أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 5 - صـ 37

جلسة 19 من ديسمبر سنة 1953
(8)
الطلب رقم 27 سنة 20 القضائية

برياسة السيد الأستاذ سليمان ثابت المستشار وبحضور السادة الأساتذة: إبراهيم خليل ومصطفى فاضل وإسماعيل مجدي وعبد العزيز سليمان ومصطفى حسن وحسن داود ومحمود إبراهيم إسماعيل ومحمود عياد وأنيس غالي ومصطفى كامل المستشارين.
نقض. طعن. ترقية. إلغاء أحد المراسم بالحركة القضائية مؤسس على مقارنة الطالب بزميل معين بذاته. إلغاء المراسيم اللاحقة باعتبارها أثراً من آثار المرسوم الملغى. شرطه. أن يكون الزميل الذي قورن به الطالب قد رقي بمقتضى المراسيم اللاحقة. عدم ترقية هذا الزميل بالمراسيم اللاحقة. يتعين على الطالب لقبول الطلبات اللاحقة إجراء طعن جديد عن كل من هذه المراسيم. المادة 447 مرافعات.
جرى قضاء هذه المحكمة على أنه إذا طعن على مرسوم وحكم بإلغائه استناداً إلى أنه بمقارنة أهلية الطالب بأهلية من كانوا يلونه في الأقدمية ورقوا بمقتضى هذا المرسوم ظهر أنها لا تقل عن أهلية زميل منهم بذاته فإذا رقي هذا الزميل بعد ذلك إلى وظائف قضائية أعلى بمقتضى مراسيم تالية فإن هذه المراسيم تعتبر أثراً من آثار المرسوم الملغى الذي يعتبر أساساً لها قياساً على المادة 447 مرافعات أما إذا لم يرق الزميل المذكور في المراسيم التالية فإنه لا يصح القياس على ما جاء بالمادة المذكورة ويتعين لقبول الطلبات التالية إجراء طعن جديد عن كل من هذه المراسيم.


المحكمة

من حيث إن الطلب استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع كما يبين من الأوراق، تتحصل في أن الطالب نقل في 26 من سبتمبر سنة 1949 من القضاء المختلط إلى القضاء الوطني وعين في وظيفة وكيل محكمة من الفئة (ب) ثم صدر مرسوم في 3 من سبتمبر سنة 1950 بحركة قضائية لم يشمل الطالب بالترقية إلى وكيل محكمة من الفئة "أ" واختص بها غيره من زملائه الذين يلونه في ترتيب الأقدمية، فطعن في هذا المرسوم وطلب إلغاءه وإلغاء القرار الوزاري المكمل له فيما تضمناه من تخطي الطالب في الترقية إلى وظيفة وكيل محكمة من الفئة "أ" أو رئيس نيابة من الدرجة الأولى وإلغاء جميع ما ترتب عليهما من آثار، والحكم بأحقية الطالب إلى الترقية إلى إحدى هاتين الوظيفتين عن أن تكون أقدميته بعد الأستاذ...... وبعد ذلك صدر مرسوم في 20 من يونيه سنة 1951 رقي بموجبه زملاء الطالب الذين تخطوه بالمرسوم السابق إلى وظيفة رئيس محكمة من الفئة (ب) أو ما يعادلها، ثم صدر مرسوم آخر في 8 من أكتوبر سنة 1951 رقي فيه زملاء آخرون ممن كانوا تخطوا الطالب بمرسوم سبتمبر سنة 1950 إلى وظيفة رئيس محكمة (ب) أو ما يعادلها ورقي بموجبه الطالب إلى وظيفة وكيل محكمة من الفئة ( أ ) وصدر مرسوم في يناير سنة 1952 رقي بموجبه الطالب إلى وظيفة رئيس محكمة من الفئة ب بينما رقي الأستاذ...... إلى وظيفة رئيس محكمة من الفئة ( أ ) وهو ممن كانوا قد تخطوا الطالب في الترقية بمرسوم سبتمبر سنة 1950 ومن أجل ذلك عدّل الطالب طلباته بجلسة 31 من مايو سنة 1952 وطلب بالإضافة إلى طلبه الأصلي إلغاء المراسيم التالية الصادرة في 20 من يونيه سنة 1951، 8 من أكتوبر سنة 1951 ويناير سنة 1952 ويوليه سنة 1953 فيما تضمنته من تخطي بعض زملاء الطالب له نتيجة للأوضاع التي استقرت بعد صدور مرسوم سبتمبر سنة 1950 المطعون فيه أصلاً - واعتبار الطالب وكيل محكمة من الفئة ( أ ) من تاريخ المرسوم الصادر في سبتمبر سنة 1950 واعتباره رئيساً للمحكمة من الفئة ( أ ) من تاريخ المرسوم الصادر في يناير سنة 1952 وجعل أقدميته بين رؤساء المحاكم من الفئة ( أ ) سابقة للأستاذ...... وأخيراً صدر مرسوم بحركة قضائية في أول يناير سنة 1953 رقي بموجبه الطالب إلى وظيفة رئيس محكمة من الفئة ( أ ) ورقي بموجبه زملاؤه الذين تخطوه بموجب مرسوم سبتمبر سنة 1950 إلى وظيفة مستشار، ولذلك عدل الطالب طلباته بجلسة 28 من فبراير سنة 1953 وطلب بالإضافة إلى طلباته المتقدمة إلغاء المرسوم الأخير فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية إلى وظيفة مستشار وجعل أقدميته في تلك الوظيفة سابقة مباشرة للأستاذ..... ثم عدّل طلباته بجلسة 21 من نوفمبر سنة 1953 طالباً إلغاء المرسوم الصادر في نوفمبر سنة 1953 لتخطيه في الترقية إلى درجة مستشار.
