أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 315

جلسة 14 من إبريل سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحسن العباس، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

(48)
الطعن رقم 36 سنة 27 ق "أحوال شخصية"

( أ ) حكم "الطعن في الأحكام" "المصلحة في الطعن". وقف "تحديد قيمة المرتب المشروط للخيرات".
قيام النزاع حول تحديد قيمة المرتب المشروط للخيرات بالذهب أو بالعملة الورقية. تقدير الخبير لريع الفدان من الأطيان الموقوفة وقت الإشهاد باتباع أساس لا يتأثر فيه مقداره بما ثار من خلاف. انتفاء مصلحة الطاعنين في النعي على الحكم المطعون فيه عدم إفصاحه عن وجهة نظره في هذا الخلاف.
(ب) وقف "قسمته".
تفريق المشرع في الحكم - عند طلب قسمة أعيان الوقف - بين حالة ما إذا كانت غلة العين الموقوفة معلومة وقت الإشهاد وحالة ما إذا لم تكن تلك الغلة معلومة في ذلك الوقت. لكل حكمها. تبيان الم 36 الق 48/ 46 حكم كل منهما.
(جـ) وقف "قسمته". استئناف "أثر الاستئناف" "الأثر الناقل للاستئناف".
تقدم الطاعنة لمحكمة الاستئناف بطلب إعادة تقسيم أطيان الوقف بين مستحقيه على أساس أن ما فرز للخيرات زيادة عن الحكم الابتدائي هو من نصيبها. رفض الاستجابة إليه بمقولة إن الاستئناف من فرز نصيب الخيرات فقط. غير سديد. على محكمة الاستئناف مواجهة هذا الوضع بما يقتضيه بتكليف الخبير إعادة تقسيم الأطيان الباقية بين طالبي القسمة بصرف النظر عن أن المطعون عليها هي التي أقامت الاستئناف عن نصيب الخيرات.
1 - إذا كان الطاعنون ينعون على الحكم المطعون فيه قصور التسبيب وفي ذلك ذكروا أن الحكم لم يواجه ما قام عليه النزاع بين الطرفين في شأن ما هو مشروط للخيرات حيث أثارت المطعون عليها في دفاعها وجهة نظر حاصلها أن الجنيه الذهب يساوي أربعمائة قرشاً ويتعين لذلك أن يفرز للخيرات قدر من الأطيان يغل ما هو مشروط لها على أساس هذا التقويم، بينما تمسك الطاعنون بأنه وإن كان المرتب المشروط للخيرات مذكوراً بلفظ الجنيهات الذهبية إلا أنه قد قامت مقامها العملة الورقية فأصبح المعول عليه هو الجنيه الورق الذي يساوي مائة قرش - وأن الحكم المطعون فيه لم يفصح عن وجهة نظره في هذا الخلاف فجاء مشوباً بالغموض وقصور التسبيب، وكان يبين من تقريره مكتب الخبراء المقدم لمحكمة الاستئناف أن الخبير الذي باشر العمل وقدر ريع الفدان من الأطيان الموقوفة وقت الإشهاد بالوقف قد استخرج هذه القيمة باتباع أساس لا يتأثر فيه مقدار الريع بما ثار من نزاع حول تحديد قيمة المرتب المشروط للخيرات بالذهب أو بالعملة الورقية - ذلك أنه اتخذ الجنيهات الذهبية أساساً للتقويم في العوامل الثلاثة التي استعملها في استخراج صافي الريع - ثم فرز للخيرات أطياناً تغل ما هو مشروط لها على هذا الأساس، وكانت هذه النتيجة لا تختلف إذا ما روعي للتقويم ضابط آخر، فإنه لا مصلحة للطاعنين فيما نعوا به على الحكم المطعون فيه.
2 - يبين من استعراض أحكام المادة 2 من القانون رقم 180 لسنة 1952 والمادة 41 من القانون 48 لسنة 1946 والمادة 36 منه أن المشرع فرق في الحكم "عند طلب قسمة أعيان الوقف" بين حالة ما إذا كانت غلة العين الموقوفة معلومة وقت الإشهاد به - وحالة ما إذا لم تكن تلك الغلة معلومة في ذلك الوقت - فجعل لكل من هاتين الحالتين حكماً وقد بينت المادة 36 من القانون رقم 48 لسنة 1946 حكم كل منهما فذكرت أنه "إذا جعل الواقف غلة وقفه لبعض الموقوف عليهم وشرط لغيرهم مرتبات فيها قسمت الغلة بالمحاصة بين الموقوف عليهم وذوي المرتبات بالنسبة بين المرتبات وباقي الغلة وقت الوقف إن علمت الغلة وقته - وإن لم تعلم وقت الوقف قسمت الغلة بين أصحاب المرتبات والموقوف عليهم على اعتبار أن للموقوف عليهم كل الغلة ولأصحاب المرتبات حصة بقدر مرتباتهم على ألا تزيد المرتبات في الحالتين عما شرطه الواقف".
