أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الثالث - السنة 11 - صـ 635

جلسة 8 من ديسمبر سنة 1960

برياسة السيد محمود عياد نائب رئيس المحكمة، وبحضور السادة: عبد السلام بلبع، ومحمود القاضي، وأحمد زكي محمد، ومحمود توفيق إسماعيل المستشارين.

(103)
الطعن رقم 489 لسنة 25 القضائية

( أ ) أعمال تجارية "السمسرة". سمسرة. إثبات "قوة البينة والقرائن" "التصرفات القانونية التجارية".
اعتبار عقد السمسرة عملاً تجارياً بطبيعته من جانب واحد هو جانب السمسار دائماً محترفاً كان أو غير محترف ومدنية كانت الصفقة التي توسط في إبرامها أو تجارية. عدم انضباط هذا الوصف إلا في شأن السمسار وحده لا يتعداه إلى عميله. اختلاف الوضع بالنسبة للعميل باختلاف ما إذا كان تاجراً أو غير تاجر وتبعاً لطبيعة الصفقة التي يطلب إلى السمسار التدخل في إبرامها. مؤدى ذلك الرجوع في الإثبات إلى القواعد القانونية العامة. من مقتضاها أنه متى كان التعاقد بين تاجرين ولأعمال تجارية اتبعت في إثباته وسائل الإثبات التجارية. إن كان بين تاجر وغير تاجر أو بين تاجرين لأعمال لا تتصل بالتجارة أو مدنية بطبيعتها اتبعت وسائل الإثبات التجارية بالنسبة للتاجر ووسائل الإثبات المدنية بالنسبة لغير التاجر أو بالنسبة للتاجر الذي يعتبر العمل مدنياً من ناحيته.
(ب) إثبات "طرق الإثبات" "قوة البينة والقرائن في الإثبات" "القاعدة - قوة الإثبات المحدودة لهما - مستثنياتها" "مبدأ الثبوت بالكتابة". "سلطة محكمة الموضوع ورقابة محكمة النقض".
حق محكمة الموضوع في اعتبار الورقة مبدأ ثبوت بالكتابة هو اجتهاد في فهم الواقع تستقل به متى أقامت حكمها على أسباب سائغة.
(ج) حكم "بيانات التسبيب" "تسبيب الحكم الاستئنافي".
عدم جدوى النعي على الحكم الابتدائي بالقصور إذا كان الحكم الاستئنافي المطعون فيه قد أقام قضاءه على أسباب تكفي لحمله.
(د) إعلان "كيفية الإعلان".
توجيه الإعلان إلى عضو مجلس الإدارة المنتدب للشركة وتسليم صورته في مركزها بما لا يدع مجالاً للشك في أن المقصود به هو الشركة ممثلة في العضو المنتدب. اعتباره مستوفياً لبيانات الم 10 مرافعات من جهة اشتماله على اسم الشركة المعلن إليها. لا اعتداد بالخطأ في اسم ممثل الشركة.
