أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 11 - صـ 575

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: عبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وفرج يوسف، وأحمد زكي المستشارين.

(89)
الطعن رقم 644 سنة 25 القضائية

(أ، ب، ج) اختصاص "الاختصاص النوعي" "توزيع الاختصاص بين طبقات المحاكم" "اختصاص القاضي الجزئي الاستثنائي". تعويض.
- يكفي لاختصاصه بالحكم في دعاوى التعويض عن الضرر الناشئ عن ارتكاب جنحة أو مخالفة مجرد وقوع الفعل المكون للجريمة. لا يمنع منه كون الدعوى الجنائية لم ترفع أصلاً أو كونها لا زالت منظورة أو كون الحكم فيها غير نهائي.
الم 46/ هـ مرافعات.
- يكفي لإعمال نص الم 46/ هـ مرافعات أن يطلب التعويض عن الضرر الناشئ عن الجنحة أو المخالفة سواء من المتهم أو المسئول عنه أو منهما معاً. علة ذلك.؟
- شرط اختصاص القاضي الجزئي الاستثنائي بدعاوى التعويض إعمالاً لنص الم 46/ هـ مرافعات أن يكون التعويض عن فعل يعتبر طبقاً لقواعد القانون الجنائي جنحة أو مخالفة. الضرر المطلوب تعويضه عن جريمة إتلاف منقول بإهمال. لم ترفع به الدعوى العمومية وما كانت لترفع به لأن القانون الجنائي لا يعرفها. عدم اختصاصه بنظرها.
1 - يكفي لاختصاص محكمة المواد الجزئية بالحكم في دعاوى التعويض عن الضرر الناشئ عن ارتكاب جنحة أو مخالفة مجرد وقوع الفعل المكون للجريمة، واختصاصها هذا ينعقد ولا يمنع منه كون الدعوى الجنائية لم ترفع أصلاً أو كونها ما زالت منظورة أو كون الحكم الصاد فيها غير نهائي.
2 - القول بأن نص الفقرة الأخيرة من المادة 46 من قانون المرافعات في خصوص دعاوى التعويض عن الضرر الناشئ عن ارتكاب جنحة أو مخالفة لا ينطبق إلا في شأن من نسبت إليه المخالفة أو الجنحة مردود بأن طلب التعويض لا يتغير وصفه والدعوى به - على المتهم أو من هو مسئول عنه أو عليهما معاً - هي دعوى تعويض عن ضرر ناشئ عن ارتكاب جنحة أو مخالفة في جميع الأحوال، ومن ثم تختص محكمة المواد الجزئية بالحكم فيها مهما تكن قيمة الدعوى والقول بغير ذلك ينبني عليه تقطيع أوصال الطلب الواجد وتوزيعه بين مختلف درجات المحاكم.