3 - إذا كانت الطاعنة الأولى قد تقدمت إلى محكمة الاستئناف طالبة إعادة تقسيم أطيان الوقف بين مستحقيه على أساس أن ما فرز للخيرات زيادة عن الحكم الابتدائي هو من نصيبها، وكانت محكمة الاستئناف قد رفضت الاستجابة إلى ما طلبت في هذا الخصوص بمقولة إن الاستئناف هو عن فرز نصيب الخيرات فقط وأن لها أن تسلك الطريق القانوني للوصول إلى حقها إن أرادت، فإن هذا النظر يكون غير سديد ذلك لأنه ما دام أن الحكم الابتدائي قضى بفرز حصة للخيرات وبفرز نصيب كل فريق من المستحقين فإن من شأن تعديل أي حصة من هذه الحصص التأثير في باقيها، ومن ثم كان على محكمة الاستئناف أن تواجه هذا الوضع بما يقتضيه من تكليف الخبير بإعادة تقسيم الأطيان الباقية بين طالبي القسمة بصرف النظر عن أن المطعون عليها هي وحدها التي أقامت الاستئناف عن نصيب الخيرات.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون يفيه وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 3/ 8/ 1948 تقدمت السيدة نعمت حسين بهجت وورثة السيدة سنية حسين بهجت بطلب إلى رئيس محكمة مصر الابتدائية الشرعية ذكروا فيه أن المرحوم حسين بك بهجت وقف في 7 يونيه سنة 1909 بحجة وقف صادرة بمحكمة مصر الشرعية أطياناً مقدارها 68 ف و23 ط و20 س ونصف كامل بناء (العزبة) وجعل ثمن ريع هذا الوقف على زوجته مدة حياتها، وبعد وفاتها يضم ويلحق بباقي الوقف ويأخذ حكمه وشرطه (وقد رجح هذا النصيب إلى الوقف بوفاة الزوجة) وجعل سبعة الأثمان الباقية وقفاً (من بعد الواقف) على بناته الأربعة نعمات وسنية ونبيه وحكمت بالتساوي بينهن وشرط الواقف أن يصرف من ريع هذا الوقف في كل سنة من سني الأهلة تسعة جنيهات ذهباً ضرب مصر (وما يقوم مقام ذلك من النقود) في وجوه خيرات عينها - وطلبوا فرز حصة تفي بالخيرات المشروطة، كما طلبوا تجنيب نصيب السيدة نعمت وهو الربع - وفرز وتجنيب نصب ورثة السيدة سنية (مجتمعاً) وهو الربع أيضاً - وبجلسة 21/ 11/ 1948 ذكرت السيدة نبيه حسين بهجت أنها موافقة على الطلب - كما وافقت عليه السيدة حكمت بجلسة 5/ 12/ 1948 - وبتاريخ 19/ 12/ 1948 قررت محكمة القاهرة الابتدائية الشرعية - ندب مكتب الخبراء لمعاينة الأعيان الموقوفة وفرز نصيب الطالبين فيها على الوجه المبين بطلبهم على أن يلاحظ فرز ما يوازي نصيب الخيرات في الوقف طبقاً للمادة 41 وما ألحق بها من المواد 36 و37 و38 من القانون رقم 48 لسنة 1946 وباشر مكتب الخبراء عمله وقدم تقريراً - فرز به للخيرات فداناً - وقسم من الأطيان الموقوفة 54 فداناً وكسوراً بين الطالبات وجعلها أربعة أقسام، وقد وافق الطالبون على ما جاء بالتقرير، وتقدموا للمحكمة الابتدائية بإقرار يتضمن الموافقة على قسمة الوقف على هذا النحو واختصاص كل طرف من الأطراف الأربعة بقسم معين وذكروا فيه أن ما بقى بعد ذلك من أرض الوقف بغير قسمة يستمر مشاعاً بينهم - واعترضت وزارة الأوقاف على الحصة التي فرزت للخيرات مبدية في اعتراضها أن هذه الحصة لا تغل المشروط للخيرات - إذ أنها