أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 391

جلسة 12 من مايو سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحسن العباس، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

(60)
الطعن رقم 374 سنة 25 القضائية

( أ ) نقض "أسباب الطعن" "ما يعتبر سبباً جديداً".
التمسك أمام محكمة النقض بإجازة الموكل وورثته للتصرف الحاصل من الوكيل المستمدة دلالته مما أثبت في محضر جرد التركة غير مقبول إذا لم تسبق إثارته أمام محكمة الموضوع.
(ب) وكالة "أثار الوكالة" "علاقة الموكل والوكيل بالغير" "حالة تجاوز الوكيل حدود الوكالة".
خروج الوكيل عن حدود وكالته في تعاقد سابق لا يلزم عنه اعتبار تصرف آخر لا حق من الوكيل نافذ في حق الموكل ما دام أنه صادر خارج حدود الوكالة ولا ينفذ في حقه إلا بإجازة ذات التصرف.
(ج) تقادم "التقادم المكسب" "التقادم الخمسي" "السبب الصحيح" "المقصود به". وكالة "آثار الوكالة" "علاقة الموكل والوكيل بالغير" "حالة تجاوز الوكيل حدود الوكالة".
السبب الصحيح هو السند الذي يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشيء أو صاحباً للحق الذي يراد كسبه بالتقادم. صدور عقد البيع للطاعنين من وكيل عن المالك للأطيان. لا يتأتى معه في هذا المقام الاستناد إلى وجود سبب صحيح. تعين إعمال ما تقضي به أحكام الوكالة. على الوكيل تنفيذ للوكالة دون مجاوزة حدودها. خروجه عنها وإبرامه لعقد باسم الأصيل. ما ينشأ عنه من حقوق والتزامات لا يضاف إلى الأصيل إلا إذا أجازه.
(د) حكم "عيوب التدليل" "القصور" "فساد الاستدلال". حكم "الطعن في الأحكام" "المصلحة في الطعن" "متى تنتفي".
جدوى من النعي على الحكم قصوره وفساد استدلاله عند بحثه في قصر المطعون عليها الثالثة وفي سريان التقادم عليها إذا كان قد أصاب فيما قرره من أن عقد الطاعنين لا يعتبر سبباً صحيحاً مؤهلاً للتملك بالتقادم الخمسي. بانعدام السبب الصحيح وهو أحد شروط التملك بالتقادم الخمسي ينهار هذا الادعاء. البحث عقيم.
(هـ) نقض "أسباب الطعن" "ما يعتبر سبباً جديداً".
النعي بأن الحكم قضى بتثبيت ملكية المطعون عليهم الثلاثة الأولى للأطيان محل النزاع جميعها والمتصرف فيها للطاعنين من وكيل مورث المطعون عليهم. مع أن الدعوى لم ترفع من جميع الورثة وأن البطلان المدعي به نسبي ولم يتمسك به باقي الورثة. لا يجوز إثارته لأول مرة أمام محكمة النقض إذا لم يسبق التحدي به أمام محكمة الموضوع.
1 - إذا كان الطاعنان لم يعرضا على محكمة الموضوع أية دلالة على إجازة الموكل وورثته للتصرف الحاصل من الوكيل إليهما - مستمدة مما أثبت في محضر جرد تركة المورث من ذكر تصرفه في الأطيان موضوع النزاع الذي أشارا إليه في تقرير الطعن - فإن نعيهما على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير مقبول إذ لم تسبق لهما إثارته أمام محكمة الموضوع.
2 - خروج الوكيل عن حدود وكالته في تعاقد سابق لا يلزم منه اعتبار تصرف آخر لاحق حاصل من الوكيل للطاعنين نافذاً في حق الموكل ما دام أن هذا التصرف كان صادراً من وكيل خارج حدود الوكالة إذ هو لا ينفذ في حقه إلا بإجازة ذات التصرف.
