مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1961 إلى آخر يناير سنة 1962) - صـ 187

(22)
جلسة 6 من يناير سنة 1962

برياسة السيد الأستاذ/ سيد إبراهيم الديواني نائب رئيس المجلس وعضوية السادة الإمام الإمام الخريبي والدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 887 لسنة 5 القضائية

( أ ) موظف - معاش - الموظفون المعينون على اعتمادي تنفيذ المشروعات والتفتيش المالي والمستخدمون المنقولة وظائفهم إلى الباب الأول بالميزانية، والمثبتون وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 10/ 1946 - شروط حساب مدة خدمتهم السابقة، التي قضوها مشتركين في صندوق الادخار، في المعاش - وجوب مراعاة الميعاد المنصوص عليه في الفقرتين 4، 5 من المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 في رد المكافأة المقبوضة عن هذه المدد أو طلب تقسيطها - اعتبار هذا الميعاد ميعاد سقوط يجرى من تاريخ إبلاغ الموظف بقرار التثبيت - تأخر إدارة المعاشات في البت في استمارة حساب فرق الاحتياطي ومقدار الاحتياطي عن هذه المدة لا يعفى من الالتزام بالرد أو طلب التقسيط في هذا الميعاد - أساس ذلك وأثر عدم مراعاة هذا الميعاد - سقوط مدة الخدمة السابقة من المدة المحسوبة في المعاش.
(ب) موظف - معاش - حساب مدة الخدمة السابقة في المعاش - خلو قرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 10/ 1946 بتثبيت الموظفين المعينين على اعتمادي تنفيذ المشروعات والتفتيش المالي والمستخدمين من نص على ميعاد رد المكافأة التي قبضت عن هذه المدة - وجوب مراعاة الميعاد المقرر في المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 - أساس ذلك.
(جـ) موظف - معاش - طلب الموظف تقسيط المكافأة التي قبضها عن مدة خدمته السابقة وفقاً لنص المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 - ورود الخصم الناشئ عن التقسيط على الراتب وحده وفي حدود الربع - عدم وروده على معاش التقاعد - أساس ذلك.
(د) موظف - معاش - تثبيت الموظفين المعينين على اعتمادي تنفيذ المشروعات والتفتيش المالي والمستخدمين وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16/ 10/ 1946 - اعتبارهم في حكم الموظفين السابقين الذين يعادون إلى الخدمة في تطبيق حكم المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 - أساس ذلك وأثره - وجوب مراعاة المواعيد الواردة فيها لرد المكافأة التي قبضوها عن مدة خدمتهم السابقة أو طلب تقسيطها.
1 - إن المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية قد نصت في فقرتها الرابعة والخامسة على أنه "إذا كان أحد الموظفين أو المستخدمين السابقين قد أخذ مكافأة عند تركه الخدمة، فيكون مخيراً عند عودته إليها بصفة نهائية بين عدم رد هذه المكافأة وفي هذه الحالة لا تحتسب له مدة خدمته السابقة في تسوية ما يستحقه من المعاش أو المكافأة عن مدة خدمته الجديدة وبين المكافأة بأكملها في ميعاد لا يتجاوز ثلاثة أشهر أو على أقساط شهرية بشرط أن يقدم طلباً كتابياً بذلك في خلال شهر من تاريخ عودته وبشرط أن لا يقل كل قسط في هذه الحالة عن ربع ماهيته وعندئذ تحسب عليه فوائد التأخير بواقع أربعة في المائة سنوياً. فإذا رد الموظف أو المستخدم المكافأة بأكملها تحسب له مدة خدمته السابقة في تسوية المعاش أو المكافأة طبقاً للقانون الذي اختار المعاملة بمقتضاه". ثم جرت الفقرة الأخيرة من المادة آنفة الذكر بما يأتي "أما إذا توفى الموظف أو المستخدم أو فصل من الخدمة قبل رد المبلغ المطلوب بتمامه فعند تسوية المعاش أو المكافأة المستحقة له أو للمستحقين عنه لا تحسب له مدة الخدمة التي لم يرد المكافأة المطلوبة عنها ما لم يدفعها هو أو المستحقون عنه في ميعاد ستة أشهر من تاريخ تقاعده أو وفاته".
ونص هذه المادة محكم لا يحتمل التأويل وحكمه عام لا يقبل أي تخصيص فالمدعي - وهو خاضع للمرسوم بقانون المتقدم الذكر - كان عليه، إذا طلب أن تحسب له في المعاش مدة خدمته التي قضاها في مصلحة البلديات مشتركاً في صندوق الادخار قبل نقل وظيفته إلى الباب الأول من الميزانية وفقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1946 أن يراعي الميعاد المنصوص عليه في المادة 51 المشار إليها لرد المكافأة أو تقسيطها وهو ميعاد سقوط يجرى من تاريخ إبلاغه بقرار التثبيت في 9 من يونيه سنة 1949، وهذا الميعاد هو ثلاثة أشهر بالنسبة لرد المكافأة التي قبضها وشهر واحد إذا اختار تقسيطها بشرط أن يطلب ذلك كتابة في الميعاد المذكور، وكلا الميعادين إذا لم يراعه المدعي حق عليه تحمل مغبة تقصيره ونتيجة تفريطه وهي إسقاط مدة اشتراكه في صندوق الادخار من المدة المحسوبة له في المعاش.
وتأخير البت من جانب إدارة المعاشات في الاستمارتين اللتين أعدتهما إدارة البلديات بمقدار فرق الاحتياطي وبمقدار الاحتياطي على المدة السابقة مباشرة على التثبيت، ليس من شأنه أن يعفي المدعي من التزام رد المكافأة التي قبضها المدعي من حسابه في صندوق التوفير في 30 من يوليه سنة 1946 بمناسبة نقل وظيفته إلى الباب الأول من الميزانية أو طلب تقسيط سدادها في ميعادها إذا أراد حقاً حساب تلك المدة التي قبض عنها تلك المكافأة، ذلك أن وزارة المالية لا تملك المجادلة في حسبان تلك المدة بعد أن أجاز حسابها قرار مجلس الوزراء، كما أن رد المكافأة لم يكن في ذاته مثار منازعة بعد أن أوجبه كل من قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1946 والمادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929، ولا غناء في القول بأن الإدارة لم تحدد للمدعي المبالغ التي يلتزم بردها لأن هذه المكافأة لم يكن مختلفاً على قدرها، كما لم يكن متصوراً أن يجهل مقدارها بعد إذ قبضها، وسقوط حق المدعي في حساب المدة المشار إليها إنما بني وفقاً لنص الحكم الذي أوردته المادة 51 على عدم رد المكافأة في ميعاد السقوط المنصوص عليه فيها لا على عدم رد فروق الاحتياطي أو مقدار الاحتياطي بفرض التسليم جدلاً بقيام منازعة حول هذه الفروق.
