أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 406

جلسة 19 من مايو سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحسن العباس، ومحمود القاضي المستشارين.

(63)
الطعن رقم 327 لسنة 25 القضائية

( أ ) عقد "تفسيره". تفسير.
تحصيل محكمة الموضوع السائغ عدم جدية الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وأن صفة الطاعنة الحقيقية أنها بائعة للصفقة وليس وسيطة. استنادها لاعتبارات مقبولة. لا محل للنعي بانحرافها في تفسير شروط التعاقد وخروجها على قواعد التفسير في القانون.
(ب) حكم "عيوب التدليل" "القصور" "ما لا يعد كذلك" "إغفال الرد على دفاع غير جوهري".
مثال في بيع.....
1 - إذا كان الواقع أن الشركة المطعون عليها أقامت دعواها ضد الشركة الطاعنة تطلب إلزامها وشركة للملاحة متضامنين مبلغ وأسست دعواها على أنها اشترت من الطاعنة بضاعة شحنت من ميناء لوس أنجلوس ولما وصلت ميناء الإسكندرية تبين بها عجز وتلف في مشتملاتها وأن خبير إثبات الحالة أظهر وجود التلف والعجز - وبعد أن سارت الدعوى الموضوعية شوطاً أثارت الطاعنة في دفاعها أن مركزها في الصفقة أنها وكيلة بالعمولة وأنها تعاقدت لحساب شركة أمريكية فلم تكن هي البائعة للبضاعة ولذلك لا تسأل عن تلفها وتكون الدعوى بالنسبة لها غير مقبولة لرفعها على غير ذي صفة، وكان الحكم وتكون الدعوى بالنسبة لها غير مقبولة لرفعها على غير صفة، وكان الحكم المطعون فيه قد أسس قضاءه برفض الدفع على أن العقد المحرر بين الطرفين وإن ورد به أن الطاعنة وسيطة في الصفقة إلا أن عبارة فاتورة البيع الصادرة من الطاعنة بعد ذلك غامضة ومناقضة في بعض أجزائها لما جاء بالعقد في هذا الخصوص وإزاء هذا التناقض والاضطراب رأت محكمة الاستئناف أن تستظهر نية العاقدين من باقي مستندات الدعوى وذلك بالرجوع إلى عقد سابق ألغي وحل محله العقد القائم واستخلصت منه ومن فتح الحساب الجاري باسم الطاعنة واستخراج إذن الاستيراد باسمها - وهو لا يقبل التنازل - ومن تحرير سند الشحن كذلك باسمها ومن سكوت الطاعنة عن التحدي بصفتها التي تدعيها كوسيطة في الصفقة حتى سارت دعوى إثبات الحالة وإجراءات الخبرة دون اعتراض وحتى رفعت دعوى الموضوع ووصلت إلى آخر مراحلها في المحكمة الابتدائية - استخلصت المحكمة من كل ذلك عدم جدية دفع الطاعنة وأن صفتها الحقيقية هي أنها بائعة للصفقة وليست وسيطة وهو تحصيل سائغ أسندته المحكمة إلى اعتبارات مقبولة، فلا محل معه للنعي بانحراف المحكمة في تفسير شروط التعاقد وخروجها على قواعد التفسير في القانون.
2 - إذا كانت الشركة الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه قصور أسبابه ذلك أنها تمسكت أمام محكمة الاستئناف بأنه إذا فرض جدلاً واعتبرت أنها البائعة للبضاعة وليست وكيلة بالعمولة فإنه مشروط في العقد صراحة على أن التزام البائعين لا يمكن أن يتعدى إحلال المشترين في حقوقهم قبل البائعين الأصليين حتى ولو لم يعين هؤلاء الأخيرون في العقد ومؤدى هذا الشرط أنه ما كان يصح مساءلة الطاعنة لأن حقوق المطعون عليها إنما تقتصر على طلب إحلالها محل الطاعنة في حقوقها قبل البائعين الأصليين وأن الحكم المطعون فيه قد أغفل الرد على هذا الدفاع الجوهري، وكان إعمال هذا الشطر يقتضي إجراء يتم به إحلال المطعون عليها في حقوق الطاعنة قبل البائعين الأصليين وأن تقدم الطاعنة ما يدل على اتخاذ هذا الإجراء إذ يغير ذلك لا يتسنى للمطعون عليها قصر دعواها على البائعين الأصليين، فإن مطالبة الطاعنة بإعمال هذا الشرط والتحدي به دون تقديمها لمحكمة الموضوع ما يقتضيه إعماله لا يعد دفاعاً جوهرياً يستوجب الرد عليه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن وقائع النزاع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر أوراق الطعن في أن الشركة المطعون عليها أقامت الدعوى رقم 24 سنة 1951 تجاري كلي الإسكندرية ضد الشركة الطاعنة وآخرين (شركة الملاحة وشركة التأمين) طلبت فيها الحكم بإلزام الطاعنة وشركة ديلافيري للملاحة متضامنين مبلغ 1598 جنيهاً و280 مليماً والفوائد والمصروفات وأسست دعواها على أنها اشترت من الطاعنة 67000 صندوقاً من