قد فرزت على أساس أن الجنيه الذهب يساوي مائة قرش بينما أنه يساوي (حسب قيمته في السوق الحرة) مبلغ 400 قرش، وأنه يتعين فرز حصة للخيرات تغل المقدار المشروط لها على هذا الأساس. وبتاريخ 13/ 4/ 1955 أصدرت هيئة التصرفات بمحكمة مصر الابتدائية الشرعية قرارها في المادة قاضياً بفرز وتجنيب نصيب الخيرات ونصيب المستحقين الطالبين في الوقف طبقاً لتقرير الخبير وعقد الاتفاق المشار إليه والمحرر بينهم ومشروعي الشهر العقاري على أن يبقى ما لم يقسم من الوقف شائعاً بين المستحقين جميعاً (عدا الخيرات) وورد في هذا القرار أن الجنيه الذهب يقوم مقامه الجنيه الورق وأن قيمته مائة قرش وأن هذا هو القانون الصحيح المتعين الأخذ به، واستأنفت وزارة الأوقاف هذا القرار إلى المحكمة العليا الشرعية وذكرت في صحيفة استئنافها أن الحصة التي فرزت للخيرات لا يفي ريعها بما شرط لها، وطلبت إلغاء القرار وإعادة المادة إلى مكتب الخبراء لفرز حصة يفي ريعها بالخيرات المشروطة مع الحكم بمصروفات التقاضي. وبجلسة 23 من نوفمبر سنة 1955 قررت المحكمة إعادة المأمورية لمكتب الخبراء لفرز ما يغل المشروط صرفه للخيرات على أساس صافي ريع الفدان وقت صدور إشهاد الوقف بعد الاطلاع على محضر جلسة 2 من نوفمبر سنة 1955 - حيث كانت المحكمة قد سألت وكيل المستأنف عليهم في تلك الجلسة عن قيمة إيجار الفدان في سنة 1909 (أي وقت الإشهاد بالوقف) فأجاب أن إيجار الفدان في ذلك الوقت لا يتجاوز أربعة جنيهات أو خمسة. وبعد صدور القانون رقم 462 لسنة 1955 أحيل الاستئناف إلى محكمة استئناف القاهرة، وقدم مكتب الخبراء تقريره متضمناً فرز حصة للخيرات مقدارها فدانان و3 قراريط و8 أسهم وتكوين هذا المقدار في مشروعين تجرى القرعة بينهما، وبجلسة 2/ 12/ 1956 قررت المحكمة إجراء القرعة طبقاً لتقرير مكتب الخبراء (المقدم لمحكمة الاستئناف) وكلفت المحكمة وزارة الأوقاف بتقديم مشروع الشهر على أساس المشروع الثاني الذي أنتجته القرعة، وبتاريخ 26/ 5/ 1957 حكم محكمة الاستئناف بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل القرار الابتدائي المستأنف بالنسبة لحصة الخيرات بجعله فدانان و3 قراريط و8 أسهم وذلك بدلاً من القدر المبين بالقرار الابتدائي وألزمت المستأنف عليهم (الطاعنين) بالمصروفات وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة. وبتاريخ 12 يونيه 1957 قرر الطاعنون الطعن بالنقض في هذا الحكم. وأبدت النيابة العامة رأيها بمذكرتها المرفقة برقم 21 بنقض الحكم المطعون فيه في خصوص الأسباب الأول والثاني والرابع. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 18/ 3/ 1959 فقررت بإحالته إلى هذه الدائرة، وأعلن الطاعنون تقرير الطعن إلى المطعون عليها في 25 مارس سنة 1959، فقدمت مذكرة طلبت فيها رفض الطعن وإلزام الطاعنين بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة وأبدت النيابة العامة رأيها في مذكرتها المرفقة برقم 27 بالتصميم على ما جاء بمذكرتها الأولى.