2 - لا مقنع في القول بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1946 بإجازة تثبيت الموظفين المنقولين إلى الباب الأول بميزانية وزارة الشئون البلدية والقروية وحساب مدد خدمتهم السابقة إذا كانوا مشتركين في صندوق الادخار قبل 16 من يناير سنة 1935 لم ينص على ميعاد رد المكافآت التي قبضوها، لأن هذا القرار التنظيمي العام لم يقصد لبيان هذا الميعاد ولا حاجة به إلى ذلك بعد أن نص عليه المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية، وهو القانون الذي يحكم حالة المدعي، وليس ثمة شك في أن هذا التنظيم اللائحي الحاصل في ظل قانون المعاشات المشار إليه، لا بد أن يراعى قواعد المشروعية التي أرساها هذا المرسوم بقانون فيما يتعلق بشروط الانتفاع بحساب المدد السابقة في المعاش وأوضاعه إذا طلب الموظف عند تثبيته حساب تلك المدد بعد أن قبض مكافأته عنها بمناسبة انسلاخه من خدمة مصلحة البلديات وانتهاء اشتراكه في صندوق الادخار، إذ لا بد أن يرجع في ذلك إلى القواعد العليا التي نظمت أوضاع هذا الانتفاع وشروطه، ومواعيده وهي لا تلتمس في غير صلب المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية.
3 - أن الروح المستفادة من المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 قاطعة في أن معاش التقاعد لا يصح أن يرد عليه الخصم الناشئ عن تقسيط المكافأة، بل لقد تشدد هذا المرسوم بقانون في هذا المعنى إلى حد اشتراطه الإيفاء ببقية المكافأة غير المدفوعة برمتها، خلال ستة أشهر من تاريخ تقاعد الموظف الذي منح التقسيط أو وفاته وإلا سقط حقه في حساب المدة السابقة في المعاش وذلك كله على الرغم من سبق حصوله على قرار بتقسيط المكافأة في حدود ربع راتبه بعد طلبه ذلك في الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة 51 من المرسوم بقانون المشار إليه، وليس أدل على ذلك من أن المشرع لم يرد أن يجعل معاش الموظف ضامناً لسداد المكافأة المستحقة عليه بسبب ضعف ضمان الحكومة بالنسبة إلى المعاش ورجحان احتمال عدم استحصالها على حقوقها. على أن استحقاق المعاش في ذاته متوقف على رد المكافأة برمتها وإذا امتنع على الموظف المحال إلى المعاش طلب استمرار سريان التقسيط في معاشه رغم وروده من قبل على راتبه، فإن وضع المدعي يكون بالأولى أشد تأبياً لهذا التقسيط المطلوب إجراؤه ابتداء على المعاش وخاصة وأن هذا المعاش لا يمكن تقريره بغير حساب المدد التي قبض عنها مكافأته، ولا يصح حساب هذه المدد بغير رد هذه المكافأة برمتها فالمعاش لا يتولد للمدعي حق في تقريره إلا بعد رد المكافأة بتمامها طبقاً لروح المرسوم بقانون المشار إليه ودلالة الحال فيه، ومن ثم يمتنع منطقياً نشوء حقه في المعاش ثم الترخيص في جعل هذا المعاش وعاء لتقسيط المكافأة المستحقة عليه إذ لا تصح النتيجة قبل أن تتحقق المقدمة وهي الرد الكامل للمكافأة الذي يتوقف عليه حساب المدة في المعاش وفي القول بغير ذلك ترتيب لحكم قانوني قبل تحقق عناصره واستيفاء أوضاعه وهو ما تأباه الأصول المنطقية الصحيحة.
4 - لا حجة في القول بأن مدد السقوط الواردة في الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 قد وردت في معرض لا ينطبق على واقعة الدعوى بذريعة أنهما تحدثتا عن الموظفين والمستخدمين السابقين الذين يعادون إلى الخدمة الحكومية والمدعي بحكم خدمته المتصلة لا يعد معاداً إلى خدمة الحكومة، إذ لم يكن كذلك لم يصح أن تجرى عليه مواعيد السقوط الواردة في المادة 51 المشار إليها لا حجة في كل ما تقدم إذ يكفي لتنفيذه أن يلاحظ أن رد المكافأة لا يتصور إلا بالنسبة إلى الموظفين الذين كانت لهم خدمة سابقة في الحكومة استولوا على مكافأتها ثم رغبوا عند إعادتهم إلى خدمتها في حساب هذه المدة السابقة في المعاش، ومن عجب أن يسلم المطعون عليه بمبدأ رد المكافأة - وهو ليس إلا نتيجة محتمة لاعتباره معاداً إلى خدمة الحكومة - ولا يسلم بميعاد ردها المبين في المادة 51 آنفة الذكر، فكأنه يقر بصفته كموظف معاد في رد المكافأة، ولا يسلم بها في ميعاد هذا الرد وهذا منطق غير مستقيم، على أن الموظف الذي تنقل وظيفته إلى الباب الأول بميزانية وزارة الشئون البلدية والقروية، ويصفى حقوقه في الصندوق عند النقل ثم يخول المطالبة بحساب تلك المدة التي اشترك خلالها في صندوق الادخار هو أشبه ما يكون بالموظف المعاد إلى خدمة الحكومة لأنه فارق وضعا طويت صفحته بتصفية حقوقه في صندوق الادخار وانخرط في مركز قانوني جديد يخضع لنظام التثبيت مع حسبان المدة السابقة في المعاش، فهو يعتبر في حكم الموظف المعاد إلى الخدمة، والذي أنشأ له هذا الحق واشترط لتولده أن يقوم بأداء فروق الاحتياطي عن الخدمة السابقة وبرد المكافأة التي استولى عليها هو قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1946 بل لقد أشارت مذكرة اللجنة المالية المرفوعة إلى مجلس الوزراء لاستصدار قراره المذكور إلى أن "هؤلاء الموظفين - ومنهم المدعي يلتمسون أن يكون نقلهم إلى الباب الأول بالحالة التي كانوا عليها قبل النقل من حيث الدرجة والماهية والأقدمية طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يوليه سنة 1939 وأسوة بزملائهم الذين صدر بشأنهم قرارا مجلس الوزراء المؤرخان 8 يوليه سنة 1939 و7 سبتمبر سنة 1943، واعتبار من كان مشتركاً في صندوق الادخار مثبتاً (داخلاً هيئة العمال) عند نقله إلى خدمة الحكومة". كما أشارت هذه المذكرة إلى ما طلبه نظراء المدعي من نقلهم إلى الباب الأول بالميزانية ومساواتهم بموظفي الصحة القروية المنقولين من مجالس المديريات إلى الحكومة وطبقاً لقرار مجلس الوزراء في 2 من سبتمبر سنة 1943 فقالت "ونتيجة هذا القرار يعتبر مثبتاً دون كشف طبي من كان مثبتاً بمجالس المديريات حتى نقله ومن كان مشتركاً في صندوق الادخار من الموظفين الذين تعادل درجاتهم الدرجة الثامنة الحكومية فما فوقها وتسترد منه المكافأة التي استولى عليها...".


