أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثاني - السنة 11 - صـ 460

جلسة 23 من يونيه سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد المستشار، وبحضور السادة: الحسيني العوضي، ومحسن العباس، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي المستشارين.

(73)
الطعن رقم 44 سنة 27 ق "أحوال شخصية"

( أ ) استئناف "إجراءاته" "صحيفته" "أسبابه".
إيجاب الم 310 لائحة المحاكم الشرعية ذكر أسباب الاستئناف في الصحيفة وورود النص بصيغة آمرة لا يتأدى منه أن البطلان جزاء مقرر.
تقدير الشارع لأهمية الإجراء وافتراض ترتب الضرر على المخالفة مجاله النص الوارد بعبارة نافية أو ناهية.
(ب) نقض "حالات الطعن" "الطعن بمخالفة حكم سابق".
شرطه أن يكون الحكمان صادرين بين الخصوم أنفسهم في النزاع عينه. الم 426 مرافعات. مثال.
(جـ) وقف "شرط الواقف" "الوقف على الذرية مرتب الطبقات".
مؤدى النص الم 32/ 1 من الق 48/ 46 مثال في نصيب العقيم.
(د) وقف "شرط الواقف" "تفسيره".
مثال لتفسير المحكمة لشرط متنازع عليه بأن نصيب العقيم ينتقل إلى إخوته وأخواته الموجودين على قيد الحياة عند وفاته دون ما ماتوا قبله. التزام المحكمة في تفسيره ما تقضيه الم 10 من الق 48/ 46. مطابقته لما هو مقرر في مذهب الحنفية ولا يعرف فيه خلاف.
1 - إنه وإن كانت المادة 310 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية قد أوجبت ذكر الأسباب التي بني عليها في الاستئناف في الصحيفة إلا أنه لا يتأدى من ورود النص المذكور بصيغة آمره أن يكون البطلان جزاءاً مقرراً - بمقولة أن الشارع يكون في هذه الحالة قد قدر أهمية الإجراء وافترض ترتب الضرر على مخالفته - ذلك أن القول بتقدير الشارع لأهمية الإجراء وافتراضه ترتب الضرر على المخالفة لا يكون له مجال إلا إذا كان النص وارداً بعبارة نافية أو ناهية، فإذا كانت الطاعنة قد وقفت في شأن الدفع ببطلان الاستئناف عند حد ما ورد بنعيها من اعتبار البطلان جزاءاً مقرراً لمجرد أن النص آمر فإن الحكم المطعون فيه يكون سديداً فيما انتهى إليه من رفض الدفع المذكور.
2 - إذا كان يبين من الحكم الصادر من المحكمة العليا الشرعية أنه صدر في نزاع قام بين وزارة الأوقاف وسيدتين حول تفسير شرط الواقف في خصوص أيلولة نصيب سيدة توفيت عقيماً، وكان النزاع في الخصومة الراهنة يدور بين الطاعنة ووزارة الأوقاف وآخر حول أيلولة نصيب عقيم آخر، وكان من شرط إعمال حكم المادة 426 مرافعات أن يكون الحكمان صادرين بين الخصوم أنفسهم في النزاع عينه - وهو ما لم يتحقق في واقعة الطعن لاختلاف الموضوع والخصوم - فإن النعي على الحكم المطعون فيه أنه فصل في النزاع الحالي على خلاف الحكم السابق عليه الصادر من المحكمة العليا الشرعية يكون على غير أساس.
3 - لما كانت الفقرة الأولى من المادة 32 من القانون 48 لسنة 1946 تنص على أنه "إذا كان الوقف على الذرية مرتب الطبقات لا يحجب أصل فرع غيره ومن مات صرف ما استحقه أو كان يستحقه إلى فرعه" - فإن مؤدى ذلك أن انتقال نصيب الأصل لفرعه وصرف ما استحقه أو كان يستحقه لهذا الفرع منوط بأن يكون ثمة وقف على الذرية مرتب الطبقات مما يتعين معه أن تكون الطبقات من الذرية (أي بينها توالد وتناسل) وأن تكون جميعها موقوفاً عليها وأن يكون الفرع موقوفاً عليه مثل الأصل وأن يكون تالياً له في استحقاق ما وقف عليه بحيث لا يحجبه عن تناول هذا الاستحقاق إلا وجود هذا الأصل، فإذا كانت هذه الشروط غير متحققة في الشرط موضوع المنازعة الراهنة لأن نصيب العقيم الذي تفترض الطاعنة اعتباره وقفاً مقصور وقفه على الإخوة والأخوات - أما فروعهم (وهم أولادهم) فليسوا موقوفاً عليهم - ولا يعتبرون تالين لأصولهم في الاستحقاق بمقتضى الشرط إذ ورد فيه أنه إذا لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات إليه (أي إلى العقيم)، وكان الحكم المطعون فيه قد انتهى إلى أنه لا مجال لإعمال حكم المادة 32/ 1 فإن النعي عليه بالخطأ في القانون يكون على غير أساس.
