أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 44 - صـ 155

جلسة 7 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، محمد محمد محمود نائبي رئيس المحكمة، عبد الملك نصار وعلي شلتوت.

(31)
الطعن رقم 2670 لسنة 57 القضائية

(1) نقض "الخصوم في الطعن". حكم "الطعن في الحكم".
الاختصام في الطعن بالنقض. شرطه. اختصام من لم توجه إليه طلبات ولم يقضي عليه بشيء غير مقبول.
(2 - 5) تأمين "التأمين الإجباري عن حوادث السيارات". تقادم "تقادم مسقط" "التقادم الثلاثي" "وقف التقادم" "انقطاع التقادم". تعويض "دعوى التعويض". مسئولية "مسئولية تقصيرية: تقادم دعوى المسئولية". دعوى "الدعوى المباشرة".
(2) دعوى المضرور المباشرة قبل المؤمن في التأمين الإجباري عن حوادث السيارات. م 5 ق 652 لسنة 1955. خضوعها للتقادم الثلاثي المقرر بالمادة 752 مدني. سريان القواعد العامة المتعلقة بوقف مدة التقادم وانقطاعها بشأن هذا التقادم.
(3) دعوى المضرور قبل المؤمن. إقامة دعوى جنائية عن الفعل غير المشروع الذي يستند إليه المضرور. أثره. وقف سريان التقادم طوال مدة بقاء الدعوى الجنائية قائمة. م 382/ 1 مدني. علة ذلك. انقضاء الدعوى الجنائية بصدور حكم
نهائي فيها أو لأي سبب آخر. مؤداه. عودة سريان مدة التقادم.
(4) الحكم الجنائي الغيابي بالإدانة في مواد الجنح. لا تنقضي به الدعوى الجنائية. لا يعدو أن يكون من الإجراءات القاطعة لمدة تقادمها المادتان 15، 17 أ. ج. عدم إعلانه أو اتخاذ إجراء تالٍ له قاطع للتقادم. أثره. انقضاء الدعوى الجنائية بمضي ثلاث سنوات من تاريخ صدوره. مؤدى ذلك.
(5) مجرد التأشير من وكيل النيابة العامة بحفظ الحكم الغيابي. طبيعته. لا يعد من إجراءات قطع تقادم الدعوى الجنائية. المادتان 15، 17 من قانون الإجراءات.
1 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً للطاعن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو وأن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه حين صدوره فإذا كان لم توجه إليه طلبات ولم يقضى له أو عليه بشيء فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول.
2 - إن المشرع أنشأ للمضرور في حوادث السيارات دعوى مباشرة قبل المؤمن بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن تلك الحوادث، ونص على أن تخضع هذه الدعوى للتقادم الثلاثي المقرر بالمادة 752 من القانون المدني للدعاوى الناشئة عن عقد التأمين، وهذا التقادم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تسري في شأنه القواعد العامة بوقف مدة التقادم وانقطاعها.
3 - إذا كان الفعل غير المشروع الذي يستند إليه المضرور في دعواه قبل المؤمن يكون جريمة ورفعت الدعوى الجنائية على مرتكبها سواء أكان هو بذاته المؤمن له أو أحد ممن يعتبر المؤمن له مسئولاً عن الحقوق المدنية عن فعلهم فإن الجريمة تكون مسألة مشتركة بين هذه الدعوى وبين الدعوى المدنية التي يرفعها المضرور على المؤمن ولازمة للفصل في كليهما فيعتبر رفع الدعوى الجنائية مانعاً قانونياً يتعذر معه على الدائن المضرور مطالبة المؤمن بحقه مما ترتب عليه المادة 382/ 1 من القانون المدني وقف سريان التقادم ما بقى المانع قائماً حتى ولو أجيز للمضرور اختصام شركة التأمين في دعواه بالتعويض أمام المحاكم الجنائية واختار المضرور الطريق أمام المحاكم المدنية للمطالبة بالتعويض، وينبني على ذلك أن تقادم دعوى المضرور قبل المؤمن يقف سريانه طوال المدة التي ظل فيها الدعوى الجنائية قائمة ولا يزول إلا بانقضاء هذه الدعوى بصدور حكم نهائي فيها بإدانة الجاني أو لانقضائها بعد رفعها لسبب آخر من أسباب الانقضاء ولا يعود سريان التقادم إلا من تاريخ هذا الانقضاء.
4 - إن الحكم الغيابي القاصي بإدانة مقترف الجريمة الجنحة لا تنقضي به الدعوى الجنائية إذ هو لا يعدو أن يكون من الإجراءات القاطعة لمدة الثلاث سنوات المقررة لتقادم الدعوى الجنائية طبقاً للمادتين 15، 17 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإنه إذا لم يعلن هذا الحكم للمحكوم عليه ولم يتخذ إجراء تال له قاطع لتقادم الدعوى الجنائية فإن هذه الدعوى تنقضي بمضي ثلاث سنوات من تاريخ صدوره، ومنذ هذا الانقضاء يزول المانع القانوني الذي كان سبباً في وقف سريان تقادم دعوى المضرور المدنية قبل المؤمن.