إجراءات الطعن

في 23 من مايو سنة 1959 أودع السيد/ رئيس أقسام القضايا نائباً عن السيدين/ وزيري الخزانة والشئون البلدية والقروية للإقليم المصري بصفتيهما سكرتيرية المحكمة عريضة طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 887 لسنة 5 القضائية في حكم المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية الصادر بجلسة 23 من مارس سنة 1959 في الدعوى رقم 22 لسنة 4 القضائية المقامة من السيد/ عبد الفتاح جميعي ضد وزارة الشئون البلدية والقروية والقاضي "بأحقية المدعي في تثبيته وتسوية معاشه على أساس ضم مدة خدمته من 2 من يونيه سنة 1924 حتى 30 من إبريل سنة 1945 إلى مدة خدمته المسحوبة في المعاش بشرط قيامه برد ما صرف له من مكافأة عن هذه المدة وسداد ما لم يسدد من احتياطي المعاش منها، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلبت الحكومة الطاعنة للأسباب التي استندت إليها في صحيفة طعنها "قبول الطعن شكلاً وفي الموضوع إلغاء الحكم المطعون فيه ورفض دعوى المطعون ضده مع إلزامه بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة عن الدرجتين". وقد أعلن هذا الطعن إلى المطعون عليه في 12 من يوليه سنة 1959، وفي 27 من يونيه سنة 1960 أبلغ الخصوم بجلسة 9 من أكتوبر سنة 1960 المحددة لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون التي أحالته إلى المحكمة الإدارية العليا. وقد حدد لنظره أخيراً أمام هذه المحكمة جلسة 3 من يونيه سنة 1961. وفي هذه الجلسة سمعت هذه المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة ثم قررت إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة، حسبما يبين من أوراق الطعن، تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 22 لسنة 4 القضائية ضد وزارتي الشئون البلدية والقروية والخزانة أمام المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية بصحيفة أودعت سكرتيرية تلك المحكمة في 24 من أكتوبر سنة 1956 وطلب فيه الحكم باعتباره "مثبتاً ويستحق معاشاً على الوجه المبين بعريضة الدعوى مع إلزام المدعى عليهما بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة". وقال شرحاً لدعواه أنه قضى أربع سنوات في خدمة الجامعة المصرية القديمة من 15 من مايو سنة 1920 إلى أول يونيه سنة 1924 حين نقل إلى وزارة الداخلية بناء على طلبها على اعتماد المبالغ المعلاه أمانات على ذمة طبع مطبوعات للمجلس، وقال أنه اشترك في صندوق التوفير المخصص لموظفي المجالس البلدية والقروية ابتداء من 2 من يونيه سنة 1924 وهو تاريخ التحاقه بقسم البلديات التابع آنذاك لوزارة الداخلية. وفي أول يونيه سنة 1942 نقل إلى اعتماد التفتيش المالي والمستخدمين وانقطع اشتراكه في صندوق التوفير من أول مايو سنة 1945 نظراً إلى نقله إلى الباب الأول من ميزانية الحكومة من هذا التاريخ طبقاً للقرار الوزاري رقم 1232 في 14 من يوليه سنة 1946.
بعد ذلك صدر قرار مجلس الوزراء في 16 من أكتوبر سنة 1946 مجيزاً نقل موظفي ومستخدمي مصلحة البلديات من اعتمادي تنفيذ مشروعات المجلس والتفتيش المالي والمستخدمين، وكان مقيداً عليه المدعي، إلى الباب الأول من الميزانية بحالتهم مع اعتبار من كان مشتركاً في صندوق التوفير قبل 16 من يناير سنة 1935 مثبتاً في وظيفته.
وقد صدر قرار وزاري في 5 من يونيه سنة 1949 (القرار رقم 3130 الصادر من وزير الصحة العمومية) بتثبيت المدعي في وظيفته نهائياً بماهيته ودرجته الحاليتين اعتباراً من تاريخ اشتراكه في صندوق التوفير وهو 2 من يونيه سنة 1924 وذلك تطبيقاً لقرار مجلس الوزراء سالف الذكر وأخذ على المدعي إقرار برغبته في حساب مدة خدمته المؤقتة السابقة بتاريخ تثبيته في المعاش ودفع ما يستحق عليه نظير ذلك في 9 من يونيه سنة 1949.
وفي 29 من يونيه سنة 1950 قامت مصلحة البلديات التابع لها الطالب باستيفاء الاستمارتين 1 ط 5 و120 ع ح ببيان مدد الخدمة السابقة وأرسلتهما إلى وزارة الشئون البلدية والقروية مع الاستمارتين المماثلتين الخاصتين بالسيد/ عبد الخالق الطرياني مدير السكرتارية بالمصلحة سابقاً بشأن احتساب مدة خدمته السابقة على تثبيتهما ضمن مدة خدمتهما المحسوبة في المعاش. فأعادت إدارة المعاشات بوزارة المالية الاستمارتين الخاصتين بالسيد/ عبد الخالق الطرياني بعد اعتمادها مع كتابها رقم 43/ 12/ المؤرخ 4 من يناير سنة 1951 أي بعد ستة أشهر ولم تعد الاستمارتين الخاصتين بالمدعي. وقد أخطرت المصلحة كتابياً لوزارة الشئون البلدية في 31 من مارس سنة 1951 لمخابرة وزارة المالية لموافاتها بالاستمارتين الخاصتين بالمدعي بعد اعتمادهما.
ولكن وزارة المالية أعادت الاستمارتين الخاصتين بالطالب دون اعتماده من غير إبداء أسباب فاضطرت مصلحة البلديات ثانياً إلى إعادة هاتين الاستمارتين إلى وزارة الشئون البلدية والقروية في 3 من يونيه سنة 1951 لإعادتهما بدورها إلى وزارة المالية لاعتمادهما. ولما لم ترد هاتان الاستمارتان معتمدتين كتبت مصلحة البلديات في 10 من فبراير سنة 1952 لوزارة الشئون البلدية والقروية تستعجلها، ولما علم المدعي باتجاه وزارة المالية إلى عدم تطبيق قرار مجلس الوزراء حرر لمصلحة البلديات في 9 من مارس سنة 1953 استعجالاً اتبعه بآخر في 11 من مارس سنة 1954 رجا فيه سرعة البت في موضوعه لقرب إحالته إلى المعاش في 5 من يونيه سنة 1954. وقد اعتمدت وزارة المالية الاستمارتين في 9 من سبتمبر سنة 1954 أي بعد إحالة المدعي إلى المعاش وطلب منه تسديد مبلغ 710.303 مجـ قيمة ما صرف إليه من حسابي صندوق التوفير حرفي أ، ب والفوائد المستحقة عليه وأوضح المدعي أنه حرر في 9 من سبتمبر سنة 1954 التماساً لمصلحة البلديات لتقسيط المطلوب منه على أقساط شهرية من معاشه الشهري بواقع الربع استثناء من أحكام المادة 51 من قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929. وقد أبلغت مصلحة البلديات هذا الالتماس لوزارة الشئون البلدية والقروية بكتاب مؤرخ 2 من أكتوبر سنة 1954 موصية بعرضه على السيد الوزير للموافقة عليه توطئة لعرضه على السلطات المالية المختصة، وأوصت وزارة الشئون البلدية في 9 من نوفمبر سنة 1954 بهذا الالتماس خيراً، وأحالت هذه التوصية إلى وزير المالية والاقتصاد منوهة بأن صاحبه يستحق العطف وبأن وزارة المالية تأخرت في مراجعة الاستمارتين ولو أنها انتهت من مراجعتهما وشيكاً وإعادتهما إلى وزارة الشئون البلدية قبل تاريخ الإحالة إلى المعاش لأمكن الإفادة من حكم الفقرة الرابعة من المادة 1 من قانون المعاشات وهي الفقرة التي يجوز رد مبلغ المكافأة على أقساط شهرية بواقع ربع الماهية بالنسبة للموظف الموجود بالخدمة. وقد ردت وزارة المالية على وزارة الشئون البلدية بكتاب مؤرخ 3 من يوليه سنة 1955 جاء فيه أنه كان من الواجب على الطالب كي تحسب له في المعاش مدد خدمته السابقة على تاريخ تثبيته أن يرد المبلغ السالف الذكر بأكمله في الميعاد المحدد في المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 أو على أقساط شهرية بشرط أن يقدم طلباً كتابياً بذلك خلال شهر من تاريخ إبلاغه بتثبيته، ولما لم يقم بتنفيذ أحد هذين الشرطين كذلك لم يجز حساب هذه المدة ضمن مدة خدمته المحسوبة في المعاش بالتطبيق لأحكام المادة 51 السالفة ويقتضي إذن تسوية معاشه على أساس استبعاد هذه المدة وأعقب ذلك وصول مظروف مسجل إلى المدعي من وزارة الشئون البلدية والقروية وبداخله إذن صرف على خزانة المالية برقم 104458 مؤرخ 10 من يونيه سنة 1956 بمبلغ 270.001 مجـ قيمة المكافأة التي يستحقها عن مدة خدمته. وهذا الإذن لم يصرفه المدعي، وينوه المدعي في صحيفة دعواه بأن وزارة المالية قد أخطأت في عدم احتساب معاش له للأسباب الآتية:
أولاً - إن المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 لا تنطبق على حالته لأن المدعي لم يكن موظفاً سابقاً ثم عاد إلى الخدمة، كما أنه لم يفصل من الخدمة حتى تطبق عليه الفقرة الأخيرة من المادة 51 المشار إليها لأنه إنما أحيل إلى المعاش لبلوغه السن القانونية.
