مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة السابعة - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1961 إلى آخر يناير سنة 1962) - صـ 220

(25)
جلسة 6 من يناير سنة 1962

برياسة السيد/ سيد إبراهيم الديواني نائب رئيس المجلس وعضوية السادة علي إبراهيم بغدادي والدكتور ضياء الدين صالح وعبد المنعم سالم مشهور ومحمد عبد العزيز البرادعي المستشارين.

القضية رقم 912 لسنة 7 القضائية

مجلس بلدي بور سعيد - عمال اليومية - القانون رقم 287 لسنة 1956 المعدل للقانون رقم 148 لسنة 1950 - تقريره عدم خضوعهم للقوانين واللوائح التي تسري على عمال الحكومة المركزية وفروعها - أثر ذلك - عدم إفادتهم في حكم قرار مجلس الوزراء الصادر في 29 من أكتوبر سنة 1952 بمنح العمال المؤقتين إعانة غلاء المعيشة - أساس ذلك - مثال.
في 7 من سبتمبر سنة 1950 صدر القانون رقم 148 بإنشاء المجلس البلدي لمدينة بور سعيد على غرار كل من القانون رقم 145 لسنة 1949 بإنشاء مجلس بلدي لمدينة القاهرة والقانون رقم 98 لسنة 1950 بإنشاء مجلس بلدي لمدينة الإسكندرية. ولقد أظهر التطبيق العملي للقانون رقم 148 لسنة 1950 خلال سنوات أن أحكامه جاءت قاصرة عن أن تمكن المجلس من تحقيق الغرض من إنشائه فبذلت بعض المحاولات لتعديل تلك الأحكام لمسايرة التطور وتبسيط الإجراءات، ولكن ما أدخل عليها من تعديل لم يؤد إلى النتيجة المرجوة لتمكين ذلك المجلس من القيام برسالته على الوجه الأكمل. من ذلك ما نصت عليه المادة (48) من أنه "مع مراعاة أحكام هذا القانون تسري على موظفي المجلس جميع القوانين واللوائح الخاصة بموظفي الحكومة ومستخدميها". وقد فسر هذا النص بأنه يشمل العمال باعتبارهم من مستخدمي المجلس وترتب على ذلك تطبيق كادر العمال الحكومي عليهم.. ولكن ميزانيات مجلس بلدي بور سعيد وغيره من المجالس البلدية المحدودة الموارد لا تمكنها من مواجهة الأعباء المالية التي تفرضها النظم التي تطبقها الحكومة على عمالها، لذلك رأى المشرع في القانون رقم 287 لسنة 1956 الصادر في 31/ 7/ 1956 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 148 لسنة 1950 بشأن المجلس البلدي لمدينة بور سعيد أن يدخل تعديلاً صريحاً على هذه المادة القديمة (48) ونص في التعديل على أن يصدر المجلس لائحة تنظم قواعد تعيين العمال وترقيتهم ونقلهم وتأديبهم وتركهم الخدمة وغير ذلك من شئونهم. وجرى تعديل المادة (48) على النحو الصريح الآتي: (مادة 48 معدلة): - "مع مراعاة أحكام هذا القانون تسري على موظفي المجلس ومستخدميه جميع القوانين واللوائح التي تطبقها الحكومة. أما العمال فيصدر المجلس لائحة تنظم قواعد تعيينهم وترقيتهم ونقلهم وتأديبهم وتركهم الخدمة وغير ذلك من شئونهم".
وصريح عبارة هذا النص المعدل هو أن عمال مجلس بلدي بور سعيد منذ صدور هذا القانون رقم 287 لسنة 1956 في 31/ 7/ 1956 ومنذ تاريخ العمل بأحكامه بعد ستين يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية - وقد تم هذا النشر في 5/ 8/ 1956 بالعدد 62 مكرراً من الوقائع المصرية - أصبحوا لا يخضعون للقوانين واللوائح التي تسري على عمال الحكومة المركزية وفروعها، وإنما يخضعون لأحكام اللائحة التي سوف يصدرها المجلس البلدي المذكور منظمة لكافة شئون عماله.
