مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1961 إلى آخر يناير سنة 1962) - صـ 207

(23)
جلسة 6 من يناير سنة 1962

برياسة السيد/ سيد إبراهيم الديواني نائب رئيس المجلس، وعضوية السادة الدكتور محمود سعد الدين الشريف ومصطفى كامل إسماعيل وعبد الفتاح نصار ومحمد مختار العزبي المستشارين.

القضية رقم 150 لسنة 6 القضائية

دعوى تأديبية - ميعاد رفعها - مخالفات مالية - جزاء إداري - نص الفقرة (2) من المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 على حق رئيس ديوان المحاسبة في الاعتراض عليه خلال 15 يوماً من تاريخ إخطاره به - انقضاء هذا الميعاد دون أن يطلب خلاله استكمال ما ينقصه من أوراق وبيانات لازمة لتقدير ملاءمته - اعتباره قرينة على اكتفائه بما وصل إليه منها، وقيام افتراض اكتفائه بالجزاء الموقع، الذي يصبح جزاء نهائياً، لا وجه معه لإقامة الدعوى التأديبية - عدم ارتفاع هذه القرينة إلا بعمل إيجابي يصدر من الديوان خلال الميعاد بطلب ما يلزم من استيفاءات - عدم حساب الميعاد في هذه الحالة إلا من تاريخ ورود كل ما طلبه من أوراق وبيانات - مثال.
أنه ولئن كان لا يتسنى لرئيس ديوان المحاسبة بحكم طبائع الأشياء تقدير ملاءمة الجزاء أو عدم ملاءمته إلا إذا كان كل ما يلزم لهذا التقدير من أوراق الموضوع معروضاً عليه - إلا أن فوات الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بعد إخطاره بالجزاء دون أن يطلب خلاله استكمال ما ينقصه من أوراق وبيانات يعتبر قرينة على اكتفائه بما وصل إليه من أوراق في فحص الجزاء، ذلك أن المشرع في الفقرة الثانية من المادة 13 سالفة الذكر لم يحدد مشتملات القرار الذي يخطر به الديوان. وتحديد ما يلزم عرضه على الديوان في هذا الشأن من أوراق وبيانات هو من المسائل الموضوعية التي يختلف ما يلزم عرضه في بعضها عما يلزم في البعض الآخر بحسب ظروف وملابسات كل مخالفة مالية، ومن ثم لا ترتفع هذه القرينة إلا بعمل إيجابي يصدر من الديوان خلال الميعاد المشار إليه بأن يطلب خلاله من الجهة الإدارية المختصة ما ينقصه بالتحديد من أوراق الموضوع وبياناته التي يراها لازمة لتقديره وعندئذ لا يكون ثمت جزاء معروض على الديوان، فلا يحسب الميعاد والحالة هذه إلا من تاريخ ورود كل ما طلبه الديوان من أوراق الموضوع وبياناته التي حددها في طلبه.
فإذا كان الثابت من الأوراق أن ديوان المحاسبة قد أخطر بالجزاء الذي رأت مصلحة صناديق التأمين والمعاشات توقيعه على بعض موظفيها بالكتاب رقم 8046 المؤرخ 15 من فبراير سنة 1959 والذي ورد إلى الديوان في 17 من فبراير سنة 1959 ولكنه لم يطلب استيفاء أوراق الموضوع من مصلحة صناديق التأمين والمعاشات إلا في 23 من إبريل سنة 1959 أي بعد فوات الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958، ومن ثم تكون قد قامت القرينة على اكتفائه بما وصل إليه من أوراق في فحص الجزاء، ويكون قد قام افتراض اكتفائه بالجزاء الموقع الذي أصبح بهذا الافتراض جزاء نهائياً مما لا يكون معه ثمت وجه لإقامة الدعوى التأديبية.