ثانياً - لم تطلب إدارة مستخدمي مصلحة البلديات من المدعي تسديد المطلوب منه حال صدور القرار الوزاري بتثبيته في 5 من يونيه سنة 1949، ولهذا فإنه لما اعتمدت هاتان الاستمارتان من وزارة المالية في 9 من سبتمبر سنة 1954 قدم التماساً في أواخر سبتمبر سنة 1954 طلب فيه تقسيط مبلغ 710.303 مجـ السابق صرفه إليه من حسابه في صندوق التوفير بواقع ربع ما يستحقه من معاش شهرياً وقامت مصلحة البلديات بتبليغ هذه الرغبة لوزارة الشئون البلدية بكتابها المؤرخ 2 من أكتوبر سنة 1954، فالطالب لم يقصر كما هو ظاهر في تنفيذ تعليمات المالية ومنها منشور المالية رقم 3 لسنة 1949 وقال إنه ليس من حق وزارة المالية أن تحرمه مما أضفاه عليه قرار مجلس الوزراء في 16 من أكتوبر سنة 1946 من مركز قانوني مقتضاه جواز تثبيت موظفي مصلحة البلديات المعينين على بند تنفيذ المشروعات وبندي التفتيش والمستخدمين ونقلهم إلى الباب الأول بحالتهم مع اعتبار من كان منهم مشتركاً في صندوق التوفير قبل 16 من يناير سنة 1935 مثبتاً في وظيفته. ردت الحكومة على الدعوى بقولها أنه عقب تقدم المدعي بالتماس في أوائل سنة 1955 أوضح فيه أنه لا طاقة له برد ما صرف إليه من صندوق التوفير وما استحق عليه من فوائد وقيمة متأخر الاحتياطي وطلب تسوية معاشه وإيقاف صرفه إلى أن تستولى الوزارة على استحقاقاتها، أبلغت وزارة الشئون البلدية هذا الالتماس للإدارة العامة للمعاشات بوزارة المالية بكتاب الوزارة المؤرخ 18 من يناير سنة 1955 ثم استعجلت الوزارة هذا الكتاب عدة مرات وقد أفادت وزارة المالية بكتابها رقم 43 - 6/ 11 بتاريخ 7 من يوليه سنة 1955 بأنه نظراً لأن سيادته قد ثبت في وظيفته اعتباراً من أول يونيه سنة 1949، وأبلغ بقرار تثبيته في المعاش ثم بدئ بخصم الـ 7.5% (احتياطي المعاش) ابتداء من ماهية شهر يونيه سنة 1949 (تاريخ تثبيته)، فقد كان يتعين عليه كي تحسب له مدد خدمته السابقة على تاريخ تثبيته في المعاش أن يرد قيمة المكافأة التي سبق استيلاؤه عليها من صندوق التوفير بحرفيه أ، ب وقدره 710.303 ج بأكملها في الميعاد المحدد في المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 وهو ثلاثة أشهر من تاريخ إبلاغه تثبيته أو على أقساط شهرية بشرط أن يقدم طلباً كتابياً بذلك خلال شهر من تاريخ إبلاغه بتثبيته، ولكن المدعي لم يقم بتنفيذ أحد هذين الشرطين مما لا يجوز معه حساب هذه المدة (من يونيه سنة 1924 إلى 30 من إبريل سنة 1945) في ضمن مدد خدمته المحسوبة في المعاش بالتطبيق لأحكام المادة 51 السالفة الذكر، ومن ثم يقتضي الأمر تسوية معاشه على أساس استبعاد هذه المدة ثم أوضحت وزارة المالية بكتابها المتقدم أن الفقرة الرابعة من المادة 51 المذكورة التي تقضي بجواز خصم مبلغ المكافأة على أقساط شهرية بواقع ربع الماهية بالنسبة للموظف الموجود في الخدمة تنطبق فقط على الموظفين الذين طلبوا رد المكافأة على أقساط شهرية في الميعاد المحدد بالمادة المذكورة وبدئ فقط بالخصم من مرتباتهم ثم أحيلوا إلى المعاش قبل تمام السداد.
وهذا لا ينطبق على حالة المدعي وأن سيادته بتأخيره في سداد المكافأة بتمامها في الميعاد المحدد في المادة 51 المشار إليها وهو ثلاثة أشهر وبعدم تقديمه طلباً كتابياً لتقسيطها خلال شهر من تاريخ إبلاغه تثبيته طبقاً لأحكام المادة المذكورة قد أسقط حقه في حساب هذه المدة في المعاش واستطردت وزارة الشئون البلدية إلى أنه لما أعادت التحرير لوزارة المالية منبهة إلى أن المادة 51 من المرسوم بقانون المشار إليه خاصة بالموظفين السابقين الذين أعيدوا إلى خدمة الحكومة في حين أن المدعي لم يترك الخدمة من تاريخ تعيينه في 2 من يونيه سنة 1924 حتى 5 من يونيه سنة 1954 (تاريخ إحالته إلى المعاش) وأن قبضه حسابه في صندوق التوفير كان بمناسبة نقله من اعتماد التفتيش المالي والمستخدمين إلى الباب الأول من الميزانية، أجابت وزارة المالية في 21 من إبريل سنة 1956 بأنها سبق أن أقرت عدم جواز حساب هذه المدة في المعاش لأنه لم يقم بسداد المكافأة في الميعاد المحدد بالمادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات المدنية وإن ما جاء بكتاب وزارة الشئون البلدية من أن المادة 51 تنطبق فقط على الموظفين والسابقين الذين أعيدوا إلى خدمة الحكومة قد تناوله قسم الرأي مجتمعاً بكتابه رقم 86 - 1/ 43/ 231 بتاريخ يوليه سنة 1953 وانتهى في صدده إلى اعتبار هذه المدد بمثابة خدمة في الحكومة، وعلى هذا أجاز حسابها لهم في المعاش، ومن ثم فإنهم يعتبرون في حكم موظفي الحكومة الذين استولوا على مكافآتهم ثم أعيدوا للخدمة مرة ثانية، وخلصت الحكومة إلى أنه ابتداء مما تقدم ولأن مدة خدمته المحسوبة في المعاش بعد استبعاد المدة من 2 من يونيه سنة 1924 إلى 30 من إبريل سنة 1945 أصبحت تبدأ من أول مايو سنة 1945 إلى 4 من يونيه سنة 1945 أي أنها تقل عن خمس عشرة سنة فإن المدعي لا يستحق عنها معاشاً وإنما يستحق عنها مكافأة طبقاً لأحكام المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 وقد صرفت إليه تلك المكافأة ومقدارها 270.811 مجـ بتاريخ 10 من يونيه سنة 1956. وخلصت الحكومة إلى طلب الحكم برفض طلبات المدعي لأنها تقوم على غير سند من القانون. وبجلسة 23 من مارس سنة 1959 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية والقروية "بأحقية المدعي في تثبيته وتسوية معاشه على أساس ضم مدة خدمته من 2 من يونيه سنة 1924 حتى 30 من إبريل سنة 1945 إلى مدة خدمته المحسوبة في المعاش بشرط قيامه برد ما صرف له من مكافأة عن هذه المدة وسداد ما لم يسدد من احتياطي المعاش عنها، وألزمت الحكومة المصروفات ومبلغ مائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة".
