مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة 1990) - صـ 300

(17)
جلسة 25 من نوفمبر سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ/ المستشار محمد أنور محفوظ رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد المهدي مليحي ومحمد أمين المهدي وصلاح عبد الفتاح سلامة وسعد الله محمد حنتيرة - المستشارين.

الطعن رقم 305 لسنة 35 القضائية

( أ ) دعوى الإلغاء - ميعاد رفعها - حساب الميعاد (علم يقيني).
المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 - إعلان القرار هو الأصل والنشر هو الاستثناء - لا يكفي النشر بوصفه الاستثناء حين يمكن الإعلان بوصفه الأصل - القرارات الفردية تخاطب أشخاصاً معينين بذواتهم لدى الإدارة مما يصير الإعلان إجراءً حتمياً لا يغني عنه النشر - العلم المستفاد من النشر أو الإعلان يجب أن يقوم على دليل قاطع بالعلم بالقرار علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً - يبدأ ميعاد الطعن من تاريخ ثبوت هذا العلم دون حاجة إلى نشر أو إعلان - الإعلان بلوحة الإعلانات بالكلية متضمناً أسماء طلاب بذواتهم - هو في حقيقته قرار فردي لتناوله أشخاصاً معينين بذواتهم - لا يكفي النشر لإعلامهم به حكماً - الإعلان بالكلية لا يعتبر نشراً بالجريدة الرسمية ولا يعد إذاعة في نشرة مصلحيه ولا يغني عن الإعلان كإجراء حتمي للإعلان به - لا يتوافر فيه العلم اليقيني - أساس ذلك: لا إلزام قانوناً عل كل طالب السعي إلى لوحة الإعلانات حتى يفترض علمه - تطبيق.
(ب) جامعات - قيد الطلبة بالجامعة - السنة الإعدادية (طالب).
قرار رئيس الجمهورية رقم 809 لسنة 1975 باللائحة التنفيذية لقانون تنظيم الجامعات معدلاً بالقرار الجمهوري رقم 278 لسنة 1981 - قرار المجلس الأعلى للجامعات في 30/ 1/ 1986 - قبول الطلاب الحاصلين على دبلوم المعاهد الفنية الصناعية نظام الخمس سنوات بعد الإعدادية سنة 1986 في كليات الهندسة - لا يقيدون بالسنة الإعدادية وإنما يقيدون بالسنة الأولى مباشرة - اكتسابهم مركزاً قانونياً ذاتياً لا يمس به ما صدر بعد ذلك من قرار في العام الجامعي 87/ 1988 من قبولهم بالسنة الإعدادية - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم السبت الموافق 7 من يناير سنة 1989، أودع الأستاذ عطية طه سليمان المحامي نيابة عن الأستاذ محمد أسامة لطفي المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/ حسن أحمد محمد سعيد قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا، تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 305 لسنة 35 القضائية ضد السادة 1 - وزير التعليم العالي 2 - محافظ الإسكندرية 3 - رئيس جامعة الإسكندرية 4 - عميد كلية الهندسة جامعة الإسكندرية بصفاتهم - في الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارية بالإسكندرية (الدائرة الأولى) بجلسة 10 من نوفمبر سنة 1989 في الدعوى رقم 1256 لسنة 42 القضائية المقامة من الطاعن على المطعون ضدهم، والقاضي بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وبإلزام الطاعن بالمصروفات. وطلب الطاعن للأسباب المبينة بتقرير الطعن 1 - الأمر بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه. 2 - القضاء بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبوقف تنفيذ وإلغاء القرار المطعون فيه.
وأعلن تقرير الطعن على النحو المبين بالأوراق. وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني في الطعن ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً وبوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغاء هذا الحكم وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وإلزام الجهة الإدارية المصروفات.