إجراءات الطعن

في 10 من ديسمبر سنة 1959 أودعت إدارة قضايا الحكومة سكرتيرية هذه المحكمة بالنيابة عن السيد رئيس ديوان المحاسبة بصفته عريضة طعن في الحكم الصادر بتاريخ 11 من أكتوبر سنة 1959 من المحكمة التأديبية لموظفي وزارات الخزانة والاقتصاد والتجارة والصناعة والزراعة والتموين في الدعوى التأديبية رقم 109 لسنة 1 القضائية المقامة ضد 1 - السيد/ زين العابدين محمد محمد أحمد 2 - السيد/ ميشيل أمين إبراهيم 3 - السيد/ عبد الخالق صدقي النحاس 4 - السيد/ محمد محمد الحسيني عبد الهادي والذي يقضي بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانوني. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بعريضة طعنه الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه والقضاء بقبول الدعوى التأديبية وإعادة الدعوى إلى المحكمة التأديبية المختصة للفصل في موضوعها مع إلزام المطعون ضدهم بالمصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وأعلنت صحيفة الطعن إلى المطعون ضدهم الأول والثاني والثالث في 27 من ديسمبر سنة 1959 وإلى المطعون ضده الرابع في 6 من يناير سنة 1960، وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 22 من يناير سنة 1961 وأبلغ طرفا الخصومة في 15 من يناير سنة 1961 بميعاد هذه الجلسة وتدوول الطعن في الجلسات حتى جلسة 26 من مارس سنة 1961 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة العليا لنظره بجلسة 6 من مايو سنة 1961، وتدوول الطعن بالجلسات حتى جلسة 25 من نوفمبر سنة 1961 وفيها أرجئ النطق بالحكم لجلسة اليوم وفيها صدر الحكم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع إيضاحات ذوي الشأن وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تنحصر - حسبما يبين من أوراق الطعن - في أن النيابة الإدارية أقامت الدعوى التأديبية رقم 109 لسنة 1 القضائية بإيداع أوراقها سكرتيرية المحكمة التأديبية لموظفي وزارات الخزانة والاقتصاد والتجارة والصناعة والزراعة والتموين في 25 من مايو سنة 1959 ضد المطعون ضدهم، لأنهم بوصفهم موظفين عموميين في المدة من أغسطس سنة 1957 حتى أكتوبر سنة 1957، الأول، وهو كاتب بقسم التقاعد بمصلحة صناديق التأمين والمعاشات قد أخطأ حين طلب بعض البيانات من المستشفيات الجامعية الخاصة بتاريخ ميلاد السيدة/ سيدة سيد شادي الحكيمة بالمستشفيات الجامعية المحالة إلى المعاش. كما طلب استيفاء شهادة إدارية لوجود خلاف في الاسم وطلب من إدارة المستشفيات تكليفها بتقديم طلب بصرف استحقاقها من المعاش دون أن يفحص ملفها المحال إليه فحصاً دقيقاً فيبين له أن هذه السيدة لا تخضع للقانون رقم 394 لسنة 1956 بل تعامل بقانون المعاشات رقم 37 لسنة 1929، والثاني وهو موظف بقسم التقاعد قام بالتحرير للسيدة المذكورة لمطالبتها بالمستندات المطلوبة لتسوية المعاش وتمت إجراءات الصرف طبقاً للمادة 40 من القانون رقم 394 لسنة 1956 مع أن السيدة المذكورة لا ينطبق عليها قانون المعاشات المذكور، والثالث وهو مدير إدارة صرف المعاشات بالمصلحة المذكورة قد أخطأ حين وافق على تقرير السلفة للسيدة المذكورة دون أن يلاحظ أن مصلحة صناديق التأمين والمعاشات غير مختصة بالموضوع والرابع وهو مدير إدارة تسوية المعاشات وافق على صرف السلفة دون مراجعة الملف فيتضح له عدم اختصاص المصلحة. وطلبت النيابة الإدارية محاكمتهم بالمواد 73، 82 مكرراً، 83 من القانون رقم 210 لسنة 1951 والمادة 31 من القانون 117 لسنة 1958.