1 - إنه وإن كانت السمسرة عملاً تجارياً بطبيعته محترفاً كان السمسار أو غير محترف ومدنية كانت الصفقة التي توسط السمسار في إبرامها أو تجارية إلا أن هذا الوصف لا ينضبط ولا يتحقق إلا في شأن السمسار وحده لا يتعداه إلى غيره ممن قد يتعاملون معه ذلك أن النص في المادة الثانية من قانون التجارة على اعتبار السمسرة عملاً تجارياً إنما يراد به أعمال السمسرة أو الوساطة في ذاتها وهي من خصائص السمسار وحده ولا شأن لعميله بها. وهو بذلك لا ينصرف إلى اعتبار السمسرة عملاً تجارياً في حق السمسار وفي حق عميله سواء وبحيث يقال إن هذا الأخير إذ يطلب وساطة السمسار في إبرام صفقة ما يباشر عملاً تجارياً هو الآخر، ومن ثم فإن عقد السمسرة يعتبر عملاً تجارياً من جانب واحد هو جانب السمسار دائماً وفي جميع الأحوال ولا يجرى عليه نفس الوصف بالنسبة للجانب الآخر وإنما يختلف الوضع فيه باختلاف ما إذا كان هذا الجانب تاجراً أو غير تاجر وتبعاً لطبيعة الصفقة التي يطلب إلى السمسار التدخل في إبرامها. ومؤدى هذا النظر أنه يرجع في الإثبات إلى القواعد القانونية العامة ومن مقتضاها أنه متى كان التعاقد بين تاجرين ولأعمال تجارية اتبعت في إثباته وسائل الإثبات التجارية وإن كان بين تاجر وغير تاجر أو بين تاجرين ولكن لأعمال لا تتصل بالتجارة أو مدنية بطبيعتها اتبعت في إثباته وسائل الإثبات التجارية بالنسبة للتاجر ووسائل الإثبات المدنية بالنسبة لغير التاجر أو بالنسبة للتاجر الذي يعتبر العمل مدنياً من ناحيته وإذ كان ذلك وكانت الصفقة التي يقول الطاعن أنه توسط في إبرامها وهي شراء أرض ومباني فندق - مدنية بطبيعتها ولا يغير من طبيعتها هذه كون الشركة المطعون عليها تباشر نشاطها التجاري فيه فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون إذ انتهى في نتيجته إلى رفض طلب إثبات عقد السمسرة بين الطاعن والشركة المطعون عليها بالبينة ما دامت قيمته تجاوز النصاب الجائز إثباته بشهادة الشهود.
2 - جرى قضاء محكمة النقض على أن تقرير ما إذا كانت الورقة التي يراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة تجعل الإثبات قريب الاحتمال أو لا تجعله هو اجتهاد في فهم الواقع يستقل به قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على استخلاص سائغ.
3 - إذا كان الحكم المطعون فيه قد أقام قضاءه في الدعوى على أسباب مستقلة تكفي لحمله، فإن النعي على الحكم الابتدائي بالقصور يكون غير منتج.
4 - إذا كان الإعلان قد وجه إلى عضو مجلس الإدارة المنتدب للشركة بما لا يدع مجالاً للشك في أن المقصود بالإعلان هو الشركة ممثلة في عضو مجلس الإدارة المنتدب وكانت صورته قد سلمت في مركز الشركة فإن الإعلان على هذا النحو يكون مستوفياً للبيانات التي أوجبتها المادة 10 من قانون المرافعات من جهة اشتماله على اسم الشركة المعلن إليها ولا اعتداد في هذا الخصوص بما عساه أن يكون هناك من خطأ في اسم ممثل الشركة إذ يكفي في بيانات الإعلانات ذكر اسم الشركة ومركز إدارتها للدلالة على أن المطلوب إعلانه هو الشركة بغير حاجة إلى ذكر اسم من يمثلها.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع كما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن تخلص في أن الطاعن أقام الدعوى برقم 3314 سنة 1951 مدني كلي القاهرة ضد المطعون عليه بصفته عضو مجلس الإدارة المنتدب لشركة الفنادق المصرية وآخر بطلب إلزامهما بأن يدفعا له مبلغ 19700 جنيه مع المصاريف ومقابل أتعاب المحاماة وشمول الحكم بالنفاذ المعجل بلا كفالة وقال شرحاً لدعواه أن شركة الفنادق المصرية تدير فندق شبرد القائم على أرض لورثة الأمير حليم ومحكرة للشركة وفي سنة 1941 