أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 286

جلسة 28 من مايو سنة 1960

برياسة السيد حسن داود نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: محمود عياد، ومحمد فؤاد جابر، وفهيم الجندي، ومحمود حلمي خاطر، والحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ورشاد القدسي، ومحسن العباس، ومحمود القاضي المستشارين.

(9)
الطلب رقم 15 لسنة 28 ق "رجال القضاء"

( أ ) تفتيش قضائي.
إجراء التفتيش على أعمال الطالب في الفترة من 1949 عند تعيينه وكيلاً للنيابة العامة من الدرجة الأولى الممتازة إلى تعيينه رئيس محكمة سنة 1956. تضمن تقاريره تقديره "بدرجة فوق المتوسط" "وقريب من الكفء" "وكفء". تفتيش أعماله بمعرفة مدير التفتيش سنة 1958 والتنويه بوفرة إنتاجه وكفايته الفنية. تقرير تفتيش سنة 1957 ينسب إليه ضآلة إنتاجه وعدم كفايته - لا يصادف الحقيقة. عدم الاعتداد به.
(ب) ترقية.
مقارنة ما ورد بملفات زملاء الطالب الذين تخطوه في الترقية بما ورد في الملف السري له. عدم وجود ثمة مقتضى لتخطيه. تعين إلغاء القرار المطعون فيه في هذا الخصوص.
1 - متى كان يبين من الاطلاع على الملف السري الخاص بالطالب أنه قد أجرى التفتيش على أعماله المختلفة في الفترة التي مضت بين تعيينه وكيلاً للنيابة العامة من الدرجة الأولى الممتازة في سنة 1949 وتعيينه رئيس محكمة في سنة 1956 وقدمت تقارير تضمن أولها تقديره بدرجة "فوق المتوسط" والثاني تقديره بدرجة "فوق المتوسط" وتضمن الثالث تقديره بدرجة "قريب من الكفء" وتضمن الأخيران تقديره بدرجة "كفء"، وكان يبين أيضاً أن مدير التفتيش القضائي قام بنفسه في سنة 1958 بتفتيش أعمال الطالب في الفترة من أول فبراير سنة 1958 إلى آخر مارس سنة 1958 وقدم تقريراً خلص في نتيجته إلى وفرة إنتاجه وكفايته الفنية، فإنه على ضوء هذه التقارير والمستندات المقدمة من الطالب بملف الطعن يكون تقريره التفتيش عن عمله في سنة 1957 - إذ نسب إلى الطالب ضآلة إنتاجه وعدم كفايته الفنية - لم يصادف الحقيقة.
2 - متى كان يبين من الاطلاع على البيانات المستخرجة من الملفات السرية لزملاء الطالب الذين تخطوه في الترقية بالقرار المطعون فيه، ومقارنة ما ورد فيها بما ورد في الملف السري للطالب - ومع عدم الاعتداد بتقرير التفتيش عن عمله في سنة 1957، أنه لم يكن ثمة ما يقتضى تخطيه في الترقية إلى وظيفة مستشار أو ما يعادلها، فإنه يتعين إلغاء القرار المطعون فيه - في هذا الخصوص.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر وبعد المرافعة والمداولة.
من حيث إن الطلب قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - تتحصل في أنه بتاريخ 22 من إبريل سنة 1958 صدر قرار جمهوري طعن الطالب فيما تضمنه من إغفال ترقيته إلى وظيفة مستشار أو ما يعادلها وطلب أن يقضى له بالطلبات المبينة بصدر هذا الحكم مؤسساً طعنه على أن القرار مشوب بمخالفة القانون - وفي بيان ذلك قرر الطالب - أنه حصل على ليسانس الحقوق مع مرتبة الشرف في سنة 1935 ثم على دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاص والقانون العام وعين عضواً بالنيابة العامة ثم تدرج في المناصب القضائية إلى أن عين رئيساً لمحكمة سوهاج الابتدائية في سنة 1956 ونقل رئيساً بمحكمة الإسكندرية الابتدائية في سنة 1957 ثم أغفلت ترقيته بالقرار المطعون فيه استناداً إلى تقرير وضعه أحد المفتشين القضائيين عن عمل الطالب خلال فترة رياسته لمحكمة سوهاج ذهب فيه واضع التقرير إلى أن إنتاج الطالب ضئيل وأنه يغيب عنه حكم القانون في السهل من القضايا وأن معلوماته القانونية لم تبلغ الحد المرجو وكان هذا التقرير محل اعتراض الطالب في الميعاد القانوني فضلاً عن تناقضه مع تقارير التفتيش السابقة عليه والتالية له وهي ناطقة جميعها بوفرة إنتاجه وبكفايته الفنية الممتازة وارتكن الطالب تأييداً لطعنه إلى ما ورد بملفه السري وإلى المستندات المقدمة منه بملف الطعن ومنها صور بعض الأحكام الصادرة