وبجلسة 28 من يونيه سنة 1959 أمام المحكمة التأديبية دفع المطعون ضدهم بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد تأسيساً على أن إبلاغ مصلحة صناديق التأمين والمعاشات لرئيس ديوان المحاسبة بشأن توقيع الجزاء الإداري على المتهمين تم بالكتاب رقم 8046 في 15 من فبراير سنة 1959 ولم يعترض رئيس ديوان المحاسبة على هذا الجزاء ويطلب إحالتهم إلى المحاكمة التأديبية إلا في 18 من مايو سنة 1959 أي بعد فوات الميعاد المنصوص عليه في المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 التي حددت حق رئيس ديوان المحاسبة في الاعتراض بأن يطلب تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار. ورد ديوان المحاسبة على الدفع بأن أوراق الموضوع وردت إليه بتاريخ 6 من مايو سنة 1959. وبجلسة 11 من أكتوبر سنة 1959 قضت المحكمة التأديبية بعدم قبول الدعوى لرفعها بعد الميعاد القانوني. وأقامت قضاءها على أن ديوان المحاسبة قد اعترض على الجزاء الإداري في 18 من مايو سنة 1959 أي بعد انقضاء ما يزيد على خمسة عشر يوماً المنصوص عليها في المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958، وأنه لا يغير من هذا النظر أن ديوان المحاسبة طلب من الجهة الإدارية موافاته بملف الموضوع فورد إليه في 6 من مايو سنة 1959 إذ المعول عليه هو الإخطار الأول وما دامت قد فاتت مواعيد الطعن في الجزاء التأديبي المقررة قانوناً فقد احتمى هذا الجزاء نهائياً.
ومن حيث إن الطعن يقوم على أن المواعيد التي حددتها المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 لم يقصد بها سوى سرعة البت في المخالفات المالية التي تحيلها الجهات الإدارية إلى ديوان المحاسبة بعد التصرف فيها. وأنه على كل حال لا يبدأ احتساب ميعاد اعترض الديوان إلا من الإخطار الذي يتضمن إحاطته علماً بكافة عناصر الموضوع ومشتملاته وملف الموضوع الخاص بالجزاء لم يرسل إلى الديوان إلا في 6 من مايو سنة 1959 فتكون الدعوى قد أقيمت في الميعاد القانون.
ومن حيث إن ديوان المحاسبات أضاف في مذكرة تكميلية أنه باستقراء نص المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 في شأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية وما جاء عن هذه المادة في المذكرة الإيضاحية يتضح أن الإخطار يجب أن يكون لرئيس ديوان المحاسبة نفسه، ومن ثم وحتى يبدأ الميعاد المنصوص عليه في المادة سالفة الذكر يجب أن يتصل القرار بعلم رئيس ديوان المحاسبة إذ أن رئيس الديوان هو الجهة الوحيدة في الديوان التي أوجب المشرع إخطارها بالقرار الصادر في المخالفة المالية وهو أيضاً الجهة الوحيدة التي أعطاها المشرع حق إقامة الدعوى التأديبية على الموظف. وأن الثابت من الأوراق أن الإخطار بالقرار الصادر في المخالفة المالية الذي أرسل إلى ديوان المحاسبة في 15 من فبراير سنة 1959 لم يرسل إلى رئيس ديوان المحاسبة ولم يتصل بعلمه وإنما أرسل إلى المراقبة القضائية بالديوان وهي التي قامت باستيفاء الأوراق ثم قامت بعرضها بعد استيفاء كامل عناصر الموضوع على رئيس الديوان في 18 من مايو سنة 1959، وعلى ذلك فإنه من هذا التاريخ يبدأ سريان الميعاد.
ومن حيث إن المطعون ضدهم عقبوا على الطعن بأن ميعاد الخمسة عشر يوماً المنصوص عليه في المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 هو ميعاد سقوط ولا يجوز مده بأي حال ولو سمح بمد الميعاد المذكور في حالة طلب الأوراق فإن طلب الأوراق يجب أن يتم خلال الخمسة عشر يوماً المحددة لرئيس ديوان المحاسبة فإن تم الطلب خلال الخمسة عشر يوماً انقطع الميعاد ثم يبدأ سريانه بمجرد ورود الأوراق. أما أن يسكت ديوان المحاسبة 68 يوماً ثم يطلب الأوراق فهو أمر غير مقبول.