5 - لا يعد من إجراءات قطع تقادم الدعوى الجنائية التي نص عليها المشرع في المادتين 15، 17 من قانون الإجراءات الجنائية مجرد التأشير من وكيل النيابة العامة بحفظ الحكم الغيابي لأنه لا يعدو أن يكون أمراً إدارياً بحفظ الأوراق لانقضاء الدعوى الجنائية.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضدها الأولى أقامت الدعوى رقم 1492 سنة 1985 مدني الإسكندرية الابتدائية على الطاعن والمطعون ضدهما الثاني والثالث بطلب الحكم بإلزامهم متضامنين بأن يؤدوا لها مبلغ عشرين ألف جنيه وقالت بياناً لذلك إن المطعون ضده الثاني تسبب بخطئه في موت مورثها أثناء قيادته السيارة رقم 23178 أجرة القاهرة وقد حرر عن الحادث المحضر رقم 6363 سنة 1977 جنح إيتاي البارود وحكم بإدانته وبإلزامه بالتعويض المؤقت وقد تأيد هذا الحكم بالحكم الغيابي الصادر من محكمة الجنح المستأنفة بتاريخ 30/ 10/ 1978 ولما كانت السيارة المتسببة في الحادث مؤمناً عليها لدى الطاعن ولحق بها أضرار مادية وأدبية بالإضافة إلى التعويض الموروث والذي تقدر التعويض عنها بالمبلغ المطالب به فقد أقامت الدعوى. بتاريخ 30/ 1/ 1986 حكمت المحكمة بإلزام المطعون ضده الثاني والطاعن بالتضامن بأن يدفعا للمطعون ضدها الأولى مبلغ خمسة عشر ألف جنيه. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف الإسكندرية بالاستئناف رقم 507 سنة 42 ق، ودفع بسقوط الدعوى بالتقادم الثلاثي، بتاريخ 21/ 6/ 1987 حكمت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف، طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وأودعت النيابة مذكرة أبدت فيه الرأي بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث، وفي الموضوع برفضه، عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة فرأت أنه جدير بالنظر وحددت جلسة لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن مبنى الدفع بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضده الثالث أنه لم توجه إليه ثمة طلبات، ولم يحكم له أو عليه بشيء ولا تتعلق به أسباب الطعن.
وحيث إن هذا الدفع في محله ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه لا يكفي فيمن يختصم في الطعن أن يكون خصماً للطاعن في الدعوى التي صدر فيها الحكم المطعون فيه، بل يجب أن يكون قد نازع خصمه أمامها في طلباته أو نازعه خصمه في طلباته هو، وأن تكون له مصلحة في الدفاع عن الحكم المطعون فيه حين صدوره، فإذا كان لم توجه إليه طلبات ولم يقض له أو عليه بشيء فإن الطعن بالنسبة له يكون غير مقبول، وكان الثابت من الأوراق أن المطعون ضدها الأولى لم توجه إلى المطعون ضده الثالث ثمة طلبات ووقف من الخصومة موقفاً سلبياً، ولم يحضر أو يبد أي دفاع فيها كما لم يحكم له أو عليه بشيء ومن ثم فلا يكون للطاعن مصلحة في اختصامه أمام محكمة النقض ويكون الطعن غير مقبول بالنسبة له.
