أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 948

جلسة 5 من إبريل سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد وليد الجارحي، محمد بدر الدين توفيق، شكري جمعه حسين ومحمد محمود عبد اللطيف.

(155)
الطعن رقم 2401 لسنة 54 القضائية

(1) محاماة "توقيع صحف الدعاوى الاستئنافية". بطلان "بطلان صحف الدعاوى" استئناف. "نظام عام".
(1) صحف الدعاوى أمام محاكم الاستئناف. وجوب التوقيع عليها من محام مقيد بجداولها. تعلق ذلك بالنظام العام. تخلفه أثره. بطلان الصحيفة. توقيع المحام باستلام أصل صحيفة غفل عن التوقيع لإعلانها. لا أثر له. علة ذلك.
(2، 3) إيجار. "إيجار الأماكن" "التأجير من الباطن".
(2) إسقاط الحق. عدم وقوعه إلا بالتنازل عنه صراحة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته عليه.
(3) مجرد علم المؤجر بواقعة التأجير من الباطن وعدم اعتراضه عليها عدم اعتباره بذاته تنازلاً ضمنياً عن حقه في طلب الإخلاء. علة ذلك.
(4) فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها وكفايتها. من سلطة قاضى الموضوع. متى أفصح عن مورد الدليل وكان استخلاصه سائغاً وكافياً.
(5) إيجار "إيجار الأماكن" "العين المؤجرة لمزاولة مهنة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة" "تأجير جزء من المكان المؤجر".
(5) حق مستأجر العين لمزاولة مهنة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة في تأجير جزء من المكان. م 40/ ب ق 49 لسنة 1977 عدم سريانه على حالة التنازل عن الإيجار. علة ذلك.
1 - النص في الفقرة الأولى عن المادة 37 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 - على عدم جواز قبول صحف الدعاوى أمام محاكم الاستئناف إلا إذا كان موقعاً عليها من محام مقيد بجدول هذه المحاكم وإلا حكم ببطلان الصحيفة، مقتضاه أن عدم توقيع مثل هذا المحامي على الصحيفة يترتب عليه حتماً بطلانها وإذ كان غرض الشارع من هذا النهى هو رعاية الصالح العام وتحقيق الصالح الخاص في الوقت ذاته لأن إشراف المحامي المقرر أمام محاكم الاستئناف على تحرير صحف الاستئناف من شأنه مراعاة أحكام القانون عند تحريرها وبذلك تنقطع المنازعات التي كثيراً ما تنشأ بسبب قيام من لا خبرة لهم بممارسة هذه الشئون ذات الطبيعة القانونية مما يعود بالضرر على ذوي الشأن، ومن ثم فان ذلك البطلان يتعلق بالنظام العام يتعين على المحكمة أن تقضي به من تلقاء نفسها ولا يصححه توقيع محام مقيد بجدول محاكم الاستئناف باستلام أصل صحيفة استئناف غفل عن التوقيع لإعلانه.، ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعنة أقامت على الشركة المطعون ضدها الأولى الدعوى 5164 لسنة 1978 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب إلزامها بتحرير عقد إيجار لها عن الشقة المبينة في الصحيفة، وقالت شرحاً لذلك أنها تستأجر الشقة رقم 8 ( أ ) بالعقار رقم 1 ميدان طلعت حرب منذ سنة 1940 وتستعملها مكتباً للصحافة بينما كان زوجها المرحوم........ يستأجر الشقة رقم 8 (ب) من العقار ذاته لاستعمالها عيادة طبية، وإذ تنازل لها عنها منذ عشر سنوات سابقة على رفع دعواها وأخطر المطعون ضدها الأولى بذلك فقد أقامت الدعوى تدخل كل من المطعون ضدهما الثاني والثالثة في هذه الدعوى، وأقامت الشركة المطعون ضدها الأولى على الطاعنة دعوى فرعية بطلب إخلاء الشقة رقم 8 ( أ ) - التي تستأجرها الطاعنة - على سند من أنها تنازلت عنها للمطعون ضده الثاني. ومحكمة أول درجة حكمت بقبول تدخل المطعون ضدهما الآخرين شكلاً ورفضه موضوعاً، وبرفض الدعويين الأصلية والفرعية. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 4428 لسنة 100 ق القاهرة، واستأنفته المطعون ضده الثاني بالاستئناف رقم 6048 لسنة 100 ق، كما استأنفه المطعون ضدها الأولى بالاستئناف رقم 4601 لسنة 100 ق. وبتاريخ 21/ 6/ 1984 قضت المحكمة في الاستئناف الأول ببطلان صحيفته وبعدم قبوله، وبزوال الاستئناف الثاني تبعاً لما قضى به في الاستئناف الأول وفي موضوع الاستئناف الثالث بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به في الدعوى الفرعية وبإخلاء الشقة رقم 8 ( أ ) والتسليم. وطعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة - في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على خمسة أسباب تنعى الطاعنة بالسببين الأولين منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول أنه كان يتعين على محكمة الاستئناف ألا تحكم ببطلان صحيفة الاستئناف لعدم توقيعها من محام وقد تيقنت من أن محررها محام مقبول حضر جلسات المرافعة وقدم مذكرات بدفاعه إذ تتحقق بذلك الغاية من توقيعه على الصحيفة هذا إلى أن توقيعه باستلام أصلها لإعلانه يؤكد أنه محررها ويصحح ذلك البطلان. وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أن النص في الفقرة الأولى من المادة 37 من قانون المحاماة الصادر بالقانون رقم 17 لسنة 1983 على عدم جواز قبول صحف الدعاوى أمام محاكم الاستئناف إلا إذا كان موقعاً عليها من محام مقيد بجدول هذه المحاكم وإلا حكم ببطلان الصحيفة مقتضاه أن عدم توقيع مثل هذا المحامي على الصحيفة يترتب عليه حتماً بطلانها، وإذ كان غرض الشارع من هذا النهي هو رعاية الصالح العام وتحقيق الصالح الخاص في الوقت ذاته لأن إشراف المحامي المقرر أمام محاكم الاستئناف على تحرير صحف الاستئناف من شأنه مراعاة أحكام القانون عند تحريرها وبذلك تنقطع المنازعات التي كثيراً ما تنشأ بسبب قيام من لا خبرة لهم بممارسة هذه الشئون ذات الطبيعة القانونية مما يعود بالضرر على ذوي الشأن، ومن ثم فإن ذلك البطلان يتعلق بالنظام العام يتعين على المحكمة - أن تقضى به من تلقاء نفسها ولا يصححه توقيع محام مقيد بجدول محاكم الاستئناف باستلام أصل صحيفة استئناف غفل عن التوقيع لإعلانه. ولما كان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي عليه بهذين السببين على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون - وشرحاً لذلك تقول أنها تمسكت أمام محكمة الموضوع بأن سكوت الشركة المطعون ضدها الأولى مدة طويلة وعدم اعتراضها على الزعم بتأجيرها من الباطن جزءاً من الشقة المؤجرة لها للمطعون ضده الثاني يسقط حق الشركة - في طلب الإخلاء لهذا السبب فأهدر الحكم المطعون فيه هذا الدفاع مما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أن المقرر - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - أن إسقاط الحق بوصفه تعبيراً عن إرادة صاحبه في التخلي عن منفعة مقررة يحميها القانون لا يكون إلا صراحة أو باتخاذ موقف لا تدع ظروف الحال شكاً في دلالته على حقيقة المقصود منه وأن سكوت المؤجر عن واقعة التأجير من الباطن لا يعتبر بذاته دليلاً على علمه به قبولاً يتضمن النزول عن الحق في طلب الإخلاء لانتفاء التلازم بين هذا الموقف السلبي والتعبير الإيجابي عن الإرادة، وإذ التزم الحكم المطعون فيه هذا النظر بما أورده من أن ليس صحيحاً ما جاء بأسباب الحكم المستأنف من أن مضي وقت طويل على حصول التأجير من الباطن أو التنازل عن الإيجار يعد تنازلاً ضمنياً من الشركة عن الحظر والوارد في عقد الإيجار ذلك أن المقرر أنه طالما ثبت وقوع المخالفة فلا عبرة بمضي الوقت طالما لم يصدر من المؤجر تصرف يدل دلالة قاطعة على موافقته على تصرف المستأجر "فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ويكون النعي