أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 5 - صـ 49

جلسة 15 من أكتوبر سنة 1953
(2)
القضية رقم 73 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز محمد وكيل المحكمة ومصطفى فاضل وأحمد العروسي ومحمود عياد المستشارين.
إبطال التصرفات. دعوى بوليصية. حكم. تسبيبه. إقامة قضائه ببطلان التصرف الصادر من المفلس على أسباب تناولت شروط الدعوى البوليصية من حيث التواطؤ والإعسار والضرر وهي الأركان اللازمة لتطبيق المادة 238 من قانون التجارة المختلط. لا خطأ ولا قصور.
متى كان الحكم المطعون فيه إذ قضى ببطلان البيع الصادر من المفلس إلى الطاعن أقام قضاءه على أن مديونية المفلس نشأت قبل التصرف في العقار موضوع النزاع، وأن المفلس اصطنع دفاتر خصيصاً للتفليسة، وأن محكمة الجنح أدانت الطاعن بالاشتراك مع المفلس في الإفلاس بالتدليس بزيادة ديونه وتحرير سندات صورية وأن المفلس أصبح معسراً بتصرفه ببيع العقار للطاعن، وأن مجموعة الدائنين لحقها الضرر من جراء هذا التصرف وأن ذمة المفلس كانت مشغولة بديون مستحقة عليه قبل التصرف ولم يسددها، وأن المشتري كان على علم بإعسار البائع ولم يسجل العقد إلا بعد مضى ثمانية عشر شهراً من تاريخ توقيعه أي بعد ما أوهم المفلس دائنيه بتواطئه مع الطاعن بأنه يملك عقاراً لم يتصرف فيه فتعاقدوا معه مقتنعين بملكيته، فإن هذا الحكم يكون قد تناول أركان الدعوى البوليصية من حيث التواطؤ والإعسار والضرر وطبق المادة 238 من قانون التجارة المختلط تطبيقاً صحيحاً لا قصور فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعن والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع كما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن تتحصل في أنه في 31 من مارس سنة 1927 حكمت محكمة المنصورة المختلطة في القضية 2610 سنة 52 ق المنصورة بإشهار إفلاس محمد يوسف عثمان وإقامة نيوفيل كاسترو وكيلاً للدائنين وحددت يوم 24 من يناير سنة 1927 تاريخاً لتوقفه عن دفع ديونه. وعندما فحص وكيل الدائنين دفاتر المفلس وجد أنها مصطنعة خصيصاً للتفليسة، وأنه لم يقيد فيها ثمن عقار كان يملكه وباعه إلى سيد أحمد البواب "الطاعن" بعقد محرر في 10 من يونيه سنة 1925 ومسجل في 31 من ديسمبر سنة 1926 وأنه أثبت فيها ديوناً صورية إضراراً بدائنيه الحقيقيين، واعتبرته النيابة العامة مفلساً بالتدليس واتهمته بالاشتراك مع الطاعن بأن غير دفاتره وجعل نفسه مديناً للطاعن بمبالغ وهمية، وأنه أخفى جزءاً من ماله إضراراً بدائنيه وهو بيع عقاره إلى شريكه سيد أحمد عثمان وأقامت عليهما الدعوى العمومية رقم 119 مسلسل 106 سايره سنة 51 المنصورة. وفي 9 من مايو سنة 1931 حكمت محكمة جنح المنصورة المختلطة ببراءة المتهمين من التهمة الخاصة ببيع العقار وبمعاقبة كل منهما بالحبس عن تهمة الإقرار بمبالغ وهمية، فأقام وكيل الدائنين جورج مباردي - المطعون عليه - بصفته الدعوى رقم 2447 سنة 54 ق وطلب إلغاء بيع العقار استناداً إلى المادة 238 من قانون التجارة المختلط. وفي 18 من مارس سنة 1947 حكمت المحكمة بإلغاء عقد البيع الصادر من المفلس محمد يوسف عثمان لصالح الطاعن. فاستأنف الطاعن هذا الحكم وقيد استئنافه برقم 437 سنة 5 ق استئناف الإسكندرية. وفي 13 من يونيه سنة 1950 حكمت محكمة