مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1961 إلى آخر يناير سنة 1962) - صـ 35

(4)
جلسة 18 من نوفمبر سنة 1961

برياسة السيد/ سيد إبراهيم الديواني وكيل المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي والدكتور محمود سعد الدين الشريف وعبد الفتاح نصار ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضيتان رقما 1290 و1552 لسنة 5 القضائية

( أ ) طعن - ميعاده - انقطاعه بطلب المساعدة القضائية - أساس ذلك - مثال.
(ب) موظف - تعيين - موظفو التعليم الحر - قرار مجلس الوزراء الصادر في 10/ 9/ 1950 الخاص بضمهم إلى وزارة التربية والتعليم وندبهم للعمل بمدارس التعليم الحر - عدم سريانه على من يعين منهم بالوزارة وفقاً لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 - مثال.
1 - إن مقتضيات النظام الإداري قد مالت بالقضاء الإداري إلى تقرير قاعدة أكثر تيسيراً في علاقة الحكومة بموظفيها، بمراعاة طبيعة هذه العلاقة فقرر أنه يقوم مقام المطالبة القضائية في قطع التقادم الطلب أو التظلم الذي يوجهه الموظف إلى السلطة المختصة متمسكاً فيه بحقه طالباً أداءه - وليس من شك في أن هذا يصدق في باب أولى على طلب المساعدة القضائية للدعوى التي يزمع صاحب الشأن رفعها على الإدارة، إذ هو أبلغ في معنى الاستمساك بالحق والمطالبة بأدائه، وأمعن في طلب الانتصاف من مجرد الطلب أو التظلم الذي يقدمه الموظف إلى الجهة الإدارية، بل هو في الحق يجمع بين طبيعة التظلم الإداري من حيث الإفصاح بالشكوى من التصرف الإداري وبين طبيعة التظلم القضائي من حيث الاتجاه إلى القضاء طلباً للانتصاف، إذ لم يمنعه عن إقامة الدعوى رأساً سوى عجزه عن أداء الرسوم التي يطلب إعفاءه منها وسوى عجزه عن توكيل محام. فلا أقل - والحالة هذه - من أن يترتب على طلب المساعدة القضائية ذات الأثر المترتب على مجرد الطلب أو التظلم الإداري من حيث قطع التقادم أو قطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء، وغني عن البيان أن الأثر المترتب على طلب المساعدة القضائية من حيث قطع التقادم أو قطع ميعاد دعوى الإلغاء يظل قائماً ويقف سريان التقادم أو الميعاد لحين صدور القرار في الطلب سواء بالقبول أو الرفض إذ أن نظر الطلب قد يستغرق زمناً يطول أو يقصر بحسب الظروف وحسبما تراه الجهة القضائية التي تنظر الطلب تحضيراً له حتى يصبح مهيئاً للفصل فيه، شأنه في ذلك شأن أية إجراءات اتخذت أمام أية جهة قضائية وكان من شأنها أن تقطع التقادم أو سريان الميعاد أو يقف هذا السريان طالما كان الأمر بيد الجهة القضائية المختصة بنظره ولكن إذا ما صدر القرار وجب رفع الدعوى خلال الميعاد القانوني محسوباً من تاريخ صدوره. فإن كانت دعوى إلغاء تعين أن يكون خلال الستين يوماً التالية. وهذا الذي قضت به المحكمة من حيث ما لطلب المساعدة القضائية من أثر قاطع لميعاد رفع دعوى الإلغاء، أو بالأحرى حافظ له، وينسحب لحين صدور القرار في الطلب سواء بالقبول أو بالرفض - يصدق كذلك بالنسبة إلى ميعاد الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا لاتحاد طبيعة كل من الميعادين من حيث وجوب مباشرة إجراء رفع الدعوى أو الطعن قبل انقضائها والأثر القانوني المترتب على مراعاة المدة المحددة فيهما أو تفويتها من حيث قبول الدعوى أو الطعن أو سقوط الحق فيهما وبالتالي إمكان طلب إلغاء القرار الإداري أو الحكم المطعون فيه أو امتناع ذلك على صاحب الشأن المتخلف.