وحيث إن محصل ما ينعى به الطاعنون على الحكم المطعون فيه في السبب الأول قصور التسبيب. وفي ذلك ذكروا أن ذلك الحكم لم يواجه ما قام عليه النزاع بين الطرفين في شأن ما هو مشروط للخيرات. حيث أثارت المطعون عليها في دفاعها أمام محكمة أول درجة وأسست استئنافها للقرار الابتدائي على وجهة نظر حاصلها أن الجنيه الذهب يساوي أربعمائة قرش ويتعين لذلك أن يفرز للخيرات قدر من الأطيان يقل ما هو مشروط لها على أساس هذا التقويم بينما تمسك الطاعنون بأنه وإن كان المرتب المشروط للخيرات مذكور بلفظ الجنيهات الذهبية إلا أنه قد قامت مقامها العملة الورقية فأصبح المعول عليه هو الجنيه الورق الذي يساوي مائة قرش، ومع تقرير الحكم المطعون فيه بأن تقويم المرتب المشروط للخيرات هو مما ثار في شأنه النزاع بين الطرفين على الوجه المتقدم، إلا أنه التفت عن مواجهته. فلم تفصح المحكمة الاستئنافية عن وجهة نظرها في هذا الخلاف لا في الحكم المطعون فيه ولا في الحكم السابق عليه والصادر بجلسة 23/ 11/ 1955 والذي أعادت به المأمورية لمكتب الخبراء لفرز حصة للخيرات، على أساس ريع الأعيان الموقوفة وقت الإشهاد بالوقف، وبذلك جاء الحكم المطعون فيه مشوباً بالغموض وقصور التسبيب.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه يبين من الاطلاع على تقرير مكتب الخبراء المقدم لمحكمة الاستئناف أن الخبير الذي باشر العمل وقدر ريع الفدان من الأطيان الموقوفة وقت الإشهاد بالوقف قد استخر هذه القيمة باتباع ضابط لا يتأثر فيه مقدار الريع بما ثار من نزاع حول تحديد قيمة المرتب المشروط للخيرات بالذهب أو بالعملة الورقية ذلك أنه اتخذ الجنيهات الذهبية أساساً للتقويم في العوامل الثلاثة التي استعملها في استخراج صافي الريع إذ قوم بها الأطيان الموقوفة والفائدة التي تغلها قيمتها وقوم بها كذلك ما كان يدفع من أموال أميرية عنها وقت الوقف كما قوم بها الأجرة التي كانت تؤجر بها تلك الأعيان في ذلك الحين وخلص من مراعاة هذه العوامل إلى تقدير صافي غلة الفدان من الأعيان الموقوفة بـ 4 جنيهات و112 مليماً من الجنيهات الذهبية ثم فرز للخيرات أطياناً تغل ما هو مشروط لها على هذا الأساس. ولما كانت هذه النتيجة لا تختلف إذا ما روعي للتقويم ضابط آخر، فإنه لا مصلحة للطاعنين فيما نعوا به على الحكم المطعون فيه من التفاته عن البت فيما تنازع عليه الطرفان بشأن تقويم المرتب المشروط للخيرات.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون في خصوص ما تقضي به المادة 41 من القانون 48 لسنة 1946 إذ تقرر هذه المادة بأنه في حالة طلب القسمة تفرز للخيرات حصة تضمن غلتها ما وقف عليها على أساس متوسط غلة الوقف في السنوات الخمس الأخيرة العادية، ولكن الحكم المطعون فيه قرر فرز حصة للخيرات على أساس صافي ريع الفدان وقت الإشهاد بالوقف وقد وقعت هذه المخالفة بالنسبة للقانون رقم 180 لسنة 1952 الواجب تطبيقه الآن إذ تقضي الفقرة الثانية من المادة الثانية منه بأن يتبع في تقدير حصة الخيرات وفرزها أحكام المادة 41 المشار إليها آنفاً.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان يبين من استعراض أحكام المادة 2 من القانون رقم 180 لسنة 1952 والمادة 41 من القانون 48 لسنة 1946 والمادة 36 منه أن المشرع فوق في الحكم "عند طلب قسمة أعيان الوقف" بين حالة ما إذا كانت غلة العين الموقوفة معلومة وقت الإشهاد به - وحالة ما إذا لم تكن تلك الغلة معلومة في ذلك الوقت - فجعل لكل من هاتين الحالتين حكماً وقد بينت المادة 36 من القانون رقم 48 لسنة 1946 حكم كل منهما فذكرت أنه "إذا جعل الواقف غلة وقفه لبعض الموقوف عليهم وشرط لغيرهم مرتبات فيها قسمت الغلة بالمحاصة بين الموقوف عليهم وذوي المرتبات بالنسبة بين المرتبات وباقي الغلة وقت الوقف إن علمت الغلة وقته - وان لم تعلم وقت الوقف قسمت الغلة بين أصحاب المرتبات والموقوف عليهم على اعتبار أن للموقوف عليهم كل الغلة ولأصحاب المرتبات حصة بقدر مرتباتهم على ألا تزيد المرتبات في الحالتين عما شرطه الواقف". ولما كان يبين من تقرير الخبير المقدم لمحكمة الاستئناف والذي اتخذه الحكم المطعون فيه أساساً لقضائه أنه أعمل الحكم الذي تضمنته هذه المادة - في الفرض الذي تكون فيه غلة الوقف معلومة وقت الإشهاد به مؤسساً نظره في هذا الخصوص على العوامل المتقدم ذكرها عند الرد على السبب الأول - وهو نظر لم ينل منه الطاعنون بشيء - فإن الحكم المطعون فيه لا يكون مخطئاً في القانون.