اتجهت رغبة المساهمين في الشركة إلى شراء الأرض المقام عليها الفندق وكلفه مديرها بوضع تقرير عن الصفقة وبناء على هذا التكليف درس الموضوع ووضع تقريراً عنه قدمه إلى مدير الشركة ضمن خطاب تاريخه 8 مايو سنة 1944 وفي 10 مايو سنة 1944 وصله رد من سكرتير المدير يفيد تسلمه التقرير ويدعوه لمقابلة المدير للمباحثة فيه وتمت المقابلة وكلفه المدير بمفاوضة الورثة في إتمام الصفقة فاتصل بالورثة كما اتصل بوزارة الأوقاف لتصفية موقفها منهم واستمرت مجهوداته بين الشركة والورثة والوزارة نحو عامين تمكن خلالهما من إقناع غالبية الورثة بالموافقة على إبرام الصفقة بثمن قدره 394 ألف جنيه وكاد أن يصل إلى إقناع الباقين لولا أن فريقاً منهم تمسك بأن يكون السعر نصف مليون جنيه وخلص الطاعن من ذلك إلى القول بأنه وقد انتهت الصفقة إلى هذا الوضع بفضل ما بذله من مجهود فإنه يستحق عمولة قدرها 19700 جنيه بواقع 5% من قيمة الصفقة مناصفة بين المدعى عليهما. وأثناء نظر الدعوى دفع المدعى عليه الثاني بعدم قبولها لرفعها على غير ذي صفة. وفي 2 من إبريل سنة 1953 قضت المحكمة حضورياً - أولاً - برفض الدفع بالنسبة للمدعى عليه الثاني بصفته الشخصية وبقبول الدعوى - ثانياً - بقبول الدفع بالنسبة للمدعى عليه الثاني بصفته وكيلاً عن باقي الأمراء وبعدم قبول الدعوى قبله بهذه الصفة - ثالثاً - برفض الدعوى مع إلزام المدعي بمصروفاتها ومبلغ عشرة جنيهات أتعاباً للمحاماة. وقد استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف القاهرة وقيد استئنافه برقم 512 سنة 70 قضائية طالباً قبول الاستئناف شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المستأنف والحكم بإلزام المستأنف عليه الأول والمستأنف عليه الثاني عن نفسه وبصفته بأن يدفعا له مبلغ 19700 جنيه مناصفة بينهما مع إلزامهما بالمصاريف ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين. وأثناء نظر الاستئناف تنازل الطاعن عن مخاصمة المستأنف عليه الثاني واحتفظ بحقه في المطالبة بما يستحقه قبله أمام اللجنة القضائية المنصوص عليها في القانون رقم 598 لسنة 1953 وقصر دعواه على المستأنف عليه الأول في حدود نصف المبلغ. وبجلسة 29 من ديسمبر سنة 1953 دفع المستأنف عليه الأول - شركة الفنادق - بعدم سماع الدعوى لعدم ولاية المحاكم المدنية بنظرها ولاختصاص اللجنة القضائية المشكلة وفقاً للقانون المذكور بالفصل فيها لأن النزاع غير قابل للتجزئة. وفي 12 من يناير سنة 1954 قضت المحكمة بقبول الاستئناف شكلاً وبإثبات تنازل المستأنف عنه مخاصمة المستأنف عليه الثاني وبرفض الدفع المقدم من المستأنف عليه الأول واختصاص المحكمة بنظر الدعوى بالنسبة له. ثم عادت في 27 من إبريل سنة 1954 فقضت في موضوع الاستئناف برفضه وتأييد الحكم المستأنف بالنسبة لشركة الفنادق المصرية وألزمت المستأنف بمصاريف الاستئناف ومبلغ عشرين جنيهاً مقابل أتعاب محاماة للشركة المستأنف عليها. وقد طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض للسببين الواردين في التقرير وعرض الطعن على دائرة فحص الطعون قررت إحالته إلى الدائرة المدنية حيث أصر الطاعن على طلب نقض الحكم وطلبت الشركة المطعون عليها عدم قبول الطعن شكلاً ومن باب الاحتياط رفضه وصممت النيابة على ما جاء بمذكرتيها وطلبت نقض الحكم في خصوص الشق الأول من السبب الأول.
ومن حيث إن الشركة المطعون عليها دفعت بعدم قبول الطعن شكلاً لأن إعلان تقرير الطعن وجه إلى السيد بول دى لاكاف بصفته عضو مجلس الإدارة المنتدب للشركة بعد أن زالت عنه هذه الصفة وانقطعت صلته بإدارة الشركة وبذلك يكون الإعلان قد وجه إلى غير ذي صفة في النيابة عنها وتمثيلها.