فإذا كان الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر في 11 من يونيه سنة 1959، وأن المدعي تقدم بطلب إعفائه من رسوم الطعن في هذا الحكم بطلب الإعفاء رقم 68 لسنة 5 القضائية بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1959، وصدر القرار برفض طلبه في 16 من إبريل سنة 1960، فأقام طعنه في 18 من مايو سنة 1960، ومن ثم فإن هذا الطعن يكون مقبولاً شكلاً لرفعه في الميعاد القانوني.
2 - إذا ثبت أن المدعي دخل في 3 من نوفمبر سنة 1955 في خدمة وزارة التربية والتعليم، كان دخوله في ذلك التاريخ تعييناً لأول مرة في الحكومة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة، ولم يكن دخوله إذن بالضم تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من سبتمبر سنة 1950 الخاص بضم موظفي المدارس الحرة إلى الوزارة وندبهم للعمل بمدارس التعليم الحر خصماً على بند 10 تكاليف وبكادر رجال التعليم الحر. ليس لأنه كان يعمل بكلية الأميريكان بأسيوط وهي مدرسة حرة غير معانة أو لأن دخوله في خدمة الوزارة قد حدث بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951، ليس لكل أولئك فحسب، بل أيضاً لأنه دخل الخدمة بقرار كان مفصحاً غاية الإفصاح عن إرادة الوزارة في تعيينه بالتطبيق لأحكام القانون المذكور لأول مرة في الحكومة اعتباراً من 3 من نوفمبر سنة 1955، فقد أحالت ديباجة القرار إلى القانون رقم 210 لسنة 1951 والقوانين المعدلة له. كما أحالت إلى نتيجة امتحان مسابقة ديوان الموظفين رقم 33 لسنة 1955 بترشيح 130 للمواد التجارية و66 للمواد الاجتماعية و60 للمواد الزراعية و51 للغة الإنجليزية. ثم أحالت إلى مسوغات التعيين المقدمة ممن شملهم القرار وقرارات القومسيون الطبي العام بلياقتهم للدخول في الخدمة طبياً للوظائف الدائمة. ونصت المادة الأولى من القرار على تعيين من شملهم القرار (ومن بينهم المدعي) الناجحين في مسابقة ديوان الموظفين رقم 33 لسنة 1955 في وظيفة مدرس من الدرجة السادسة الفنية العالية الدائمة اعتباراً من 3 من نوفمبر سنة 1955، وعلى أن يكون التعيين تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر. فالقرار إذن قد حوى جميع مقومات التعيين لأول مرة في الحكومة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة سواء من حيث مسوغات التعيين وثبوت اللياقة الصحية أو من حيث اجتياز الامتحان المقرر لشغل الوظيفة بنجاح أو من حيث التعيين في أدنى الدرجات في الكادر الفني العالي أو من حيث التعيين تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر. فلا شبهة في أن المدعي لا يعتبر بحكم هذا القرار من موظفي وزارة التربية والتعليم إلا اعتباراً من 3 من نوفمبر سنة 1955.


إجراءات الطعن

في 10 من أغسطس سنة 1959 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد وزير التربية والتعليم التنفيذي بصفته عريضة طعن في الحكم الصادر بتاريخ 11 من يونيه سنة 1959 من محكمة القضاء الإداري (هيئة الترقيات والتعيينات) في الدعوى رقم 152 لسنة 12 القضائية المقامة من السيد/ رءوف شكري بنيامين المزيكي ضد وزارة التربية والتعليم والقاضي بأحقية المدعي في أن تضم لمدة خدمته بالحكومة مدة خدمته بوزارة الزراعة مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الحكومة المصروفات المناسبة. وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأعلنت صحيفة هذا الطعن إلى المطعون ضده بتاريخ 24 من سبتمبر سنة 1959، وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 27 من نوفمبر سنة 1960، وفيها أجل نظر الطعن لجلسة 15 من يناير سنة 1961، وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 11 من فبراير سنة 1961.