3 - إذا كان الضرر المطلوب تعويضه في دعوى المطعون عليهم الثلاثة الأول ناشئاً عن إتلاف سيارتهم، وهي واقعة لم ترفع بها الدعوى العمومية وما كانت لترفع بها لأن القانون الجنائي لا يعرف جريمة إتلاف المنقول بإهمال، فإن الفعل المكون للجريمة لا يكون هو السبب في الضرر وإنما كان ظرفاً ومناسبة له، ومن ثم تكون محكمة المواد الجزئية إذ قضت في موضوع الدعوى باعتبارها مختصة بنظرها قد جاوزت اختصاصها لأن شرط اختصاصها أن يكون التعويض ناشئاً عن فعل يعتبر طبقاً لقواعد القانون الجنائي جنحة أو مخالفة.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تتحصل في أن النيابة العامة أقامت الدعوى رقم 1627 سنة 1949 جنح بلبيس ضد كل من أحمد أحمد علي زيد والسيد أبو زيد السيد لأنهما في يوم 28 يونيه سنة 1949 بدائرة مركز بلبيس تسببا بغير قصد ولا تعمد في قتل عبد الحميد أحمد عزرائيل وكان ذلك ناشئاً عن إهمالهما وعدم احتياطهما بأن قاد الأول سيارة تقطر سيارة يقودها الثاني بغير اتخاذ الحيطة اللازمة لمرور السيارات ودون التحقق من سلامة الحبل ومتانته فصدمت سيارة الأول سيارة المجني عليه وأحدثت به الإصابات التي أودت بحياته وأثناء نظر الدعوى طلب مصطفى عبد العزيز الزاهد ونجيب عبد العزيز الزاهد وسعيد عبد العزيز الزاهد المطعون عليهم الثلاثة الأول الحكم بإلزام المتهمين بالتضامن مع كامل مقار الطاعن بأن يدفعوا لهم مبلغ 1076 جنيهاً مقابل تلف سيارتهم التي كان يقودها المجني عليه وما فاتهم من ربح كما طلب ورثة عبد الحميد أحمد عزرائيل المطعون عليها الرابعة عن نفسها وبصفتها والمطعون عليها الخامسة الحكم بإلزام المتهمين بالتضامن مع كامل مقار بأن يدفعوا لهم مبلغ 5000 جنيه على سبيل التعويض عن قتل مورثهم وأدخل كامل مقار السيد فهمي توفيلس ضامناً له في الدعوى. وفي 27 من يناير سنة 1953 قضت المحكمة بحبس كل من المتهمين ثلاثة شهور مع الشغل وكفالة 20 جنيهاً وبإحالة الدعويين المدنيتين إلى محكمة بلبيس المدنية الجزئية وقيدتا برقم 391 سنة 1953، وفي 11 فبراير سنة 1953 قضت المحكمة حضورياً - أولاً - بإلزام كل من أحمد أحمد علي زيد والسيد أبو زيد وكامل مقار بأن يدفعوا إلى مصطفى ونجيب وسعيد أولاد عبد العزيز الزاهد مبلغ 500 جنيه والمصروفات المناسبة ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة - ثانياً - بإلزام كل من أحمد أحمد علي زيد والسيد أبو زيد وكامل مقار بأن يدفعوا إلى ورثة عبد الحميد أحمد عزرائيل وهم توحيدة محمود عن نفسها وبصفتها وصية على أولادها القصر إمام وصباح أولاد المرحوم عبد الحميد أحمد عزرائيل والسيدة هانم شاهين مبلغ 2500 جنيه ألفين وخمسمائة جنيه والمصاريف المناسبة ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة - ثالثاً - بإلزام فهمي توفيلس بأن يدفع إلى كامل مقار مبلغ ثلاثة آلاف جنيه والمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة ورفضت ما عدا ذلك من الطلبات. واستأنف الطاعن هذا الحكم طالباً إلغاءه والحكم برفض الدعوى بالنسبة له مع إلزام المستأنف عليهم بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين وقيد استئنافه برقم 147 سنة 1953 الزقازيق الابتدائية. وفي 24 من نوفمبر سنة 1954 قضت المحكمة حضورياً بقبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع برفضه وتأييد الحكم المستأنف وألزمت المستأنف المصاريف ومبلغ خمسة جنيهات مقابل أتعاب المحاماة منها مائة قرش للمستأنف عليهم الثلاثة الأول والباقي للمستأنف عليهما الرابعة والخامسة وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسبب الوارد في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون وقررت إحالته إلى الدائرة المدنية حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم ولم يحضر المطعون عليهم وقدمت النيابة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم في خصوص دعوى المطعون عليهم الثلاثة الأولى ورفض الطعن فيما عد ذلك.
