أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 41 - صـ 979

جلسة 12 من إبريل سنة 1990

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي وعضوية السادة المستشارين/ عبد الحميد سليمان نائبي رئيس المحكمة، محمد وليد الجارحي، محمد محمد طيطه ومحمد بدر الدين توفيق.

(160)
الطعن رقم 2704 لسنة 56 القضائية

(1) إثبات. "الطعن بالإنكار" "إنكار المحرر" "إنكار التوقيع" حكم "تسبيبه".
إنكار الطاعنة وجود المحرر في ذاته. عدم اعتباره إنكاراً للتوقيع عليه.
(2، 3) حكم "حجية الحكم الجنائي "نطاقها" تسبيب الحكم "إيجار" إيجار الأماكن.
(2) حجية الحكم الصادر في الدعوى الجنائية أمام المحاكم. مناطه.
(3) قضاء المحكمة الجنائية ببراءة الطاعنة من تهمة تقاضيها المبالغ المطالب بها خارج نطاق عقد الإيجار من المطعون ضدها تأسيساً على عدم تقديمها أصلى الإيصالين محل النزاع المكونين ركن الجريمة. عدم حيازته حجية أمام المحكمة المدنيه طالما قدمت لها تلك الإيصالات.
1 - إذا كان الثابت من مدونات الحكم الابتدائي أن المطعون ضدهما دعا أصلي الإيصالين سندي الدعوى بالمحافظتين رقمي.....، ..... وكانت الطاعنة لم تنكر بصيغة صريحة وجازمة توقيعها على هذين الإيصالين وإنما أنصرف دفاعها إلى إنكار وجود المحرر في حد ذاته، فان ما أثارته أمام محكمة الاستئناف لا يعد منها إنكاراً لتوقيعها على الإيصالين بالمعنى المقصود في المادة 14 من قانون الإثبات.
2 - مؤدى المادتين 456 من قانون الإجراءات الجنائية، 102 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحاكم المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفى الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها وعليها أن تلتزم بها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكن لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له.
3 - إذا كان الحكم الصادر في الجنحة المستأنفة رقم........ لسنة........ جنح مستأنف مصر قد قضى ببراءة الطاعنة من تهمة تقاضيها من المطعون ضدهما المبالغ المطالب بها خارج نطاق عقد الإيجار وأقام قضاءه بالبراءة على ما أورده من أسباب منها أن المجني عليهما - المطعون ضدهما كلفا أكثر من مرة بتقديم مستنداتهما المنوه عنها إلا أنهما ماطلا ولم يقدما أصلى الإيصالين محل النزاع المكونين ركن الجريمة ومن ثم فلا دليل عليها وإذ كان فإن حكم البراءة لا تكون له حجية في هذا الخصوم أمام المحكمة المدنية إذا ما تقدم للمحكمة الأخيرة أصل هذه المستندات ولا تثريب عليها أن عولت في قضائها على تلك الإيصالات التي لم تقدم إلى المحكمة الجنائية لكي تقول كلمتها فيهما ولا تكون خالفت حجية الحكم الجنائية القاضي بالبراءة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن المطعون ضدهما طلباً استصدار أمري أداء بإلزام الطاعنة بأن تؤدي للمطعون ضدها الأولى مبلغ أربعة آلاف جنيه. وتؤدي للمطعون ضده الثاني مبلغ ألف وخمسمائة جنيه وقالا شرحاً لذلك أن الطاعنة تقاضت منهما هذه المبالغ كمقدم إيجار عن الشقق المبينة بالعقار المبين بالصحيفة وذلك بموجب إيصالين صادرين في سنة 1978، 1/ 3/ 1980 إلا أنه تبين لهما أنها ليست مالكة للعقار ولا صفة لها في إدارته فإنذارهما برد المبلغ، وإذ رفض السيد رئيس المحكمة إصدار الأمر وحدد جلسة لنظر الدعويين حيث تم قيدهما برقمي 1786 لسنة 1983، 544 لسنة 1987 مدني شمال القاهرة الابتدائية. وأجابت المحكمة المطعون ضدهما لطلباتهما. استأنفت الطاعنة هذا الحكم بالاستئناف رقم 5154 لسنة 103 ق القاهرة، وبتاريخ 6/ 11/ 