وفي 18 من مايو سنة 1960 أودع السيد الأستاذ راغب حنا المحامي سكرتيرية هذه المحكمة بالوكالة عن السيد/ رءوف شكري بنيامين المزيكي ناظر مدرسة قنا الزراعية عريضة طعن في الحكم الصادر بتاريخ 11 من يونيه سنة 1959 من محكمة القضاء الإداري (هيئة الترقيات والتعيينات) في الدعوى رقم 152 لسنة 12 القضائية المقامة منه ضد وزارة التربية والتعليم، والقاضي بأحقية المدعي في أن تضم لمدة خدمته بالحكومة مدة خدمته كاملة بوزارة الزراعة مع ما يترتب على ذلك من آثار ورفض ما عدا ذلك من طلبات وإلزام الحكومة بالمصروفات المناسبة. وطلب الطاعن للأسباب التي استند إليها في عريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء حكم محكمة القضاء الإداري الصادر بتاريخ 11 من يونيه سنة 1959 في الدعوى رقم 152 لسنة 12 ق فيما قضى به من رفض باقي طلبات الطاعن والحكم بأحقيته في أن تضم له مدة خدمته بالتعليم الحر كاملة وما يترتب على ذلك من إلغاء قرار 28 من فبراير سنة 1952 فيما تضمنه من تركه في الترقيات إلى الدرجة الخامسة مع ما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الحكومة بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأعلنت صحيفة هذا الطعن إلى وزارة التربية والتعليم في 18 من يونيه سنة 1960، وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 15 من يناير سنة 1961 وأبلغ الطرفان في 7 من يناير سنة 1961 بميعاد هذه الجلسة وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 11 من فبراير سنة 1961.
وبجلسة 11 من فبراير سنة 1961 قررت المحكمة ضم الطعن رقم 1552 لسنة 6 القضائية إلى الطعن رقم 1290 لسنة 5 القضائية ليصدر فيهما حكم واحد وأجل نظر الطعنين لجلسة 11 من مارس سنة 1961 وتدوول الطعنان بالجلسات حتى جلسة 4 من نوفمبر سنة 1961، وفيها أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إنه سبق التقرير بضم الطعن رقم 1552 لسنة 6 القضائية المقدم من المدعي إلى الطعن رقم 1290 لسنة 5 القضائية المقدم من الحكومة ليصدر فيها حكم واحد.
ومن حيث إن الطعن المقدم من الحكومة رقم 290 لسنة 5 القضائية قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الحكومة دفعت بعدم قبول الطعن المقدم من المدعي رقم 1552 لسنة 6 القضائية شكلاً لرفعه بعد الميعاد، وذكرت أن المادة 15 من قانون مجلس الدولة رقم 55 لسنة 1959 توجب رفع الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا خلال ستين يوماً من تاريخ الحكم المطعون فيه، وأن الثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صدر في 11 من يونيه سنة 1959 وطعن فيه المدعي بتاريخ 18 من مايو سنة 1960 أي بعد فوات ميعاد الطعن المنصوص عليه في المادة سالفة الذكر وأنه لذلك غير مقبول شكلاً. وذكرت الحكومة بأنه لا وجه للقول بأن طلب المعافاة الذي تقدم به المدعي في 10 من أغسطس سنة 1959 لإعفائه من الرسوم قطع ميعاد الطعن وأنه لما رفض طلبه في 16 من إبريل سنة 1960 أقام الطعن في 18 من مايو سنة 1960 لأن نص المادة 15 سالفة الذكر صريح في وجوب رفع الطعن في الميعاد المذكور من تاريخ صدور الحكم وهذا الميعاد هو ميعاد سقوط فلا ينقطع بأي إجراء شأنه في ذلك ميعاد الطعن بطريق النقض المدني وأنه لا محل للاحتجاج بما سبق أن قضت به المحكمة العليا من أنه يترتب على طلب المساعدة القضائية قطع التقادم وقطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء ويظل التقادم أو الميعاد موقوفاً لحين صدور القرار في الطلب سواء بالقبول أو الرفض، ذلك لأن قضاء المحكمة في هذا الخصوص إنما كان منصباً على ميعاد رفع الدعوى ابتداء. وقد اعتبرت المحكمة طلب المساعدة القضائية بمثابة التظلم الذي يقطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء طبقاً لنص المادة 19 من قانون مجلس الدولة. أما ميعاد الطعن في الأحكام الصادرة من محكمة القضاء الإداري أو المحاكم الإدارية فإنه يتعين التقيد في شأنه بالميعاد المنصوص عليه في المادة 15 سالفة الذكر.