فإذا كان الثابت من الأوراق، أن المدعي قد عين بمجلس بلدي بور سعيد في 21/ 9/ 1955 بوظيفة (عامل مؤقت) على الآلة الكاتبة بأجر يومي قدره 200 مليم رفع إلى 260 مليماً اعتباراً من 12/ 4/ 1956 وظل يقبضه إلى أن استقال من خدمة المجلس في منتصف فبراير سنة 1960 فإن المدعي يكون، والحالة هذه، من طائفة العمال المؤقتين التابعين لمجلس بلدي بور سعيد، ومن ثم فإنه لا يفيد من القواعد التنظيمية التي تسري في حق العمال الحكوميين ومن بينها تلك القاعدة التنظيمية التي استحدثها قرار مجلس الوزراء الصادر في 29/ 10/ 1952 والتي تقضي بمنح أولئك العمال الذين يعينون بصفة مؤقتة إعانة غلاء المعيشة بعد مضي سنة من تاريخ تعيينهم.


إجراءات الطعن

في أول مارس سنة 1961 أودع السيد محامي الحكومة، سكرتيرية المحكمة تقرير طعن أمام هذه المحكمة قيد بجدولها تحت رقم 912 لسنة 7 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة الإدارية لوزارات الصحة والأوقاف والشئون البلدية والقروية بجلسة 31 من ديسمبر سنة 1960 في الدعوى رقم 709 لسنة 7 القضائية المقامة من محمد محمد الشربيني ضد مجلس بلدي بور سعيد والذي قضى: "بأحقية المدعي في إعانة غلاء المعيشة اعتباراً من اليوم التالي لمضي سنة على تعيينه لأول مرة بخدمة المدعى عليه، وصرف الفروق المالية المستحقة على التفصيل المبين بأسباب هذا الحكم، وألزمت المدعى عليه بالمصروفات ومائتي قرش مقابل أتعاب المحاماة". وطلب السيد محامي الحكومة للأسباب التي استند إليها في صحيفة طعنه "قبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض دعوى المطعون عليه مع إلزامه بالمصروفات ومقابل الأتعاب عن الدرجتين". وقد أعلن هذا الطعن إلى الخصم في 27 من مارس سنة 1961 وعين لنظره أمام دائرة فحص الطعون جلسة 16 من نوفمبر سنة 1961 وفيها قررت الدائرة إحالة الطعن إلى المحكمة الإدارية العليا للمرافعة بجلسة 23 من ديسمبر سنة 1961 وبعد أن سمعت المحكمة ما رأت سماعه من إيضاحات ذوي الشأن على الوجه المبين بمحضر الجلسة وقدم المطعون عليه مذكرة تكميلية انتهى فيها إلى طلب رفض الطعن، قررت المحكمة إرجاء النطق بالحكم إلى جلسة اليوم.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع الإيضاحات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة - حسبما يبين من أوراق الطعن - تتحصل في أن المطعون عليه أقام الدعوى رقم 709 لسنة 7 القضائية ضد مجلس بلدي بور سعيد أمام المحكمة الإدارية لوزارات الشئون البلدية والقروية بعريضة أودعها سكرتيرية تلك المحكمة في 2 من يونيه سنة 1960 قال فيها: أنه التحق بخدمة مجلس بلدي بور سعيد بوصفه كاتباً بأجر يومي قدره 200 مليم وقد مضت عليه أكثر من سنة في خدمة المجلس البلدي. ولكن المجلس لم يقم بصرف إعانة غلاء المعيشة التي تضمنها قرار مجلس الوزراء الصادر في 29/ 10/ 1952 بمنح الموظفين والمستخدمين والعمال المعينين بصفة غير منتظمة على اعتمادات مؤقتة بالميزانية إعانة غلاء المعيشة بعد مضي سنة من تاريخ تعيينه. وانتهى المدعي إلى طلب الحكم باستحقاقه لصرف إعانة غلاء المعيشة على أجره القانوني بعد مضي سنة من تاريخ تعيينه وما يترتب على ذلك من آثار وصرف الفروق المالية الناشئة عن ذلك وإلزام مجلس بلدي بور سعيد المصروفات ومقابل الأتعاب.
