أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 11 - صـ 544

جلسة 3 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة؛ وبحضور السادة: عبد السلام بلبع؛ وفرج يوسف؛ وأحمد زكي محمد؛ ومحمود توفيق إسماعيل المستشارين.

(85)
الطعن رقم 660 لسنة 25 القضائية

( أ ) وكالة "آثار الوكالة" "التزامات الوكيل".
سلامة الحكم إذ انتهى إلى أن مورث الطاعنين وكيل بالإدارة مسئول عن خطئه الجسيم تأسيساً على ما ثبت بأسباب حكم سابق طالما أن الطاعنين لم يقدموا الاتفاق الذي ركنوا إليه في تحديد نطاق الوكالة ولا ما ينفي أن الحكم المحال إليه صدر بين نفس الخصوم وأن كل خصم ناضل في دلالته.
(ب) حكم "عيوب التدليل" "فساد الاستدلال" "ما لا يعد كذلك".
اعتبار الحكم مورث الطاعنين وكيلاً بالإدارة مسئول عن خطئه الجسيم وأن ترحيله للمتأخرات من سنة لأخرى وعدم مطالبته بها أدى إلى سقوطها. لا فساد في الاستدلال.
(ج) خبير "ندبه".
عدم التزام المحكمة بتعيين خبير مرجح متى وجدت في تقرير الخبير المنتدب وأوراق الدعوى وعناصرها الأخرى ما يكفي لاقتناعها.
(د) دفاع "طلب فتح باب المرافعة".
حق المحكمة في رفض طلب إعادة القضية للمرافعة بعد حجزها للحكم وانقضاء ميعاد تقديم المذكرات فيها متى رأت أن الطلب غير جدي.
(هـ) فوائد "زيادة مجموع الفوائد على رأس المال".
مقتضى الم 232 مدني المستحدثة أن يكون للدائن حتى 14/ 10/ 49 حق اقتضاء الفوائد السارية ولو زادت على رأس المال ولا يكون له بعد هذا التاريخ حق اقتضاء فوائد متى كانت الفائدة المستحقة له قد بلغت ما يعادل رأس المال.
1 - إذا كان الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن مورث الطاعنين وكيل بالإدارة مسئول عن خطئه الجسيم خلص إلى ذلك مما ثبت بأسباب حكم سابق، وكان الطاعنون لم يقدموا بملف الطعن الاتفاق الذي ركنوا إليه في تحديد نطاق الوكالة، كما لم يقدموا بالملف ما ينفي أن الحكم المحال إليه صدر بين نفس الخصوم وأودع ملف الدعوى وأن كل خصم ناضل في دلالته، فإن نعيهم على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون لأنه لم يعمل اتفاق الطرفين الذي حدد وكالة مورثهم بتوزيع ما يحصل ولم يجعل منه وكيلاً عاماً في الإدارة مسئولاً عن خطئه الجسيم - يكون عارياً عن الدليل في أحد شقيه وغير صحيح في شقه الآخر.
2 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد اعتبر مورث الطاعنين وكيلاً بالإدارة وأنه بذلك كان مسئولاً عن أخطائه الجسيمة وأن ترحيله للمتأخرات من سنة لأخرى وقعوده عن المطالبة بها أدى إلى سقوطها بالتقادم فإن النعي عليه بفساد الاستدلال يكون غير سديد.
3 - المحكمة غير ملزمة بإجابة طلب تعيين خبير مرجح متى كانت قد وجدت في تقرير الخبير المنتدب وفي أوراق الدعوى وعناصرها الأخرى ما يكفي لاقتناعها بالرأي الذي انتهت إليه.
4 - إذا كان الثابت أن طرفي الخصومة كانا ماثلين بوكلائهما وأنهما طلبا حجز القضية للحكم مع التصريح لهما بتقديم مذكرات وقد انقضى الأجل المصرح فيه بتقديمها ولم يرد طلب فتح باب المرافعة إلا بعد فواته، فلا تثريب على المحكمة إن هي رفضته بعد أن بررت عدم جديته وأنه لم يقصد به غير إطالة أمد التقاضي.
