أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 330

جلسة 21 من إبريل سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

(50)
الطعن رقم 296 لسنة 25 القضائية

تأمين. إذعان. مسئولية.
عدم اعتبار النص في عقد التأمين على أنه لا يشمل بصفة خاصة ما يقع من الحوادث والأضرار نتيجة لتحميل السيارة بأكثر من حمولتها المقررة رسمياً أو نتيجة لعدم العناية بها من الشروط القائمة على التعسف والمناقضة لجوهر العقد. لا مخالفة فيها للنظام العام. مبناهما الرغبة المشروعة في الحد من نطاق المسئولية باستبعاد بعض الحالات التي يكون من شأنها جعل الخطر أشد احتمالاً.
إذا كان يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه - أن محكمة الاستئناف - بعد أن بينت أن الحكم الجنائي الذي قضى بإدانة سائق السيارة المؤمن عليها قام على تحميل تلك السيارة بأكثر من الحمولة المقررة بطنين وبأنها كانت في حالة غير صالحة للعمل من حيث فراملها وعجلة قيادتها، عرضت لما أدلت به شركة التأمين الطاعنة في دفاعها من أن هاتين الحالتين لا تدخلان في نطاق التأمين إذ نصت المادة الثانية من وثيقة التأمين على أن التأمين لا يشملهما - ولم تأخذ بهذا الدفاع وأسست وجهة نظرها في التقرير بمسؤولية الطاعنة عن دفع مبلغ التأمين على أن ما احتوته وثيقة التأمين من شروط مطبوعة - عددت فيها الحوادث والأضرار التي تعفى فيها الطاعنة من المسؤولية - يوصل إلى القول بأن الشركة قد اعتبرت نفسها في الواقع متحللة من دفع التأمين عن الحوادث التي تقع نتيجة مخالفة القوانين واللوائح عموماً - بما يترتب عليه عدم الاعتداد بهذا الشرط وإهداره، فإن هذا الذي أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليه يكون مخالفاً للقانون - ذلك أنه وإن كان مؤدى ما انتهى إليه ذلك الحكم هو اعتبار وثيقة التأمين موضوع الخصومة الحالية والتي عقدت في ظل أحكام القانون المدني القديم عقد إذعان، إلا أنه لا يتأدى من ذلك أن يهدر نص المادة الثانية بجميع ما تضمنه من الصور والحالات التي نص فيها على أن التأمين لا يشملها - ذلك أن ما يسوغ إبطاله في هذه الحالة - إنما يقتصر على الشروط التعسفية التي تتناقض مع جوهر العقد باعتبارها مخالفة للنظام العام، ولما كان ما ورد بالبندين ثانياً ورابعاً من المادة الثانية من العقد من أن التأمين لا يشمل بصفة خاصة ما يقع من الحوادث والأضرار نتيجة لتحميل السيارة بأكثر من حمولتها المقررة رسمياً، أو نتيجة لعدم العناية بها (وهاتان الحالتان هما عماد الحكم الجنائي في إدانة سائق السيارة المؤمن عليها) لا يعتبر من الشروط القائمة على التعسف والمناقضة لجوهر العقد ولا مخالفة فيها للنظام العام بل إن مبناهما الرغبة المشروعة في الحد من نطاق المسئولية باستبعاد بعض الصورة التي يكون من شأنها جعل الخطر أشد احتمالاً، فإنه يتعين لذلك إعمال مقتضاهما، لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر فإنه يكون متعين النقض.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 217 لسنة 1952 تجاري كلي القاهرة - على الطاعنة - طالباً الحكم عليها بمبلغ 343 جنيهاً و 505 مليماً والمصروفات مؤسساً مطالبته على أنه كان قد أمن لديها على سيارة النقل المملوكة له رقم 16122 ضد الحوادث وذلك بمقتضى بوليسة تأمين محررة في 27 فبراير سنة 1946، وأنه بتاريخ 21 يناير سنة 1947 صدمت السيارة المذكورة شخصاً - فتوفى - وقضى في دعوى الجنحة التي أقيمت على السائق بالإدانة - وبإلزامه بالتضامن مع (المطعون عليه) بتعويض مقدارها 300 جنيه - وقد تأيد هذا الحكم استئنافياً - وبذلك أصبح جملة المبلغ الواجب عليه دفعه هو 343 جنيهاً و505 مليماً دفعها فعلاً للمحكوم لهم - ورفع هذه الدعوى على شركة التأمين ليقضي عليها له بهذا المبلغ. ودفعت الطاعنة بأن عقد التأمين لا يضمن الحوادث التي تسببها السيارة نتيجة لعدم العناية بها أو بسبب تحميلها أكثر من الحمولة المقررة لها وأن الحكم الصادر من محكمة الجنح والقاضي بمسئولية المطعون عليه وسائق السيارة قد أقيم على أن سبب الحادث هو عدم صلاحية الفرامل وعجلة القيادة وعدم استعمال جهاز التنبيه وتحميل السيارة أكثر من المقرر، وقضت محكمة أول درجة في هذه الدعوى بالرفض أخذاً بهذا الدفاع، فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 1106 لسنة 71 ق - وقضت محكمة الاستئناف بإلغاء هذا الحكم وبإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليه مبلغ 343 جنيهاً و505 مليماً والمصروفات والأتعاب، فطعنت الشركة في هذا الحكم بالنقض، وأبدت النيابة العامة رأيها بنقضه وأحالت دائرة فحص الطعون الطعن لهذه الدائرة لنظره بجلسة 4 فبراير سنة 1960، وفيها صممت النيابة العامة على ما جاء بمذكرتها.