وحيث إن الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الأولى والثاني استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن مما ينعاه الطاعن على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون والخطأ في تطبيقه وفي بيان ذلك يقول إن الحكم الجنائي الغيابي الذي لم يعلن أو ينفذ يعتبر أخر إجراء من إجراءات الدعوى الجنائية فتبدأ مدة تقادمها من تاريخ صدوره وبعد اكتماله يبدأ سريان التقادم الثلاثي للدعوى المدنية، ولما كان الحكم الجنائي قد صدر غيابياً من محكمة الجنح المستأنفة ضد قائد السيارة بتاريخ 30/ 10/ 1978 فإن الدعوى المدنية بطلب التعويض وقد أقيمت بتاريخ 10/ 3/ 1985 تكون قد سقطت بمضي المدة، وكان الحكم المطعون فيه قد أقام قضائه بالتعويض على سند من حساب مدة تقادم الدعوى المدنية من تاريخ صدور قرار النيابة العامة بحفظ الحكم الجنائي في حين أن هذا القرار ليس سوى قرار إداري لا شأن له بإجراءات الدعوى الجنائية ولا أثر له في تقادمها فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي سديد، ذلك أن المشرع أنشأ للمضرور في حوادث السيارات دعوى مباشرة قبل المؤمن بمقتضى المادة الخامسة من القانون رقم 652 لسنة 1955 بشأن التأمين الإجباري من المسئولية المدنية الناشئة عن تلك الحوادث، ونص على أن تخضع هذه الدعوى للتقادم الثلاثي المقرر بالمادة 752 من القانون المدني للدعاوى الناشئة عن عقد التأمين، وهذا التقادم - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - تسري في شأنه القواعد العامة بوقف مدة التقادم وانقطاعها، فإذا كان الفعل غير المشروع الذي يستند إليه المضرور في دعواه قبل المؤمن يكون جريمة ورفعت الدعوى الجنائية على مرتكبها سواء أكان هو بذاته المؤمن له أو أحد ممن يعتبر المؤمن له مسئولاً عن الحقوق المدنية عن فعلهم، فإن الجريمة تكون مسألة مشتركة بين هذه الدعوى وبين الدعوى المدنية التي يرفعها المضرور على المؤمن ولازمة الفصل في كليهما فيعتبر رفع الدعوى الجنائية مانعاً قانونياً يتعذر معه على الدائن المضرور مطالبة المؤمن بحقه مما ترتب عليه المادة 382 من القانون المدني وقف سريان التقادم ما بقى المانع قائماً حتى ولو أجيز للمضرور اختصام شركة التأمين في دعواه بالتعويض أمام المحاكم الجنائية واختار المضرور الطريق أمام المحاكم المدنية للمطالبة بالتعويض، وينبني على ذلك أن تقادم دعوى المضرور قبل المؤمن يقف سريانه طوال المدة التي تظل فيها الدعوى الجنائية قائمة ولا يزول إلا بانقضاء هذه الدعوى بصدور حكم نهائي فيها بإدانة الجاني أو لانقضائها بعد رفعها لسبب آخر من أسباب الانقضاء ولا يعود سريان التقادم إلا من تاريخ هذا الانقضاء، ولما كان الحكم الغيابي القاضي بإدانة مقترف الجريمة في الجنحة لا تنقضي به الدعوى الجنائية إذ هو لا يعدو أن يكون من الإجراءات القاطعة لمدة الثلاث سنوات المقررة لتقادم الدعوى الجنائية طبقاً للمادتين 15، 17 من قانون الإجراءات الجنائية ومن ثم فإنه إذا لم يعلن هذا الحكم للمحكوم عليه ولم يتخذ إجراء تال له قاطع لتقادم الدعوى الجنائية فإن هذه الدعوى تنقضي بمضي ثلاث سنوات من تاريخ صدوره، ومنذ هذا الانقضاء يزول المانع القانوني الذي كان سبباً في وقف سريان تقادم دعوى المضرور المدنية قبل المؤمن، وكان لا يعد من إجراءات قطع تقادم الدعوى الجنائية التي نص عليها المشرع في المادتين 15، 17 من قانون الإجراءات الجنائية مجرد التأشير من وكيل النيابة العامة بحفظ الحكم الغيابي لأنه لا يعدو أن يكون أمراً إدارياً بحفظ الأوراق لانقضاء الدعوى الجنائية، لما كان ذلك وكان الثابت من الأوراق أن النيابة العامة أقامت الدعوى الجنائية ضد قائد السيارة - المطعون ضده الثاني - لأنه تسبب بخطئه في موت مورث المطعون ضدها الأولى وقضى فيها من محكمة الجنح المستأنفة غيابياً بتاريخ 30/ 10/ 1978 بإدانته إلا أن هذا الحكم لم يعلن إليه ولم يتخذ من بعد صدوره ثمة إجراء قاطع للتقادم حتى انقضت الدعوى الجنائية بتاريخ 30/ 11/ 1981 ولما كانت المطعون ضدها الأولى قد رفعت دعواها المدنية بالصحيفة المودعة قلم كتاب المحكمة في 10/ 3/ 1985 وبعد مضي أكثر من ثلاث سنوات من تاريخ انقضاء الدعوى الجنائية فإنها تكون قد سقطت بالتقادم المنصوص عليه في المادة 752 من القانون المدني، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر واعتد في بدء حساب التقادم بتاريخ صدور قرار النيابة العامة بحفظ الحكم الغيابي في 18/ 5/ 1985 ورتب على ذلك قضاءه برفض الدفع بالتقادم والحكم بالتعويض في حين أن ذلك القرار لا أثر له في قطع التقادم على النحو السالف بيانه فإنه يكون قد خالف القانون وأخطأ في تطبيقه بما يوجب نقضه دون حاجة لبحث باقي أسباب الطعن.
وحيث إن الموضوع صالح للفصل فيه، ولما تقدم يتعين إلغاء الحكم المستأنف وسقوط الحق في إقامة الدعوى بالتقادم الثلاثي.