استئناف الإسكندرية برفض الدفوع المقدمة من الطاعن وبقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً وتأييد الحكم المستأنف. فقرر الطاعن بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سببين: يتحصل أولهما في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وشابه التناقض إذ قضى بتأييد الحكم المستأنف وبطلان العقد استناداً إلى أسباب الحكم المذكور مع أن هذه الأسباب أحالت على أسباب الحكم الصادر من محكمة جنح المنصورة الصادر في 9 من مايو سنة 1931 وتلك الأسباب الأخيرة قد تضمنت صحة العقد، وإذ أغفل التحدث عن ركني التواطؤ والضرر اللازم توافرهما لتطبيق المادة 238 من قانون التجارة المختلط المقابلة للمادة 230 من قانون التجارة الأهلي مع أن القضاء وفقاً لهذه المادة كان يستلزم بحث الأدلة التي تؤدي إلى توافر الركنين المذكورين، وإذ أسس قضاءه بإبطال العقد على المادة 238 من قانون التجارة المختلط ومع ذلك أخذ بأسباب الحكم المستأنف وهو يقضي ببطلان العقد لصوريته. وإذ قضى برفض الدفع بسقوط الدعوى لمضى 15 سنة بين تاريخ شطب الدعوى وتاريخ تجديدها بمقولة إن هذه المدة لم تنقض مع أن هذه المدة يجب احتسابها بالتقويم الهجري وهي لو احتسبت على هذا الأساس لتبين أن مدة التقادم قد اكتملت، وبمقولة إن عدم إقفال أعمال التفليسة يقطع التقادم مع أن التقادم لا ينقطع إلا باتخاذ إجراء قانوني قاطع له.
ومن حيث إن هذا السبب بجميع وجوهه مردود أولاً بأنه يبين من الحكم المستأنف أنه وهو بصدد التحدث عن توافر ركن التواطؤ أشار إلى الحكم الصادر من محكمة جنح المنصورة قائلا: "وحيث إن هذا الأخير (الطاعن) لا ينازع إطلاقاً في أنه قدم أمام محكمة جنح المنصورة بتهمة الاشتراك مع المفلس وساعد هذا الأخير بزيادة ديونه وحرر على المدين المذكور سندات صورية وأنه حكم عليه مع شريكه بستة أشهر سجناً". وليس في هذه الإشارة ما يدل على أنه استند في قضائه إلى باقي أسباب الحكم الصادر من محكمة جنح المنصورة. على أنه يبين من الاطلاع على تلك الأسباب فيما يخص التهمة التي كانت موجهة إلى المفلس بأنه أخفى إضراراً بحقوق دائنيه جزءاً من ماله الموجود عبارة عن 500 جنيه ثمن منزل يملكه وبيع منه إلى سيد أحمد البواب بموجب عقد عرفي ثابت التاريخ يبين من الاطلاع على تلك الأسباب وهي: وهذا البيع حصل بعقد عرفي تاريخه 9 يونيه سنة 1925 مصدق عليه في 10 يونيه سنة 1925 لم يسجل سوى في 31 ديسمبر سنة 1926 وأنه لم يثبت أن بيع المنزل كان صورياً وقد ثبت أن سيد أحمد البواب قد سلم باقي الثمن وقدره 300 جنيه بعضه إلى البائع عثمان وبعضه إلى بعض من الدائنين وأنه إذن لم يثبت أن المفلس عثمان قد بدد الثمن الناتج من بيع هذا المنزل إضراراً بدائنيه" يبين منها أنه ليس في هذا الذي جاء بالحكم الجنائي ما يناقض القضاء ببطلان العقد تأسيساً على المادة 238 من قانون التجارة المختلط. وقد أشار إلى ذلك الحكم المطعون فيه إذ قرر "وحيث إن قول المستأنف (الطاعن) بأن محكمة الجنح المختلطة قضت بحكمها الذي قضى بإدانته أنه لم يثبت لها أن بيع العقار صوري وأن هذا الحكم الجنائي الذي أصبح نهائياً يقيد هذه المحكمة ولا يسمح لها بالفصل من جديد في موضوع فصل فيه نهائياًًً هو قول يتناقض مع حقيقة الأمر ولا تأثير للحكم المذكور على