4 - إذا كانت محكمة الاستئناف قد فسرت الشرط المتنازع على تفسيره بأن نصيب العقيم ينتقل إلى إخوته وأخواته الموجودين على قيد الحياة عند وفاته دون من ماتوا قبله، وكانت قد التزمت في تفسيره ما تقتضيه المادة العاشرة من القانون 48 لسنة 1946 من استظهار المعنى الذي أراده الواقف - مستعينة في ذلك بعبارات الشرط المذكور وبمجموع ما ورد في كتاب الوقف مبينة سندها في الاستخلاص، وقد جاء حكمها في خصوص تفسير الشرط المتنازع عليه مطابقاً لما هو مقرر في مذهب الحنفية "ولا يعرف فيه خلاف" من أنه إذا جعل الواقف نصيب العقيم لإخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق ولم يقل أن من مات قبل الاستحقاق يستحق فرعه نصيبه يكون نصيب العقيم لإخوته وأخواته الأحياء فقط أما الأموات عن ذرية فلا ينالون شيئاً من نصيب العقيم، فإن النعي عليها الخطأ في تفسيرها لشرط الواقف ومخالفتها بمنهجها في التفسير ما يقضي به الواقع في شأن كتاب الوقف ويفيده مدلول عبارة الشرط ويقرره الفقه ويقضي به نص المادة العاشر من القانون رقم 48 لسنة 1946 يكون على غير أساس.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع تتحصل على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - في أن الطاعنة رفعت على المطعون عليهما بمحكمة القاهرة الكلية للأحوال الشخصية الدعوى رقم 111 لسنة 1956 وتضمنت وقائعها أن المرحوم الأمير محمود البازجي وقف الأعيان المبينة بكتاب الوقف الصادر منه أمام محكمة مصر الشرعية في 15 شعبان سنة 1255 هجرية على نفسه أيام حياته ثم من بعده جعل الريع وقفاً على من سيحدثه الله له من الأولاد ذكوراً وإناثاً بالسوية بينهم.. ثم من بعد كل من أولاده يكون نصيبه وقفاً على أولاده ثم على أولاد أولاده ثم على أولاد أولاد أولادهم ثم على ذريتهم ونسلهم وعقبهم طبقة بعد طبقة الطبقة العليا منهم تحجب الطبقة السفلى من نفسها دون غيرها بحيث يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره... على أن من مات منهم وترك ولداً أو ولد ولد أو أسفل من ذلك انتقل نصيبه لمن تركه فإن لم يكن له ولد ولا ولد ولد ولا أسفل من ذلك انتقل نصيبه لإخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات إليه من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم فإذا انقرضت ذرية الواقف أو مات من غير عقب وانقرضت ذرية لبيبة مصطفى بنت أخته أو ماتت عن غير عقب يكون الوقف جميعه مصروفاً ريعه على عتقاء الواقف بيضاً وسوداً وحبوشاً مع مشاركة حسن شاه الجركسية وبيك زاده الجردلية البيضاء بنت عبد الله عتيقتى زوجته المرحومة زينب هانم على أن يكون للأبيض من العتقاء ضعف ما للأسود أو الحبشي منهم.. ثم من بعد كل واحد من العتقاء يكون نصيبه لأولاده ثم لأولاد أولاده ثم لأولاد أولاد أولادهم وذريتهم ونسلهم طبقة بعد طبقة إلى حين انقراضهم على النص والترتيب المشروحين في الأولاد فإذا انقرضوا يكون وقفاً على عتقاء العتقاء على هذا النص والترتيب فإذا انقرضوا يكون وقفاً على جهات البر التي عينها - وقد توفى الواقف ومن وقف عليه بعده من أقاربه وآل الوقف إلى العتقاء وعددهم خمسة عشر عتيقاً ثلاثة عشر من البيض واثنان من السود - ومن هذين زهرة عتيقة الواقف - التي تناسل منها الطاعنة والمطعون عليه الأول - وتوفيت زهرة وتوفيت بعدها بنتها أمينه قاسم ثم توفى محمد صالح محمود ابن أمينه قاسم ثم توفى حسن صالح محمود ابنها أيضاً - ثم توفيت زينب حسن صالح (بنت حسن صالح) عن بنتيها سعاد (الطاعنة) وسعدية بنتي حامد محمد حسن وآل إليهما نصيبها - ثم توفى أحمد حسن صالح في سنة 1945 عقيماً عن إخوته الأحياء الثلاثة وهم يوسف (المطعون عليه الأول) وأليفه وتفيده وأولاد أختيه اللتين توفيتا قبله وهما زينب وبنتاها سعاد وسعدية ومريم وأولادها إبراهيم ووجيده وهديه وآل نصيبه إلى إخوته الخمسة أحياء وأمواتاً فخص كلاً منهم 12/ 175 من السهم. فأخذ كل من الأحياء نصيبه وآل نصيب كل من الميتين (زينب ومريم) إلى أولادهما بالتساوي - ثم توفيت سعدية حامد محمد حسن شقيقة الطاعنة) عقيماً - وآل نصيبها في حصة العقيم (أحمد حسن صالح) إلى أختها (الطاعنة) وبذلك صارت تستحق نصيب أمها زينب جميعه في حصة العقيم المذكورة وقدره 12/ 175 ولما كان المطعون عليه الأول "يوسف حسن صالح" ينكر عليها استحقاقها شيئاً ما في نصيب هذا العقيم ويتعرض لها فيما تدعيه بغير حق وكانت وزارة الأوقاف بصفتها ناظرة على هذا الوقف ثم حارسة عليه قد وزعت نصيب العقيم المذكور على الأحياء من إخوته وأخواته فقط وامتنعت عن تسليم (الطاعنة) حصتها في نصيب العقيم - لذلك أقامت دعواها بطلب الحكم لها على المطعون عليهما باستحقاقهما - 12/ 175 من السهم من قيراط من 24 قيراطاً وأمر وزير الأوقاف بصفته بأن يؤدي لها ما يوازي ذلك من الريع الذي تحت يده ومنع المطعون عليهما من التعرض لها في ذلك مع المصاريف والأتعاب. وبتاريخ 31/ 12/ 1956 حكمت المحكمة الابتدائية بأن شرط الواقف يقضي بأيلولة نصيب العقيم (أحمد حسن صالح) إلى إخوته الأحياء (وقت وفاته) وهم يوسف وأليفه وتفيده وإلى أولاد أختيه اللتين توفيتا قبله أخماساً وألزمت "المطعون عليه الأول" يوسف حسن صالح بالمصروفات وبأتعاب المحاماة. وبتاريخ 19/ 1/ 1957 استأنف المطعون عليه الأول هذا الحكم إلى محكمة استئناف القاهرة بالاستئناف رقم 10 لسنة 74 ق طالباً قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المستأنف بالنسبة لنصيب العقيم المذكور وجعله للأحياء فقط وقت وفاته ورفض الدعوى - ودفعت الطاعنة بعدم قبول الاستئناف لخلو صحيفته من الأسباب، وبتاريخ 30/ 11/ 1957 حكمت محكمة الاستئناف أولاً - بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع أولاً برفض ما دفعت به المستأنف عليها الثانية (الطاعنة) ثانياً - تفهيم الطرفين بأن شرط الواقف بالنسبة لنصيب العقيم أحمد حسن صالح يؤول إلى إخوته الأحياء فقط. ثالثاً - بإلغاء الحكم المستأنف وألزمت "الطاعنة" بالمصاريف وخمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة. وبتاريخ 18 من ديسمبر سنة 1957 قررت الطاعنة الطعن بالنقض في هذا الحكم وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة ضمنتها رأيها بطلب رفض الطعن وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 17 من مايو سنة 1959 فقررت إحالته إلى هذه الدائرة - وقد استوفت الطاعنة الإجراءات القانونية بعد صدور قرار الإحالة - كما قدمت النيابة العامة مذكرة صممت فيها على ما جاء بمذكرتها الأولى وحددت جلسة 5 من مايو سنة 1960 لنظر الطعن أمام هذه الدارة فصممت الطاعنة والنيابة العامة على طلباتهما.