ومن حيث إن هذا الدفع في غير محله ذلك أنه متى كان إعلان الطعن قد وجه إلى "السيد بول دى لاكاف بصفته عضو مجلس الإدارة المنتدب لشركة الفنادق المصرية والمقيم بفندق سميراميس بمقر الشركة بقصر النيل" وهو ما لا يدع مجالاً للشك في أن المقصود بالإعلان هو الشركة ممثلة في عضو مجلس الإدارة المنتدب وكانت صورة الإعلان قد سلمت في مركز الشركة فإن الإعلان على هذا النحو يكون مستوفياً للبيانات التي أوجبتها المادة 10 من قانون المرافعات من جهة اشتماله على اسم الشركة المعلن إليها ولا اعتداد في هذا الخصوص بما عساه أن يكون هناك من خطأ في اسم ممثل الشركة إذ يكفي من بيانات الإعلان ذكر اسم الشركة ومركز إدارتها للدلالة على أن المطلوب إعلانه هو الشركة بغير حاجة إلى ذكر اسم من يمثلها.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن حاصل السبب الأول أن الحكم المطعون فيه خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله من وجهين - أولهما- أنه رفض طلب إحالة الدعوى إلى التحقيق لإثبات عقد السمسرة بين الطاعن والشركة المطعون عليها استناداً إلى أنه متى كان موضوع السمسرة عملاً مدنياً - شراء عقار - فإنها تعتبر وكالة مدنية ويتعين إثباتها بالكتابة فيما زادت قيمته على عشرة جنيهات بينما السمسرة عمل تجاري بطبيعته بصرف النظر عن طبيعة الصفقة التي توسط السمسار في إبرامها وعن كون السمسار محترفاً أو غير محترف وصفة من كلفه أو تعامل معه إذ أن نص المادة الثانية من القانون التجاري عام لم يفرق بين السمسرة في الأعمال المدنية والسمسرة في الأعمال التجارية ولا بين السمسرة المأمور بها من تاجر أو من غيره وتعتبر السمسرة عملاً تجارياً بالنسبة للسمسار دائماً وفي جميع الأحوال وفضلاً عن ذلك فإن شركة الفنادق إذ تعمل على شراء أرض ومباني الفندق الذي تزاول نشاطها فيه تباشر عملاً تجارياً بالتبعية والوساطة في شرائه هي وساطة في عمل تجاري يجوز إثباتها بشهادة الشهود وبالقرائن الوجه الثاني أن الطاعن استند في إثبات التفويض إلى وجوب مبدأ ثبوت بالكتابة تجوز تكملته بالبينة وبالقرائن هو خطاب 10 مايو سنة 1944 الصادر من سكرتير مدير الشركة إلى الطاعن ويخطره فيه بوصول خطابه المؤرخ 8 مايو سنة 1944 والتقرير المرفق به ويطلب إليه تحديد موعد لمقابلة رئيس مجلس إدارة الشركة ومديرها المسيو ديلاتى وذهب الحكم المطعون فيه إلى أن هذا الخطاب لا يتضمن الإشارة لا تصريحاً ولا تلميحاً إلى سبق صدور تفويض من الشركة إلى الطاعن للتوسط في إبرام الصفقة وأن خطاب 8 مايو قاطع الدلالة على أن التكليف الذي نسبه الطاعن إلى المسيو ديلاتى كان قاصراً على وضع التقرير دون السعي في إبرام الصفقة وبذلك يكون الحكم قد اشترط في مبدأ الثبوت بالكتابة أن يكون قاطع الدلالة على قيام التفويض وتطلب دليلاً كتابياً كاملاً ولم يكتف بالعناصر المتفق عليها لتكوين مبدأ الثبوت ومنها أن تقتصر دلالة الورقة على إمكان اتخاذها بداية يسلك منها القاضي سبيله في الاستنتاج لتكوين عقيدته بحيث يصبح الأمر المطلوب إثباته قريب الاحتمال. ولا نزاع في أن الوقائع التي دونها الحكم تضفي على خطاب سكرتير الشركة كافة العناصر المطلوبة إذ هو صادر من نائب الخصم المطلوب الإثبات ضده وبتكليف من مدير الشركة ومن شأنه مع ما أحاط به من ملابسات وما أعقبه من ظروف وتصرفات أن يجعل إثبات التفويض قريب الاحتمال إلى حد كبير ونشاط القاضي في فهم هذه العناصر وتكييفها هو اجتهاد في القانون تشرف عليه محكمة النقض.