هذه الدعوى، إذ أن محكمة الجنح المختلطة لم تفصل في موضوع بطلان بيع العقار طبقاً للمادة 238 تجاري مختلط، بل إنه لم يثبت لها أن البيع صوري طبقاً للمادة 202 تجاري مختلط، وبما أن دعوى الصورية غير دعوى البطلان فالحكم الذي صدر في الأولى لا يقيد هذه المحكمة ولا الدائنين بالنسبة للدعوى الثانية التي لم ترفع من قبل. ومما لا جدال فيه أن للدائنين الحق في أن يلجأوا إلى الدعوى الأخيرة متى توافرت لديهم عناصرها حتى بعد الفصل نهائياً في دعوى الصورية". ومن ذلك كله يبين أن هذا الوجه على غير أساس. ومردود ثانياً: بأنه يبين من الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه أنه استعرض أركان المادة 238 من قانون التجارة المختلط فأثبت أن مديونية المفلس نشأت قبل التصرف في العقار وأن وكيل الدائنين أثبت أن المفلس اصطنع دفاتر خصيصاً للتفليسة وأن محكمة الجنح أدانت الطاعن بالاشتراك مع المفلس في الإفلاس بالتدليس بزيادة ديونه وتحرير سندات صورية، وأن المفلس أصبح معسراً بتصرفه ببيع العقار للطاعن، وأن مجموعة الدائنين لحقها الضرر من جراء هذا التصرف، وزاد الحكم المطعون فيه على ذلك أنه تبين أن في ذمة البائع ديوناً مستحقة عليه قبل التصرف ولم يسددها وأن المشتري كان على علم بإعسار البائع، وأن العقد لم يسجل إلا بعد ثمانية عشر شهراً من تاريخ توقيعه أي بعد ما أوهم المفلس دائنيه باتفاقه مع الطاعن بأنه يملك عقاراً لم يتصرف فيه فتعاقدوا معه مقتنعين بملكيته، وأن الثمن المزعوم لم يدفع بأكمله. ومن ذلك يبين أن الحكم تناول أركان الدعوى البوليصية من حيث التواطؤ والإعسار والضرر وهي اللازمة لتطبيق المادة 238 من قانون التجارة المختلط ومن ثم يكون هذا الوجه من الطعن غير سديد. ومردود ثالثاً: بأنه غير صحيح أن الحكم المستأنف قضى ببطلان العقد للصورية، إذ يبين من أسبابه أنه قضى بالبطلان تأسيساً على المادة 238 من القانون التجاري المختلط. ومردود رابعاً بأنه غير صحيح أن الحكم المطعون فيه رفض الدفع بالسقوط تأسيساً على أن مدته لم تكتمل وفقاً للتقويم الميلادي، وما ذكره الحكم في هذا الشأن هو: "وحيث إن الدفع بسقوط حق وكيل الدائنين بمضي المدة الطويلة لا صحة له، لأن عدم قفل أعمال التفليسة لسبب عدم كفاية مال المفلس يقطع التقادم وعلى أي حال مدة التقادم لم تكتمل وهي خمسة عشر عاماً لم تتوافر بين تاريخي شطب الدعوى وتجديدها". وهذا الذي ذكره الحكم ليس فيه ما يدل على أنه اعتمد في حساب مدة السقوط على التقويم الميلادي دون الهجري على أنه يبين من تقرير الطعن أن تاريخ الشطب وهو يوم 22 أكتوبر سنة 1930 يوافق آخر يوم في شهر جمادى الأولى سنة 1349 وأن يوم التجديد وهو يوم 12 إبريل سنة 1945 يوافق يوم 29 ربيع الثاني سنة 1364، ولم يمض بين آخر جمادى الأولى سنة 1349 و29 ربيع الثاني سنة 1364 خمس عشرة سنة هلالية، وما دام أن المدة لم تكتمل فإن البحث في انقطاعها يكون تزيداً لا موجب له.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم شابه القصور إذ أغفل التحدث عن الأركان اللازم توافرها لتطبيق المادة 238 من القانون التجاري المختلط.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما جاء في الرد على الوجه الثاني من السبب الأول ولذلك يكون الطعن على غير أساس متعين الرفض.