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت بأن مقتضيات النظام الإداري قد مالت بالقضاء الإداري إلى تقرير قاعدة أكثر تيسيراً في علاقة الحكومة بموظفيها بمراعاة طبيعة هذه العلاقة، تقرر أنه يقوم مقام المطالبة القضائية في قطع التقادم الطلب أو التظلم الذي يوجهه الموظف إلى السلطة المختصة متمسكاً فيه بحقه طالباً أداءه، وليس من شك في أن هذا يصدق في باب أولى على طلب المساعدة القضائية للدعوى التي يزمع صاحب الشأن رفعها على الإدارة. إذ هو أبلغ في معنى الاستمساك بالحق والمطالبة بأدائه، وأمعن في طلب الانتصاف من مجرد الطلب أو التظلم الذي يقدمه الموظف إلى الجهة الإدارية، بل هو في الحق يجمع بين طبيعة التظلم الإداري من حيث الإفصاح بالشكوى من التصرف الإداري وبين طبيعة التظلم القضائي من حيث الاتجاه إلى القضاء طلباً للانتصاف، إذ لم يمنعه عن إقامة الدعوى رأساً سوى عجزه عن أداء الرسوم التي يطلب إعفاءه منها وسوى عجزه عن توكيل محام، فلا أقل - والحالة هذه - من أن يترتب على طلب المساعدة القضائية ذات الأثر المترتب على مجرد الطلب أو التظلم الإداري من حيث قطع التقادم أو قطع ميعاد رفع دعوى الإلغاء وغني عن البيان أن الأثر المترتب على طلب المساعدة القضائية من حيث قطع التقادم أو قطع ميعاد دعوى الإلغاء يظل قائماً، ويقف سريان التقادم أو الميعاد لحين صدور القرار في الطلب سواء بالقبول أو الرفض، إذ أن نظر الطلب قد يستغرق زمناً يطول أو يقصر بحسب الظروف وحسبما تراه الجهة القضائية التي تنظر الطلب تحضيراً له حتى يصبح مهيأ للفصل فيه شأنه في ذلك شأن أية إجراءات اتخذت أمام أية جهة قضائية وكان من شأنها أن تقطع التقادم أو سريان الميعاد أو يقف هذا السريان طالما كان الأمر بيد الجهة القضائية المختصة بنظره، ولكن إذا ما صدر القرار وجب رفع الدعوى خلال الميعاد القانوني محسوباً من تاريخ صدوره، فإن كانت دعوى إلغاء تعين أن يكون خلال الستين يوماً التالية.
ومن حيث إن هذا الذي قضت به المحكمة - من حيث ما لطلب المساعدة القضائية من أثر قاطع لميعاد رفع دعوى الإلغاء، أو بالأحرى حافظ له وينسحب لحين صدور القرار في الطلب سواء بالقبول أو بالرفض - يصدق كذلك بالنسبة إلى ميعاد الطعن أمام المحكمة الإدارية العليا، لاتحاد طبيعة كل من الميعادين من حيث وجوب مباشرة إجراء رفع الدعوى أو الطعن قبل انقضائهما والأثر القانوني المترتب على مراعاة المدة المحددة فيها أو تفويتها من حيث قبول الدعوى أو الطعن أو سقوط الحق فيهما وبالتالي إمكان طلب إلغاء القرار الإداري أو الحكم المطعون فيه أو امتناع ذلك على صاحب الشأن المتخلف.
ومن حيث إنه ثابت من الأوراق أن الحكم المطعون فيه صادر في 11 من يونيه سنة 1959 وأن المدعي تقدم بطلب إعفائه من رسوم الطعن في هذا الحكم بطلب الإعفاء رقم 68 لسنة 5 القضائية بتاريخ 10 من أغسطس سنة 1959 وصدر القرار برفض طلبه في 16 من إبريل سنة 1960 فأقام طعنه في 18 من مايو سنة 1960، ومن ثم فإن هذا الطعن يكون مقبولاً شكلاً لرفعه في الميعاد القانوني.
