أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 421

جلسة 26 من مايو سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحمد رفعت، ومحسن العباس، وعبد السلام بلبع المستشارين.

(66)
الطعن رقم 27 لسنة 27 ق "أحوال شخصية"

( أ ) قانون "تطبيق القانون" "تنازع القوانين من حيث المكان".
تقرير الحكم للمبدأ الصحيح في خصوص مجال إعمال قانون موقع المال. الم 18 مدني. إلا أنه عند تطبيقه على واقعة النزاع قرر أن حق الانتفاع الموصى به يعتبر قيداً على حق الملكية إعمالاً لنصوص القانون اليوناني في حين أنه كان يتعين الرجوع لقانون موقع المال وهو القانون المدني المصري. خطأ في تطبيق القانون.
(ب) حقوق عينية "الأصيلة" "الحقوق المتفرعة عن حق الملكية" "حق الانتفاع".
اعتبار القانون المدني المصري حق الانتفاع من الحقوق العينية.
هو حق مالي - في نظر القانون المصري - قائم بذاته. عدم اعتباره قيداً على حق الملكية.
جواز الإيصاء به - وإمكان تقويمه.
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد قرر المبدأ الصحيح في خصوص مجال إعمال قانون موقع المال وذلك بقوله إن هذا المجال لا يتعدى بيان كل ما يعتبر من نظام الأموال وتحديد الحقوق العينية وما يعتبر منها أصلياً وما يعتبر تبعياً وحدود كل منها وآثاره وبيان طرق كسب هذه الحقوق وانقضائها وانتقالها، إلا أنه عند تطبيقه هذا المبدأ على واقعة الدعوى التي يتناول النزاع فيها تكييف حق الانتفاع في العقار وتقويمه وهل يعتبر قيداً على حق الملكية أم حقاً مالياً قائماً بذاته يجوز تقويمه والإيصاء به - قرر أن حق الانتفاع الموصى به يعتبر قيداً على حق الملكية إعمالاً لنصوص القانون اليوناني في حين أنه كان يتعين الرجوع إلى قانون موقع المال وهو القانون المدني المصري، فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق القانون.
2 - يبين من استعراض نصوص القانون المدني المصري أنه اعتبر حق الانتفاع من الحقوق العينية وذلك بإدراجه في باب الحقوق المتفرعة عن حق الملكية كما أنه في المادة 83 اعتبر كل حق عيني ما لا عقارياً ثم أنه حدد الحالات التي تعتبر قيوداً على حق الملكية وهي التي تناولتها المواد من 816 إلى 824 والمتعلقة بالقيود الناشئة عن حقوق الجوار وليس منها حق الانتفاع، ومن ثم فإن حق الانتفاع في نظر القانون المصري هو حق مالي قائم في ذاته ولا يعتبر من القيود الواردة على حق الملكية، وبالتالي فهو مما يجوز الإيصاء به ويمكن تقويمه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل حسبما يبين من الحكم المطعون فيه ومن سائر الأوراق في أن المرحوم جورج كاراباناكيس اليوناني الجنسية توفى في 20 يونيه سنة 1953 وترك وصية أوصى بموجبها لزوجته السيدة استيلا بنايوتي بكامل ثروته المنقولة وبحق الانتفاع بثروته العقارية مدى حياتها على أن تؤول بعد وفاتها إلى بنتي خاله السيدتين ايرين تسانجاراكيس واستيلاديمتري فقامت الزوجة بالإجراءات اللازمة لشهر الوصية ثم تقدمت بطلب إلى رئيس محكمة الأحوال الشخصية لتحقيق الوفاة وإصدار إشهاد الوراثة باعتبارها وارثة بمقتضى الوصية - ثم توفيت الزوجة بتاريخ 10 سبتمبر سنة 1953 وبتاريخ 21 سبتمبر أصدر رئيس المحكمة إشهاداً باعتبار الورثة الوحيدين للمتوفى هم أولاً الزوجة استيلا التي توفيت وثانياً الطاعنتان على أن تؤول إليهما جميع الثروة العقارية فأقام ورثة الزوجة المطعون عليهم الدعوى أمام محكمة الإسكندرية الابتدائية ضد الطاعنين طلبوا فيها إلغاء إعلام الوراثة وثبوت ملكيتهم بصفتهم ورثة المرحومة استيلا بنايوتي بطريق الإرث عن