وأقامت قضاءها على أن "قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1946 نص على أن تسترد من المخاطب بأحكامه المكافأة التي استولى عليها ويطالب بدفع فرق الاحتياطي عن مدة الخدمة بالمجالس والاحتياطي عن مدة الخدمة بالحكومة ولم يحدد ميعاد استرداد المكافأة، وكيفية استردادها أو دفع فرق الاحتياطي المقرر، ولكنه نص على مطالبة الموظف المستفيد بالدفع، ومن ثم فإن المخاطبين بأحكام قرار مجلس الوزراء المذكور لا يتقيدون في حساب مدة خدمتهم السابقة على أول مايو سنة 1945 في المعاش بالمواعيد المنصوص عليها في المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929. وعلى أن وزارة المالية لما لاحظت أن بعض الموظفين الذين لهم حق الانتفاع بقرارات مجلس الوزراء الصادر في 8 من يوليه سنة 1943 بتسوية حالة موظفي مدارس مجالس المديريات الذين نقلوا للحكومة في سبتمبر سنة 1936، وفي 5 من مارس سنة 1945 بتسوية حالة موظفي مدارس مجالس المديريات وبعض هيئات تعليمية أخرى الذين نقلوا للحكومة قبل أو بعد سبتمبر سنة 1936، وفي 12 من يونيه سنة 1946 بتطبيق قراري مجلس الوزراء المشار إليهما على من تركوا الخدمة أو توفوا قبل صدوره لما لاحظت أنهم يتأخرون في تقديم طلباتهم لهذا الغرض رغم مرور زمن طويل على صدورهما أصدرت المنشور رقم 3 لسنة 1949 في 31 من مايو سنة 1949 بإحاطة الوزارات والمصالح بأنها حددت ميعاد شهرين من تاريخ نشر هذا المنشور في الجريدة الرسمية لتقديم الطلبات كما أنها حددت ميعاد شهر من تاريخ إخطار الموظف بالموافقة على حساب مدد خدمته السابقة في المعاش لتحديد طريقة سداد المكافأة التي سبق أن استولى عليها عن هذه المدد، فإذا قبل السداد دفعة واحدة قبله على أن يقوم بالسداد في خلال ثلاثة أشهر من تاريخ نهاية هذا الشهر، أما إذا قبل السداد على أقساط بواقع ربع الماهية شهرياً فيبدأ بخصم الأقساط من الشهر الأول لنهاية ميعاد الشهر المنصوص عليه أعلاه، وأنه لن يلتفت إلى أي طلب يقدم بعد انقضاء هذه المواعيد". كما أقامت قضاءها على أنه "يستفاد من هذا المنشور أن وزارة المالية لم تكن تطبق المواعيد المنصوص عليها في المادة 51 السالف الإشارة إليها في الحالات التي يصدر فيها قرار مجلس الوزراء بالتثبيت لقرار 8 من يوليه سنة 1943 ولذلك فقد كانت تضطر لحساب مدد الخدمة السابقة في المعاش إلى تحديد ميعاد لاسترداد المكافأة وطريقة سدادها، ولم يثبت أنها أصدرت أية تعليمات في هذا الشأن بالنسبة لقرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1946. وعلى أن نص المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية في فقرتها الرابعة والخامسة لا تنطبق على حالة المدعي لأنه كما هو واضح منه يخاطب الموظفين الحكوميين السابقين الذين يعادون إلى خدمتها ثانية بعد أن يكون قد صرف لهم مكافأة عن مدة خدمتهم السابقة، فهؤلاء يسري في حقهم المواعيد التي حددها، أما أنه وقد كان المدعي معيناً على اعتماد التفتيش المالي والمستخدمين المدرج بميزانية إدارة البلديات قبل نقله إلى الباب الأول من الميزانية، فإنه كان يعامل معاملة موظفي المجالس البلدية والقروية بما في ذلك حقهم في الاشتراك في صندوق التوفير، إذ أن الاعتماد المذكور كان يحصل من المجالس البلدية والقروية وكان يدرج في الميزانية العامة لمراقبة الصرف بناء على قرار مجلس النواب الصادر في جلسته التاسعة والستين بتاريخ أول يونيه سنة 1957 ولذلك فإن موظفيه كانوا يعاملون كموظفي المجالس المذكورة، ومن ثم فإن المدعي لا يمكن اعتباره من المخاطبين بالمادة 51 السابقة الذكر فلا يتقيد بالنسبة لرد المكافأة بالمواعيد التي نصت عليه حتى تحسب مدة خدمته السابقة في المعاش، كما لا يسري عليه الحكم الذي نصت عليه في فقرتها الأخيرة من أنه إذا توفى الموظف أو المستخدم أو فصل من الخدمة قبل رد المبلغ المطلوب بتمامه بقيد تسوية المعاش أو المكافأة المستحقة له أو للمستحقين عنه لا تحتسب له مدة الخدمة التي لم يرد المكافأة المطلوبة عنها ما لم يدفعها هو أو المستحقون عنه في ميعاد ستة أشهر من تاريخ تقاعده أو وفاته" وعلى أنه "ما دام الثابت أن المدعي قد أظهر استعداده لسداد المكافأة التي قبضها وفرق الاحتياطي المقرر قانوناً فإن من حقه حساب مدة خدمته السابقة على أول مايو سنة 1945 أي في المدة من 2 من يونيه سنة 1924 حتى أخر إبريل سنة 1945 في المعاش وذلك طبقاً لأحكام قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1946، ولا يهدر هذا الحق عدم مراعاة المواعيد المنصوص عليها في المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 بالنسبة لسداد ما صرف له من مكافأة ومن ثم يتعين الحكم بذلك".