5 - لم يكن في نصوص القانون المدني القديم ما يمنع من اقتضاء الفوائد القانونية أو الاتفاقية ولو تجاوز مجموعها رأس المال. ولكن المشرع استحدث في القانون المدني الجديد قاعدة أوردها في المادة 232 التي تنص على "أنه لا يجوز في أية حال أن يكون مجموع الفوائد التي يتقاضاها الدائن أكثر من رأس المال وذلك دون إخلال بالقواعد والعادات الجارية" ومقتضى ما تقدم أن يكون للدائن لغاية يوم 14 من أكتوبر 1949 حق اقتضاء الفائدة السارية ولو زادت على رأس المال وأن لا يكون له بعد هذا التاريخ حق اقتضاء فوائد متى كانت الفائدة المستحقة له قد بلغت ما يعادل رأس المال.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه القانونية.
ومن حيث إن الوقائع حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق تتحصل في أن المطعون عليهم أقاموا الدعوى رقم 649 سنة 1929 كلي أسيوط على المرحوم عبد الرحيم عثمان البارودي مورث الطاعنين قالوا فيها إن المدعى عليه كان يدير أملاك مورثهم المرحوم عبد اللطيف عثمان البارودي من إبريل سنة 1922 حتى وفاة المورث المذكور في فبراير سنة 1928 وأنهم طالبوه بحساب عن إدارته لأملاك مورثهم في المدة المذكورة فاعترف بأن في ذمته مبلغ 2849 جنيهاً و996 مليماً وأن ما زاد على ذلك يحتاج إلى تصفية ولما طالبوه بالمبلغ الذي اعترف به لم يقم بسداده مما اضطرهم إلى إنذاره في 10 إبريل سنة 1928 فلم يحفل بذلك فاضطروا إلى إقامة هذه الدعوى وطلبوا في ختام صحيفتها الحكم بإلزامه بأن يدفع لهم مبلغ 2849 جنيهاً و996 مليماً وفوائده القانونية من تاريخ المطالبة الرسمية في 10 إبريل سنة 1928 حتى السداد وعدلوا طلباتهم في 28 يناير سنة 1931 إلى مبلغ 5252 جنيهاً و496 مليماً مع باقي الطلبات ثم عادوا وعدلوها مرة ثانية بإعلان تاريخه 24 إبريل سنة 1937 إلى مبلغ 5159 جنيهاً و920 مليماً والفوائد بواقع 5% سنوياً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 10 إبريل سنة 1928 حتى السداد مع المصاريف والأتعاب والنفاذ بلا كفالة. وفي أول إبريل سنة 1931 قضت المحكمة بندب الخبير جرجس فرج الله لتصفية الحساب بين الطرفين وقد باشر الخبير مأموريته وقدم تقريره الذي انتهى فيه إلى أن ذمة الطاعنين مشغولة للمطعون عليهم حتى وفاة مورثهم في مبلغ 6034 جنيهاً و866 ما يخص المطعون عليهم فيه مبلغ 5159 جنيهاً و720 مليماً إذا رأت المحكمة أن المورث المذكور لم يعتمد حساب سنة 1922، أما إذا رأت أنه اعتمده فيكون الباقي له حتى وفاته مبلغ 5941 جنيهاً و771 مليماً يخص المطعون عليهم فيه مبلغ 4067 جنيهاً و331 مليماً. وقد أحالت محكمة أسيوط الابتدائية الدعوى إلى محكمة سوهاج الابتدائية. فقيدت بجدولها برقم 255 سنة 1936 كلي سوهاج. وقد استند المطعون عليهم إلى عقد اتفاق مؤرخ 10 إبريل سنة 1922 اتفق فيه ورثة المرحوم عثمان إبراهيم البارودي ومن بينهم مورث الطاعنين ومورث المطعون عليهم على تخصيص دفاتر معينة لرصد حساب الأطيان المخلفة عن مورثهم المذكور ابتداء من متأخرات سنة 1921 وتخصيص دفاتر حساب أخرى للأطيان الخاصة المملوكة للأخوة الذكور ومثلها لقيد إيجار الأملاك وإيراد الوابور الكائن بناحية أولاد سالم ونص في البند الرابع من عقد الاتفاق المذكور على تخويل مورث الطاعنين حق استلام إيجار الأطيان والأملاك وإيراد الوابور على أن يقوم بتقسيم المتحصل وتوزيعه على الورثة جميعاً كل بحسب نصيبه الشرعي في نهاية كل أسبوعين بعد توقيع المستلم أمام كل دفعة في دفتر خاص بما يفيد اعتماد الاستلام وعلى أن يعمل حساب في آخر كل سنة ويتسلم كل وارث