الكرتون معبأ بالأسماك المحفوظة داخل كل كرتون 48 علبة وأن هذه البضاعة شحنت من ميناء لوس انجلوس ولما وصلت ميناء الإسكندرية تبين بها عجز وتلف في مشتملاتها وقد أظهر الخبير الذي ندب في دعوى إثبات الحالة رقم 315 سنة 1950 مستعجل الإسكندرية وجود تلف وعجز بالبضاعة - وبعد أن سارت الدعوى الموضوعية شوطاً أثارت الطاعنة في دفاعها أن مركزها في الصفقة أنها وكيلة بالعمولة. وأنها تعاقدت لحساب شركة الـ Interchange الأمريكية فلم تكن هي البائعة للبضاعة ولذلك لا تسأل عن تلفها وتكون الدعوى بالنسبة لها غير مقبولة. ولم تأخذ محكمة الإسكندرية بهذا النظر وأصدرت حكمها في 27 من يونيه سنة 1953 بإلزام الطاعنة بأن تدفع للمطعون عليها مبلغ 1398 جنيهاً و280 مليماً والفوائد والمصروفات المناسبة - استأنفت الطاعنة هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية وقيد الاستئناف بجدولها برقم 326 سنة 9 ق تجاري وأثارت لدى محكمة الاستئناف ما أثارته لدى محكمة الدرجة الأولى كما أيدت دفعها بعدم قبول الدعوى بما نص عليه في البند الثالث من العقد المؤرخ 27 من أكتوبر سنة 1949 من أن البائعين غير ملزمين إلا بإحلال المشتري في حقوقهم قبل البائعين الأصليين حتى لو كان هؤلاء الآخرين لم يعينوا في العقد. وقد أصدرت محكمة الاستئناف حكمها في 26 إبريل سنة 1955 بقبول الاستئناف شكلاً ورفض الدفع بعدم قبول الدعوى لرفعها على غير ذي صفة وبقبولها وبتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف بالمصروفات - وقد قررت الشركة الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض وذلك بتقرير في قلم الكتاب في 30 من يونيه سنة 1955 - وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 16 من مارس سنة 1960 فأصدرت قرارها بإحالة الطعن إلى دائرة المواد المدنية والتجارية لنظره بجلسة 21 من إبريل سنة 1960. وفي تلك الجلسة صمم الطرفان على طلباتهما كما صممت النيابة على رأيها المتضمن طلب رفض الطعن.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن بني على ثلاثة أسباب نزلت الطاعنة عن السبب الأول منها.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه مخالفته للمادة 150 من القانون المدني. وقالت في بيان ذلك أنها تحرر عقودها على نموذج مطبوع يصلح للعقود التي تعقدها بوصفها بائعة وللعقود الأخرى التي تقوم فيها بدور الوسيط ففي الأولى تشطب عبارة "لأمر ولحساب" وتبقى هذه العبارة في العقود الأخرى. وأنه يبين من العقد موضوع الصفقة أنه قد ذكر فيه صراحة أن البيع يتم بأمر ولحساب شركة Interchange بأمريكا - وإذ كانت عبارة العقد واضحة لا تحتاج إلى تفسير فما كان يجوز الانحراف عنها عن طريق تفسيرها. ولكن الحكم لم يقف عند حد هذه العبارة الصريحة بل تجاوزها بمقولة إنها تتناقض مع ما جاء في فاتورة البيع التي تحررت بعد ذلك في 28 من ديسمبر سنة 1949 والتي جاء فيها أن البيع لحساب الطاعنة ثم ذكر بها إضافة بأنه قد تم لأمر ولحساب الشركة الأمريكية. وقد ظنت محكمة الاستئناف أن في ذكر الأمرين تناقضاً يبرر القول بغموض العقد ثم تفسيره على ضوء التصرفات المقترنة به واللاحقة له للتعرف على إرادة المتعاقدين - وما كان لها أن تذهب هذا المذهب بعد أن بينت الطاعنة أن التجار قد درجوا في عرف تعاملهم على ذلك بالنسبة للبضائع التي تحتاج إلى إذن استيراد. وهو إذن شخصي وذلك بقصد تلافي الصعوبات التي تحصل في إتمام عملية الاستيراد فيذكرون في الفاتورة اسم من يحصل التعامل لحسابه إلى جانب اسم صاحب إذن الاستيراد - ولا يغير من ذلك حضورها في دعوى إثبات الحالة وإجراءات الخبرة لأنه ليس لها أن تمتنع عن الحضور فيها وهو ما جرت عليه بيوت التجارة التي يمثلها وكلاؤها في مثل هذه الإجراءات العاجلة فما كان للحكم المطعون فيه أن يظن أن الطاعنة لم تؤكد صفتها لأنها ليست بحاجة إلى إبراز هذه الصفة إلا في المناسبات التي تستأهل ذلك وقد برزت هذه الصفة عندما رفعت عليها الدعوى الموضوعية فلم يفتها التمسك بعدم قبول الدعوى إعمالاً لشروط التعاقد وهي صريحة في إبراز هذه الصفة مما لا يجوز معه الانحراف عنها عملاً بالمادة 150 من القانون المدني.