ومن حيث إن وزارة العدل ردّت على أسباب الطعن بأنها مردودة بأن الترقية إلى الدرجات القضائية العليا تكون بالاختيار على أساس الأهلية وعند التساوي فيها تراعى الأقدمية وتعّرف الأهلية ودرجاتها مرده إلى تقدير الوزارة، والتقدير من حقها وحدها، وإذ خلصت الوزارة من إعمال هذا الحق إلى تخطي الطالب وتقديم غيره فما أخطأت تطبيق القانون.
ومن حيث إن مما ينعاه الطالب على مرسوم سبتمبر سنة 1950 أنه مشوب بسوء استعمال السلطة إذ تخطى الطالب في الترقية إلى وظيفة وكيل محكمة من الفئة ( أ ) واختص بها غيره من زملائه الذين يلونه في كشف الأقدمية مع أنهم لا يمتازون عنه في الأهلية. أما مبنى طعنه على المراسيم التالية فهو أن من شأن قبول الطعن الموجه للمرسوم الصادر في 3 من سبتمبر سنة 1950 أن يكون الطالب وكيلاً للمحكمة من الفئة ( أ ) من 3 سبتمبر سنة 1950 وسابقاً في الأقدمية للأستاذ..... وذلك يقتضي أن يرقى الطالب مثله ولا محل لإجراء أية مقارنة بينهما لأن ترقية الأستاذ..... إنما كانت نتيجة للوضع الخاطئ الذي نشأ عن مرسوم سبتمبر سنة 1950 فضلاً عن أنها لا محل لها لأن تخطي الطالب الذي حصل بموجب المرسوم الأول كان من نتيجته إبعاده من مجال الترشيح للوظائف الأعلى في الحركات التي تمت بالمراسيم التالية، ولأن الأصل هو أنه متى ثبتت أهلية الطالب للترقية إلى درجة قضائية معلومة رقي إليها من كان يليه في الأقدمية فإن أهليته تعتبر باقية على وضعها بالنسبة إلى أهلية زميله الذي كان يليه في الأقدمية ما لم تقدم الوزارة الدليل على وجود مسوغ طارئ يحول دون ترقية الطالب إلى الدرجات القضائية الأعلى أسوة بزميله المذكور ولم تقدم الوزارة هذا الدليل.
ومن حيث إنه وإن كان لوزارة العدل كامل الحق في وضع درجات الأهلية وتقدير أهلية رجال القضاء حسب ما يتجمع لديها من معلومات تستمدها من واقع أعماله وما تدل عليه تقارير التفتيش عنه وسائر الأوراق المودعة ملفه الخاص، وتقديرها في هذا الشأن هو مما تستقل به متى كان يستند إلى ما هو ثابت في الملف المشار إليه، إلا أن المادة 23 من قانون استقلال القضاء إذ نصت في الفقرة الأخيرة منها على أنه يجرى الاختيار في الوظائف الأخرى، أي وظائف وكلاء المحاكم وما يعادلها وما فوقها، على أساس الأهلية. وعند التساوي تراعى الأقدمية قد شرعت أحكاماً في هذا الخصوص تجب مراعاتها وفي الانحراف عنها مخالفة للقانون، ومن ثم فإن الأمر في تطبيق هذه الأحكام ليس من إطلاقات الوزارة تباشره بلا معقب عليها وإلا كان التظلم من الإخلال بها عبثاً لا جدوى منه.