باقي نصيبه في الإيراد بعد توقيعه بالاعتماد. ونص في البند الثامن على أن كل تجاوز يحصل لأحد المستأجرين يجب التشاور فيه بين الموقعين على هذا الاتفاق ومن كان منهم غائباً يخطر بخطاب أو تلغراف بحيث لو تأخر عن الرد أكثر من أربعة أيام يعتبر قابلاً التجاوز. وقد أقر مورث الطاعنين بمبلغ 1128 جنيهاً و286 مليماً ودفع الدعوى بأنه غير مسئول عما زاد عن ذلك باعتباره وكيلاً بالإدارة والتحصيل. كما نازع في تقرير الخبير مستنداً إلى تقريره ثلاثة من الخبراء كان المجلس الحسبي قد ندبهم عند حصر تركة مورث المطعون عليهم ولأن الخبير المنتدب لم يعتمد الدفاتر المتفق عليها. واعترض أيضاً على تقرير الخبير في خصوص المتأخرات والمسموحات والغلال. إلا أن المحكمة الابتدائية لم تر التعويل على تقرير الخبراء الثلاثة الذين ندبهم المجلس الحسبي وقالت إن المجلس الحسبي غير مختص بمحاسبة المدعى عليه لأنه غير خاضع لاختصاصه. وردت على اعتراضات مورث الطاعنين على تقرير الخبير جرجس فرج الله في خصوص حساب المسموحات والغلال. أما عن المتأخرات فقد رأت أن مورث المطعون عليهم اعتمد حساب سنة 1922 وخصمت نصيبه في متأخرات هذه السنة مما هو مستحق له وصححت خطأ وقع فيه الخبير بالنسبة لما استلمه مورث المطعون عليهم قبل وفاته. وأضافت لكل ذلك ما قبضه المطعون عليهم بعد وفاة مورثهم وفندت طلب المطعون عليهم بالنسبة للفوائد ووجوب احتسابها من تاريخ المطالبة الرسمية. وساقت المحكمة في أسباب حكمها أن مورث الطاعنين إنما كان وكيلاً مسئولاً عن الإدارة وأن محكمة استئناف أسيوط قد قضت بذل بحكمها الصادر في 27 نوفمبر سنة 1927 في الاستئناف رقم 406 سنة 1 ق - إذا اعتبرت الاتفاق الرقيم 10 إبريل سنة 1922 بمثابة توكيل صادر لمورث الطاعنين من إخوته ولا ينقض إلا باتفاق الشركاء جميعاً أو بالحراسة القضائية ورتبت على ذلك مسئوليته في حدود هذا التوكيل عن الأخطاء الجسيمة التي تصدر منها. ثم قضت بتاريخ 29 يناير سنة 1942 حضورياً بإلزام مورث الطاعنين بأن يدفع للمطعون عليهم مبلغ 3697 جنيهاً و347 مليماً والفوائد بواقع 5% عن مبلغ 2849 جنيهاً و996 مليماً وفي 15 يونيه سنة 1929 تاريخ المطالبة الرسمية لغاية 24 إبريل سنة 1937 وعن مبلغ 3697 جنيهاً و347 مليماً من 25 إبريل سنة 1937 لحين تمام الوفاء والمصاريف المناسبة ومبلغ ألف قرش مقابل أتعاب المحاماة وشملت الحكم بالنفاذ المعجل وبلا كفالة بالنسبة لمبلغ 1128 جنيهاً و286 مليماً ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. وفي 27 مايو سنة 1942 استأنف مورث الطاعنين هذا الحكم أمام محكمة استئناف أسيوط وقيد استئنافه برقم 11 سنة 18 ق طالباً إلغاء الحكم المستأنف ورفض الدعوى فيما زاد على مبلغ 1128 جنيهاً و286 مليماً مستنداً في استئنافه إلى تقارير خبراء المجلس الحسبي وإلى الطعون التي وجهها إلى تقرير الخبير جرجس فرج الله. كما طعن بأن محكمة أول درجة أخطأت في اعتباره وكيلاً بالإدارة وفي حساب المبالغ المتسامح فيها وفي مجاراة الخبير المنتدب في إطراحه الدفاتر - وفي 7 نوفمبر سنة 1942 أقام المطعون عليهم استئنافاً فرعياً قيد برقم 31 ق 18 ق أصروا فيه على طلباتهم الابتدائية ناعين على الحكم المستأنف ما أورده بشأن المبالغ التي حسبت ومتأخرات سنة 1922 وطريقة حساب الفوائد وقد حل الطاعنون محل مورثهم أثناء سير الدعوى أمام المحكمة الاستئنافية وقدموا مذكرة بدفاعهم طلبوا فيها احتياطياً ندب خبير يرجح بين تقارير الخبراء الثلاثة الذين ندبهم المجلس الحسبي وتقرير الخبير الذي ندبته محكمة أول درجة والتي تعذرت