ومن حيث إن هذا السبب مردود في الوجه الأول منه بأنه وإن كانت السمسرة عملاً تجارياً بطبيعته محترفاً كان السمسار أو غير محترف ومدنية كانت الصفقة التي توسط السمسار في إبرامها أو تجارية إلا أن هذا الوصف لا ينضبط ولا يتحقق إلا في شأن السمسار وحده لا يتعداه إلى غيره ممن قد يتعاملون معه ذلك أن النص في المادة الثانية من قانون التجارة على اعتبار السمسرة عملاً تجارياً إنما يراد به أعمال السمسرة أو الوساطة في ذاتها وهي من خصائص السمسار وحده ولا شأن لعميله بها. وهو بذلك لا ينصرف إلى اعتبار السمسرة عملاً تجارياً في حق السمسار وفي حق عميله سواء وبحيث يقال إن هذا الأخير إذ يطلب وساطة السمسار في إبرام صفقة ما يباشر عملاً تجارياً هو الآخر، ومن ثم فإن عقد السمسرة يعتبر عملاً تجارياً من جانب واحد هو جانب السمسار دائماً وفي جميع الأحوال ولا يجرى عليه نفس الوصف بالنسبة للجانب الآخر وإنما يختلف الوضع فيه باختلاف ما إذا كان هذا الجانب تاجراً أو غير تاجر وتبعاً لطبيعة الصفقة التي يطلب إلى السمسار التدخل في إبرامها. ومؤدى هذا النظر أنه يرجع في الإثبات إلى القواعد القانونية العامة ومن مقتضاها أنه متى كان التعاقد بين تاجرين ولأعمال تجارية اتبعت في إثباته وسائل الإثبات التجارية وإن كان بين تاجر وغير تاجر أو بين تاجرين ولكن لأعمال لا تتصل بالتجارة أو مدنية بطبيعتها اتبعت في إثباته وسائل الإثبات التجارية بالنسبة للتاجر ووسائل الإثبات المدنية بالنسبة لغير التاجر أو بالنسبة للتاجر الذي يعتبر العمل مدنياً من ناحيته وإذا كان ذلك وكانت الصفقة التي يقول الطاعن إنه توسط في إبرامها وهي شراء أرض ومباني الفندق - مدنية بطبيعتها ولا يغير من طبيعتها هذه كون الشركة المطعون عليها تباشر نشاطها التجاري فيه فإن الحكم المطعون فيه لا يكون قد خالف القانون إذ انتهى في نتيجته إلى رفض طلب إثبات عقد السمسرة بين الطاعن والشركة المطعون عليها بالبينة ما دامت قيمته تجاوز النصاب الجائز إثباته بشهادة الشهود - ومردود في الوجه الثاني بما أورده الحكم المطعون فيه من أنه "يبين من مراجعة الخطاب المؤرخ 10 مايو سنة 1944 أنه موقع عليه من السكرتير المحلي للشركة وأنه لا يتضمن الإشارة تصريحاً ولا تلميحاً إلى سبق صدور تفويض من شركة الفنادق إلى المستأنف في السعي لإبرام صفقة مشتري أرض وبناء فندق شبرد "وأنه بالرجوع إلى خطاب المستأنف المؤرخ 8 مايو سنة 1944 إلى المسيو ديلاتى لاستجلاء وتحديد معنى خطاب 10 مايو سنة 1944 الصادر من سكرتير الشركة رداً عليه يتضح أن المستأنف نسب فيه إلى المسيو ديلاتى سبق تكليفه له بإعداد التقرير فقط إذ قال في مستهل خطابه "سيدي الرئيس - أتشرف بأن أبعث إليكم رفق هذا بالمذكرة التي كلفتموني بوضعها عن موضوع شراء الأرض الحكر المقام عليها فندق شبرد". ولكن