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السببين الأول والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي ذلك ذكرت أن ذلك الحكم قد تأسس على أنه ليس للشركة الطاعنة أن تتحلل من مسؤوليتها عن دفع مبلغ التأمين استناداً إلى البندين ثانياً ورابعاً من المادة الثانية من وثيقة التأمين، ذلك لأن ما ورد بهذه المادة من تعداد الصور التي ترفع عنها المسؤولية وتتحلل بها من دفع المبلغ المؤمن به إنما يفيد في واقع الأمر أن الشركة قد أرادت بهذا التعداد الوارد بصورة التعميم أن ترفع عن عاتقها كل مسؤولية عما يقع من الحوادث نتيجة لمخالفة القوانين واللوائح بوجه عام - وقد كان يتعين على محكمة الاستئناف ألا تبسط حكم البطلان على البندين المشار إليهما - إذ الشروط الواردة بهما صحيفة ومشروعة ويجب أن يتقيد بها الطرفان المتعاقدان - فضلاً عن أنها من الوضوح والجلاء بحيث لم يكن ثمة مسوغ لمراجعة واستقصاء باقي شروط الوثيقة لاستخلاص نية المتعاقدين، وقد جاوزت محكمة الاستئناف بهذا المنهج في التفسير - قصد المتعاقدين - لأنها بإبطالها جميع النصوص التي أوردتها المادة الثانية - تكون قد أدخلت في نطاق التأمين جميع الحوادث والأضرار أياً كان نوعها وظروف وقوعها - مع أن المادة الثانية - قد عنيت تحديداً لقصد المتعاقدين - بالنص على إخراج حالات معينة من نطاق التأمين. وبهذا أيضاً تكون محكمة الاستئناف قد أخلت بأساس من أسس العقد المبرم بين الطرفين إذ هو يقوم أصلاً على أن الخطر المؤمن منه احتمالي غير محقق الوقوع وإبطال مفعول المادة الثانية من شأنه أن يجعل الخطر المؤمن منه أشد احتمالاً، بل محقق الوقوع.
وحيث إن هذا النعي في محله. ذلك أنه يبين من الاطلاع على الحكم المطعون فيه أن محكمة الاستئناف - بعد أن بينت أن الحكم الجنائي الذي قضى بإدانة سائق السيارة المؤمن عليها قام على تحميل تلك السيارة بأكثر من الحمولة المقررة بطنين، وبأنها كانت في حالة غير صالحة للعمل من حيث فراملها وعجلة قيادتها، عرضت لما أدلت به الطاعنة في دفاعها من أن هاتين الحالتين لا تدخلان في نطاق التأمين إذ نصت المادة الثانية على أن التأمين لا يشملهما، فلم تأخذ بهذا الدفاع، وأسست وجهة نظرها في التقرير بمسؤولية الطاعنة عن دفع مبلغ التأمين على أن ما احتوته وثيقة التأمين من شروط مطبوعة - عددت فيها الحوادث والأضرار التي تعفى فيها الطاعنة من المسؤولية - يوصل إلى القول بأن الشركة قد اعتبرت نفسها في الواقع متحللة من دفع التأمين عن الحوادث التي تقع نتيجة مخالفة القوانين واللوائح عموماً - بما يترتب عليه عدم الاعتداد بهذا الشرط وإهداره، وهذا الذي أقام الحكم المطعون فيه قضاءه عليه مخالف للقانون - ذلك أنه وإن كان مؤدى ما انتهى إليه ذلك الحكم هو اعتبار وثيقة التأمين موضوع الخصومة الحالية والتي عقدت في ظل أحكام القانون المدني القديم عقد إذعان، إلا أنه لا يتأدى من ذلك أن يهدر نص المادة الثانية بجميع ما تضمنه من الصور والحالات التي نص فيها على أن التأمين لا يشملها - ذلك أن ما يسوغ إبطاله في هذه الحالة - إنما يقتصر على الشروط التعسفية التي تتناقض مع جوهر العقد باعتبارها مخالفة للنظام العام. ولما كان ما ورد بالبندين ثانياً ورابعاً من المادة الثانية من العقد من أن التأمين لا يشمل بصفة خاصة ما يقع من الحوادث والأضرار نتيجة لتحميل السيارة بأكثر من حمولتها المقررة رسمياً، أو نتيجة لعدم العناية بها (وهاتان الحالتان هما عماد الحكم الجنائي في إدانة سائق السيارة المؤمن عليها)، لا يعتبر من الشروط القائمة على التعسف والمناقضة لجوهر العقد ولا مخالفة فيهما للنظام العام، بل أن مبناهما الرغبة المشروعة في الحد من نطاق المسؤولية - باستبعاد بعض الصور التي يكون من شأنها جعل الخطر أشد احتمالاً، فإنه يتعين لذلك إعمال مقتضاهما - ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر، فإنه يكون متعين النقض.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه - ولما سبق بيانه - وللأسباب الواردة بالحكم المستأنف - يتعين رفض الاستئناف.