ومن حيث إن هذه المحكمة سبق أن قضت [(1)] بأن الفقرة الثانية من المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 تنص على أنه "لرئيس الديوان خلال خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطاره بالقرار أن يطلب تقديم الموظف إلى المحاكمة التأديبية" ومفاد هذه الفقرة أنه بانقضاء هذه الفقرة ومقدارها خمسة عشر يوماً من تاريخ إخطار رئيس ديوان المحاسبة بقرار توقيع الجزاء الإداري دون أن يكون رئيس ديوان المحاسبة قد طلب خلالها تقديم الموظف الذي وقع عليه الجزاء الإداري من الجهة الإدارية المختصة بتوقيعه عليه إلى المحاكمة التأديبية، يكسب هذا القرار الإداري التأديبي حصانة تلقائية بصيرورته نهائياً، إذ يعتبر انقضاء هذا الميعاد بمثابة إقرار من جانب ديوان المحاسبة بالاكتفاء بالجزاء التأديبي، ولا وجه بعد ذلك لإقامة الدعوى التأديبية.
ومن حيث إنه ولئن كان لا يتسنى للديوان بحكم طبائع الأشياء تقدير ملاءمة الجزاء أو عدم ملاءمته إلا إذا كان كل ما يلزم لهذا التقدير من أوراق الموضوع معروضاً عليه - إلا أن فوات الميعاد المذكور بعد إخطاره بالجزاء دون أن يطلب خلاله استكمال ما ينقصه من أوراق وبيانات يعتبر قرينة على اكتفائه بما وصل إليه من أوراق في فحص الجزاء ذلك أن المشرع في الفقرة الثانية من المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 لم يحدد مشتملات القرار الذي يخطر به الديوان. وتحديد ما يلزم عرضة على الديوان في هذا الشأن من أوراق وبيانات هو من المسائل الموضوعية التي يختلف ما يلزم عرضه في بعضها عما يلزم في البعض الآخر بحسب ظروف وملابسات كل مخالفة مالية، ومن ثم لا ترتفع هذه القرينة إلا بعمل إيجابي يصدر من الديوان خلال الميعاد المشار إليه بأن يطلب خلاله من الجهة الإدارية المختصة ما ينقصه بالتحديد من أوراق الموضوع وبياناته التي يراها لازمة لتقديره وعندئذ لا يكون ثمة جزاء معروض على الديوان فلا يحسب الميعاد والحالة هذه إلا من تاريخ ورود كل ما طلبه الديوان من أوراق الموضوع وبياناته التي حددها في طلبه.
ومن حيث إنه ثابت من الأوراق أن ديوان المحاسبة قد أخطر بالجزاء الذي رأت مصلحة صناديق التأمين والمعاشات توقيعه على كل من السادة زين العابدين محمد محمد أحمد ومشيل أمين إبراهيم وعبد الخالق صدقي النحاس ومحمد محمد الحسيني عبد الهادي بالكتاب رقم 8046 المؤرخ 15 من فبراير سنة 1959 والذي ورد إلى الديوان في 17 من فبراير سنة 1959 ولكنه لم يطلب استيفاء أوراق الموضوع من مصلحة صناديق التأمين والمعاشات إلا في 23 من إبريل سنة 1959 أي بعد فوات الميعاد المنصوص عليه في الفقرة الثانية من المادة 13 من القانون رقم 117 لسنة 1958 ومن ثم تكون قد قامت القرينة على اكتفائه بما وصل إليه من أوراق في فحص الجزاء، ويكون قد قام افتراض اكتفائه بالجزاء الموقع الذي أصبح بهذا الافتراض جزاء نهائياً، مما لا يكون معه ثمت وجه لإقامة الدعوى التأديبية، ويكون الحكم المطعون فيه قد صادف الصواب فيما انتهى إليه، ويتعين لذلك القضاء برفض الطعن.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وبرفضه موضوعاً وألزمت الحكومة بالمصروفات.


[(1)] راجع الحكم الصادر من هذه المحكمة في القضية رقم 1063 لسنة 5 ق بجلسة 7 - 1 - 1961 والمنشور بالعدد 2 من مجموعة السنة 6 ص 524 وما بعدها.