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الأول على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وفي بيانه ذكرت - أنه لما صدر الحكم ابتدائياً لصالحها واستأنفه المطعون عليه الأول اقتصر في بيان أسباب الاستئناف على قوله "بما أن هذا الحكم غير صحيح وقد صدر باطلاً لبنائه على أسباب غير صحيحة وقد أضر بالمستأنف ضرراً زائداً فهو لهذا وللأسباب التي ستذكر في جلسات المرافعة يستأنفه" ولما كانت هذه العبارة عامة مجملة لا تحدد عيباً معيناً في ذلك الحكم ولا تفيد سبباً محدداً يسوغ استئناف ذلك الحكم فهي لذلك تكون قاصرة عن الوفاء بما تتطلبه المادة 310 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية من لزوم اشتمال صحيفة الاستئناف على الأسباب التي بني عليها الاستئناف - وقد دفعت الطاعنة لهذا ببطلان الاستئناف ولكن المحكمة الاستئنافية - في حكمها المطعون فيه - قضت برفض هذا الدفع تأسيساً على أن المادة 310 المشار إليها لا تنص على البطلان جزاء لعدم احتواء صحيفة الاستئناف على بيان بالأسباب التي بني عليها الاستئناف وهذا النظر خاطئ قانوناً - ذلك أن المشرع قد أوجب اشتمال الصحيفة على بيانه بالأسباب - وعبر عن ذلك بقوله "يلزم أن تكون الصحيفة مشتملة على.. وعلى.. وعلى الأسباب التي بني عليها الاستئناف" وإيراد النص مصدراً بهذه العبارة "يلزم" يجعله نصاً آمراً ويترتب على مخالفته البطلان اعتباراً بأن المشرع قدر أهمية الإجراء وافترض ترتب الضرر عليه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه وإن كانت المادة 310 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية قد أوجبت ذكر الأسباب التي بني عليها الاستئناف في الصحيفة - إلا أنه لا يتأدى من ورود النص المذكور بصيغة آمرة أن يكون البطلان جزاء مقرراً - بمقولة أن الشارع يكون في هذه الحالة قد قدر أهمية الإجراء وافترض ترتب الضرر على مخالفته - ذلك أن القول بتقدير الشارع لأهمية الإجراء وافتراضه ترتب الضرر على المخالفة لا يكون له مجال إلا إذا كان النص وارداً بعبارة نافية أو ناهية ولما كانت الطاعنة قد وقفت في شأن الدفع ببطلان الاستئناف عند حد ما ورد في نعيها من اعتبار البطلان جزاء مقرراً لمجرد أن النص آمر فإن الحكم المطعون فيه يكون سديداً فيما انتهى إليه من رفض الدفع المذكور ويكون النعي عليه بما ورد في سبب الطعن في غير محله.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الرابع على الحكم المطعون فيه أنه فصل في النزاع الحالي على خلاف حكم آخر سابق عليه صادر من المحكمة العليا الشرعية - وفي ذلك ما يستوجب إلغاءه - عملاً بالمادة 426 من قانون المرافعات - وذكرت الطاعنة أن التزام القائم في الخصومة الحالية يدور حول تفسير ما ورد بكتاب الوقف في شأن من يؤول إليه نصيب من يموت عقيماً من الموقوف عليهم - وهل ينتقل هذا النصيب إلى جميع إخوة وأخوات هذا العقيم - الأحياء منهم والأموات - فما أصاب الأحياء أخذوه وما أصاب الأموات أخذه فروعهم أو تنحصر أيلولة النصيب في الإخوة والأخوات الذين يكونون على قيد الحياة عند وفاة العقيم وقد سبق أن عرضت على المحكمة العليا الشرعية منازعة حول تفسير الشرط المذكور في الاستئناف رقم 189 لسنة 1951 فأصدرت حكمها في 27/ 11/ 1952 - قاضياً بأن نصيب العقيم يؤول إلى جميع إخوته أحياء وأمواتاً وينتقل نصيب الأموات إلى فروعهم ولما كان الحكم المطعون فيه قد خالف هذا النظر في تفسير الشرط المشار إليه آنفاً وقضى بقصر نصيب العقيم على الأحياء من الإخوة والأخوات فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود بأنه لما كان يبين من الاطلاع على الحكم الصادر من المحكمة العليا الشرعية في 27 من نوفمبر سنة 1952 أنه أصدر في نزاع قائم بين وزارة الأوقاف وكل من السيدتين نجيه محمود شاكر واسما هانم حسين سعيد في الاستئنافين