مناقشته لوفاته. وليقوم الخبير المرجح بتحقيق الدعوى تحقيقاً عادلاً. وقد ناقشت المحكمة الخصوم بجلسة 17 مايو سنة 1955 ثم حجزت الدعوى للحكم مع مذكرات. وانتهت إلى حكم أصدرته بجلسة 26 يونيه سنة 1955 قضى بتعديل الحكم المستأنف وإلزام الطاعنين في الاستئناف رقم 11 سنة 18 ق بأن يدفعوا من تركة مورثهم للمطعون عليهم مبلغ 3957 جنيهاً و331 مليماً والفوائد بواقع 5% سنوياً عن مبلغ 2849 جنيهاً و996 مليماً من 15 يونيه سنة 1929 لغاية 27 يناير سنة 1931 وعن مبلغ 3957 جنيهاً و331 مليماً من 28 يناير سنة 1931 لغاية 14 أكتوبر سنة 1949 وبواقع 4% من هذا المبلغ من 15 أكتوبر سنة 1949 حتى تمام السداد مستندة في ذلك إلى ما جاء بالحكم الابتدائي الذي أخذت هي بأسبابه في خصوص ما قال به من اعتبار مورث الطاعنين وكيلاً مسئولاً عن الإدارة وفي طرحه تقارير خبراء المجلس الحسبي الثلاث وتعويله على تقرير الخبير المنتدب بالنسبة لدفاتر الحساب وحساب المتأخرات والمسموحات والغلال. وخالفت محكمة الاستئناف المحكمة الابتدائية إذ لم تقرها على خصم متأخرات سنة 1922 على أساس أنها كانت ترحل من سنة إلى أخرى. طعن الطاعنون في هذا الحكم بطريق النقض. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون فقررت إحالته إلى هذه الدائرة وبالجلسة المحددة لنظره صمم الطاعنون على طلباتهم كما صممت النيابة على ما ورد بمذكرتها طالبة نقض الحكم نقضاً جزئياً بالنسبة لما قضى به الحكم من الفوائد التي تزيد على المبلغ المحكوم به.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون في السبب الأول على الحكم المطعون عليه الخطأ في تطبيق القانون ذلك أنه لم يعمل اتفاق الطرفين وغلب على إرادتهما إرادة الخبير. وفي بيان ذلك قالوا إن الخبير حسب على مورثيهم متأخرات سنة 1922 في حين أنه قد نص في عقد الاتفاق المحرر في 15 إبريل سنة 1922 على أن ما يوزع هو ما يودع لدى مورثهم بعد تحصيله وأنه ليس في الاتفاق ما يشير إلى مسئوليته عن المتأخرات. فوكالته محددة بتوزيع ما يحصل ولم يجعل من هذه الوكالة وكيلاً عاماً في الإدارة مسئولاً عن الخطأ الجسيم.
ومن حيث إن هذا النعي مردود - ذلك أن الحكم المطعون فيه إذ انتهى إلى أن مورث الطاعنين وكيل بالإدارة مسئول عن خطئه الجسيم خلص إلى ذلك مما ثبت بأسباب الحكم الصادر من محكمة استئناف أسيوط في القضية رقم 401/ 1 ق من أن مورث الطاعنين وكيل بالإدارة يسأل عن خطئه الجسيم. ولما كان الطاعنون لم يقدموا بملف الطعن الاتفاق الذي ركنوا إليه في تحديد نطاق الوكالة كما لم يقدموا بالملف ما ينفي أن الحكم المحال إليه صدر بين نفس الخصوم وأودع ملف الدعوى وأن كل خصم ناضل في دلالته، لما كان ذلك فإن نعيهم في هذا السبب يكون عارياً عن الدليل في أحد شقيه وغير صحيح في شقه الآخر.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه بطلانه من أوجه ثلاثة. الأول فساد الاستدلال والثاني خطأ في الإسناد والثالث إهداره لدفاع الطاعنين. وقالوا في بيان الوجه الأول إن الحكم جارى الخبير في حساب نصيب مورث المطعون عليهم في متأخرات سنة 1922 مع أن المورث المذكور أقر في 29 مايو سنة 1923 باستلام حصته في إيرادات سنة 1922 ولا يغير من ذلك في شيء أن متأخرات سنة 1922 قد رحلت من سنة إلى أخرى لأن ترحيلها ليس معناه تحصيلها.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه اعتبر مورث الطاعنين وكيلاً بالإدارة وأنه بذلك كان مسئولاً عن أخطائه الجسيمة وأن ترحيله لمتأخرات سنة 1922 من سنة لأخرى وقعوده عن المطالبة بها أدى إلى سقوطها بالتقادم.