وعين لنظر الطعن جلسة 20 من مارس سنة 1989 أمام دائرة الفحص بهذه المحكمة، وجرى تداوله بالجلسات على الوجه الثابت بالمحاضر حتى قررت الدائرة بجلسة 3 من يوليه سنة 1989 إحالته إلى المحكمة الإدارية العليا (دائرة منازعات الأفراد والهيئات والتعويضات) وحددت لنظرة جلسة 11 من نوفمبر سنة 1989، وعجل الطعن لجلسة 7 من أكتوبر سنة 1989 التي صادفها عطلة رسمية فأجل الطعن إدارياً لجلسة 18 من نوفمبر سنة 1989 وعجل لجلسة 28 من أكتوبر سنة 1989، وفي هذه الجلسة قررت المحكمة إصدار الحكم فيه بجلسة اليوم، حيث صدر وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع الإيضاحات وبعد المداولة.
ومن حيث إن الطعن رفع خلال الميعاد القانوني واستوفى أوضاعه المقررة فمن ثم يكون مقبولاً شكلاً.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 29 من فبراير سنة 1988 رفع الطاعن الدعوى رقم 1256 لسنة 42 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية على المطعون ضدهم بصفاتهم، طالباً الحكم أولاً بصفة مستعجلة بوقف تنفيذ القرار السلبي الصادر بالامتناع عن إعطائه رقم الجلوس وبمنعه من أداء امتحان نصف العام الجامعي 87/ 1988 بالسنة الأولى بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية، وثانياً في الموضوع بإلغاء هذا القرار وما يترتب على ذلك من آثار وثالثاً بإلزام المطعون ضدهم المصروفات ومقابل أتعاب المحاماة. وذكر الطاعن في دعواه أنه حصل على دبلوم المدارس الثانوية الصناعية نظام الخمس سنوات سنة 1986، ورشحه مكتب التنسيق للالتحاق بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية نظراً لتوافر الشروط في حقه، ورفضت هذه الكلية بقبوله، وقضت محكمة القضاء الإداري في 22 من يناير سنة 1987 بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن قبوله بتلك الكلية في العام الجامعي 86/ 1987 وتنفيذاً لهذا الحكم تم قيده بالفرقة الأولى قسم ميكانيكا وسدد الرسوم المقررة واستخراج البطاقة الجامعية، إلا أن الكلية رفضت إعطاءه رقم الجلوس ومنعته من أداء امتحان نصف العام الذي يمثل 40% من مجموع الدرجات الكلية بالسنة الأولى، وهو قرار من الكلية مخالف للقانون ومنعدم السبب مما يجيز له الطعن عليه طالباً وقف تنفيذه لتوافر حالة الاستعجال وطالباً إلغاءه وما يترتب على ذلك من آثار، وبعريضة مودعة في 25 من مايو سنة 1988 صب الطاعن طلباته على القرار السلبي الصادر بالامتناع عن إعطائه رقم الجلوس وبمنعه من أداء امتحان آخر العام الجامعي 87/ 1988 بالسنة الأولى. وطلبت جامعة الإسكندرية أولاً عدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وثانياً رفض طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه وثالثاً رفض الدعوى موضوعاً. وبناء على طلب محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية (الدائرة الأولى) بجلسة 21 من إبريل سنة 1988 من هيئة مفوضي الدولة تحضير الدعوى وإعداد تقرير بالرأي القانوني فيها بشقيها، قدمت هذه الهيئة تقريراً ارتأت فيه الحكم بقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار وبإلزام جامعة الإسكندرية المصروفات. وقضت المحكمة المشار إليها في جلسة 10 من نوفمبر سنة 1988 بعدم قبول الدعوى شكلاً لرفعها بعد الميعاد وبإلزام الطاعن بالمصروفات. وأقامت قضاءها على أن كلية الهندسة جامعة الإسكندرية أعلنت بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1987 في لوحة الإعلانات بها ما تقرر من أنه على الطلاب خريجي المدارس الفنية نظام الخمس سنوات المقيدين بالسنة الأولى في العام الجامعي 87/ 1988 أن يدرسوا جميع مواد السنة الإعدادية ولا يمتحنوا في مواد السنة الأولى إلا بعد نجاحهم في مواد السنة الإعدادية، وإذ يستهدف الطاعن وقف تنفيذ وإلغاء هذا القرار الذي حال بينه وبين أداء الامتحان في مواد السنة الأولى إلا بنجاحه في مواد السنة الإعدادية، وهو في حقيقته قرار إيجابي صريح برفض السماح له بأداء الامتحانات في مقررات السنة الأولى إلا بعد نجاحه في مقررات السنة الإعدادية وليس قراراً سلبياً بالامتناع عن قبول تأديته الامتحان في مقررات السنة الأولى، فإن التكييف القانوني الصحيح لدعواه أنها بطلب الحكم بوقف تنفيذ وإلغاء هذا القرار الإيجابي، وبالتالي يتعين لقبولها شكلاً أن ترفع خلال الميعاد القانوني طبقاً للمادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972، والثابت أن القرار المذكور أعلن إلى طلبة الكلية في 10 من أكتوبر سنة 1987 ولم يجحد الطاعن ما قررته الجامعة من أن هذا التاريخ يعد تاريخ علمه اليقيني بالقرار المطعون فيه وقد رفعت الدعوى في 29 من فبراير سنة 1988 أي بعد فوات الستين يوماً المقررة لرفعها، الأمر الذي يوجب الحكم بعدم قبولها شكلاً لرفعها بعد الميعاد مع إلزام الطاعن المصروفات.