رقمي 189 لسنة 1951، 190 لسنة 1951 المنضمين معاً - وقد دار النزاع حول تفسير شرط الواقف - في خصوص أيلولة نصيب المرحومة حنيفة حسين سعيد التي توفيت عقيماً، وكان النزاع في الخصومة الراهنة يدور بين الطاعنة والمطعون عليهما حول أيلولة نصيب العقيم أحمد حسن صالح، وكانت المادة 426 من قانون المرافعات تنص على أن "للخصوم أن يطعنوا أمام محكمة النقض في أي حكم انتهائي أياً كانت المحكمة التي أصدرته فصل في نزاع خلافاً لحكم آخر سبق أن صدر بين الخصوم أنفسهم وحاز قوة الشيء المحكوم سواء أدفع بهذا أم لم يدفع" وكان من شروط إعمال حكم هذه المادة أن يكون الحكمان صادرين بين الخصوم أنفسهم في النزاع عينه وهو ما لا يتحقق في واقعة هذا الطعن لاختلاف الموضوع والخصوم في كل من الحكمين المشار إليهما آنفاً. لما كان ذلك فإن هذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعنة تنعى بالسببين الثالث والثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في القانون وذلك أولاً - حيث التفتت محكمة الاستئناف عن أعمال المبدأ المستحدث بالمادة 32/ 1 من القانون رقم 48 لسنة 1946 والذي يقضي بقيام الفرع مقام أصله في صرف ما استحقه أو كان يستحقه أصله - سواء في ذلك أكان الاستحقاق أصلياً أم آيلاً. ومن مقتضى ذلك أن يؤول نصيب العقيم في الوقف إلى جميع إخوته وأخواته أحياء وأمواتاً - ويكون ما هو من نصيب الإخوة الذين ماتوا قبل العقيم مستحقاً لفروعهم - وبذلك يحل الفرع محل أصله وتتحقق مقاصد الشارع من تحقيق العدالة والمصلحة والاستجابة لرغبات الواقفين الذين يهدفون لحصر الوقف في الذرية - وإلى ألا يصرف نصيب من مات عن ولد إلى غيره إلا إذا قصد الواقف ذلك ونص عليه نصاً صريحاً.. وثانياً - أخطأت محكمة الاستئناف في تفسيرها لشرط الواقف وخالفت بمنهجها في التفسير ما يقضي به الواقع في شأن كتاب الوقف ويفيده مدلول عبارة الشرط ويقرره الفقه ويقضي به نص المادة العاشرة من القانون 28 لسنة 1946 ذلك أنه يبين من حكمها أنها جزأت كلام الواقف فأخذت ببعضه وتركت البعض الآخر وقصرت لفظ الإخوة والأخوات على الأحياء منهم دون الأموات بغير مسوغ لهذا التخصيص وتجاوزت المفهوم من لفظ "المشاركة" فاعتبرت أن الأخوة المشاركين للعقيم في الدرجة والاستحقاق هم الأحياء فقط مع أن لفظ المشاركة ينبسط على الإخوة أحياء وأمواتاً - فهم جميعاً يعتبرون مشاركين للعقيم في الاستحقاق إذا أنهم مستحقون معه - وخالفت بهذا النظر ما هو مستقر في القضاء الشرعي في شأن تفسير مثل هذا الشرط - فكان حكمها لما تقدم معيباً بما يستوجبه نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود أولاً - بأنه لما كانت الفقرة الأولى من المادة 32 من القانون رقم 48 لسنة 1946 تنص على أنه "إذا كان الوقف على الذرية مرتب الطبقات لا يحجب أصل فرع غيره ومن مات صرف ما استحقه أو كان يستحقه إلى فرعه" فإن مؤدى ذلك أن انتقال نصيب الأصيل لفرعه وصرف ما استحقه أو كان يستحقه لهذا الفرع منوط بأن يكون ثمة وقف على الذرية مرتب الطبقات مما يتعين معه أن تكون الطبقات من الذرية (أي بينها توالد وتناسل) وأن تكون جميعها موقوفاً عليها - وأن يكون الفرع موقوفاً عليه مثل الأصل - وأن يكون تالياً له في استحقاق ما وقف عليه بحيث لا يحجبه عن تناول هذا الاستحقاق إلا وجود هذا الأصل، ولما كانت هذه الشروط غير متحققة في الشرط موضوع المنازعة الراهنة ذلك أن نصيب العقيم الذي تفترض الطاعنة اعتباره وقفاً مقصور وقفه على الإخوة