ومن حيث إنه عن الموضوع فإن عناصر المنازعة تتحصل - حسبما يبين من أوراق الطعنين - في أن المدعي أقام الدعوى رقم 152 لسنة 12 القضائية بصحيفة أودعها محكمة القضاء الإداري بتاريخ 6 من نوفمبر سنة 1957 وقال بياناً لدعواه أنه حاصل على بكالوريوس الزراعة جامعة القاهرة دور أول عام 1944، والتحق بتاريخ 29 من أغسطس سنة 1944 بخدمة وزارة الزراعة بتفتيش السرو قسم المزارع بمكافأة واستمر في خدمتها حتى 30 من سبتمبر سنة 1945 ثم عين مدرساً بالتعليم الحر بكلية الأمريكان بأسيوط اعتباراً من أول سبتمبر سنة 1946، وإذ صدر قرار مجلس الوزراء بتاريخ 10 من سبتمبر سنة 1950 ينص على ضم موظفي المدارس الحرة إلى وزارة المعارف العمومية (وقتئذ) وندبهم للعمل بمدارس التعليم الحر وإنشاء الوظائف اللازمة لهذا الغرض في ميزانية الباب الأول فرع 4 (التعليم العالي) على أن يؤخذ الاعتماد الإضافي اللازم لإنشاء هذه الوظائف من الاعتماد المدرج في الباب الثاني من نفس الفرع تحت بند 10 (إعانات المدارس الحرة)، وإذ صدر القانون رقم 170 لسنة 1950 بفتح الاعتماد الإضافي لهذه الوظائف في ميزانية السنة المالية (1950/ 1951) عن المدة الباقية من السنة المذكورة، كان حقاً له (أي للمدعي) أن تسوى حالته طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه، ولكن الوزارة تراخت في عمل هذه التسوية إلى أن أصدرت قراراً باعتباره معيناً مستجداً في الدرجة السادسة اعتباراً من 3 من نوفمبر سنة 1955 ولما تظلم من عدم ضم مدة خدمته السابقة بأكملها بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء سالف الذكر اعتبرته الوزارة معيناً في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951 وضمت له نصف مدة خدمته السابقة وأرجعت أقدميته في الدرجة السادسة إلى 2 من إبريل سنة 1951 وذلك بالقرار رقم 657 بتاريخ 24 من أغسطس سنة 1957 ولما كان هو من موظفي التعليم الحر منذ أول سبتمبر سنة 1946، وكان يحق له أن يضم بحالته وبأقدميته ولما كانت مدة خدمته بوزارة الزراعة وهي مدة خدمة قضيت بالحكومة، وطبقاً لقواعد ضم مدة الخدمة السابقة تضم بأكملها، فإن من حقه أن تحتسب أقدميته في الدرجة السادسة من 29 من أغسطس سنة 1945، ولو كانت أجريت تسوية حالته على هذا النحو في الوقت المناسب لشمله القرار الصادر في فبراير سنة 1952 بالترقية إلى الدرجة الخامسة في حدود نسبة الأقدمية، ومن ثم يحق له أن يطعن في هذا القرار بالإلغاء فيما تضمنه من تركه في الترقية. وانتهى المدعي إلى طلب الحكم بأحقيته لتسوية حالته وفقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من سبتمبر سنة 1950 وذلك بضم مدة خدمته في التعليم الحر وفي وزارة الزراعة كاملة وما يترتب على ذلك من إلغاء قرار فبراير سنة 1952 فيما تضمنه من تركة في الترقية إلى الدرجة الخامسة مع ما يترتب على ذلك من آثار. وأجابت وزارة التربية والتعليم على الدعوى بأن المدعي حاصل على بكالوريوس الزراعة دور أول سنة 1944، والتحق بخدمة الوزارة مدرساً بمدرسة جرجا الثانوية الزراعية في 3 من نوفمبر سنة 1955 في الدرجة السادسة الفنية العالية بمرتب قدره 15 جنيهاً شهرياً وتسلم عمله اعتباراً من 9 من نوفمبر سنة 1955، وأنه تقدم بطلب للوزارة بضم مدة خدمته السابقة بوزارة الزراعة بوظيفة مهندس تحت التمرين بمكافأة شهرية قدرها 7.500 جنيهاً في الفترة من 29 من أغسطس سنة 1944 لغاية 30 من سبتمبر سنة 1945 وبالتعليم الحر في وظيفة مدرس بكلية الأمريكان بأسيوط من أول سبتمبر 1946 إلى 2 من نوفمبر سنة 1954، فسويت حالته بضم نصف مدة خدمته بالتعليم