ومن حيث إن الطعن قام على أن الحكم المطعون فيه خالف القانون إذ قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً وبإلزام الطاعن المصروفات، لأن الميعاد المقرر لرفع دعوى الإلغاء يسري من تاريخ نشر القرار في الجريدة الرسمية أو في النشرات المصلحية أو إعلان صاحب الشأن به أو علمه به علماً يقينياً شاملاً، والثابت أن القرار المطعون فيه لم ينشر ولم يعلن إلى الطاعن، أما تعليقه في لوحة الإعلانات بالكلية فلا يقطع بعلم الطاعن به علماً يقينياً شاملاً، وقد قام استخلاص الحكم المطعون فيه لهذا العلم على مجرد الافتراض والظن، كما أن الطاعن يجحده، وبذا يكون هذا الحكم متعين الإلغاء، أما عن موضوع الدعوى فإن القرار المطعون فيه ينطوي على عدول عن تنفيذ الحكم الصادر بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن قيده بالكلية مما يخل بحجية هذا الحكم كما ينطوي على سحب للقرار الصادر بقيد الطاعن في السنة الأولى بالكلية نفاذاً لذات الحكم رغم تحصن هذا القرار بمضي أكثر من ستين يوماً على صدوره.
ومن حيث إن جامعة الإسكندرية قدمت مذكرة في الطعن جاء بها أنه تنفيذاً للحكم بوقف تنفيذ القرار السلبي بالامتناع عن قبول الطاعن بكلية الهندسة، وحرصاً على مصلحة الطاعن وأقرانه، أوقفت الكلية قيدهم في العام الجامعي 86/ 1987 حتى لا يحسب عليهم عام رسوب. ووزعتهم على فصول الفرقة الإعدادية في العام الجامعي 87/ 1988 عملاً بقرار المجلس الأعلى للجامعات في 4 من يوليه سنة 1987 وبما رأته اللجنة التي شكلت لدراسة أوضاعهم من أنهم لم يدرسوا أي مادة من مواد الفرقة الإعدادية، وعلقت بلوحة الإعلانات إعلاناً بأن على هؤلاء الطلاب المقيدين بالسنة الأولى في العام الجامعي 87/ 1988 أن يدرسوا جميع مواد الفرقة الإعدادية ولا يمتحنوا في مواد الفرقة الأولى إلا بعد نجاحهم في مواد الفرقة الإعدادية، وأدرجت أسماؤهم في كشوف توزيع لهم على فصول الفرقة الإعدادية علقت بذات اللوحة، وهي لوحة على مستوى الكلية تعد بمثابة الإعلان في الجريدة الرسمية ويعلم بما فيها جميع الطلاب علماً يقينياً لأنها تحوي كل ما يتعلق بهم وخاصة الحصص والأقسام حيث يجب عليهم حضورها بحد أدنى لكل مادة وإلا حرموا من حضور الامتحان فيها. كما عقب الطاعن بمذكرة ورد فيها أنه قيد بالسنة الأولى وسدد الرسوم عنها ومنح بطاقة لها في العام الجامعي 87/ 1988 ولم يقم دليل على علمه يقيناً بالقرار المطعون فيه.