ومن حيث إن الطاعنين قالوا في بيان الوجه الثاني - الخطأ في الإسناد - أن الحكم المطعون فيه حمل مورث الطاعنين مبلغ 576 مليماً و446 جنيهاً هو نصيب مورث المطعون عليهم في متأخرات الدائرة الخاصة عن سنة 1922 بمقولة إن هذه المتأخرات كانت ترحل من سنة لأخرى في حين أن الثابت من تقرير الخبير أنه حمل المطعون عليهم مسئولية المتأخرات ابتداء من سنة 1924 مما يؤكد أنه لم يحسب أصلاً في سنة 1925 على مورث المطعون عليهم نصيبه في متأخرات الدائرة الخاصة عن سنة 1922. واستطرد الطاعنون قائلين إن الحكم الابتدائي أثبت أن الخبير حمل مورث الطاعنين متأخرات سنتي 1922، 1923 فكيف يقبل القول بأن هذه المتأخرات تحملها جميع الورثة في سنة 1925 كما قال المطعون عليهم وجاراهم في ذلك الحكم المطعون فيه مكتفياً بإشارة غامضة بقوله "كما هو موضح تفصيلاً بتقرير الخبير" وهذه الإشارة متعارضة مع ما أثبته الحكم الابتدائي نقلاً عن تقرير الخبير. ويترتب على هذا الإسناد الخاطئ تحميل مورث الطاعنين بمبلغ يجب عدم تحميله إياه.
ومن حيث إنه ورد بالحكم المطعون فيه في هذا الخصوص ما يلي "وحيث إن هذه المحكمة لا تقر محكمة أول درجة في استبعادها لمبلغي 853 مليماً و401 جنيهاً و567 مليماً و446 جنيهاً مما أظهره الخبير للمرحوم عبد اللطيف عثمان البارودي على اعتبار أن هذين المبلغين هما نصيبه في متأخرات سنة 1922 سواء في الدائرة العامة أو الخاصة. وقد التبس الأمر على محكمة أول درجة. إذ الواقع أن ما انتهى إليه الخبير في تحديد ما للمرحوم عبد اللطيف عثمان البارودي في ذمة المرحوم الشيخ عبد الرحيم البارودي لا شأن له بهذه المتأخرات إذ أن المتأخرات كانت ترحل من سنة إلى سنة وأن ما أظهره الخبير يمثل حصة المرحوم الشيخ عبد اللطيف في المتحصل نقداً أو غلالاً وحصته فيما لم يعتمده الخبير من المصاريف أو المسموحات وما اعتبره متحصلاً كما هو موضح تفصيلاً بتقرير الخبير" ويبين من ذلك أن الحكم لم يرد بأسبابه ما يفيد أن الورثة جميعاً تحملوا في سنة 1925 بمتأخرات سنتي 1922، 1923 وعلى ذلك فإن سبب النعي لا يصادف محلاً.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون في الوجه الثالث على الحكم المطعون فيه أنه أهدر دفاعهم ودفاع مورثهم من ذلك - أولاً - أنه أهدر تقرير خبراء ثلاثة كان قد ندبهم المجلس الحسبي وأن النتيجة التي انتهوا إليها ارتضاها مورث الطاعنين والمجلس الحسبي. وأنه لم يوضح أسباب إسقاطه والتمسك بتقرير مطعون عليه في نواحي متعددة وأنهم طلبوا تعيين خبير مرجح وأغفلت المحكمة طلبهم. ثانياً - أن المحكمة رفضت طلب الطاعنين فتح باب المرافعة للأسباب التي بينوها في مذكرتهم ومنها أن بعضهم لم يتمكن من حضور جلسة المناقشة لعذر قهري والبعض الآخر ولم يعلم بها وأن تحقيق العدالة يقتضى إجابة هذا الطلب.
