخيار بين الاحتفاظ بسكنه الذي يستأجر أو توفير مكان ملائم لمالكه أو أحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بالمبنى الذي أقامه بما لا يجاوز مثلي الأجرة المستحقة له عن الوحدة التي يستأجر منه" يدل على أن المشرع استهدف تحقيق نوع من التوازن في العلاقات الإيجارية فارتأى أنه مما يحقق العدل أن يخير المستأجر بين إخلاء المسكن الذي يستأجره أو توفير مكان ملائم للمؤجر أو لأحد أقاربه حتى الدرجة الثانية بأجرة لا تزيد عن مثلي الأجرة التي يدفعها إذا أقام لحسابه في تاريخ لاحق على عقد استئجاره بناء تزيد وحداته عن ثلاث إذ يكون في مكانته حينئذ الاستغناء عن مسكنه والاستعاضة عنه بآخر في المبنى الذي أقامه، ومن ثم فإنه يتعين إعمال هذا الحكم في جميع الحالات التي يقيم فيها المستأجر المبنى الجديد لحسابه ويكون له وحده حق استعماله واستغلاله والتصرف فيه حتى ولو لم يستند في ذلك إلى أي من أسباب كسب الملكية الواردة في القانون على سبيل الحصر إذ محل ذلك هو إدعاء الملكية في دعوى الاستحقاق باعتبارها دعوى عينية بقيمها مالك إدعاء الشيء ويكون محلها المطالبة به حيث لا تثبت به الملكية إلا بسبب من تلك الأسباب، أما في الدعوى التي يقيمها المؤجر على المستأجر استعمالاً للرخصة التي خولها له النص المشار إليه فهي من الدعاوى الشخصية القائمة على التزامات ناشئة عن عقد الإيجار فلا يكلف المدعي فيها بإثبات ملكية المستأجر منه للمبنى الجديد، وإنما كل ما يطلب منه هو إقامة الدليل على أن هذا المستأجر أقام المبنى لحسابه وكانت له عليه سلطات المالك، والقول بغير ذلك يجافي قصد الشارع ويؤدي إلى أن يصبح مشتري أرض المبنى بعقد غير مسجل أحسن حالاً ممن التزم بأحكام القانون وبادر إلى تسجيل عقد شرائه. وأنه لما يؤيد أن المشرع في المادة 22 من القانون رقم 136 لسنة 1981 سالفة الذكر انصرف عن المعنى الاصطلاحي للفظ المالك إلى ذلك المعنى الآخر ما يبين من استقراء أحكام هذا القانون من أنه أطلق على المؤجر اصطلاح المالك في نصوص المواد 4، 5، 6، 7، 9، 11، 19، 20، 23، 25 الخاصة بتحديد الأجرة، وتقاضي مقدم إيجار، وزيادة أجرة الأماكن المؤجرة لغير أغراض السكنى، وتوزيع تكاليف الترميم والصيانة وأجر حارس المبنى، والإعفاء من الضرائب العقارية للمباني الجديدة، وزيادة الأجرة عند تغيير الاستعمال، والحق في تقاضي نسبة من ثمن بيع المتجر أو المصنع وتأثيم تقاضي "خلو رجل"، وبيع أو تأجير الوحدات المبينة لأكثر من شخص والتخلف عن تسليم الوحدات المؤجر في الموعد المحدد، وبطلان الشروط - المخالفة لأحكام القوانين المنظمة للعلاقة بين طرفي العلاقة الإيجارية فقد استخدم المشرع في النصوص متقدمة البيان لفظ المالك في غير معناه الاصطلاحي والعبرة في تفسير النصوص - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي بالمقاصد والمعاني لا بالألفاظ والمباني. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه برفض الدعوى على ما أورده من أن "الأوراق خلت مما يفيد أن المبنى الذي أقامه المستأجر مملوكاً له، وأن هذه الملكية آلت إليه بسبب من أسباب كسب الملكية التي نص عليها القانون فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون وقد حجبه هذا الخطأ عن بحث وتقدير ما انطوى عليه ترخيص البناء، والكشف الرسمي وتقدير الخبير، والمحضر الإداري - المقدمة في الدعوى - والتي دلل بها الطاعن على أن المطعون ضده أقام ذلك المبنى الجديد لحسابه وانتفع به مما يجعل الحكم أيضاً مشوباً بقصور في التسبيب بما يوجب نقضه لهذا السبب دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.