ومن حيث إنه يبين من الأوراق أن الطاعن من خريجي المدارس الفنية نظام الخمس سنوات عام 1986، وقدم أوراقه إلى مكتب تنسيق القبول بالجامعات والمعاهد في ذات العام، ورشحه المكتب للقبول بكلية الهندسة جامعة الإسكندرية في العام الجامعي 86/ 1987، ورفضت الكلية قبوله وأقرانه من خريجي المدارس الفنية، وقضت محكمة القضاء الإداري بالإسكندرية بجلسة 22 من يناير سنة 1987 في الدعوى رقم 266 لسنة 41 القضائية بوقف تنفيذ القرار السلبي الصادر بالامتناع عن قبوله بالكلية وعن قيده بالعام الجامعي 86/ 1987، وتنفيذاً لهذا الحكم قيدت الكلية الطاعن بالسنة الأولى في العام الجامعي 87/ 1988، ووضعت الكلية بلوحة الإعلانات فيها بتاريخ 10 من أكتوبر سنة 1987 إعلاناً موقعاً من عميدها بأن الكلية قررت أنه على الطلاب الفنيين خريجي المدارس الفنية نظام الخمس سنوات المقيدين بالسنة الأولى العام الجامعي 87/ 1988 أن يدرسوا جميع مواد السنة الإعدادية ولا يمتحنوا في مواد السنة الأولى إلا بعد نجاحهم في مواد السنة الإعدادية كما وضعت بذات اللوحة كشوفاً بأسماء هؤلاء الطلاب موزعة على فصول السنة الإعدادية ومن بينهم الطاعن. وإذا كانت المادة 24 من قانون مجلس الدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1972 قضت بأن ميعاد رفع دعوى الإلغاء ستون يوماً من تاريخ نشر القرار في الجريدة الرسمية أو في النشرات المصلحية أو إعلان صاحب الشأن به، ويستفاد منها أن النشر معادل للإعلان من حيث القوة في إثبات العلم بالقرار وفي إجراء ميعاد الطعن، فإن قضاء هذه المحكمة استقر على أن الإعلان هو الأصل وأن النشر هو الاستثناء، فلا يكفي النشر بوصفه الاستثناء حيث يمكن الإعلان بوصفه الأصل، كما هو الشأن في القرارات الفردية إذ تتجه إلى أشخاص معينين بذواتهم ومعلومين سلفاً لدى الإدارة مما يصير الإعلان إجراءً حتمياً لا يغني عنه النشر، على نقيض الحال في القرارات التنظيمية التي لا يتصور حصر الأشخاص المحكومين بها تبعاً لعموميتها وتجريدها مما لا يكون معه محل لالتزام الإعلان. كما استقر أيضاً على أن العلم المستفاد فرضاً من النشر أو الإعلان كقرينة لا تقبل إثبات العكس، قد يستوي فعلاً بدونهما إذا قام الدليل القاطع على العلم بالقرار علماً يقينياً لا ظنياً ولا افتراضياً، حيث يبدأ ميعاد الطعن من تاريخ ثبوت هذا العلم دون حاجة إلى نشر أو إعلان. ولا ريب في أن ما حواه الإعلان الذي علقته كلية الهندسة بلوحة الإعلانات فيها مع كشوف بالطلاب المعنيين به، هو في حقيقته قرار فردي لتناوله أشخاصاً معينين بذواتهم ومعلوم سلفاً للكلية على نحو ما تضمنته الكشوف المصاحبة له، وبذا لا يكفي النشر لإعلامهم به حكماً، فضلاً عن أن هذا الإعلان في حد ذاته لا يعتبر نشراً بالجريدة الرسمية ولا يعد في نشرة مصلحية ولا يغني عن الإعلان كإجراء حتمي للإعلام به ولا يدل على توافر العلم اليقيني به حيث لا إلزام قانوناً على كل طالب بالسعي إلى لوحة الإعلانات أو باستقراء محتوياتها تباعاً حتى يفترض علمه به حكماً بل بقي ذلك اختياراً مطلقاً قد يصدف معه البعض عنها كلياً أو جزئياً دوماً أو لما ما استعانة بغيرهم في استقصاء ما يخصهم مثل جداول