ومن حيث إن هذا النعي مردود في شقه الأول بما أورده الحكم المطعون فيه. إذ قال "إن تقرير الخبراء الثلاثة لا يقيد المحكمة رغم اعتماد المجلس الحسبي له إذ أن إجراءات هذا المجلس مؤقتة" ثم أحال في هذا الشأن إلى الحكم الابتدائي الذي قرر أن المجلس الحسبي لا يملك محاسبة مورث الطاعنين لأنه غير خاضع لاختصاصه ولا سلطان له عليه. وعرض للطعون التي وجهت إلى تقرير الخبير المنتدب ومحصها. ويبين من ذلك أن المحكمة إذ أخذت بدليل وطرحت ما عداه قد بينت ما اعتمدت عليه في تكوين عقيدتها وهي بعد غير ملزم بإجابة طلب تعيين خبير مرجح متى كانت قد وجدت في تقرير الخبير المنتدب وفي أوراق الدعوى وعناصرها الأخرى ما يكفي لاقتناعها بالرأي الذي انتهت إليه.
ومن حيث إن النعي بعدم الاستجابة لطلب فتح باب المرافعة مردود بما أورده الحكم المطعون فيه من قوله "إن المستأنفين تقدموا بطلب مؤرخ 21 مايو سنة 1955 طلبوا فيه فتح باب المرافعة للرد على ما تناوله محضر الجلسة الأخيرة وكان بإمكانهم إبداء ما لديهم بهذه الجلسة ولا محل لإجابة طلبهم بعد انقضاء ما يزيد عن ربع قرن على هذا النزاع" ولما كان الثابت من صورة محضر جلسة 17 من مايو سنة 1955 التي جرت فيها المناقشة أن طرفي الخصومة كانا ممثلين بوكلائهما وأن الطرفين طلبا حجز القضية للحكم مع التصريح لهما بتقديم مذكرات. وقد انقضى الأجل المصرح فيه بتقديمها ولم يرد طلب فتح باب المرافعة لا بعد فواته فلا تثريب على المحكمة في رفضها طلب إعادة القضية إلى المرافعة بعد أن بررت عدم جديته وأنه لم يقصد به غير إطالة أمد التقاضي. ومن ثم يكون النعي في هذا الشق لا يقوم على أساس.
ومن حيث إن الطاعنين ينعون في السبب الثالث على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون ذلك (أولاً) أنه لم يعمل نص المادة 232 من القانون المدني الذي يقرر أنه لا يجوز في أية حال أن يكون مجموع الفوائد التي يتقاضاها الدائن أكثر من رأس المال وذلك دون إخلال بالقواعد والعادات التجارية. وإذ قضى بإلزام الطاعنين بأن يدفعوا من تركة مورثهم إلى المطعون عليهم فوائد قدرها 5% سنوياً ابتداء من 15 يونيه سنة 1929 لغاية 14 أكتوبر سنة 1949 وفوائد قدرها 4% حتى تمام السداد فإنه يكون قد أباح للمطعون عليهم الحصول على فوائد تزيد على رأس المال إذ يكفي مرور عشرين عاماً من 15 يونيه سنة 1929 كي تتحقق النتيجة التي نهى الشارع عن تجاوزها واعتبرها مخالفة للنظام العام (ثانياً) أنه أخطأ في احتساب الفوائد عن حصة المرحومة الست عريفة جدة المطعون عليهم - ذلك أنه جعلها سارية اعتباراً من 28 يناير سنة 1931 تاريخ أول تعديل لطلباتهم في حين أن هذه الحصة ومقدارها 990 ج و295 م كما هو ثابت بتقرير الخبير لم تؤل إليهم إلا بمقتضى عقد التخارج في سنة 1935 ولم يطالبوا بها إلا في 24 إبريل سنة 1937 تاريخ التعديل الثاني لطلباتهم وفي ذلك مخالفة لنص المادة 124 من القانون المدني القديم التي تقابلها المادة 226 من القانون المدني الجديد.