المستأنف لم ينسب إلى المسيو ديلاتى في خطابه سالف الذكر سبق تكليفه له بالسعي لدى ورثة الأمير حليم للحصول على موافقتهم على إبرام الصفقة ذاتها كما فعل بالنسبة للتقرير". وأن العبارة الأخيرة في هذا الخطاب قاطعة في الدلالة على أن التكليف الذي نسبه المستأنف إلى المسيو ديلاتى كان قاصراً على وضع التقرير حسب ادعائه دون السعي في إبرام الصفقة نفسها" وأنه يتضح مما تقدم بيانه أن خطاب 10 مايو "لا يصلح بتاتاً كمقدمة ثبوت بالكتابة على صدور تفويض من الشركة للمستأنف للسعي في الحصول على موافقة ورثة الأمير حليم على إبرام الصفقة" وهي تقريرات موضوعية سائغة لم يتجاوز بها الحكم العناصر القانونية اللازمة لمبدأ الثبوت بالكتابة ولا يجوز الجدل فيها أمام محكمة النقض وقد جرى قضاء هذه المحكمة على أن تقدير ما إذا كانت الورقة التي يراد اعتبارها مبدأ ثبوت بالكتابة تجعل الإثبات قريب الاحتمال أو لا تجعله هو اجتهاد في فهم الواقع يستقل به قاضي الموضوع متى أقام قضاءه على استخلاص سائغ.
ومن حيث إن حاصل السبب الثاني أن الحكم الابتدائي خالف الوقائع الصحيحة وذلك فيما قرره من أنه لا خلاف بين طرفي الخصومة على أن أعمال السمسرة المتعلقة بالعقارات تعتبر مدنية وهو تقرير غير مطابق للواقع لأن أقوال الطاعن في هذا الخصوص جاءت على سبيل الفرض ليصل إلى التدليل بأن السمسرة سواء اعتبرت عملاً تجارياً أو لم تعتبر فإن هناك مبدأ ثبوت بالكتابة يجوز معه الإثبات بالبينة وفيما قرره من أن المحكمة لا تطمئن إلى أن مطالبة سكرتير الشركة له بمقابلة المدير من شأنها أن تجعل ما يراد إثباته قريب الاحتمال إذ أن مدير الشركة أشر على خطاب الطاعن بما يفيد اطلاعه عليه وبذلك ينتفي الظن بأن للمقابلة غرضاً آخر غير البحث في التقرير والتفاهم على الخطوات التالية - وأن الحكم المطعون فيه لم يبحث التكييف القانوني الصحيح لمبدأ الثبوت بالكتابة وأغفل ما استقر عليه الرأي من أنه لا يشترط أن ينصب مضمون الورقة المتخذة مبدأ ثبوت بالكتابة على الواقعة المراد إثباتها أو على أحد عناصرها بل يجوز أن تقتصر دلالتها على إمكان اتخاذها بداية يسلك منها القاضي سبيله في الاستنتاج لتكوين عقيدته وانتهى بأسبابه إلى وجوب أن تحمل الورقة الدليل الكتابي على التفويض وهي أمور لا تتفق مع التسبيب الصحيح لتكييف الورقة التي تعتبر مبدأ ثبوت بالكتابة.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه في الدعوى على أسباب مستقلة تكفي لحمله، ومن ثم فإن النعي على الحكم الابتدائي بالقصور يكون غير منتج وإذ انتهى الحكم إلى أن خطاب 10 مايو سنة 1944 لا يصلح مقدمة ثبوت بالكتابة فإن تقريره هذا أمر موضوعي لم يتجاوز به الواقع ولا التكييف الصحيح لمبدأ الثبوت بالكتابة.
ومن حيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.