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المطعون ضده قد ثبت في وظيفته بناء على قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1946 وفي ظل أحكام قانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929، ومن ثم فإنه يعامل بمقتضى هذا القانون ويخضع لكافة الأحكام الواردة به ومن بينها حكم المادة 51 منه التي حددت ميعاد سداد المكافأة السابق استيلاؤه عليها وقدره 710.303 جنيه وكيفية السداد. وعلى أن قرار 16 من أكتوبر سنة 1946 لم ينشئ للمطعون ضده إلا حقه في التثبيت فقط، أما بالنسبة لميعاد وطريقة سداد المكافأة فإنه يخضع للمرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 وبالتالي للمادة 51 من هذا المرسوم بقانون وعلى أن "القول بأن المادة 51 لا تنطبق على حالة المدعي لأنها إنما تخاطب الموظفين الحكوميين السابقين الذين يعودون إلى خدمتها ثانية بعد أن يكون قد صرف لهم مكافأة عن مدة خدمتهم السابقة، مردود عليه بما جاء في فتوى قسم الرأي مجتمعاً التي اعتبرت في يوليه سنة 1953 هذه المدة السابقة بمثابة خدمة في الحكومة وعلى ذلك أجاز حسابها لهم في المعاش ومن ثم فإن أمثال المدعي يعتبرون في حكم موظفي الحكومة الذين استولوا على مكافآت ثم أعيدوا للخدمة مرة ثانية"، وانتهى الطعن إلى أن الحكم المطعون فيه قد جاء مخالفاً للقانون مما يتعين معه إلغاؤه.
ومن حيث إنه قد تبين لهذه المحكمة من واقع الأوراق المطعون ضده السيد عبد الفتاح جميعي دخل الخدمة كاتباً بسكرتيرية الجامعة المصرية القديمة اعتباراً من أول مايو سنة 1917 وفي أول يونيه سنة 1924 نقل إلى قسم البلديات بالداخلية وفي 2 من يونيه سنة 1924 بدأ اشتراكه في صندوق التوفير وقد كانت درجته في قسم البلديات هي الدرجة الرابعة مجالس على اعتماد أمانات مطبوعات المجلس، وعند صدور كادر سنة 1939 نال الدرجة السابعة اعتباراً من أول مايو سنة 1940 ثم نقل على اعتماد التفتيش المالي والمستخدمين اعتباراً من أول يونيه سنة 1942 وحصل على الدرجة السادسة المخفضة براتب شهري قدره 15 ج وطبقاً للقرارين الوزاريين رقمي 2132 في 14 من يوليه سنة 1946 و2261 في 6 من فبراير سنة 1947 نقل إلى الباب الأول من الميزانية اعتباراً من أول مايو سنة 1945 وأوقف خصم ال 6% لحساب صندوق التوفير من أول سبتمبر سنة 1945 وفي 16 من أكتوبر سنة 1946 صدر قرار مجلس الوزراء بإجازة نقل موظفي ومستخدمي إدارة البلديات من اعتمادي التفتيش المالي والمستخدمين وتنفيذ مشروعات المجالس إلى الباب الأول من الميزانية بحالتهم من حيث الدرجة والماهية والأقدمية مع اعتبار من كان مشتركاً في صندوق التوفير قبل 16 من يناير سنة 1935 مثبتاً في وظيفته، وطبقاً للقرار الوزاري رقم 3130 في 5 من يونيه سنة 1949 ثبت في وظيفته من تاريخ اشتراكه في صندوق التوفير وبلغ بقرار تثبيته في 9 من يونيه سنة 1949 وأنه قدم إقراراً برغبته في حساب مدة خدمته السابقة لتاريخ تثبيته في المعاش وأنه بدئ بخصم ال 7.5% احتياطي المعاش ابتداء من ماهيته عن شهر يونيه سنة 1949 (تاريخ تثبيته) وقد قدم في 20 من سبتمبر سنة 1954 - أي بعد انتهاء مدة خدمته في 5 من يونيه سنة 1954 بالإحالة إلى المعاش - قدم التماساً إلى مدير عام مصلحة البلديات يبدى فيه أنه ليس في استطاعته رد مبلغ مكافأة حساب صندوق التوفير التي سبق له صرفها ومقدارها 710.303 جنيه وطلب سدادها على أقساط شهرية بواقع ربع ما يستحقه من معاش، كما طلب تقسيط مبلغ ال 50.723 جنيه قيمة فرق الاحتياطي على مائة وعشرين قسطاً بواقع القسط 515 مليماً، أما عن الاحتياطي المعاش عن مدة خدمته المؤقتة ومقداره 74 جنيهاً وكسور فقد طلب سداد هذا المبلغ على أقساط شهرية مدى الحياة.
ومن حيث إن قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1946 قد أجاز تثبيت الموظفين المعينين على اعتمادي تنفيذ المشروعات والتفتيش المالي، والمستخدمين المنقولة وظائفهم إلى الباب الأول من الميزانية إذا كانوا قد اشتركوا في صندوق الادخار قبل قرار مجلس الوزراء المؤرخ 16 يناير سنة 1935 القاضي بوقف تثبيت موظفي الحكومة، كما احتفظ لهم بدرجاتهم وماهياتهم وأقدمياتهم، واعتبر من كان مشتركاً في صندوق الادخار مثبتاً عند نقله إلى خدمة الحكومة.
ومن حيث إنه استناداً إلى هذه القاعدة التنظيمية العامة، كان من حق المطعون عليه أن يعتبر مثبتاً من تاريخ اشتراكه في صندوق الادخار، بشرط أن يراعى الأوضاع والمواقيت التي أوجبتها المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية، بالنسبة إلى رد المكافأة التي سبق للمدعي تسلمها، ما دام معاملاً فرضاً بأحكام المرسوم بقانون المشار إليه.
ومن حيث إن المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 المتقدم الذكر قد نصت في فقرتها الرابعة والخامسة على أنه "إذا كان أحد الموظفين أو المستخدمين السابقين قد أخذ مكافأة عند تركه الخدمة، فيكون مخيراً عند عودته إليها بصفة نهائية بين عدم رد هذه المكافأة وفي هذه الحالة لا تحتسب له مدة خدمته الجديدة السابقة في تسوية ما يستحقه من المعاش أو المكافأة عن مدة خدمته الجديدة وبين رد المكافأة بأكملها في ميعاد لا يتجاوز ثلاثة أشهر أو على أقساط شهرية بشرط أن يقدم طلباً كتابياً بذلك في خلال شهر من تاريخ عودته - وبشرط أن لا يقل كل قسط في هذه الحالة عن ربع ماهيته وعندئذ تحسب عليه فوائد التأخير بواقع أربعة في المائة سنوياً. فإذا رد الموظف أو المستخدم المكافأة بأكملها تحسب له مدة خدمته السابقة في تسوية المعاش أو المكافأة طبقاً للقانون الذي اختار المعاملة بمقتضاه" ثم جرت الفقرة الأخيرة من المادة آنفة الذكر بما يأتي "أما إذا توفى الموظف أو المستخدم أو فصل من الخدمة قبل رد المبلغ المطلوب بتمامه فعند تسوية المعاش أو المكافأة المستحقة له أو للمستحقين عنه لا تحسب له مدة الخدمة التي لم يرد المكافأة المطلوبة عنها ما لم يدفعها هو أو المستحقون عنه في ميعاد ستة أشهر من تاريخ تقاعده أو وفاته".