على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه فساد الاستدلال ذلك أنه خلط بين الشقة 8 أ التي لم يتجادل بشأنها الخصوم وبين الشقة 8 ب التي قدم المطعون ضده الثاني المستندات التي تؤيد أحقيته فيها لا في الشقة الأولى، وإذ استدل الحكم بهذه المستندات على واقعة التأجير من الباطن فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير مقبول، ذلك أن المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها وكفايتها مما يستقل به قاضي الموضوع طالما أفصح عن مورد الدليل الذي استخلصه من الأوراق وكان استخلاصه سائغاً وكافياً لحمل النتيجة التي انتهى إليه قضاؤه. لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه بإخلاء الشقة 8 أ المؤجرة للطاعنة على أن الثابت من مطالعة عقد الإيجار المؤرخ 1/ 1/ 1974 وكذلك التنازل المؤرخ 1/ 7/ 1976 المقدمين ضمن مستندات المستأنف........ - المطعون ضده الثاني - والتي لم يطعن عليها بأي مطعن أن المستأنفة........ أجرت له غرفة مفروشة بالشقة رقم 8 التي تطل على شرفه بعقار النزاع بأجرة شهرية قدرها 7 جنيهات وأنها أصدرت له إيصالات تفيد سداده أجرتها وتضمنت هذه المستندات أن الغرفة المؤجرة مفروشة ضمن الشقة 8 المؤجرة من شركة مصر للتأمين والثابت من عقد الإيجار المؤرخ 19/ 5/ 1958 المبرم بين........ والشركة المذكورة أنه ينصب على الشقة رقم 8 (1) المستغلة مكتباً، كما ثبت من عقد التنازل المؤرخ بتاريخ 1/ 8/ 1976 أن المستأجرة المذكورة تنازلت بموجب هذا العقد إلى........ عن حقها في استغلال الغرفة الكائنة - بالجناح الأيسر والملحق لها شرفة بالشقة المستغلة مكتباً للصحافة الدولية لصاحبه ضمن الشقة رقم 8 بعقار النزاع، ومن ثم فإنه لا مراء في أن التأجير من الباطن والتنازل عن الإيجار الصادرين من........ في 1/ 1/ 1974، 1/ 7/ 1986 إلى........ قد انصبا على غرفة ضمن الشقة رقم 8 ( أ ) التي تستأجرها من شركة التأمين بموجب عقد الإيجار المؤرخ 19/ 5/ 1958 مخالفة بذلك البند السابع من هذا العقد........ وإذ كان هذا الذي انتهى إليه الحكم سائغاً له أصل ثابت في الأوراق يؤدي إلى النتيجة التي انتهت إليها المحكمة فإن ما تثيره الطاعنة بهذا السبب لا يعدو أن يكون مجادلة منها في فهم الواقع في الدعوى وتقدير الأدلة المقدمة فيها مما لا يقبل أمام محكمة النقض.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الخامس على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وبياناً لذلك تقول أن الشقة موضوع النزاع مؤجرة لمزاولة نشاط مهني ومن ثم يجوز تأجير جزء منها من الباطن للغير دون إذن من المالك طبقاً للفقرة ب من المادة 40 من القانون 49 سنة 1977 وقد خالف الحكم هذا النظر.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه من المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه إذا كان مؤدى نص المادة 40/ ب من القانون رقم 49 سنة 1977 أنه أعطى للمستأجر الذي يزاول مهنة أو حرفة غير مقلقة للراحة أو مضرة بالصحة حق تأجير جزء من المكان المؤجر فإنه يتعين الالتزام بحدود هذا النص وعدم إطلاقه لينطبق على حالة التنازل عن الإيجار لاختلاف حكمه وآثاره، عن حالة التأجير من الباطن، فضلاً عن أنه لا يجوز التوسع فيه أو قياسه على الحالة المأذون بها فيظل المنع من التنازل الوارد بنص القانون سارياً بالنسبة لغير ما إذن به وإذ قام قضاء الحكم المطعون فيه - على أن الثابت من التنازل المؤرخ 1/ 7/ 1976 أن الطاعنة تنازلت عن جزء من الشقة المؤجرة لها للمطعون ضده الثاني، فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً، ويكون النعي عليه بهذا السبب على غير سديد.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.