المحاضرات والدروس حتى ولو انتظموا بالكلية مما لا مندوحة معه من ثبوت علمهم به حقاً وأحاطتهم به صدقاً، وبذا فإن هذا الإعلان بذاته لا يجرى ميعاد الطعن بالإلغاء في حق الطاعن ما لم يثبت توافر العلم اليقيني لديه وهو ما يجب أن يبنى على أساس قطعي لا ظني الأمر الذي خلت الأوراق منه، بصرف النظر عن أن الطاعن لم يهرع إلى إنكار هذا العلم المزعوم استقاؤه من لوحة الإعلانات وافتراض وجوب اطلاعه عليها ما دام لم يقم دليل قاطع على علم الطاعن علماً يقينياً بمضمون الإعلان في تاريخ معين مضى عليه أكثر من ستين يوماً عند رفعه الدعوى في 29 من فبراير سنة 1988، ومن ثم فإن الحكم المطعون فيه قد جانب الصواب إذ قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً بحجة رفعها بعد الميعاد القانوني محسوباً من تاريخ هذا الإعلان المعلق بلوحة الكلية في 10 من أكتوبر سنة 1987، مما يوجب القضاء بإلغائه وبرفض الدفع بعدم قبول الدعوى شكلاً والقضاء بقبولها لرفعها خلال الميعاد القانوني على النحو المتقدم.
ومن حيث إن اللائحة التنفيذية للقانون رقم 49 لسنة 1972 في شأن تنظيم الجامعات، الصادرة بالقرار الجمهوري رقم 809 لسنة 1975، قضت في المادة 75 معدلة بالقرار الجمهوري رقم 278 لسنة 1981 بأنه يشترط لقيد الطالب في الجامعة للحصول على درجة الليسانس أو البكالوريوس أن يكون حاصلاً على شهادة إتمام الدراسة الثانوية العامة أو ما يعادلها ثم أجازت قبول الحاصلين على دبلومات المعاهد الفنية وما في مستواها في بعض الكليات وفقاً للنظام وبالشروط التي يضعها المجلس الأعلى للجامعات بعد أخذ رأي مجالس الجامعات المعنية. وبناء على هذه المادة أصدر المجلس الأعلى للجامعات في 15 من يوليه 1976 قراراً بقواعد قبول الطلاب الحاصلين على شهادات أخرى غير الثانوية العامة، وتضمن هذا القرار في البند ثانياً/ 2 أن الحاصلين على دبلومات المعاهد الفنية الصناعية نظام الخمس سنوات بعد الإعدادية يقبلون في السنة الثانية بكليات معينة حيث لا توجد سنة إعدادية. كما أصدر في 30 من يناير سنة 1986 قراراً باستمرار العمل بالنظام الحالي بقبول خريجي المعاهد الفنية الحاصلين على 75% فأكثر من التخصصات المختلفة مع تعميمه على باقي الكليات النظيرة في الجامعات الأخرى. وصدر دليل القبول بالجامعات والمعاهد للحاصلين على الشهادات الفنية والدبلومات في العام الجامعي 86/ 1987 متضمناً في البند ثانياً/ 2 قبول الحاصلين على دبلوم المعاهد الفنية الصناعية نظام الخمس سنوات بعد الإعدادية سنة 1986 في كليات بينها كليات الهندسة، وإن لم يحدد صراحة السنة التي يتم الالتحاق بها مما يعد إحالة ضمنية إلى القواعد التي صدر تنفيذاً لها ومؤداها تجاوز السنة الافتتاحية سواء كانت السنة الإعدادية أو السنة الأولى والقيد بالسنة التالية سواء كانت السنة الأولى أو السنة الثانية حسب ما إذا كان استهلال الدراسة في الكلية بسنة إعدادية أو بسنة أولى. ومفاد هذا أن خريجي المدارس الفنية الصناعية نظام الخمس سنوات بعد الشهادة الإعدادية عام 1986، إذا قبلوا بكليات الهندسة ذات الخمس سنوات على أساس من توافر الشروط المقررة قانوناً لقبولهم في العام الجامعي 86/ 1987، فإنهم لا