3 - السبب الصحيح هو السند الذي يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشيء أو صاحباً للحق الذي يراد كسبه بالتقادم فإذا كان الثابت أن عقد البيع الصادر للطاعنين - إنما صدر لهما من وكيل عن المالك للأطيان المبيعة فإنه لا يتأتى في هذا المقام الاستناد إلى وجود سبب صحيح وإنما يتعين في هذا المجال إعمال ما تقتضي به الأحكام الخاصة بالنيابة في التعاقد وبآثار الوكالة فيما قرره هذه الأحكام من أن على الوكيل أن يقوم بتنفيذ الوكالة دون أن يجاوز حدودها المرسومة ومن أنه إذا خرج عن حدودها وأبرم عقداً باسم الأصيل فإن ما ينشأ عن هذا العقد من حقوق والتزامات لا يضاف إلى الأصيل إلا إذا أجاز التصرف.
4 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أصاب فيما قرره من أن عقد الطاعنين لا يعتبر سبباً صحيحاً مؤهلاً للتملك بالتقادم الخمسي فإنه لا جدوى فيما يثيره الطاعنان من أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في القانون وشابه قصور في التسبيب وفساد الاستخلاص عند بحثه في قصر المطعون علها الثالثة وفي سريان التقادم عليها - ذلك أن بانعدام السبب الصحيح - وهو أحد الشروط اللازمة للتملك بالتقادم الخمسي ينهار هذا الادعاء فيصبح هذا البحث عقيماً.
5 - إذا كان الطاعنان ينعيان على الحكم المطعون فيه قضاءه بتثبيت ملكية المطعون عليهم الثلاثة الأولين للأطيان محل النزاع جميعها - والمتصرف فيها لهما من وكيل مورثهم - مع أن الدعوى لم تكن مرفوعة من جميع الورثة وأن البطلان المدعى به - لخروج الوكيل عن حدود وكالته - نسبي ولم يتمسك به باقي الورثة مما يفيد إجازتهم للتصرف، وكان الطاعنان لم يسبق لهما التحدي بما ورد في هذا النعي أمام محكمة الموضوع، فإنه لا يجوز لهما إثارته لدى محكمة النقض لأول مرة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أنه بتاريخ 20/ 5/ 1950 أقام المطعون عليهم الثلاثة الأولون على الطاعنين الدعوى رقم 447 لسنة 1950 مدني كلي أسيوط وطلبوا فيها الحكم بتثبيت ملكيتهم لمقدار 5 ط و8 ف مبينة الحدود والمعالم بالصحيفة ومحو وشطب التسجيل الموقع عليها لصالح الطاعنين وتسليم هذا القدر لهم مع إلزام الطاعنين والمطعون عليه الرابع بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وقالوا شرحاً لدعواهم إن من ضمن ما يملكه مورثهم المرحوم محمد حنفي حامد عثمان الهلالي 5 ط و8 ف أطياناً زراعية كائنة بزمام ناحية جحدم مركز منفلوط، وأن المطعون عليه الرابع انتحل لنفسه صفة الوكيل عن مورثهم المذكور ارتكاناً على التوكيل رقم 234 متتابعة سنة 1931 - سنة 1932 أسيوط الابتدائية الشرعية وتصرف في المقدار المشار إليه للطاعنين بموجب عقد بيع مصدق عليه بمحكمة أسيوط الأهلية في 16 سبتمبر سنة 1937 ومسجل في 24 سبتمبر سنة 1937 - في حين أن التوكيل المشار إليه والصادر من مورثهم قاصر على توكيل المطعون عليه الرابع في بيع الأطيان والعقارات الداخلة في زمام أسيوط والحمراء ولا يمتد إلى ما يقع من الأطيان والعقارات خارج هذا الزمام - وقدر كان تصرف المطعون عليه الرابع المذكور بطريق التواطؤ مع الطاعنين ولذلك رفعوا الدعوى بالطلبات السابق بيانها - ودفع الطاعنان الدعوى بأنهما تملكا الأطيان الواردة في عقد البيع المشار إليه بالتقادم الخمسي مع السبب الصحيح وحسن النية - وبتاريخ 28/ 12/ 1953 قضت المحكمة الابتدائية برفض الدعوى وألزمت المطعون عليهم