ومن حيث إن هذا النعي في وجهة الأول صحيح ذلك أنه لم يكن في نصوص القانون المدني القديم ما يمنع من اقتضاء الفوائد القانونية أو الاتفاقية ولو تجاوز مجموعها رأس المال. ولكن المشرع استحدث في القانون المدني الجديد قاعدة أوردها في المادة 232 التي تنص على "أنه لا يجوز في أية حال أن يكون مجموع الفوائد التي يتقاضاها الدائن أكثر من رأس المال وذلك دون إخلال بالقواعد والعادات الجارية" ومقتضى ما تقدم أن يكون للدائن لغاية يوم 14 من أكتوبر سنة 1949 حق اقتضاء الفائدة السارية ولو زادت على رأس المال وأن لا يكون له بعد هذا التاريخ حق اقتضاء فوائد متى كانت الفائدة المستحقة له قد بلغت ما يعادل رأس المال وإذ كان الحكم المطعون فيه قد صدر بتاريخ 26 من يونيه سنة 1955 وألزم الطاعنين بأن يدفعوا للمطعون عليهم الفوائد بواقع 5% سنوياً عن مبلغ 2849 جنيهاً و996 مليماً من 15 يونيه سنة 1929 لغاية 27 من يناير سنة 1931 وعن مبلغ 3957 جنيهاً و321 مليماً من 28 من يناير سنة 1931 لغاية 14 أكتوبر سنة 1949 وبواقع 4% عن هذا المبلغ من 15 أكتوبر سنة 1949 حتى تمام السداد وكانت الفوائد عن مبلغ 2849 جنيهاً و996 مليماً بواقع 5% من 15 من يونيه سنة 1992 لغاية 14 من أكتوبر سنة 1949 قد زادت على رأس المال وقت صدور الحكم في ظل القانون المدني الجديد وكان الحكم قد أجرى فائدة عن مبلغ 1107 جنيهاً و325 مليماً - هو الفرق بين - 3957 جنيها و321 مليماً و2849 جنيهاً 996 مليماً بواقع 5% من 28 من يناير سنة 1931 لغاية 14 أكتوبر سنة 1949 ثم جعلها بواقع 4% سنوياً من 15 من أكتوبر سنة 1949 حتى تمام السداد فزاد حساب الفائدة عن رأس المال. لما كان ذلك فإن الحكم يكون مخالفاً للقانون في هذا الخصوص مما يستوجب نقضه.
ومن حيث إن ما ورد بالوجه الثاني عار عن الدليل إذ لم يقدم الطاعنون بملف الطعن صورتي تقرير الخبير وإعلان تعديل الطلبات الذين أشاروا إليهما في تقرير الطعن.
ومن حيث إن الموضوع صالح للحكم فيه في خصوص الوجه الأول من السبب الثالث من أسباب الطعن.
ومن حيث إنه لما سبق بيانه تسري الفوائد بواقع 5% سنوياً عن مبلغ 2849 جنيهاً و996 مليماً من تاريخ المطالبة الرسمية الحاصلة في 15 يونيه سنة 1929 حتى يوم 14 من أكتوبر سنة 1949 ولا عبرة بمتجمد الفوائد في هذه المدة ولكن سريانها يقف اعتباراً من 15 من أكتوبر سنة 1949 لأنها كانت قد جاوزت رأس المال في اليوم السابق على هذا التاريخ.
ومن حيث إن المبلغ المقضى به للمطعون عليهم ضد الطاعنين هو في جملته 3957 جنيهاً و321 مليماً ويدخل ضمنه مبلغ 2849 جنيهاً و996 مليماً الذي سبق بيان مقدار الفوائد المستحقة عنه. أما الباقي وقدره 1107 جنيهاً و325 مليماً فتسري عنه الفائدة بواقع 5% من تاريخ المطالبة به رسمياً في 28 من يناير سنة 1931 لغاية 14 من أكتوبر سنة 1949 حيث يبلغ مقدارها 1036 جنيهاً و99 مليماً ثم تسري بواقع 4% سنوياً من 15 أكتوبر سنة 1949 إلى 24 من مايو سنة 1951 فيبلغ مقدارها في هذه المدة 71 جنيهاً و226 مليماً وبالتالي تكون الفائدة في جملتها قد عادلت رأس المال في 24 من مايو سنة 1951 فيتعين إيقاف سريانها.
ومن حيث إنه على هدي ما تقدم يتعين تعديل الحكم المستأنف فيما يتعلق لفائدة وفقاً لما سبق بيانه.