أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 5 - صـ 101

جلسة 22 من أكتوبر سنة 1953
(11)
القضية رقم 178 سنة 21 قضائية

برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت، ومصطفى فاضل، وعبد العزيز سليمان، وأحمد العروسي المستشارين.
دفع مبلغ غير مستحق في الذمة. شرط استرداده. أن يكون المبلغ قد دفع خطأ. المادة 145 من القانون المدني القديم المقابلة للمادة 181 مدني جديد.
إذا ثبت للمحكمة أن المبلغ المدفوع من المدعي والذي يطلب الحكم برده إنما دفع منه عن بصيرة ونور تنفيذاً لعقد تصفية شركة يتضمن التزامات متبادلة أبرم بينه وبين المدعى عليه فإنه لا يكون محقاً في استرداده.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعن والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى طالباً الحكم بإلزام المطعون عليه بأن يدفع إليه مبلغ 111 جنيهاً وقدم دفتر المحاسبة وسندا عليه ما يفيد سابقة مديونيته للمطعون عليه بمبلغ 200 جنيه ووفاء هذا الدين مدعياً أنه هو أساس الخطأ في الحساب، وأنه ما كان للمطعون عليه أن يتقاضى هذا المبلغ كله، لأن له الحق في نصفه، وأن على المطعون عليه رد النصف الآخر وهو 100 جنيه الذي استولى عليه بغير حق، وأن مبلغ الـ 11 جنيهاً هو نصيبه في ثمن أخشاب المخزن والخزانة، فقضت المحكمة بإلزام المطعون عليه بمبلغ 100 جنيه ورفضت الحكم بما عدا هذا المبلغ، فاستأنف المطعون عليه هذا الحكم وقيد الاستئناف برقم 8 تجاري أمام محكمة استئناف المنصورة التي قضت في 25/ 3/ 1950 بإلغاء الحكم ورفض دعوى الطاعن. فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن بني على سبب واحد ينعى به الطاعن على الحكم أن المحكمة أخطأت في تفسير المحاسبة بين الطرفين فاستخلصت منها نتيجة لا تعتمد على مقدمات صحيحة أو عبارات معقولة تؤدي إليها ومسخت عباراتها، بل إنها خالفت الثابت في الدفتر المثبتة به المحاسبة فجاء حكمها باطلاً لعدم اشتماله على الأسباب الكافية التي يجب قانوناً أن يبنى عليها، إذ الثابت بالمحاسبة أن الطرفين كانا معاً في محل تجارة مشتركين فيه واتفقا على قسمته في سنة 1933 وقد جردت البضاعة الموجودة والنقدية وصافي القطن والديون والذمامات على ما هو مثبت بالدفتر، وبعد تصفية ما بالمحل من بضاعة وما عليه من ديون وجد مبلغ 73497 قرشاً ديناً على المحل وقد اختص المطعون عليه بتحصيل ما للمحل من ديون على آخرين مقدارها 53488 قرشاً فيكون الصافي من الخسارة وهو الفرق بين هذين المبلغين مبلغ 200 جنيه يجب على الطرفين أن يتحملاه سوياً ولكن الطاعن دفع مبلغ 200 جنيه للمطعون عليه مع أنه كان يجب أن يدفع له نصفها فقط أي مائة جنيه، وهذا هو ما بنيت عليه الدعوى. ولكن تبين من الحكم المطعون فيه أنه استقر في ذهن المحكمة خطأ أن مبلغ 100 جنيه الذي دفعه الطاعن خطأ أضيف إلى الذمامات التي اختص بها المطعون عليه، وقد فات المحكمة احتساب نصيب الطاعن في الديون التي للمحل ومقدارها 267 جنيهاً وهو ما يجعل الحكم قاصراً في التسبيب، بل إن ما يقطع في خطأ المحكمة في التفسير والتطبيق أنه إذا كان نصيب الطاعن في الدين 367 جنيهاً ونصيبه في الذمامات 267 جنيهاً لكان عليه فقط 100 جنيه لا 200 جنيه وهو نفس ما ينتج في الدعوى على أي وجه.
ومن حيث إن الحكم بعد أن أورد عناصر المحاسبة والمبالغ الواردة بها انتهى إلى "أن هذه الأرقام قاطعة في أن مبلغ الـ 200 جنيه الذي دفعه المستأنف عليه "الطاعن" للمستأنف إنما كان في مقابل أن يتحمل المستأنف "المطعون عليه" بديون الشركة جميعاً، وتحصيل ما يستطيع من ذماماتها ولو كان الأمر خلاف ذلك أو كان المقصود من هذه المحاسبة اقتسام الديون والذمامات لكان نصيب المستأنف عليه في الديون التي على الشركة مبلغ 367 جنيهاً لا مبلغ 200 جنيه فقط ولهذا يكون دفع المستأنف عليه هذا المبلغ إلى المستأنف هو من قبيل التخارج من الشركة بما عليها كما يقول المستأنف" ويبين من هذا الذي جاء بالحكم أنه بعد أن أوردت المحكمة عناصر المحاسبة وأرقامها في إحاطة لا قصور فيها وليس فيها ما يغاير الثابت بالأوراق فسرت نية الطرفين تفسيراً يتأدى من مدلول المخالصة، ذلك أنه عند المحاسبة لم يكن من المستطاع الجزم بمقدار ما يمكن للمطعون عليه تحصيله من ذمامات الشركة، في حين أنه قد تكفل بوفاء جميع ديونها، فإذا كان الطاعن في مقابل التزام المطعون عليه بهذه الديون قد دفع إليه مائتي جنيه فإنه لا يكون قد فعل ذلك نتيجة خطأ مادي في الحساب، وإنما يكون قد فعل ذلك على بصيرة من أمره، ومن ثم يكون الطعن على غير أساس ويتعين رفضه.