الثلاثة الأولين بالمصروفات وبمقابل أتعاب المحاماة. فاستأنف المطعون عليهم المذكورون هذا الحكم إلى محكمة استئناف أسيوط بالاستئناف رقم 327 لسنة 29 ق - طالبين قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المستأنف والقضاء لهم بطلباتهم المبينة بصحيفة افتتاح الدعوى - وبتاريخ 9 من إبريل سنة 1955 حكمت محكمة الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف وبتثبيت ملكية المستأنفين (المطعون عليهم الثلاثة الأولين) إلى 5 ط و8 ف المبينة بصحيفة الدعوى ومحو وشطب التسجيل الموقع لصالح الطاعنين واعتباره وكأن لم يكن مع تسليم هذا القدر للمستأنفين (المطعون عليهم الثلاثة الأولين) وإلزام المستأنف عليهما الأول والثانية (الطاعنين) بالمصاريف ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة - وبتاريخ 21 من يوليو سنة 1955 قرر الطاعنان الطعن بالنقض في هذا الحكم وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها بطلب رفض الطعن وقررت دائرة فحص الطعون إحالة الطعن إلى هذه الدائرة لنظره بجلسة 14 من إبريل سنة 1960 وفيها صممت النيابة العامة على رأيها السالف ذكره.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه قصور التسبيب والخطأ في القانون وفي ذلك ذكر أنهما تمسكا في دفاعهما لدى محكمة الموضوع بإجازة الموكل وورثته للتصرف الحاصل من الوكيل - للطاعنين وأنهما دللا على ذلك بارتضاء الموكل باتساع نطاق الوكالة وامتدادها إلى خارج حدودها بما حصل من تصرف الوكيل في حياة موكله بالبدل مع شقيقه الموكل في بعض أطيانه الكائنة خارج زمام أسيوط والحمراء وبما أثبت في محضر جدر تركة المورث من ذكر تصرف المورث في الأطيان موضوع النزاع وبما تلا ذلك من تعيين وصي خصومة على المطعون عليها الثالثة لمقاضاة الوكيل بشأن حقوقها في تركة والدها مما يقطع في العلم بالتصرف وبخروجه عن نطاق الوكالة وبما أقر به المطعون عليهم الثلاثة الأولون في صحيفة الاستئناف من أنهم علموا بتصرفات الوكيل على النحو السابق بيانه وأنهم لم يحركوا ساكناً منذ حدثت في سنة 1937 حتى سنة 1950 ومن وضع يد الطاعنين على الأرض موضوع النزاع خلال تلك الفترة دون أن تثار معهما منازعة ما وبما ثبت في عقد البيع المسجل في سنة 1944 والصادر من المطعون عليه الأول إلى الأستاذ فهمي مسعود من إقرار البائع بأنه أصح (بعد تصرفه في الأطيان الواردة في العقد المذكور) لا يملك أطياناً أخرى في زمام ناحية جحدم في جميع تكليف عائلة الهلالي، ومع دلالة هذه الظروف والملابسات على إجازة التصرف - من الموكل ومن ورثته فإن محكمة الموضوع قد أهدرتها وأشارت في أسباب حكمها إلى بعضها إشارة عابرة فذكرت في خصوص دلالة عقد المعارضة أنه كان يجدر بالطاعنين التأكد من صحة تمثيل المتصرف - وفي خصوص الدلالة المستمدة من محضر الجرد ذكرت أن هذا المحضر قد أعد بمعرفة (الوكيل) وأنه كان من الطبيعي أن يغفل ما تصرف فيه - مع أنه معد بمعرفة مكتب خبراء أسيوط وأنه تحرر - كما هو حكم القانون - بحضور أصحاب الشأن وهم الورثة - وعن العبارة الواردة في عقد سنة 1944 أن أرض النزاع كانت عند تحرير هذا العقد في تكليف الطاعنين لا في تكليف عائلة الهلالي - وفي هذا التفسير تشوبه لعبارة العقد المذكور. أما فيما يختص بباقي الدلالات فقد أغفلت محكمة الاستئناف شأنها فلم تورد في حكمها شيئاً عنها مما يصم حكمها بالقصور في التسبيب وبالخطأ في القانون.