المرحوم جورج كاراباناكيس لحصته وقدرها الربع في العقار المتروك عنه. وبتاريخ 29/ 5/ 1956 قضت محكمة الإسكندرية باختصاصها النوعي والمحلي بنظر الدعوى وفي الموضوع برفضها وإلزام المدعين بالمصروفات، فاستأنف المطعون عليهم هذا الحكم أمام محكمة استئناف الإسكندرية وبتاريخ 27/ 4/ 1957 حكمت المحكمة المذكورة بإلغاء الحكم المستأنف وبتعديل إشهاد وراثة المرحوم جورج كارياناكيس بخصوص ثروته العقارية وتحديد حصة الطاعنين فيها بثلاثة أرباع وثبوت ملكية المستأنفين بصفتهم ورثة المرحومة استيلا بنايوتي الوارثة للمرحوم جورج كاراباناكيس للربع على الشيوع في العقار المتنازع عليه. فقررت الطاعنتان بالطعن في هذا الحكم بتاريخ 15/ 5/ 1957 ولدى نظر القضية أمام دائرة فحص الطعون قررت إحالتها إلى الدائرة المدنية وفي الجلسة المحددة لنظرها أمام هذه الدائرة صممت النيابة على ما جاء بمذكرتها طالبة نقض الحكم المطعون فيه.
ومن حيث إن الطاعنتين ينعيان في السبب الأول على أن الحكم المطعون فيه أنه أخطأ في تطبيق المادة 18 من القانون المدني وفي تفسيرها وتأويلها وفي بيان ذلك تقولان إن المادة 18 نصت على أن يسري على الحيازة والملكية والحقوق العينية الأخرى قانون موقع العقار وأن مؤدى إعمال هذه القاعدة أن القانون المدني المصري وهو قانون موقع العقار هو القانون الواجب التطبيق في هذه القضية التي يتناول النزاع فيها تكييف حق الانتفاع في عقار وتقويمه وهل يعتبر قيداً على حق الملكية أما حقاً مالياً قائماً بذاته يجوز تقويمه والإيصاء به - كما أن من مؤداها أن يتم تقويم العقار وفق قانون موقعه لأن تقويم الحقوق العينية من المسائل المتعلقة بالنظام العام لتعلقها بكيان وسيادة الدولة على أموالها وأن تطبيق هذه القاعدة لا يتعارض مع أحكام المادة 17/ 1 من القانون المدني التي تنص على إخضاع الوصية لقانون الموصى لأن هذا النص لا يسري إلا في الأحكام الوصية الموضوعية وهي ما يعرف بنظام الخلافة بسبب الموت وتقول الطاعنتان إن الحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى تطبيق قانون الموصى على واقعة الدعوى فقرر أن حق الانتفاع الموصى به يعتبر قيداً على حق الملكية فلا يجوز الإيصاء به ولا يمكن تقويمه فإنه يكون مشوباً بالخطأ القانوني.
وحيث إن هذا النعي في محله ذلك أن الحكم المطعون فيه وإن كان قد قرر المبدأ الصحيح في خصوص مجال إعمال قانون موقع المال وذلك بقوله إن هذا المجال لا يتعدى بيان كل ما يعتبر من نظام الأموال وتحديد الحقوق العينية وما يعتبر منها أصلياً وما يعتبر تبعياً وحدود كل منها وآثاره وبيان طرق كسب هذه الحقوق وانقضائها وانتقالها إلا أنه أخطأ في تطبيق هذا المبدأ على واقعة الدعوى ذلك أنه قرر أن حق الانتفاع الموصى به يعتبر قيداً على حق الملكية إعمالاً لنصوص القانون اليوناني في حين أنه كان يتعين الرجوع إلى قانون موقع المال وهو القانون المصري.
وحيث إنه يبين من استعراض نصوص القانون المدني أنه اعتبر حق الانتفاع من الحقوق العينية وذلك بإدراجه في باب الحقوق المتفرعة عن حق الملكية كما أنه في المادة 83 اعتبر كل حق عيني ما لا عقارياً ثم أنه حدد الحالات التي تعتبر قيوداً على حق الملكية وهي التي تناولتها المواد من 816 إلى 824 والمتعلقة بالقيود الناشئة عن حقوق الجوار وليس منها حق الانتفاع. ومما تقدم يبين أن حق الانتفاع في نظر القانون المصري هو حق مالي قائم في ذاته ولا يعتبر من القيود الواردة على حق الملكية فهو بالتالي مما يجوز الإيصاء به ويمكن تقويمه.
وحيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.