ومن حيث إن تأخير البت من جانب إدارة المعاشات في الاستمارتين اللتين أعدتهما إدارة البلديات بمقدار فرق الاحتياطي وبمقدار الاحتياطي عن المدة السابقة مباشرة على التثبيت، ليس من شأنه أن يعفي المدعي من التزام رد المكافأة التي قبضها من حسابه في صندوق التوفير في 30 من يوليه سنة 1946 بمناسبة نقل وظيفته إلى الباب الأول من الميزانية أو طلب تقسيط سدادها في ميعادها، إذا أراد حقاً حساب تلك المدة التي قبض عنها تلك المكافأة، ذلك أن وزارة المالية لا تملك المجادلة في حسبان تلك المدة، بعد أن أجاز حسابها قرار مجلس الوزراء، كما أن رد المكافأة لم يكن في ذاته مثار منازعة بعد أن أوجبه كل من قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1946 والمادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929. ولا غناء في القول بأن الإدارة لم تحدد للمدعي المبالغ التي يلتزم بردها لأن هذه المكافأة لم يكن مختلفاً على قدرها، كما لم يكن متصوراً أن يجهل مقدارها من قبضها. وسقوط حق المدعي في حساب المدة المشار إليها إنما بني، وفقاً لنص الحكم الذي أوردته المادة 51 على عدم رد المكافأة في ميعاد السقوط المنصوص عليه فيها لا على عدم رد فروق الاحتياطي أو مقدار الاحتياطي بفرض التسليم جدلاً بقيام منازعة حول هذه الفروق.
ومن حيث إن هذه المحكمة لا ترى محلاً لمتابعة الحكم المطعون فيه في الالتفات عن النص الذي تضمنته المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929، لأن هذا النص محكم لا يحتمل التأويل وحكمه عام لا يقبل أي تخصيص، فالمدعي وهو خاضع للمرسوم بقانون المتقدم الذكر كان عليه إذا طلب أن تحسب له في المعاش مدة خدمته التي قضاها في مصلحة البلديات مشتركاً في صندوق الادخار قبل نقل وظيفته إلى الباب الأول من الميزانية أن يراعى الميعاد المنصوص عليه في المادة 51 المشار إليها لرد المكافأة أو تقسيطها وهو ميعاد سقوط يجرى من تاريخ إبلاغه بقرار التثبيت في 9 من يونيه سنة 1949، وهذا الميعاد هو ثلاثة أشهر بالنسبة لرد المكافأة التي قبضها وشهر واحد إذا اختار تقسيطها بشرط أن يطلب ذلك كتابة في الميعاد المذكور، وكلا الميعادين لم يراعه المدعي فحق عليه تحمل مغبة تقصيره ونتيجة تفريطه وهي إسقاط مدة اشتراكه في صندوق الادخار من المدة المحسوبة له في المعاش.
ومن حيث إن التحدي بتأخير البت في اعتماد الاستمارتين المشار إليهما والقول بأن التراخي في ذلك إلى ما بعد إحالة المدعي إلى المعاش، هو الذي فوت عليه تقسيط هذه المكافأة من المرتب كنص الفقرة الرابعة من المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929، هذا الاعتراض الطلب في ميعاد شهر من تاريخ إبلاغه بالتثبيت في 5 من يونيه سنة 1949، ولأن تأخير البت في اعتماد استمارتي فروق الاحتياطي لم يكن يبرر التراخي في تقدم طلب التقسيط في ميعاد الشهر من التاريخ المذكور، ولم يكن مانعاً من قبول تقسيط المكافأة من راتبه، لو أنه طلبه فعلاً في ميعاده القانوني. (ثانياً) أن تقسيط المكافأة في حدود ربع راتبه لو صح أن يكون للمدعي أصل حق فيه رغماً عن عدم تقديمه طلب التقسيط في ميعاده لا يستتبع أن يباح له التقسيط في معاشه حسبما طلب لأن الفقرة الأخيرة من المادة 51 قاطعة في أن الموظف إذا عاجله التقاعد أو فاجأه الموت قبل أن يوفى بالمكافأة برمتها فلا حق له ولا للمستحقين عنه في طلب التقسيط في وعاء المعاش بل على صاحب المعاش أو المستحقين من بعده توفيه باقي المكافأة في ميعاد ستة أشهر من تاريخ التقاعد أو الوفاة وهو أمر لم يراعه المدعي حتى لو سلم في الجدل بأنه كانت له مسحة من الحق في التقسيط من المرتب، حال دون استعماله التراخي في اعتماد الاستمارتين إلى ما بعد إحالته إلى التقاعد.
ومن حيث إنه لا مقنع في القول بأن قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1946 بإجازته تثبيت الموظفين المنقولين إلى الباب الأول بميزانية وزارة الشئون البلدية والقروية وحساب مدد خدمتهم السابقة إذا كانوا مشتركين في صندوق الادخار قبل 16 من يناير سنة 1935، لم ينص على ميعاد رد المكافآت التي قبضوها، لأن هذا القرار التنظيمي العام لم يقصد لبيان هذا الميعاد ولا حاجة به إلى ذلك بعد أن نص عليه المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية، وهو القانون الذي يحكم حالة المدعي وليس من شك في أن هذا التنظيم اللائحي الحاصل في ظل قانون المعاشات المشار إليه، لا بد أن يراعى قواعد المشروعية التي أرساها هذا المرسوم بقانون فيما يتعلق بشروط الانتفاع بحساب المدد السابقة في المعاش وأوضاعه إذا طلب الموظف عند تثبيته حساب تلك المدد بعد أن قبض مكافأته عنها بمناسبة انسلاخه من خدمة مصلحة البلديات وانتهاء اشتراكه في صندوق الادخار، إذ لا بد أن يرجع إلى القواعد العليا التي نظمت أوضاع هذا الانتفاع وشروطه ومواعيده وهي لا تلتمس في غير صلب المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية.
ومن حيث إن الروح المستفادة من المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 قاطعة في أن معاش التقاعد لا يصح أن يرد عليه الخصم الناشئ عن تقسيط المكافأة، بل لقد تشدد هذا المرسوم بقانون في هذا المعنى إلى حد اشتراطه الإيفاء ببقية المكافأة غير المدفوعة برمتها خلال ستة أشهر من تاريخ تقاعد الموظف الذي منح التقسيط أو وفاته وإلا سقط حقه في حساب المدة السابقة في المعاش وذلك كله على الرغم من سبق حصوله على قرار بتقسيط المكافأة في حدود ربع راتبه بعد طلبه ذلك في الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الرابعة من المادة 51 من المرسوم بقانون المشار إليه وليس أدل على ذلك من أن المشرع لم يرد أن يجعل معاش الموظف ضامناً لسداد المكافأة المستحقة عليه بسبب ضعف ضمان الحكومة بالنسبة إلى المعاش ورجحان احتمال عدم استحصالها على حقوقها. على أن استحقاق المعاش في ذاته متوقف على رد المكافأة برمتها وإذا امتنع على الموظف المحال إلى المعاش طلب استمرار سريان التقسيط في معاشه رغم وروده من قبل على راتبه، فإن وضع المدعي يكون بالأولى أشد تأبياً لهذا التقسيط المطلوب إجراؤه ابتداء على المعاش وخاصة وأن هذا المعاش لا يمكن تقريره بغير حساب المدد التي قبض عنها مكافأته، ولا يصح حساب هذه المدد بغير رد هذه المكافأة برمتها، فالمعاش لا يتولد للمدعي حق في تقريره إلا بعد رد المكافأة بتمامها طبقاً لروح المرسوم بقانون المشار إليه ودلالة الحال فيه، ومن ثم يمتنع منطقياً نشوء حقه في المعاش ثم الترخيص في جعل هذا المعاش وعاء لتقسيط المكافأة المستحقة عليه، إذ لا تصح النتيجة قبل أن تتحقق المقدمة وهي الرد الكامل للمكافأة الذي يتوقف عليه حساب المدة في المعاش وفي القول بغير ذلك ترتيب لحكم قانوني قبل تحقق عناصره واستيفاء أوضاعه وهو ما تأباه الأصول المنطقية الصحيحة.