وحيث إن هذا النعي مردود - أولاً - بأنه لما كان يبين من الاطلاع على الصورة الرسمية للمذكرتين المقدمتين لمحكمة أول درجة والذين تمسك الطاعنان بما ورد فيهما بمحكمة الاستئناف - أن الطاعنين قد دللا على إجازة الورثة للتصرف الصادر لهما بعدم إدراج الأطيان المتصرف فيها في محضر حصر تركة المرحوم محمد حفني الهلالي الموقع عليه من المطعون عليهم الثلاثة الأولين وكان الطاعنان لم يعرضا على محكمة الموضوع أية دلالة على إجازة التصرف مستعدة من محضر الجرد الذي أشارا إليه في تقرير الطعن - فإن نعيهما على الحكم المطعون فيه في هذا الخصوص يكون غير مقبول إذ لم تسبق لهما إثارته أمام محكمة الموضوع. وثانياً - بأن محكمة الاستئناف قد عرضت لما تمسك به الطاعن في خصوص الدلالة المستمدة من عقد البدل المسجل في 17/ 3/ 1937 فلم تعتد بوجهة نظر الطاعنين في ذلك مشيرة في حكمها إلى أن تعاقدهما مع الوكيل - وهو حاصل في تاريخ لاحق لعقد المعارضة المشار إليه - كان يقتضي منهما التأكد من صحة تمثيل المتصرف، وهذا النظر صحيح قانوناً ذلك أن خروج الوكيل عن حدود وكالته في التعاقد المشار إليه آنفاً والحاصل في مارس سنة 1937 لا يلزم منه اعتبار التصرف الصادر للطاعنين نافذاً في حق الموكل ما دام أن هذا التصرف كان صادراً من وكيله خارج حدود الوكالة إذ هو لا ينفذ في حقه إلا بإجازة ذات التصرف. وثالثاً - بأن محكمة الاستئناف قد عرضت للدلالة المستمدة من العقد الصادر من المطعون عليه الأول للأستاذ فهمي مسعود والمسجل في سنة 1944 وقد أوضحت في حكمها أن المطعون عليها الثانية لم تكن طرفاً فيه ومن ثم فلا يكون ما ورد به حجة عليها وفيما يتعلق بالمطعون عليه الأول ذكرت المحكمة أن ما ورد بالبند الخامس من هذا العقد من أنه لم يعد بعد هذا التصرف يملك أطياناً بزمام جحدم في تكليف عائلة الهلالي - لا يؤخذ منه لا تصريحاً ولا ضمناً إجازة التصرف موضوع الدعوى الحالية - وذلك لأن أرض النزاع كانت عند تحرير عقد البيع المسجل في 25/ 9/ 1944 في تكليف المستأنف عليهما (الطاعنين) بسبب تسجيل عقدهما ولم تكن تكليف عائلة الهلالي حتى يفسر ما ورد في البند المذكور هذا التفسير الذي أخذت به محكمة أول درجة وليس في تفسير العبارة المشار إليها في سبب الطعن - على النحو الوارد بالحكم المطعون فيه ما يعتبر تشويهاً لها - بل هو تفسير سائغ تحتمله عبارتها.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وذلك بعدم اعتباره العقد الصادر لهما من وكيل المالك سبباً صحيحاً في حين أن العبرة في اعتبار العقد سبباً صحيحاً هي بأن يكون هذا العقد - من شأنه في ذاته نقل الملكية وبصرف النظر عن شخص المنصرف - فإذا كان المتصرف وكيلاً تجاوز حدود الوكالة فيما تصرف فيه - فشأنه في ذلك يستوي مع شأن البائع لما لا يملك ويتعين اعتبارهما - على قدم سواء في هذا الخصوص فتسبغ حماية القانون على المشتري في كلتا الحالتين إذا ما كان حسن النية - وإذن يكون خطأ ما ذهب إليه الحكم المطعون فيه من القول بأن العقد الصادر للطاعنين لا يعتبر سبباً صحيحاً لصدوره من وكيل خارج حدود وكالته.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان السبب الصحيح هو السند الذي يصدر من شخص لا يكون مالكاً للشيء أو صاحبها للحق الذي يراد كسبه بالتقادم - وكان الثابت في الوقائع أن عقد البيع الصادر للطاعنين إنما صدر لهما من وكيل عن المالك للأطيان المبيعة فإنه لا يتأتى في هذا المقام الاستناد إلى وجود سبب صحيح وإنما يتعين في هذا المجال إعمال ما تقضي به الأحكام الخاصة بالنيابة في التعاقد وبآثار للوكالة فيما تقرره هذه الأحكام من أن على الوكيل أن يقوم بتنفيذ الوكالة دون أن يجاوز حدودها المرسومة ومن أنه إذا خرج من حدوده وأبرم عقدا باسم الأصيل فإن ما ينشأ عن هذا العقد من حقوق والتزامات لا يضاف إلى الأصيل إلا إذا أجاز التصرف وقد جرى قضاء الحكم المطعون فيه وفق هذا النظر ومن ثم فإنه لا يكون مشوباً بالخطأ في القانون.