من الدائرتين اللتين كانا يرأسهما بمحكمتي سوهاج والإسكندرية - وطلب إجراء مقارنة بين درجة أهليته ودرجات أهلية زملائه الذين كانوا يلونه في الأقدمية وتخطوه في الترقية بالقرار المطعون فيه وخلص من ذلك كله إلى أن هذا القرار مشوب بمخالفة المادة 21 من قانون استقلال القضاء رقم 188 لسنة 1952 المعدل بالقانون رقم 221 لسنة 1955 التي نصت على وجوب مراعاة درجة الأهلية عند الترقية - وقد قررت المحكمة تمهيداً للفصل في الطعن ضم الملف السري للطالب وتكليف وزارة العدل بتقديم بيانات مستخرجة من السجلات السرية لمن تخطوا الطالب في الترقية وكانوا يلونه في الأقدمية فضم الملف السري كما قدمت البيانات المشار إليها.
ومن حيث إن دفاع وزارة العدل يتحصل في أن الطالب لم يكن وقت صدور القرار المطعون فيه قد بلغ درجة الأهلية التي بلغها زملاؤه الذين رقوا وأن القاعدة التي أقرها مجلس القضاء الأعلى ضابطاً للترشيح للترقية هي وجوب استقرار المرشح في درجة "فوق المتوسط" بأن يكون التقديران الأخيران يشهدان له ببلوغ هذه الدرجة. وقد عقب الطالب على هذا الدفاع بمذكرة تمسك فيها بوجوب إهدار التقرير الذي اتخذ أساساً لإغفال ترقيته وقرر بأن القاعدة التي أشارت إليها الوزارة في مذكرتها لم يشترط مجلس القضاء الأعلى اتباعها في حالة الترقية من درجة رئيس محكمة إلى درجة مستشار أو ما يعادلها وذكر أسماء بعض السادة المستشارين مقرراً أنهم رقوا في حركات قضائية سابقة دون التقيد باتباع القاعدة المنوه عنها وأضاف إلى ذلك أنه هو رقى إلى وظيفة مستشار في سبتمبر سنة 1958 ولم يكن قدم بملفه بعد التقرير المعترض عليه سوى تقرير واحد قدر فيه بدرجة "فوق المتوسط".
ومن حيث إن النيابة العامة قدمت مذكرة انتهت فيها إلى أن تقدير أهلية الطالب ومقارنة درجتها بدرجة أهلية من تخطوه في الترقية - متروك أمره للمحكمة.
وحيث إنه بالاطلاع على الملف السري تبين لهذه المحكمة أنه قد أجرى التفتيش على أعماله المختلفة في الفترة التي مضت بين تعيينه وكيلاً للنيابة العامة من الدرجة الأولى الممتازة في سنة 1949 وتعيينه رئيساً لمحكمة سوهاج الابتدائية في سنة 1956 وقدمت أربع تقارير تضمن أولها تقديره بدرجة "فوق المتوسط" وتضمن الثاني تقديره بدرجة "فوق المتوسط" وتضمن الثالث تقديره بدرجة "قريب من الكفء" وتضمن الأخيران تقديره بدرجة "كفء" كما تبين أيضاً أن مدير التفتيش القضائي قام بنفسه في شهر أغسطس سنة 1958 بتفتيش أعمال الطالب في الفترة من أول فبراير سنة 1958 إلى آخر مارس سنة 1958 وقدم تقريراً خلص في نتيجته إلى أن إنتاج الدائرة التي يرأسها - الطالب - خل الفترة كان مقبولاً في القضايا المدنية وحسناً في القضايا الجنائية وأنه اضطلع بأكثر من نصيبه نوعاً وعدداً وأنه يحرر أحكامه بعناية ملحوظة فيضمنها وقائع النزاع وطلبات الخصوم وأسانيدهم في عبارة حسنة وصياغة ممتازة وأنه يتولى حصر نقط النزاع المختلف عليها ويرد عليها رداً قانونياً سليماً في غالب الأحيان وتدل طريقة معالجته للبحوث التي صادفته على كفاية معلوماته القانونية وأن وزنه للدليل وتقديره للعقوبة سليمان وأنه نزيه ومستقيم. وترى المحكمة على ضوء هذه التقارير والمستندات المقدمة من الطالب بملف الطعن أن تقرير التفتيش عن عمله بمحكمة سوهاج في سنة 1957 - إذ نسب إلى الطالب ضآلة إنتاجه وعدم كفايته الفنية - لم يصادف الحقيقة.
وحيث إنه بالاطلاع على البيانات المستخرجة من الملفات السرية لزملاء الطالب الذين تخطوه في الترقية بالقرار المطعون فيه ومقارنة ما ورد فيها بما ورد في الملف السري للطالب - ومع عدم الاعتداد بتقرير التفتيش سالف الذكر - يبين أنه لم يكن ثمة ما يقتضي تخطي الطالب في الترقية إلى وظيفة مستشار أو ما يعادلها ومن ثم يتعين إلغاء القرار في هذا الخصوص - أما تحديد أقدمية الطالب وتسوية مرتبه فمن شأن وزارة العدل إجراؤهما كنتيجة لازمة لإلغاء القرار.
ومن حيث إن الطالب قرر بجلسة 30 من إبريل سنة 1960 بنزوله عن طلب التعويض فيتعين الحكم بذلك.