وحيث إن الطاعنين ينعون بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه خطأه في القانون وذلك بإطراحه وجهة النظر التي أخذ بها الحكم الابتدائي والتي قامت على أساس أن الجنيه الذهب ضرب مصر يساوي مائة قرش. وقد خالف الحكم المطعون فيه بذلك قضاء مستقراً في هذا الخصوص ثبتت عليه المحكمة العليا الشرعية ومحكمة استئناف القاهرة وهو قضاء يتفق والقانون الصحيح.
وحيث إن هذا النعي مردود بأن محكمة الاستئناف لم تعرض في قضائها لتقويم الجنيه الذهب أما تعديلها للحكم الابتدائي فلم يكن مبناه الأخذ في تقويم الجنيه الذهب بوجهة نظر مخالفة لما قام عليه ذلك الحكم - بل كان مبناه اعتماد تقرير مكتب الخبراء المؤسس على وجهة النظر السالف بيانها عند الرد على السبب الأول من أسباب الطعن.
وحيث إن السبب الرابع مبناه أنه كان يتعين على محكمة الاستئناف بعد إذ رأت الأخذ بتقرير مكتب الخبراء في تخصيص فدانان و3 قراريط و8 أسهم للخيرات وبعد إذ تبينت أن هذا القدر يقع في الحصة التي اختصت بها الطاعنة الأولى وفق الاتفاق المعقود بينها وبين باقي المستحقين والذي أقرته محكمة أول درجة أن تتدبر أثر هذا التخصيص على حصة الطاعنة الأولى فتقرر بإعادة القضية إلى محكمة الدرجة الأولى لإعادة التقسيم بين المتقاسمين على أساس هذا التعديل ولكنها لم تجب الطاعنة الأولى إلى ما طلبت قائلة إن عليها أن تسلك الطريق الموصل لحقها قانوناً وعللت وجهة نظرها في هذا الخصوص بأن الاستئناف مرفوع إليها من وزارة الأوقاف من حصة الخيرات وهذا نظر خاطئ لاتصال الأنصبة ببعضها ولأن التعديل في واحد منها يترتب عليه تعديل في باقي الأنصبة.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن الطاعنة الأولى قد تقدمت إلى محكمة الاستئناف طالبة إعادة تقسيم أطيان الوقف بين مستحقيه على أساس أن ما فرز للخيرات زيادة من الحكم الابتدائي هو من نصيبها فرفضت محكمة الاستئناف الاستجابة إلى ما طلبت مؤسسة وجهة نظرها في هذا الخصوص على ما ذكرته في أسباب حكمها "من أن هذا الاستئناف هو عن فرز نصيب الخيرات فقط فلا وجه لما أثاره وكيل المستأنف ضدها المذكورة (الطاعنة الأولى) ولها أن تسلك الطريق القانوني للوصول إلى حقها إن أرادت".
وحيث إن هذا النظر غير سديد ذلك لأنه ما دام أن الحكم الابتدائي قضى بفرز حصة الخيرات وبفرز نصيب كل فريق من المستحقين، فإن من شأن تعديل أي حصة من هذه الحصص التأثير في باقيها، وكان على محكمة الاستئناف أن تواجه هذا الوضع بما يقتضيه من تكليف الخبير بإعادة تقسيم الأطيان الباقية بين طالبي القسمة بصرف النظر عن أن المطعون عليها هي وحدها التي أقامت الاستئناف عن نصيب الخيرات لأن تخصيص الخيرات بفدانين و3 قراريط و8 أسهم كان من نتيجته التأثير في حصص باقي المتقاسمين بالزيادة التي زادها عن الحكم الابتدائي وبوقوع هذا القدر في النصيب الذي اختصت به الطاعنة الأولى بما من شأنه انتقاص حصتها.