أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 11 - صـ 583

جلسة 17 من نوفمبر سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: صبحي الصباغ، وعبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وفرج يوسف المستشارين.

(91)
الطعن رقم 17 سنة 28 ق "أحوال شخصية"

(أ، ب، ج) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالأجانب" "زواج" قانون "تطبيق القانون" "تنازع القوانين من حيث المكان".
- نص الم 14 مدني. نص آمر متعلق بالنظام العام يسري بأثر فوري. عقد الزواج لا يكسب أياً من الزوجين فيما يختص بالطلاق أو التطليق حقاً مستقراً بما قد يطرأ بعد إبرامه مما يكون من شأنه سريان قانون آخر في هذا الخصوص.
- صراحة نص الم 14 مدني أنه يكفي أن يكون أحد الزوجين مصرياً وقت الزواج ليكون القانون المصري وحده هو الواجب التطبيق.
(د) أحوال شخصية "المسائل الخاصة بالأجانب" "طلاق". قانون "تنازع القوانين" "قواعد الإسناد".
القانون الواجب التطبيق إذا كان النزاع دائراً بين زوج إيطالي يهودي الديانة وزوجة مصرية مسيحية كاثوليكية هو القانون المصري الذي كانت تطبقه المحاكم الشرعية صاحبة الاختصاص العام في مسائل الأحوال الشخصية. هذا القانون هو ما بينته الم 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية. الحكم الوارد في الم 99 فقرة أخيرة من اللائحة على ألا تسمع دعوى الطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر إلا إذا كانا يدينان بوقوع الطلاق واجب التطبيق. قضاء الحكم على خلاف هذا النظر. مخالف للقانون.
1 - عقد الزواج لا يكسب أياً من الزوجين فيما يختص بالطلاق أو التطليق حقاً مستقراً بما قد يطرأ بعد إبرامه مما يكون من شأنه سريان قانون آخر في هذا الخصوص.
2 - نص المادة 14 من القانون المدني نص آمر متعلق بالنظام العام يسري بأثر فوري.
3 - نص المادة 14 من القانون المدني صريح في أنه يكفي أن يكون أحد الزوجين مصرياً وقت الزواج ليكون القانون المصري وحده هو الواجب التطبيق.
4 - إذا كان النزاع المطروح دائراً بين زوج إيطالي وزوجة مصرية فتحكمه المادة 14 من القانون المدني ويكون القانون المصري هو الواجب التطبيق، فإذا كان الزوج يهودي الديانة وكانت الزوجة مسيحية كاثوليكية فإن القانون المصري الواجب التطبيق هو القانون الذي كانت تطبقه المحاكم الشرعية صاحبة الاختصاص العام في مسائل الأحوال الشخصية. وهذا القانون هو ما بينته المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي نصت على أنه "تصدر الأحكام طبقاً للمدون في هذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة ما عدا الأحوال التي ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة فيجب فيها أن تصدر الأحكام طبقاً لتلك القواعد"، ولما كانت المادة 99 من اللائحة قد نصت في فقرتها الأخيرة على حكم من الأحكام الواجبة التطبيق يقضي بأن لا تسمع دعوى الطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر إلا إذا كانا يدينان بوقوع الطلاق، وكان الثابت في الدعوى أن الزوجة مسيحية كاثوليكية لا تدين بوقوع الطلاق فإن دعوى طلاق زوجها إياها تكون غير مسموعة ولا يترتب على الطلاق آثاره، ويكون الحكم المطعون فيه إذ قضى على خلاف ذلك وذهب إلى أن المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية غير منطبقة قد خالف القانون بما يستوجب نقضه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن في أن الطاعنة أقامت الدعوى رقم 735 سنة 1954 كلي أحوال شخصية إسكندرية على زوجها المطعون ضده بطلب تقدمت به في 13 إبريل سنة 1954 إلى رئيس المحكمة طالبة إجراء الصلح بينهما وفي حالة فشل الصلح إحالة القضية للمحكمة للحكم بالانفصال الجسماني بينهما على مسئولية المطعون عليه ولخطئه. كما طلبت تقدير نفقة مؤقتة لها قدرتها بمبلغ 120 جنيهاً (مائة وعشرين جنيهاً) ابتداء من أول إبريل سنة 1954 واستندت في طلب الانفصال الجسماني إلى قسوة زوجها واعتدائه عليها بالضرب والسب في المحلات العامة وإدمانه الميسر واستيلائه على أموالها - كما أقام المطعون عليه الدعوى رقم 736 سنة 1954 كلي أحوال شخصية إسكندرية على زوجته الطاعنة بطلب تقدم به في 17 إبريل سنة 1954 إلى رئيس المحكمة طالباً إجراء الصلح وفي حالة فشله إحالة القضية للمحكمة للتقرير بالانفصال الجسماني بينهما مع الأمر مؤقتاً بإسناد حضانة ابنهما "آلان" إليه وتحديد سكنى الطاعنة بمنزل والديها وتقدير نفقة مؤقتة لها قدرها