وحيث إن السبب الثالث حاصلة النعي على الحكم المطعون فيه بالخطأ في القانون وقصور التسبيب وفساد الاستخلاص وفي بيان ذلك ذكر الطاعنان أن محكمة الاستئناف قد أسست قضاءها بعدم سريان التقادم الخمسي بالنسبة للمطعون عليها الثالثة على أنها كانت قاصراً من بعد وفاة مورثها وظلت على حالة القصر حتى صدور الحكم الابتدائي - ويبين خطأ حكم المطعون فيه - في هذا التأسيس من وجهين - أولهما - أنه اعتد في شأن قصر المطعون عليها الثالثة بمجرد تمثيلها بوصي خصومة دون اعتراض من الطاعنين على ذلك مع أن ثبوت القصر والرشد لا يكون إلا بإثبات السن بورقة رسمية لا من سكوت المتقاضي عن الطعن من تمثيل أحد الخصوم في الدعوى - وثانيهما - أنه إذا فرض وكانت المطعون عليها المذكورة قاصراً (حتى صدور الحكم الابتدائي) فإن التقادم القصير (الخمسي) يسري ضدها ولا يوقف بسبب هذا القصر وذلك إعمالاً لحكم المادتين 84، 85 من القانون المدني القديم (الذي يحكم هذه الواقعة) في نصهما العربي الواجب الأخذ به ذلك إلى أنه متى كانت للقاصر من يمثله قانوناً - فإن مدة التقادم المكسب تسري ضده - وقد تمسك الطاعنان بذلك وبأنه كان للمطعون عليها الثالثة من يمثلها - وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع كما أنه جرى في قضائه على نظر مخالف لحكم القانون السالف بيانه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان ثابتاً من الرد على السبب الثاني صواب ما قرره الحكم المطعون فيه من أن عقد الطاعنين لا يعتبر سبباً صحيحاً مؤهلاً للتملك بالتقادم الخمسي فإنه لا جدوى فيما يثيره الطاعنان في سبب الطعن. ذلك أنه بانعدام السبب الصحيح - وهو أحد الشروط اللازمة للتملك بالتقادم الخمسي - ينهار هذا الادعاء فيصبح البحث في قصر المطعون عليها الثالثة وفي سريان التقادم عليها عقيماً.
وحيث إن الطاعنين ينعيان بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه فقدانه الأساس الواقعي والقانوني لقضائه وقصور التسبيب ومخالفة الثابت في الأوراق - وفي بيان ذلك ذكراً أن الحكم قضى للمطعون عليهم الثلاثة الأولين بتثبيت ملكيتهم للأطيان محل النزاع جميعها وبشطب التسجيل الموقع عليها لصالح الطاعنين - مع أن الدعوى لم تكن مرفوعة من جميع ورثة المرحوم محمد حفني حامد الهلالي بل من بعضهم فقط - وقد جاء هذا القضاء خاطئاً في هذا الخصوص لأن البطلان المدعي به نسبي ولم يتمسك به باقي الورثة - والموضوع قابل للتجزئة - والدعوى لم ترفع إلا من بعض الورثة مما يفيد إجازة الباقين للتصرف - ولهذا يكون قضاء الحكم المطعون فيه معيباً بما تقدم ذكره.
وحيث إن هذا النعي بهذا السبب غير مقبول - ذلك أنه يبين من الاطلاع من الأوراق أنه لم يسبق للطاعنين التحدي بما ورد فيه أمام محكمة الموضوع - فلا يجوز لهما إثارته لدى هذه المحكمة لأول مرة.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.