وحيث إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه برفض الدفع بعدم قبول دعوى المطعون عليها لرفعها على غير ذي صفة - على أن العقد المحرر في 27 من أكتوبر سنة 1949 بين الطرفين وإن ورد به أن الطاعنة وسيطة في الصفقة إلا أن عبارة الفاتورة الصادرة من الطاعنة في 28 من ديسمبر سنة 1949 غامضة ومناقضة في بعض أجزائها لما جاء بالعقد في هذا الخصوص فقد ذكر بها بيان يفيد أن الصفقة تمت لحساب الشركة الطاعنة كما ذكرت بها ما يدل على بيع البضاعة فعلاً من الشركة الأمريكية وإزاء هذا التناقض والاضطراب رأت محكمة الاستئناف في سبيل أن تستظهر نية العاقدين من باقي مستندات الدعوى وذلك بالرجوع إلى عقد 21 من أكتوبر سنة 1949 الذي ألغي وحل محله عقد 27 من أكتوبر سنة 1949 الذي يزيد فيه مبلغ الثمن بما يعادل أرباح الطاعنة من الصفقة واستخلصت منه ومن فتح الحساب الجاري باسم الطاعنة واستخراج إذن الاستيراد باسمها - وهو لا يقبل التنازل - ومن تحرير سند الشحن كذلك باسمها مع سكون الطاعنة عن التحدي بصفتها التي تدعيها كوسيطة في الصفقة حتى سارت دعوى إثبات الحالة وإجراءات الخبرة دون اعتراض وحتى رفعت دعوى الموضوع ووصلت آخر مراحلها في المحكمة الابتدائية - استخلصت المحكمة من كل ذلك عدم جدية دفع الطاعنة وإن صفتها الحقيقية هي أنها بائعة للصفقة وليس وسيطة وهو تحصيل سائغ أسندته المحكمة إلى اعتبارات مقبولة ولا محل معه للنعي بانحراف المحكمة في تفسير شروط التعاقد وخروجها على قواعد التفسير في القانون.
وحيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثالث بطلان الحكم لقصور أسبابه - ذلك أنها تمسكت في مذكراتها أمام محكمة الاستئناف بأنه إذا فرض جدلاً واعتبرت أنها بائعة فإن المادة الثالثة من شروط العقد تنص صراحة على أن التزام البائعين لا يمكن أن يتعدى إحلال المشترين في حقوقهم قبل البائعين الأصليين حتى ولم يعين هؤلاء الأخيرون في العقد ومؤدى هذا الشرط أنه ما كان يصح مساءلة الطاعنة لأن حقوق المطعون عليها إنما تقتصر على طلب إحلالها محل الطاعنة في حقوقها قبل البائعين الأصليين. وقد أغفل الحكم المطعون فيه الرد على هذا الدفاع الجوهري.
وحيث إن هذا النعي مرود - ذلك أن إعمال هذا الشرط كان يقتضي إجراء يتم به إحلال المطعون عليها في حقوق الطاعنة قبل البائعين الأصليين - وأن تقدم الطاعنة ما يدل على اتخاذ هذا الإجراء - إذ يغير ذلك لا يتسنى للمطعون عليها قصر دعواها على البائعين الأصليين - لما كان ذلك فإن مطالبة الطاعنة بإعمال هذا الشرط والتحدي به دون تقديمها لمحكمة الموضوع ما يقتضيه إعماله لا يعد دفاعاً جوهرياً يستوجب الرد عليه.
وحيث إنه لما تقدم يكون الطعن في غير محله متعين الرفض.