ثلاثون جنيهاً حتى يفصل في الدعوى. وبني طلب الانفصال على أن زوجته اعتدت عليه بالضرب في الطريق العام كما أتلفت بعض منقولات المنزل وبجلسة 4 من مايو سنة 1954 قرر رئيس المحكمة فشل محاولة الصلح وإسناد حضانة الصغير "آلان" لوالده بصفة مؤقتة وإلزام الزوج بأن يدفع لزوجته نفقة شهرية مؤقتة قدره خمسون جنيهاً اعتباراً من أول مايو سنة 1954 وفي 27 من نوفمبر سنة 1954 تقدم الزوج بمذكرة طلب فيها إثبات تنازله عن طلب الانفصال الجسماني كما طلب رفض دعوى الانفصال الجسماني المرفوعة من زوجته مع إثبات أنه طلقها طلاقاً بائناً لا رجعة فيه طبقاً للشريعة الإسلامية الواجبة التطبيق وعدم أحقيتها للنفقة المؤقتة المقررة لها وإلزامها المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة - وبجلسة 31 من ديسمبر سنة 1957 قضت المحكمة. أولاً - بعدم اختصاصها بإثبات الطلاق الواقع من الزوج على زوجته بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1954 وباختصاصها بباقي الطلبات - ثانياً - برفض طلب الزوجة الحكم بالانفصال الجسماني بينها وبين زوجها - ثالثاً - بإلزام الزوج بأن يدفع لزوجته نفقة زوجية من أول مايو سنة 1954 حتى تاريخ طلاقها الواقع في 27 نوفمبر سنة 1954 ونفقة عدة من التاريخ الأخير حتى 26 نوفمبر سنة 1955 بواقع خمسة وسبعين جنيهاً شهرياً وشملت هذا الشق من الحكم بالنفاذ المعجل وبغير كفالة على أن يخصم منها ما عساه أن يكون قد دفعه الزوج ابتداء من أول مايو سنة 1954. رابعاً - بإلزام كل من الطرفين بمصروفات دعواه وأمرت بالمقاصة في أتعاب المحاماة - استأنفت الطاعنة هذا الحكم وطلبت إلغاءه فيما قضى به من اعتماد طلاق زوجها لها. كما أن المطعون عليه قدم مذكرة في 2 إبريل سنة 1958 ضمنها استئنافاً مقابلاً وانتهى فيها إلى طلب قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بتعديل الحكم المستأنف فيما قضى به أولاً وثالثاً. والحكم - أولاً - بوقوع الطلاق الصادر منه بتاريخ 27 من نوفمبر سنة 1954 على زوجته باعتبار أن العلاقة الزوجية التي كانت بينهما قد انتهت في هذا التاريخ - ثانياً - بتعديل النفقة وجعلها ثلاثين جنيهاً شهرياً مع إلزام الزوجة المصاريف وأتعاب المحاماة عن الدرجتين - ثالثاً - ومن باب الاحتياط الحكم بتطليقه من زوجته وإنهاء العلاقة الزوجية بينهما من تاريخ 3 من مايو سنة 1954 وهو يوم طلبها التطليق الثابت بمحضر محاولة الصلح - وبجلسة 8 من مايو سنة 1958 قضت المحكمة حضورياً بقبول الاستئنافين شكلاً وفي الموضوع برفضهما وتأييد الحكم المستأنف مع إلزام كل من المستأنفين مصروفات استئنافه والمقاصة في أتعاب المحاماة - وبتاريخ 25 من مايو سنة 1958 طعنت الطاعنة في هذا الحكم بالنقض. وبعد استيفاء الإجراءات قدمت النيابة العامة مذكرة برأيها طلبت فيها نقض الحكم المطعون فيه في خصوص السبب الثالث. وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون بجلسة 23 من فبراير سنة 1960 وصمم الحاضر عن الطاعنة على أسباب الطعن كما صممت النيابة على رأيها. وقررت دائرة الفحص إحالة الطعن إلى هذه الدائرة. وبالجلسة المحددة لنظره صمم الحاضر عن الطاعنة كما صممت النيابة كل على ما جاء بمذكرته.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى في السبب الأول على الحكم المطعون فيه مخالفته للقانون ذلك أنه انتهى إلى إخضاع العلاقة القانونية بين الزوجين إلى القانون المصري عملاً بالمادة 14 مدني التي استحدثت استثناء وإذ كان الزواج قد عقد قبل العمل بها وفي ظل قاعدة إسناد لم يرد عليها مثل هذا الاستثناء يكون الحكم قد أخطأ إذ جعل لقاعدة الإسناد الواردة بالمادة 14 مدني أثراً رجعياً على روابط قانونية سبق تكاملها قبل سريانها.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن نص المادة 14 من القانون المدني نص آمر متعلق بالنظام العام يسري بأثر فوري. وبأن عقد الزواج لا يكسب أياً من الزوجين فيما يختص بالطلاق أو التطليق حقاً مستقراً بما قد يطرأ بعد إبرامه مما يكون من شأنه سريان قانون آخر في هذا الخصوص.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى في السبب الثاني على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون وتقول في بيان ذلك إنه على فرض أن المادة 14 مدني تحكم واقعة الدعوى فإن مؤداها وجوب استمرار تمتع أحد الزوجين بالجنسية المصرية إلى حين رفع الدعوى حتى إذا ما فقدها بعد الزواج فإنه يمتنع إعمال الحكم الاستثنائي الذي أوردته.