الحر فقط على مقتضى أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952، فأرجعت أقدميته في الدرجة السادسة إلى 2 من إبريل سنة 1951 وبلغ راتبه الشهري 18 جنيهاً اعتباراً من أول مايو سنة 1957 بموجب قرار التسويات رقم 657 المؤرخ 24 من أغسطس سنة 1957، وقررت الوزارة أنها لم تطبق على حالته قرار مجلس الوزراء الخاص بضم موظفي التعليم الحر لأنه كان وقت الضم يعمل بكلية الأمريكان بأسيوط وهي مدرسة حرة غير معانة، وأنه لذلك اعتبر من المعينين في ظل القانون رقم 210 لسنة 1951، وفيما يتعلق بمدة خدمته التي قضاها بوزارة الزراعة فهذه المدة لا يجوز ضمها إلى خدمته الحالية لأنه كان فيها على غير درجة وذلك عملاً بقرار مجلس الوزراء الصادر بتاريخ 17 من ديسمبر سنة 1952، وبجلسة 11 من يونيه سنة 1959 قضت محكمة القضاء الإداري بأحقية المدعي في أن تضم لمدة خدمته بالحكومة مدة خدمته كاملة بوزارة الزراعة مع ما يترتب على ذلك من آثار، ورفض ما عدا ذلك من الطلبات وإلزام الحكومة المصروفات المناسبة، وأقامت قضاءها على أن المدعي قد التحق بخدمة الحكومة في سنة 1955 أي بعد العمل بأحكام قانون نظام موظفي الدولة في أول يوليو سنة 1951 الذي ألغى كل حكم يخالف أحكامه والذي صدر تنفيذاً له قرار مجلس الوزراء في 17 من ديسمبر سنة 1952 الذي نص على أن مدة الخدمة السابقة في الهيئات الأخرى غير الحكومية يحسب نصفها، وأنه لذلك يكون حساب نصف مدة خدمة المدعي بالكلية الأمريكية بأسيوط قد صادف وجه الحق والصواب. وأنه عن طلب ضم المدة التي قضياه في وزارة الزراعة فإن قرار مجلس الوزراء المشار إليه لم يستلزم إيجاد الدرجة أو تماثل العمل، وتأسيساً على ذلك ليس هناك ما كان يحول دون حساب هذه المدة كاملة في الأقدمية في الدرجة السادسة. وأنه عن طلب إلغاء القرار رقم 10605 الصادر في 28 من فبراير سنة 1952 فيما تضمنه من تخطي المدعي في الترقية إلى الدرجة الخامسة الفنية العالية، فإن المدعي غير محق فيه، لأنه لم يكن وقت صدور القرار المطعون فيه من موظفي وزارة التربية والتعليم.
ومن حيث إن طعن الحكومة يقوم على أن مدة خدمة المدعي بوزارة الزراعة لا يجوز ضمها تطبيقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 لأنها قضيت في درجة أقل، ولأن القرار الجمهوري رقم 159 لسنة 1958 يشترط في حالة ضم مثل هذه المدة أن تعادل المكافأة التي كان يتقاضاها أول مربوط الدرجة الحالية، وهو كان يتقاضى مكافأة قدرها 7 جنيهات و500 مليم.
ومن حيث إن طعن المدعي يقوم على أنه (أي المدعي) يعتبر من موظفي الدولة بحكم قراري مجلس الوزراء الصادرين في 10 من سبتمبر سنة 1950، 25 من فبراير سنة 1951، وأن قرار تعيينه الصادر في 3 من نوفمبر سنة 1955 أن هو إلا قرار تنفيذي لهذين القرارين، وأنه بتسوية حالته طبقاً لقواعد ضم رجال التعليم الحر تضم له مدة خدمته السابقة بالتعليم الحر كاملة ويعتبر من موظفي الدولة من تاريخ قرار الضم في 10 من سبتمبر سنة 1950، وأنه بضم مدة خدمته السابقة في التعليم الحر كاملة ترجع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 29 من يوليو سنة 1945 وباعتباره من موظفي الدولة من 10 من سبتمبر سنة 1950 يكون مستحقاً للترقية إلى الدرجة الخامسة بالقرار المطعون فيه رقم 10605 الصادر في 28 من فبراير سنة 1952 إذ أنه شمل بالترقية موظفي الدرجة السادسة الذين ترجع أقدميتهم فيها لغاية 30 من نوفمبر سنة 1946.