والأخوات أما فروعهم (وهم أولادهم) فليسوا موقوفاً عليهم ولا يعتبرون تالين لأصولهم في الاستحقاق بمقتضى الشرط إذا ورد فيه أنه إذا لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات إليه (أي إلى العقيم) لما كان ذلك وكان الحكم المطعون فهي قد انتهى إلى أنه لا مجال لإعمال حكم المادة 32/ 1 فإن النعي عليه بالخطأ في القانون يكون على غير أساس. وثانياً - بأن محكمة الاستئناف وقد فسرت الشرط المتنازع على تفسيره بأن نصيب العقيم (أحمد حسن صالح) ينتقل إلى إخوته وأخواته الموجودين على قيد الحياة عند وفاته دون من ماتوا قبله فقد أقامت قضاءها في ذلك على ما ذكرته من أن "كلمة الإخوة والأخوات عند الإطلاق في مثل هذا الشرط لا تصرف إلا للإخوة الأحياء لأن الميت ليس أهلاً للتمليك فلا يمكن أن يقال أن الأخ الذي توفى قبل العقيم يكون مستحقاً بهذا الشرط. ولا يوجد نص في كتاب الوقف يجعل الفرع يقوم مقام أصله بالنسبة لنصيب العقيم إذ الشرط الخاص بأن من مات انتقل نصيبه لولده وإن سفل قد جاء في صدر الإنشاء خاصاً بالوقف على الذرية فلا يطبق في نصيب العقيم ولا يدل على أن غرض الواقف هو عدم حرمان ولد من توفى من الإخوة والأخوات قبل وفاة العقيم من نصيبه الذي كان يستحقه لو بقي حياً لذلك اتفقت كلمة فقهاء الحنفية على أن نصيب العقيم في مثل هذا الشرط يكون لإخوته وأخواته الموجودين فقط وأما من مات منهم عن ذرية قبل العقيم فلا يشاركون الأحياء في نصيب العقيم (يراجع حكم المحكمة العليا الشرعية بتاريخ 21 ديسمبر سنة 1952 في القضية رقم 61 لسنة 1951) أما كلمة المشاركين له في الدرجة والاستحقاق فإن الواقف إذا لم يذكرها يكون نصيب العقيم لجميع إخوته وأخواته الأحياء سواء أكانوا مستحقين فذكر هذا القيد لإخراج الإخوة والأخوات غير المستحقين كما أن كلمة المشاركين تدل لغة على المشاركة في الاستحقاق بالفعل وقت الموت أما المشاركة قبل أو بعد ذلك فلا تأثير لها في الاستحقاق إلا بنص خاص يدل على ذلك ولا جود لهذا النص في كتاب الوقف" - ثم قالت "وفضلاً عما تقدم فإن في كتاب الوقف ما يدل على أن غرض الواقف هو خلاف ما ذهبت إليه محكمة أول درجة" إذ جاء به "فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأقرب الطبقات للمتوفى من أهل هذا الوقف الموقوف عليهم" فهذه الجملة تفيد أنه إذا توفى العقيم بعد موت جميع إخوته عن ذرية فإن نصيبه يصرف إلى أقرب الطبقات إليه ولو كان الواقف حريصاً على أن ابن الأخ يقوم مقام أبيه في نصيب العقيم لنص على أنه إذا لم يكن له إخوة ولا أخوات فلأبنائهم كما هو الشأن في الوقف على الذرية إذ قال "على أولاده ثم على أولاد أولاده.. إلخ" وهذا الذي أخذت به محكمة الاستئناف في تفسير الشرط المتنازع عليه لا تشوبه شائبة مما ورد في سبب النعي ذلك أنها التزمت في تفسيره ما تقتضيه المادة العاشرة من القانون 48 لسنة 1946 من استظهار المعنى الذي أراده الواقف - مستعينة في ذلك بعبارات الشركة المذكور وبمجموع ما ورد في كتاب الوقف مبينة سندها في الاستخلاص وقد جاء حكمها في خصوص تفسير الشرط المتنازع عليها مطابقاً لما هو مقرر في مذهب الحنفية" ولا يعرف فيه خلاف" من أنه إذا جعل الواقف نصيب العقيم لإخوته وأخواته المشاركين له في الدرجة والاستحقاق ولم يقل أن من مات قبل الاستحقاق يستحق فرعه نصيبه يكون نصيب العقيم لإخوته وأخواته الأحياء فقط أما الأموات عن ذرية فلا ينالون شيئاً من نصيب العقيم.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.