وقد رد مجلس بلدي بور سعيد على الدعوى بأن مدة خدمة المدعي لم تستمر في المدة الواحدة مدة تزيد على السنة بل كان يفصل منها قبل اكتمال مدتها، كما أن المدعي غير مقيد في سجل (24) تنظيم الذي يثبت فيه العمال المؤقتين الملحقين بالبلدية مما لا يمكن معه التثبت من ابتداء مدة خدمته وانتهائها. كما أبان المجلس البلدي أن المدعي يحصل على أجر يومي قدره (200 مليم) وقد روعي في تقديره أن يشمل الأجر الأصلي وإعانة غلاء المعيشة معاً وقد بلغ أجره في اليوم (260 مليماً) من إبريل سنة 1959.
وبجلسة 21 من ديسمبر سنة 1961 حكمت المحكمة الإدارية لوزارة الشئون البلدية "بأحقية المدعي في إعانة غلاء المعيشة اعتباراً من اليوم التالي لمضي سنة على تعيينه لأول مرة بخدمة مجلس بلدي بور سعيد وصرف الفروق المالية المستحقة على التفصيل المبين بأسباب الحكم، وألزمت مجلس بلدي بور سعيد المصروفات"، وأقامت قضاءها على أنه يحق للمدعي أن يطالب بتطبيق قرار مجلس الوزراء الصادر في 29/ 10/ 1952 على حالته، وأنه لا مقنع فيما أبدته بلدية بور سعيد من أنه يشترط لتطبيق القرار المذكور أن يكون الموظف قد استمر في خدمة الحكومة بصفة مستمرة لمدة سنة دون فاصل زمني. كما أنه لا عبرة بما جاء في دفاع المدعى عليه من أن أجر المدعي شامل لإعانة الغلاء. ذلك أن القواعد المعمول بها تقضي بوجوب النص في قرار التعيين على أن الراتب الذي تقرر للموظف قد روعي في تقديره أن يشمل الراتب الأصلي وإعانة الغلاء معاً.
وفي أول مارس سنة 1961 طعن محامي الحكومة نيابة عن محافظ بور سعيد بصفته الرئيس الأعلى لبلدية بور سعيد، في الحكم المذكور وطلب القضاء بإلغائه وبرفض الدعوى تأسيساً على أنه خالف حكم القانون رقم 148 لسنة 1950 بشأن مجلس بلدي مدينة بور سعيد، وأخطأ في تطبيق وتأويل ما أصابه من تعديل بمقتضى حكم القانون رقم 287 لسنة 1956.
ومن حيث إنه في 7 من سبتمبر سنة 1950 صدر القانون رقم 148 بإنشاء المجلس البلدي لمدينة بور سعيد على غرار كل من القانون رقم 145 لسنة 1949 بإنشاء مجلس بلدي لمدينة القاهرة، والقانون رقم 98 لسنة 1950 بإنشاء مجلس بلدي لمدينة الإسكندرية. ولقد أظهر التطبيق العملي للقانون رقم 148 لسنة 1950 خلال سنوات أن أحكامه جاءت قاصرة عن أن تمكن المجلس من تحقيق الغرض من إنشائه فبذلت بعض المحاولات لتعديل تلك الأحكام لمسايرة التطور وتبسيط الإجراءات، ولكن ما أدخل عليها من تعديل لم يؤد إلى النتيجة المرجوة لتمكين ذلك المجلس من القيام برسالته على الوجه الأكمل. من ذلك ما نصت عليه المادة (48) من أنه "مع مراعاة أحكام هذا القانون تسري على موظفي المجلس جميع القوانين واللوائح الخاصة بموظفي الحكومة ومستخدميها". وقد فسر هذا النص بأنه يشمل العمال باعتبارهم من مستخدمي المجلس وترتب على ذلك تطبيق كادر العمال الحكومي عليهم. ولكن ميزانيات مجلس بلدي بور سعيد وغيره من المجالس البلدية المحدودة الموارد لا تمكنها من مواجهة الأعباء المالية التي تفرضها النظم التي تطبقها الحكومة على عمالها، لذلك رأى