يقيدون بالسنة الإعدادية في كليات الهندسة، وإنما يقيدون في السنة الأولى بهذه الكليات التي قبلوا فيها مراعاة لمدة دراستهم الفنية في حد ذاتها وبصرف النظر عن موادها وبذا يستحقون القيد في السنة الأولى مباشرة بما يترتب على ذلك من حق الانتظام في دراستها وحق دخول امتحانها دون تعليق على اجتياز امتحان ما مثل النجاح في مواد السنة الإعدادية التي عبروها حكماً صدعاً بالقواعد القائمة حينئذ، الأمر الذي يضفي عليهم مركزاً قانونياً ذاتياً لا يمس به ما صدر بعدئذ من المجلس الأعلى للجامعات في 4 من يوليه 1987 من قرار تضمن في البند ثانياً أن يكون القبول في كليات الهندسة في العام الجامعي 87/ 1988 وفقاً لقواعد معينة من بينها أن خريجي هذه المعاهد الفنية يقبلون بالسنة الإعدادية أو السنة الأولى في الكليات التي ليس بها سنة إعدادية مع جواز النظر في إعفائهم من حضور بعض المقررات أو أداء الامتحان فيها إذا كان قد سبق لهم دراستها، فهذا القرار يسري بأثر مباشر على من يقبلوا بداءة في ظله بالعام الجامعي 87/ 1988 ولا يطبق بأثر رجعي على من قبلوا قانوناً قبل ذلك فاكتسبوا مراكز قانونية بالقيد في السنة الأولى قبل نفاذه بصرف النظر عن حدوث هذا القبول فالقيد فعلاً في تاريخ لاحق له صدعاً بحكم قضائي لم ينشئ هذه المراكز القانونية وإنما كشف عنها منذ نشأتها في تاريخ سابق عليه، إذ لا يجوز المساس بتلك المراكز بأداة أدنى من قانون بحجة تأويل ذلك القرار على نحو ما أجرته كلية الهندسة جامعة الإسكندرية ببسطها أحكامه على الطاعن وزملائه حيث أصدرت قراراً يوجب عليهم دراسة مواد السنة الإعدادية والنجاح فيها كشرط لأداء الامتحان في مواد السنة الأولى التي قيدوا بها تبعاً لقبولهم في العام الجامعي 86/ 1987 وذلك بمقولة أن اللجنة المشكلة لبحث أوضاعهم رأت أنهم لم يدرسوا مواد السنة الإعدادية، الأمر الذي يجعل هذا القرار الصادر منها مشوباً بعيب مخالفة القانون مما يشفع في وقف التنفيذ عاجلاً ويوجب الإلغاء موضوعاً.
ومن حيث إنه إذا كان الحكم المطعون فيه قضى بعدم قبول الدعوى شكلاً وبذا لم يتطرق إلى الشق المستعجل وهو طلب وقف تنفيذ القرار المطعون فيه ولم يخض في الشق الموضوعي وهو طلب إلغاء هذا القرار، فإن ما انتهت إليه المحكمة فيما سلف من قضاء بإلغاء ذلك الحكم وبقبول الدعوى شكلاً لا يغل يدها عن التصدي للفصل في هذه الدعوى ما دامت قد تهيأت له بدءاً بتحضيرها وتقديم تقرير بالرأي القانوني في شقيها العاجل والموضوعي من جانب هيئة مفوضي الدولة بمحكمة القضاء الإداري بالإسكندرية وختماً بتبادل طرفيها خلال الطعن مذكرات شملت أيضاً الشق الموضوعي فيها مما يغني عن الوقوف بالتصدي للفصل فيها عند شقها العاجل ويحدو إلى البت مباشرة في شقها الموضوعي بإلغاء القرار المطعون فيه وما يترتب على ذلك من آثار نزولاً على ما شاب هذا القرار من عيب مخالفة القانون.
ومن حيث إن الجهة الإدارية خسرت الدعوى وأخفقت في الطعن فمن ثم تلزم بالمصروفات عنهما عملاً بالمادة 184 من قانون المرافعات.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وبقبول الدعوى شكلاً وبإلغاء القرار المطعون فيه وألزمت الجهة الإدارية بالمصروفات.