ومن حيث إن هذا النعي مردود بأن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه على أن الزوجة كانت مصرية الجنسية وقت انعقاد الزواج وأنه بذلك يكون القانون المصري هو الواجب التطبيق وهذا القضاء صحيح ذلك أن نص المادة 14 مدني صريح في أنه يكفي أن يكون أحد الزوجين مصرياً وقت الزواج ليكون القانون المصري وحده هو الواجب التطبيق.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى بالسبب الثالث على الحكم المطعون فيه خطأه في تطبيق القانون ذلك أنه قرر لغير المسلم حق طلاق زوجته غير المسلمة التي لا تدين بالطلاق وأنه اعتد بهذا الطلاق ورتب عليه آثاره وبذلك خالف حكم المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية السارية المفعول حتى الآن والتي لم يلغها قانون المحاكم الشرعية والمجالس الملية.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه أسس قضاءه في شأن القاعدة التي تحكم طلاق الزوج لزوجته على أن الشريعة الإسلامية هي الواجبة التطبيق وأن الزوج يملك طلاق زوجته ويكون طلاقه منتجاً لآثاره وأنه لا يحتج قبله بالمادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية.
ومن حيث إن ما تنعاه الطاعنة في هذا السبب صحيح ذلك أن النزاع المطروح دائر بين زوج إيطالي وزوجة مصرية فتحكمه المادة 14 مدني القانون المصري وحده هو الواجب التطبيق. ولما كان الزوج يهودي الديانة وكانت الزوجة مسيحية كاثوليكية فإن القانون المصري الواجب التطبيق هو القانون الذي كانت تطبقه المحاكم الشرعية صاحبة الاختصاص العام في مسائل الأحوال الشخصية. وهذا القانون هو ما بينته المادة 280 من لائحة مسائل الأحوال الشخصية. وهذا القانون هو ما بينته المادة 280 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية التي نصت على أنه "تصدر الأحكام طبقاً للمدون في هذه اللائحة ولأرجح الأقوال من مذهب أبي حنيفة ما عدا الأحوال التي ينص فيها قانون المحاكم الشرعية على قواعد خاصة فيجب فيها أن تصدر الأحكام طبقاً لتلك القواعد" ولما كانت المادة 99 من اللائحة قد نصت في فقرتها الأخيرة على حكم من الأحكام الواجبة التطبيق يقضي بأن لا تسمع دعوى لطلاق من أحد الزوجين غير المسلمين على الآخر إلا إذا كان يدينان بوقوع الطلاق. وكانت حكمة تقرير هذا النص - كما يبين من المذكرة التفسيرية هي أن المحاكم الشرعية كانت تحكم بوقوع طلاق غير المسلم على زوجته غير المسلمة عملاً بالمادة 280 من ذات اللائحة. وأنه كان في ذلك حرج ومشقة بالنسبة للطوائف غير المسلمة التي لا تدين بوقوع الطلاق.
وأنه دفعاً لهذا الحرج وتلك المشقة شرعت هذه القاعدة. وأن تطبيقها يوجب تعرف الأحكام الموضوعية لشريعة كل من الزوجين حتى إذا ما تبين أن أيهما لا يدين بالطلاق وجب الامتناع عن سماع الدعوى - ولما كان الثابت في الدعوى الحالية أن الزوجة مسيحية كاثوليكية لا تدين بوقوع الطلاق - لما كان ذلك - فإن دعوى طلاق زوجها إياها تكون غير مسموعة ولا يترتب على الطلاق آثاره. وبالتالي يكون الحكم المطعون فيه إذ قضى على خلاف ذلك وذهب إلى أن المادة 99 من لائحة ترتيب المحاكم الشرعية غير منطبقة قد خالف القانون مما يتعين معه نقضه.