1986 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف. طعنت الطاعنة في هذا الحكم بطريق النقض وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي بنقض الحكم. وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين تنعى الطاعنة بالسبب الأول والوجه الأول والثالث والرابع من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون والإخلال بحق الدفاع وفى بيان ذلك تقول أنها تمسكت بإنكارها للصور الضوئية للإيصالين سندي الدعوى أنهما لا يحملان أي توقيع لها حجية لهما في الإثبات وقد طالبت المطعون ضدهما بتقديم الأصل للطعن عليه بالتزوير، وإذ قضى الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه بإلزامها بالمبالغ الواردة بالصورتين الضوئيتين فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير صحيح إذ الثابت من مدونات الحكم الابتدائي أن المطعون ضدهما أودعا أصلي الإيصالين سند الدعوى بالمحافظتين رقمي 8، 9 وكانت الطاعنة لم تنكر بصيغة صريحة وجازمة توقيعها على هذين الإيصالين وإنما انصرف دفاعها إلى إنكار وجود المحرر في حد ذاته، فإن ما أثارته أمام محكمة الاستئناف لا يعد منها إنكاراً لتوقيعها على الإيصالين بالمعنى المقصود في المادة 14 من قانون الإثبات ومن ثم فإن النعي بهذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالوجه الثاني من السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والقصور في التسبيب، وفي بيان ذلك تقول أن الحكم الجنائي النهائي البات قضى ببراءة الطاعنة من تهمة تقاضي مقدم إيجار "خلو رجل" على أساس عدم ثبوت الاتهام لعدم تقديم الدليل عليه فيكون لهذا الحكم الجنائي حجية أمام المحاكم المدنية فيما فصل فيه لاكتسابه قوة الأمر المقضي فإذا قضى الحكم المطعون فيه رغم ذلك بإلزامها بهذا المبالغ مخالفاً حجية الحكم الجنائي النهائي فإنه يكون معيباً فيما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد ذلك أنه لما كانت المادة 456 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة 102 من قانون الإثبات في المواد المدنية والتجارية أن الحكم الصادر في المواد الجنائية تكون له حجية في الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية كلما كان قد فصل فصلاً لازماً في وقوع الفعل المكون للأساس المشترك بين الدعويين الجنائية والمدنية وفى الوصف القانوني لهذا الفعل ونسبته إلى فاعله فإذا فصلت المحكمة الجنائية في هذه الأمور فإنه يمتنع على المحاكم المدنية أن تعيد بحثها وعليها أن تلتزم بها في بحث الحقوق المدنية المتصلة بها لكي لا يكون حكمها مخالفاً للحكم الجنائي السابق له، لما كان ذلك وكان الحكم الصادر في الجنحة المستأنفة رقم 2238 لسنة 1982 جنح مستأنف مصر قد قضى ببراءة الطاعنة من تهمة تقاضيها من المطعون ضدهما المبالغ المطالب بها خارج نطاق عقد الإيجار وأقام قضاءه بالبراءة على ما أورده من أسباب منها أن المجني عليهما - المطعون ضدهما - كلفا أكثر من مرة بتقديم مستنداتهما المنوه عنها إلا أنهما ماطلا ولم يقدما أصلي الإيصالين محل النزاع المكونين لركن الجريمة ومن ثم فلا دليل عليها وإذ كان ذلك فإن حكم البراءة لا تكون له حجية في هذا الخصوص أمام المحكمة المدنية إذا ما قدم للمحكمة الأخيرة أصل هذه المستندات ولا تثريب عليها أن عولت في قضائها على تلك الإيصالات التي لم تقدم إلى المحكمة الجنائية لكي تقول كلمتها فيها ولا تكون خالفت حجية الحكم الجنائي القاضي بالبراءة ويكون النعي على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.