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة ملف خدمة المدعي أنه مولود بتاريخ 2 من ديسمبر سنة 1921 وحاصل على درجة بكالوريوس في الزراعة من كلية الزراعة بجامعة القاهرة عام 1944 والتحق بوزارة الزراعة (تفتيش انسرو) مهندساً تحت التمرين من 29 من أغسطس سنة 1944 وإلى 30 من سبتمبر سنة 1945 بمكافأة قدرها 7 جنيهات و500 مليم شهرياً. ثم التحق في أول سبتمبر سنة 1946 بكلية أسيوط التابعة للإرسالية الأمريكية مدرساً للمواد الزراعية بالقسم الزراعي بالكلية ثم مدرساً للكيمياء والعلوم بالأقسام الثانوية، وظل يعمل بالكلية المذكورة حتى 8 من نوفمبر سنة 1955 وكان في 27 من نوفمبر سنة 1950 قد تقدم بطلب استخدام إلى وزارة التربية والتعليم على الاستمارة 167 ع. ح وبتاريخ 15 من نوفمبر سنة 1955 صدر من الوكيل الدائم لوزارة التربية والتعليم القرار رقم 203 لسنة 1955 بتعيينه (هو وآخرين بعد نجاحهم في مسابقة بديوان الموظفين رقم 33 لسنة 1955) في وظيفة مدرس من الدرجة السادسة الفنية العالية الدائمة اعتباراً من 3 من نوفمبر سنة 1955 مع منحه ماهية قدرها 15 جنيهاً شهرياً اعتباراً من تاريخ تسلمه العمل وعلى أن يكون التعيين تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر. وحددت وظيفته في القرار المذكور مدرساً بالمدرسة الثانوية بجرجا وقد استلم العمل بها في 9 من نوفمبر سنة 1955 ثم تقدم بعدة طلبات يلتمس فيها ضمه مع موظفي التعليم الحر للوزارة من أول ديسمبر سنة 1950 بدلاً من تاريخ تعيينه في 3 من نوفمبر سنة 1955 فأرسلت الوزارة إلى مدير التربية والتعليم بمنطقة أسيوط التعليمية بتاريخ 14 من مايو سنة 1957 تستعلم عن التاريخ الذي منحت فيه له الإعانة أثناء خدمته بالتعليم الحر، فأجاب مدير منطقة أسيوط التعليمية بكتابة رقم 1029 المؤرخ 14 من يوليو سنة 1957 بأن المذكور لم تمنح له إعانة مدة خدمته بكلية الأمريكان بأسيوط القسم الثانوي لأن الكلية مدرسة حرة غير معانة، ثم صدر قرار التسوية برقم 567 المؤرخ 24 من أغسطس سنة 1957 بإرجاع أقدميته في الدرجة السادسة إلى 2 من إبريل سنة 1951 وتدرج مرتبه على هذا الأساس فوصل في أول مايو سنة 1957 إلى 18 جنيهاً.
ومن حيث إنه يبين مما ثبت في ملف الخدمة أن المدعي إذ دخل في 3 من نوفمبر سنة 1955 في خدمة وزارة التربية والتعليم، كان دخوله في ذلك التاريخ تعييناً لأول مرة في الحكومة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة ولم يكن دخوله إذن بالضم تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 10 من سبتمبر سنة 1950 الخاص بضم موظفي المدارس الحرة إلى الوزارة وندبهم للعمل بمدارس التعليم الحر، خصماً على بند 10 تكاليف كادر رجال التعليم الحر ليس لأنه كان يعمل بكلية الأميريكان بأسيوط وهي مدرسة حرة غير معانة أو لأن دخوله في خدمة الوزارة قد حدث بعد تاريخ العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 ليس لكل أوليك فحسب بل أيضاً لأنه دخل الخدمة بقرار كان مفصحاً غاية الإفصاح عن إرادة الوزارة في تعيينه بالتطبيق لأحكام القانون المذكور لأول مرة في الحكومة اعتباراً من 3 من نوفمبر سنة 1955 فقد أحالت ديباجة القرار إلى القانون رقم 210 لسنة 1951 والقوانين المعدلة له، كما أحالت إلى نتيجة امتحان مسابقة ديوان الموظفين رقم 33 لسنة 1955 بترشيح 130 للمواد التجارية و66 للمواد الاجتماعية و60 للمواد الزراعية و51 للغة الإنجليزية، ثم أحالت إلى مسوغات التعيين المقدمة ممن شملهم القرار وقرارات القومسيون الطبي العام بلياقتهم للدخول في الخدمة طبياً للوظائف الدائمة، ونصت المادة الأولى من القرار على تعيين من شملهم القرار (ومن بينهم المدعي) الناجحين في مسابقة ديوان الموظفين رقم 33 لسنة 1955 