أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 412

جلسة 19 من مايو سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحسن العباس، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

(64)
الطعن رقم 12 لسنة 28 ق "أحوال شخصية"

( أ ) محاكم شرعية "المحكمة القضائية، هيئة التصرفات" "اختصاص كل". وقف.
توزيع الاختصاص بين المحكمة القضائية وهيئة التصرفات. الم 26، 27 لائحة شرعية. عدم اختصاص هيئة التصرفات إلا بالإجراءات والتدابير المتعلقة بالتصرف في الوقف والولاية عليه وفرز الأنصبة الثابتة أصلاً ومقداراً. لا يتأدى منه أنه كلما أثير نزاع بشأن أصل الاستحقاق أو مقدارها يمتنع على الهيئة تقدير جديته. مثال.
(ب) نقض "أسباب الطعن" "ما يعتبر سبباً جديداً". وقف.
التمسك لأول مرة أمام محكمة النقض بعدم مراعاة الحكم المطعون فيه في تفسير شرط الواقف بالنسبة لحصة الخيرات ما نصت عليه الم 10 من الق 48/ 46 ومخالفته مفهوم الم 36 من نفس القانون وما يفهم من الم 1 من الق 342/ 52. غير مقبول.
1 - إنه وإن كان مفاد المادتين 26، 27 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 توزيع الاختصاص بين المحكمة القضائية وهيئة التصرفات بحيث لا تختص هيئة التصرفات إلا بالإجراءات والتدابير المتعلقة بالتصرف في الوقف والولاية عليه وفوز الأنصبة الثابتة أصلاً ومقداراً، إلا أنه لا يتأدى من ذلك أنه كلما أثير نزاع بشأن أصل الاستحقاق أو مقداره امتنع على هيئة التصرفات تقدير ما إذا كان هذا النزاع جدياً فيستلزم الوقف أو غير جدي فتغض النظر عنه وتستمر في نظر المادة المطروحة أمامها. فإذا كان الثابت من كتاب الوقف أن الواقف شرط أن يصرف من ريع المال الموقوف في كل سنة بعد وفاته مبلغ ستة جنيهات ذهب ضرب مصر أو ما يقوم مقامها من النقود على سبيل البر والصدقة في وجوه الخير بينها في كتاب وقفه، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أن محكمة الموضوع باعتبارها هيئة تصرفات اعتبرت ما أثارته الطاعنة في هذا الخصوص - بشأن طلب تقويم الجنيه على أساس سعر الذهب بالسوق لا باعتباره مائة قرش - نزاعاً غير جدي، فلا عليها إذ غضت النظر عنه.
2 - النعي على الحكم المطعون فيه لأول مرة أمام محكمة النقض عدم مراعاته في تفسير شرط الواقف بالنسبة لحصة الخيرات ما نصت عليه المادة العاشرة من القانون 48 لسنة 1946 ومخالفته مفهوم المادة 36 من نفس القانون وما يفهم من المادة الأولى من القانون رقم 342 لسنة 1952 - غير مقبول إذا لم يسبق التمسك بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أنه بكتاب وقف محرر أمام محكمة بولاق الشرعية في 5 من شوال سنة 1316 هجرية ومسجل بديوان الأوقاف في 6 من مارس سنة 1899 ميلادية وقف المرحوم سليمان محمد الفيومي على نفسه ومن بعده على من عينهم بكتاب وقفه ما مقداره 12 من 24 قيراط في العقار الكائن بحارة درب البرابرة بالقاهرة - وبإشهاد صادر من محكمة مصر الشرعية في 18 من يناير سنة 1939 استبدل الواقف مال الوقف بسبعة قراريط شيوعاً في 24 قيراط المكون منها العقار رقم 4 بشارع الأميرة فوقيه بالجيزة بحدوده ومعالمه الواردة بحجة الاستبدال وشرط الواقف في وقفه أن يصرف من ريع المال الموقوف في كل سنة بعد وفاته مبلغ ستة جنيهات ذهب ضرب مصر أو ما يقوم مقامها من النقود على سبيل البر والصدقة في خيرات بينها بكتاب الوقف. وفي 22 من أكتوبر سنة 1952 تقدم المطعون عليهم باعتبارهم من المستحقين إلى هيئة التصرفات بمحكمة القاهرة للأحوال الشخصية يطلبون فرز حصة للخيرات يفي ريعها بما شرطه الواقف، وقيد طلبهم برقم 384 سنة 1956 تصرفات وقام الخبير المنتدب من المحكمة لهذا الغرض بالمأمورية المكلف بها، وانتهى إلى تخصيص حصة الخيرات بـ 1 ط و18 س من 24 ط في السبعة قراريط الموقوفة من العقار بأن أجرى حساب الستة جنيهات المشروطة بكتاب الوقف باعتبار الجنيه مائة قرش. فاعترضت وزارة الأوقاف على تقرير الخبير وطلبت تقويم الجنيه على أساس سعر الذهب في السوق. وفي 16 من يناير سنة 1957 قضت محكمة أول درجة في مادة التصرفات المرفوعة إليها بما قدره الخبير لحصة الخيرات في وقف المرحوم سليمان محمد الفيومي بأن خصصت لها 1 ط و18 س من 24 ط شيوعاً في السبعة قراريط الموقوفة في المنزل الوارد ذكره في كتاب الوقف، فاستأنفت وزارة الأوقاف هذا الحكم أمام محكمة استئناف القاهرة للأحوال الشخصية، وقيد استئنافها برقم 11 سنة 74 قضائية، وطلبت إعادة المأمورية للخبير لفرز حصة الخيرات على الأساس الذي أبدته أمام محكمة أول درجة. فقضت المحكمة الاستئنافية في 9 من فبراير سنة 1958 برفض الاستئناف وتأييد الحكم المستأنف. وبتاريخ 26 من فبراير سنة 1958 قررت وزارة الأوقاف الطعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأبدت النيابة العامة رأيها بنقض الحكم. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 7 من أكتوبر سنة 1959 فصممت النيابة العامة على الرأي المبدي بمذكرتها، وقررت دائرة الفحص بتلك الجلسة إحالة الطعن إلى هذه الدائرة، وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون عليهم في 15 و22 من أكتوبر سنة 1959، فقدم المطعون عليهم مذكرة بالرد وصممت النيابة العامة بمذكرتها الثانية على رأيها السابق. وأمر السيد رئيس المحكمة بتحديد جلسة 5 من مايو سنة 1960 لنظر الطعن أمام هذه الدائرة، وفيها صممت النيابة العامة على رأيها الوارد بمذكرتها.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون من أربعة أوجه. وتقول في بيان الوجه الأول أن هيئة التصرفات بالمحكمة ليس لها أن تفصل فيما يثار أمامها من نزاع قضائي طبقاً لنص المادة 27 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية، إذ أن اختصاصها قاصراً على ما يصدره القاضي بصفة ولائية. فإذا كان هناك نزاع في أصل الاستحقاق أو في مقداره فإن المحكمة منعقدة بهيئة قضائية هي التي تختص بالفصل فيه. وترتب الطاعنة على ذلك القول بأن المحكمة قد خالفت القانون إذ فصلت باعتبارها هيئة تصرفات في نزاع حول مقدار نصيب الخيرات في الوقف.
وحيث إنه وإن كانت لائحة ترتيب المحاكم الشرعية الصادر بها المرسوم بقانون رقم 78 لسنة 1931 تنص بالمادة 26 على أن "دعوى الوقف والاستحقاق فيه بجميع أسبابه ودعوى إثبات النظر عليه وغير ذلك مما يتعلق بشئون الوقف ترفع أمام المحكمة.." وبالمادة 27 على أن "التصرف في الأوقاف من عزل وإقامة ناظر وضم ناظر إلى آخر واستبدل وإذن بعمارة أو تأجير أو استدانة أو بخصومة وغير ذلك يكون من اختصاص هيئة تصرفات المحكمة" مما يفيد توزيع الاختصاص بين المحكمة القضائية وهيئة التصرفات بحيث لا تختص هيئة التصرفات إلا بالإجراءات والتدابير المتعلقة بالتصرف في الوقف والولاية عليه وفرز الأنصبة الثابتة أصلاً ومقداراً، إلا أنه لا يتأدى من ذلك أنه كلما أثير نزاع بشأن أصل الاستحقاق أو مقداره امتنع على هيئة التصرفات تقدير ما إذا كان هذا النزاع جدياً فيستلزم الوقف أو غير جدي فتغض النظر عنه وتستمر في نظر المادة المطروحة أمامها. ولما كانت نصوص القانون رقم 462 لسنة 1955 الخاص بإلغاء المحاكم الشرعية قد استبقت أحكام لائحة ترتيب المحاكم الشرعية في هذا الخصوص، وكان الثابت من كتاب الوقف أن الواقف شرطة أن يصرف من ريع المال الموقوف في كل سنة بعد وفاته مبلغ ستة جنيهات ذهب ضرب مصر أو ما يقوم مقامها من النقود على سبيل البر والصدقة في وجوه الخير بينها في كتاب وقفه، وكان يبين من الحكم المطعون فيه أنه اعتبر أن ما أثارته الطاعنة في هذا الخصوص نزاعاً غير جدي فلا على محكمة الموضوع إذ غضت النظر عنه.
وحيث إن الطاعنة تنعى على الحكم المطعون فيه - في الأوجه الثاني والثالث والرابع - مخالفة القانون، ذلك أن الحكم لم يراع في تفسير شرط الواقف بالنسبة لحصة الخيرات ما نصت عليه المادة العاشرة من القانون رقم 48 لسنة 1946، إذ لم يحمل كلام الواقف على المعنى الذي أراده وهو الوفاء بحصة الخيرات قبل كل استحقاق آخر. كما خالف الحكم مفهوم المادة 36 من نفس القانون وذلك أن تحديد مرتب معين للخيرات يوجب تقدير حصتها عند الوقف بالنسبة لحصص باقي المستحقين وإجراء المحاصة على أساس هذه النسبة. وخالف الحكم أيضاً ما يفهم من المادة الأولى من القانون رقم 342 لسنة 1952 من أن جهة الخيرات المشروط لها مرتب معين تعتبر مالكة على الشيوع في أعيان الوقف لحصة تقدر على أساس من قيمتها عند الوقف بالنسبة إلى غلة الوقف جميعه لا على أساس أن للخيرات ديناً في ذمة الوقف تستأديه بالنقد الذي يجرى التعامل به.
وحيث إنه لا يبين من الأوراق المقدمة بملف الطعن أن الطاعنة سبق أن تمسكت بهذا الدفاع أمام محكمة الموضوع، فالنعي به لأول مرة أمام محكمة النقض غير مقبول.