ومن حيث إنه يبين من الملف السري الخاص بالطالب وما احتواه من أوراق - وتقارير عن درجة أهليته ومقارنة ذلك بالبيانات الرسمية المستخرجة بناء على أمر المحكمة من واقع السجل السري لرجال القضاء الذين تناولتهم الترقية بموجب المرسوم المطعون فيه ممن كانوا يلون الطالب في الأقدمية يبين من هذه المقارنة أن أهلية الطالب لا تقل من أهلية الأستاذ...... الذي كان يلي الطالب في الأقدمية ورقي إلى وظيفة رئيس نيابة من الدرجة الأولى بمقتضى المرسوم المطعون فيه الصادر في 3 من سبتمبر سنة 1950 ولم يقم دليل على وجود مسوغ لهذا التخطي، ولما كان المرسوم الصادر في 3 من سبتمبر 1950 إذ تخطى الطالب في الترقية إلى وظيفة رئيس نيابة من الدرجة الأولى أو ما يماثلها وخص بها واحداً من زملاء الطالب يليه في الأقدمية وهو السابقة الإشارة إليه قد خالف القانون فيتعين إلغاؤه فيما تضمنه من ذلك.
ومن حيث إنه وقد ثبتت أهلية الطالب للترقية إلى وظيفة رئيس نيابة من الدرجة الأولى أو ما يماثلها وقد رقي إليها من يليه في الأقدمية فإن أهليته تعتبر باقية على وضعها بالنسبة إلى أهلية زميله السابقة الإشارة إليه الذي كان يليه في الأقدمية وسبقت ترقيته ما لم تقدم الوزارة الدليل على وجود مسوغ طارئ يحول دون ترقيته إلى الدرجات الأعلى أسوة بزميله ولم تقدم الوزارة دليلاً على وجود هذا المسوغ، وقد كان من أثر تخطي الطالب في المرسوم الصادر في 3 من سبتمبر سنة 1950 الذي تقرر إلغاؤه إبعاد الطالب من مجال الترشيح للوظيفة الأعلى في المرسوم اللاحق الصادر في 20 من يونيه سنة 1951 والقرارات المكملة له وترتب على ذلك أن رقي الأستاذ....... بموجب هذا المرسوم الأخير إلى وظيفة رئيس نيابة من الدرجة الأولى الممتازة دون الطالب، ومن ثم فانه يتعين إلغاء المرسوم المذكور فيما تضمنه من تخطيه الطالب، في الترقية إلى وظيفة رئيس محكمة من الفئة (ب) أو ما يماثلها.
ومن حيث إنه بالنسبة إلى ما طلبه الطاعن من إلغاء المراسيم الصادرة في 8 من أكتوبر سنة 1951 والقرارات المكملة له بترقية بعض ممن كانوا يلون الطالب في الأقدمية ورقوا بمقتضى هذا المرسوم إلى درجة رئيس محكمة (ب) أو ما يعادلها فإنه ما دام قد ألغي المرسوم الصادر في يونيه سنة 1951 على اعتبار أنه قد وقع باطلاً لتخطي الطالب في الترقية إلى وظيفة رئيس محكمة من الفئة (ب) أو ما يعادلها فإنه بذلك يكون قد تحدد مركز الطالب وأقدميته في درجة رئيس محكمة (ب) أو ما يعادلها قبل من رقوا بمقتضى المرسوم الصادر في 18 أكتوبر سنة 1951 ومن ثم لا تكون له مصلحة في الطعن عليه وطلب إلغاءه.
ومن حيث إنه بالنسبة لطعنه على المراسيم الصادرة في يناير سنة 1952 ويناير سنة 1953 ويوليه سنة 1953 فيما تضمنه من تخطي الطالب في الترقية باعتبار ذلك أثراً من آثار إلغاء المرسوم الصادر في سبتمبر سنة 1950 فإن هذا الطلب على غير أساس، ذلك أنه يبين من مطالعة هذه المراسيم أنها لم تشمل بالترقية الأستاذ...... وإذن فقد انقطعت الصلة بين هذه المراسيم والمرسومين السابقين عليها. ومن ثم فلا يصح اعتبارها أثراً من آثار المرسومين الملغيين، إذ جرى قضاء هذه المحكمة على أنه إذا طعن على مرسوم وحكم بإلغائه استناداً إلى أنه بمقارنة أهلية الطاعن بأهلية من كانوا يلونه في الأقدمية ورقوا بمقتضى المرسوم المطعون فيه ظهر أنها لا تقل عن أهلية زميل له منهم بذاته، فإذا رقي هذا الزميل بعد ذلك إلى وظائف قضائية أعلى بمقتضى مراسيم تالية فإنها تعتبر أثراً من آثار المرسوم الملغي الذي يعتبر أساساً لها قياساً على المادة 447 مرافعات، أما إذا لم يرق الزميل المذكور في المراسيم التالية فإنه لا يصح القياس على ما جاء بالمادة المذكورة ويتعين لقبول الطلب إجراء طعن جديد عن كل من هذه المراسيم التالية، ولما لم يقم الطاعن بذلك فإنه يتعين الحكم بعدم قبولها شكلاً، أما عن طلب الطاعن تحديد أقدمية خاصة له فإنه يخرج عن ولاية هذه المحكمة.