ومن حيث إنه لا حجة في القول بأن مدد السقوط الواردة في الفقرتين الرابعة والخامسة من المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 قد وردت في معرض لا ينطبق على واقعة الدعوى بذريعة أنهما تحدثتا عن الموظفين والمستخدمين السابقين الذين يعادون إلى الخدمة. والمدعي بحكم خدمته المتصلة لا يعد معاداً إلى خدمة الحكومة، إذ لم يكن كذلك لم يصح أن تجرى عليه مواعيد السقوط الواردة في المادة 51 المشار إليها، لا حجة في كل ما تقدم إذ يكفي لتنفيذه أن يلاحظ أن رد المكافأة لا يتصور إلا بالنسبة إلى الموظفين الذين كانت لهم خدمة سابقة في الحكومة استولوا على مكافأتها ثم رغبوا عند إعادتهم إلى خدمتها في حساب هذه المدة السابقة في المعاش، ومن عجب أن يسلم المطعون عليه بمبدأ رد المكافأة - وليس إلا نتيجة محتمة لاعتباره معاداً إلى خدمة الحكومة - ولا يسلم بميعاد ردها المبين في المادة 51 آنفة الذكر، فكأنه يقر بصفته كموظف معاد في رد المكافأة، ولا يسلم بها في ميعاد هذا الرد وهذا منطق غير مستقيم، على أن الموظف الذي تنقل وظيفته إلى الباب الأول بميزانية وزارة الشئون البلدية والقروية، ويصفى حقوقه في الصندوق عند النقل، ثم يخول المطالبة بحساب تلك المدة التي اشترك خلالها في صندوق الادخار، هو أشبه ما يكون بالموظف المعاد إلى خدمة الحكومة، لأنه فارق وضعا طويت صفحته بتصفية حقوقه في صندوق الادخار وانخرط في مركز قانوني جديد يخضع لنظام التثبيت مع حسبان المدة السابقة في المعاش، فهو يعتبر في حكم الموظف المعاد إلى الخدمة، والذي أنشأ له هذا الحق واشترط لتولده أن يقوم بأداء فروق الاحتياطي عن الخدمة السابقة وبرد المكافأة التي استولى عليها، هو قرار مجلس الوزراء الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1946 بل لقد أشارت مذكرة اللجنة المالية المرفوعة إلى مجلس الوزراء لاستصدار قراره المذكور إلى أن "هؤلاء الموظفين - ومنهم المدعي" يلتمسون أن يكون نقلهم إلى الباب الأول بالحالة التي كانوا عليها قبل النقل من حيث الدرجة والماهية والأقدمية طبقاً لقرار مجلس الوزراء الصادر في 21 من يوليه سنة 1939 وأسوة بزملائهم الذين صدر بشأنهم قرارا مجلس الوزراء المؤرخان 8 يوليه سنة 1939 و7 سبتمبر سنة 1943.. واعتبار من كان مشتركاً في صندوق الادخار مثبتاً (داخلاً هيئة العمال) عند نقله إلى خدمة الحكومة" كما أشارت هذه المذكرة إلى ما طلبه نظراء المدعي من نقلهم إلى الباب الأول بالميزانية ومساواتهم بموظفي الصحة القروية المنقولين من مجالس المديريات إلى الحكومة وطبقاً لقرار مجلس الوزراء في 2 من سبتمبر سنة 1943 فقالت "ونتيجة هذا القرار يعتبر مثبتاً دون كشف طبي من كان مثبتاً بمجالس المديريات حتى نقله ومن كان مشتركاً في صندوق الادخار من الموظفين الذين تعادل درجاتهم الدرجة الثامنة الحكومية فما فوقها وتسترد منه المكافأة التي استولى عليها".
ومن حيث إنه لا حجة لما أورده الحكم المطعون فيه نفياً لقياس المدعي على الموظفين والمستخدمين السابقين من حيث تقيدهم بالميعاد المنصوص عليه في المادة 51 المشار إليها، من أن المدعي كان "يعامل معاملة موظفي المجالس البلدية والقروية بما في ذلك حقهم في الاشتراك في صندوق التوفير إذ أن اعتماد التفتيش المالي والمستخدمين المدرج بميزانية وزارة البلديات (الذي كان يصرف عليه المدعي) كان يحصل من المجالس البلدية، ومن ثم فإن المدعي لا يمكن اعتباره من المخاطبين بالمادة 51 السالفة الذكر" لا صحة لما خاض فيه الحكم المطعون فيه من تقريرات لا تتفق مع الواقع، ذلك أن مذكرة اللجنة المالية التي وافق عليها مجلس الوزراء بقراره الصادر في 16 من أكتوبر سنة 1946 تنفي نظرية الحكم المطعون فيه نفياً قاطعاً، إذ هي بعد أن أشارت إلى التعديل الذي طرأ على حالة المدعي وزملائه الذين كانوا معينين على اعتماد التفتيش المالي والمستخدمين أوردت صراحة: "ونظراً لأن الموظفين الشاغلين لهذه الوظائف، وإن كانوا يصرفون على البندين المذكورين، إلا أن حكمهم حكم الموظفين المعينين على اعتمادات الحكومة لأنهم يقومون مع سائر الموظفين المعينين على وظائف دائمة أو مؤقتة بأنواع واحدة من الأعمال دون أي فرق بينهم، لذلك وافق مجلس الوزراء في 21 من أكتوبر سنة 1939 و31 من يوليه سنة 1941 على معاملتهم معاملة الموظفين المؤقتين المعينين بخدمة الحكومة وجواز نقلهم إلى وظائف الباب الأول".
ومن حيث إنه يبين مما تقدم أن المدعي - وقد اعتبر من كل وجه موظفاً حكومياً سابقاً معاداً إلى خدمة الحكومة بعد سبق استيلائه على مكافأة عن خدمته السابقة، ثم فوت على نفسه ميعاد السقوط المنصوص عليه في المادة 51 من المرسوم بقانون رقم 37 لسنة 1929 الخاص بالمعاشات الملكية بل وأصر حتى الآن في مذكراته على عدم رد المكافأة المستحقة عليه برمتها على الرغم من أن الإدارة أفسحت له أسباب الإمهال والانتظار - قد أسقط حقه في حساب المدة السابقة من 2 من يونيه سنة 1924 حتى آخر إبريل سنة 1945 في المعاش، لأن ردها في ذاته عنصر جوهري لنشوء حقه في المعاش، ومن ثم لا يكون مستحقاً إلا المكافأة التي لم تمانع الإدارة في عرضها عليه، وتكون من ثم دعواه بتقرير معاش له مع خصم المكافأة منه، حقيقة بالرفض ويكون الحكم المطعون فيه إذ ذهب إلى غير هذا المذهب قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه وتأويله ويتعين من أجل ذلك إلغاؤه والقضاء برفض الدعوى مع إلزام المدعي بمصروفاتها.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.