المشرع في القانون رقم 287 لسنة 1956 الصادر في 31/ 7/ 1956 بتعديل بعض أحكام القانون رقم 148 لسنة 1950 بشأن المجلس البلدي لمدينة بور سعيد أن يدخل تعديلاً صريحاً على هذه المادة القديمة (48) ونص في التعديل على أن يصدر المجلس لائحة تنظم قواعد تعيين العمال وترقيتهم ونقلهم وتأديبهم وتركهم الخدمة وغير ذلك من شئونهم. وجرى تعديل المادة (48) على النحو الصريح الآتي: (مادة 48 معدلة: - مع مراعاة أحكام هذا القانون تسري على موظفي المجلس ومستخدميه جميع القوانين واللوائح التي تطبقها الحكومة. أما العمال فيصدر المجلس لائحة تنظم قواعد تعيينهم وترقيتهم ونقلهم وتأديبهم وتركهم الخدمة وغير ذلك من شئونهم) وصريح عبارة هذا النص المعدل هو أن عمال مجلس بلدي بور سعيد، ومنهم المدعي أصبحوا منذ صدور هذا القانون رقم 287 لسنة 1956 في 31/ 7/ 1956 ومنذ تاريخ العمل بأحكامه بعد ستين يوماً من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية - وقد تم هذا النشر في 5/ 8/ 1956 بالعدد 62 مكرراً من الوقائع المصرية - أصبحوا لا يخضعون للقوانين واللوائح التي تسري على عمال الحكومة المركزية وفروعها، وإنما يخضعون لأحكام اللائحة التي سوف يصدرها المجلس البلدي المذكور منظمة لكافة شئون عماله.
ومن حيث إن الثابت من الأوراق، أن المدعي قد عين بمجلس بلدي بور سعيد في 21/ 9/ 1955 بوظيفة (عامل مؤقت) على الآلة الكاتبة بأجر يومي قدره 200 مليم رفع إلى 260 مليماً اعتباراً من 12/ 4/ 1956 وظل يقبضه إلى أن استقال من خدمة المجلس في منتصف فبراير سنة 1960 فإن المدعي يكون، والحالة هذه، من طائفة العمال المؤقتين التابعين لمجلس بلدي بور سعيد، ومن ثم فإنه لا يفيد من القواعد التنظيمية التي تسري في حق العمال الحكوميين ومن بينها تلك القاعدة التنظيمية التي استحدثها قرار مجلس الوزراء الصادر في 29/ 10/ 1952 والتي تقضي بمنح أولئك العمال الذين يعينون بصفة مؤقتة إعانة غلاء المعيشة بعد مضي سنة من تاريخ تعيينهم.
ومن حيث إنه، ولئن كان القانون رقم 148 لسنة 1950، حتى قبل تعديله المشار إليه فيما سبق قد نص على سريان جميع القوانين واللوائح الخاصة بموظفي الحكومة ومستخدميها، على موظفي مجلس بلدي بور سعيد إلا أنه سبق لهذه المحكمة أن قضت بأن من المقرر كأصل عام أن سريان تلك القوانين واللوائح على عمال المجالس البلدية والقروية رهين بالمقدرة المالية التي للمجالس المذكورة بحسب مواردها وطاقة ميزانياتها وتقدير الملاءمة بواسطة المجلس في هذا الشأن ولذا احتفظت هذه المجالس بنظمها المالية التي تتأثر بإمكانياتها. ولما كانت المبالغ اللازمة لتحقيق هذه الأحكام غير مدرجة بميزانية مجلس بلدي بور سعيد فإنه لا يكون للمدعي من سبيل إلى إلزام المجلس المذكور بما يزعم أنه من حقه وإذ ذهب الحكم المطعون فيه غير هذا المذهب، فإنه يكون قد خالف القانون ويتعين إلغاؤه.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي موضوعه بإلغاء الحكم المطعون فيه وبرفض الدعوى وألزمت المدعي بالمصروفات.