في وظيفة مدرس من الدرجة السادسة الفنية العالية الدائمة اعتباراً من 3 من نوفمبر سنة 1955، وعلى أن يكون التعيين تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر فالقرار إذن قد حوى جميع سمات ومقومات التعيين لأول مرة في الحكومة بالتطبيق لأحكام القانون رقم 210 لسنة 1951 بشأن نظام موظفي الدولة سواء من حيث مسوغات التعيين وثبوت اللياقة الصحية أو من حيث اجتياز الامتحان المقرر لشغل الوظيفة بنجاح أو من حيث التعيين في أدنى الدرجات في الكادر الفني العالي أو من حيث التعيين تحت الاختبار لمدة سنة على الأقل وسنتين على الأكثر فلا شبهة في أن المدعي لا يعتبر بحكم هذا القرار من موظفي وزارة التربية والتعليم إلا اعتباراً من 3 من نوفمبر سنة 1955 ومن ثم فليس له أصل حق في الطعن في القرار رقم 10605 الصادر في 28 من فبراير سنة 1955 بترقية بعض موظفي الدرجة السادسة إلى الدرجة الخامسة لأنه صدر قبل أن ينخرط المدعي في سلك موظفي وزارة التربية والتعليم، وليس له فيما يتعلق بحساب مدة خدمته السابقة في التعليم الحر أن يعامل بمقتضى القواعد التي كانت سارية المفعول قبل العمل بالقانون رقم 210 لسنة 1951 لأنه عين في ظل القانون المذكور الذي ألغاها وإنما يعامل بمقتضى أحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 تنفيذاً للقانون المذكور فيحسب له نصفها، وقد طبقت الوزارة أحكام قرار مجلس الوزراء المشار إليه في شأن حساب هذه المدة تطبيقاً سليماً.
ومن حيث إنه فيما يتعلق بمدة خدمته السابقة بوزارة الزراعة فقد سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن القانون رقم 210 لسنة 1951 إذ قسم الوظائف الداخلة في الهيئة إلى فئتين عالية ومتوسطة ينتظم كل منها قواعد خاصة من حيث التعيين والترقية تختلف في كل واحدة عن الأخرى قد وضع أصلاً عاماً هو الفصل بين الفئتين وتأسيساً على ذلك فإن المدة التي تقضي في الكادر الأدنى لا يمكن كأصل عام أن تضم إلى مدة خدمة الموظف في الكادر بعد نقله إليه، وقد التزم المشرع هذا الأصل العام ولم يخرج عليه إلا لظروف ملحة وفي حدود ضيقة وطبقاً لقواعد وضوابط تجعله أقرب إلى أن يكون تعريفاً للمبدأ العام وليس استثناء منه. وقرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 قد أخذ بالأصل العام ولم يخرج عليه فأوجب أن تتوافر عند ضم المدة السابقة شروط أهمها اتفاق الدرجة السابقة مع الدرجة الجديدة والدرجة في الكادر الأدنى لا تتفق إطلاقاً مع الدرجة في الكادر الأعلى حتى ولو اتحدت في التسمية.
ومن حيث إن المدة التي قضاها المدعي في خدمة وزارة الزراعة كان معيناً فيها بمكافأة قدرها 7 جنيهات و500 مليم، ومن ثم فلا يجوز من باب أولى لما تقدم ضمها إلى أقدميته في الدرجة السادسة بالكادر الفني العالي بالتطبيق لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 17 من ديسمبر سنة 1952 المشار إليه، وكذلك لا يجوز ضمها بالتطبيق لأحكام قرار رئيس الجمهورية رقم 159 لسنة 1958 لأنه يشترط أن تكون المدة المضمومة إذا كانت قد قضيت في كادر أدنى أو على اعتماد أو بالمكافأة الشهرية أو باليومية قد قضيت في درجة معادلة للدرجة التي يعاد تعيين الموظف فيها والمكافأة الشهرية البالغ قدرها 7.00 جنيهات لا تعادل الدرجة السادسة التي بدأها المدعي بمرتب قدره 15 جنيهاً شهرياً، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى بضم هذه المدة قد خالف القانون، ويتعين القضاء بإلغائه ورفض الدعوى جميعها وإلزام المدعي المصروفات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي المصروفات.