ومن حيث إن حاصل سبب الطعن أن قيمة الدعوى تتجاوز النصاب العادي لاختصاص المحكمة الجزئية ومما لا تدخل في نطاق اختصاصها الاستثنائي المقرر بمقتضى نص الفقرة الأخيرة من المادة 46 مرافعات في خصوص دعاوى التعويض عن الضرر الناشئ عن ارتكاب جنحة أو مخالفة لأن محل المحاجة بهذا النص أن يكون هناك حكم نهائي وصف الفعل بأنه جنحة أو مخالفة ولأن هذا النص لا ينطبق إلا في شأن من نسبت إليه المخالفة أو الجنحة. والطاعن لم يكن متهماً في قضية الجنحة ومن ثم فقد كان يتعين على محكمة أول درجة أن تقضي من تلقاء نفسها بعدم اختصاصها بنظر الدعوى أو أن تحيلها إلى المحكمة المختصة وإذ هي لم تفعل وأيدها الحكم المطعون فيه فيما جرت عليه فإنه يكون قد وقع في ذات الخطأ وانطوى على قضاء ضمني بالاختصاص يحق للطاعن معه أن ينعى على الحكم مخالفته للقانون طبقاً للفقرة الثانية من المادة 425 مكرراً من قانون المرافعات.
ومن حيث إن هذا السبب مردود في الشق منه بأنه يكفي لاختصاص محكمة المواد الجزئية بالحكم في دعاوى التعويض عن الضرر الناشئ عن ارتكاب جنحة أو مخالفة مجرد وقوع الفعل المكون للجريمة وأن اختصاصها هذا ينعقد ولا يمنع منه كون الدعوى الجنائية لم ترفع أصلاً أو كونها ما زالت منظورة أو كون الحكم الصادر فيها غير نهائي. ومردود في الشق الثاني بأن طلب التعويض لا يتغير وصفه والدعوى به على المتهم أو من هو مسئول عنه أو عليهما معاً هي دعوى تعويض عن ضرر ناشئ عن ارتكاب جنحة أو مخالفة في جميع الأحوال ومن ثم تختص محكمة المواد الجزئية بالحكم فيها مهما تكن قيمة الدعوى والقول بغير ذلك ينبني عليه تقطيع أوصال الطلب الواحد وتوزيعه بين مختلف درجات المحاكم.
ومن حيث إن النيابة العامة أثارت في مذكرتها وجهاً آخر لعدم الاختصاص هو أن دعوى المطعون عليهم الثلاثة الأول إنما رفعت بطلب تعويض الضرر الناشئ عن واقعة إتلاف سياراتهم وهي واقعة لا تعتبر في نظر القانون جنحة أو مخالفة وعلى ذلك فإن محكمة أول درجة لم تكن مختصة بالحكم فيها إذا هي لا تدخل في نطاق الاختصاص العادي لمحكمة المواد الجزئية ولا يشملها اختصاصها الاستثنائي المنصوص عليه في الفقرة الأخيرة من المادة 46 مرافعات والحكم المطعون فيه وقد قضى في موضوع هذه الدعوى يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه في مسألة اختصاص بحسب نوع القضية.
ومن حيث إن هذا الوجه في محله ذلك أن الضرر المطلوب تعويضه في دعوى المطعون عليهم الثلاثة الأول ناشئ عن إتلاف سيارتهم وهي واقعة لم ترفع بها الدعوى العمومية وما كانت لترفع بها لأن القانون الجنائي لا يعرف جريمة إتلاف المنقول بإهمال ومتى كان ذلك فإن الفعل المكون للجريمة لا يكون هو السبب في الضرر وإنما كان ظرفاً ومناسبة لها. وإذ قضت المحكمة في موضوع هذه الدعوى باعتبارها مختصة بنظرها فإنها تكون قد جاوزت اختصاصها لأن شرط اختصاصها أن يكون التعويض ناشئاً عن فعل يعتبر طبقاً لقواعد القانون الجنائي جنحة أو مخالفة.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين نقض الحكم المطعون فيه في خصوص دعوى المطعون عليهم الثلاثة الأول والحكم بعدم اختصاص محكمة بلبيس الجزئية بنظرها ورفض الطعن فيما عدا ذلك.