أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 5 - صـ 161

جلسة 21 من نوفمبر سنة 1953
(20)
القضية رقم 23 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، ومصطفى فاضل، وأحمد العروسي، ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) نقض. طعن. إعلان للنيابة. إعلان تقرير الطعن للمطعون عليه في المحل المبين في صحيفة الدعوى وفي الحكم المطعون فيه. ثبوت تركه لهذا المحل و إجابة شيخ الحارة بما يؤيد ذلك وعدم ذكره الموطن الجديد للمطعون عليه. ليس في الأوراق ما يفيد أن الطاعن لو بذل جهداً آخر في التحري فيما بقى من ميعاد إعلان الطعن لاهتدى إلى موطن المعلن إليه. كفاية التحريات في هذه الصورة. صحة إعلانه للنيابة.
(ب) نقض. طعن. عدم ذكر مواطن القصور في تقرير الطعن. النعي غير مقبول.
1 - متى كان الطاعن بعد أن قرر بالطعن قد حاول أن يعلن التقرير للمطعون عليه في موطنه المبين في صحيفة الدعوى وفي الحكم المطعون فيه فلم يجده المحضر في ذلك المحل، بل أخبر أنه تركه وأجاب شيخ الحارة بما يؤيد ذلك ولم يبين في إجابته موطن المعلن إليه الجديد مما يستفاد منه أنه لا يعلمه ولم يكن في أوراق الدعوى ما يستدل منه على أن الطاعن لو بذل جهدا آخر في التحري فيما بقى من ميعاد الخمسة عشر يوماً لاهتدى لموطن المعلن إليه، فإن ما تم من التحريات في هذه الصورة يكون كافياً لصحة إعلان المطعون عليه في مواجهة النيابة.
2 - متى كان الطاعن لم يبين في تقرير طعنه مواطن القصور التي يعيبها على الحكم المطعون فيه وإنما اكتفى بقول مجمل هو أن الحكم لم يرد على دفاعه الذي أورده في المذكرات دون بيان لهذا الدفاع الذي أغفل فإن هذا النعي يكون غير مقبول.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطاعن والمطعون عليه الأول والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع تتحصل في أن المطعون عليه الأول رفع الدعوى قائلاً إنه كان يملك حصة في المنزل المبين بصحيفتها وكان من شركائه فيه المطعون عليه الثاني وبمقتضى عقد بيع حرر بقلم العقود الرسمية بمحكمة الإسكندرية المختلطة وسجل في 7/ 2/ 1945 اشترى المطعون عليه الأول حصة المطعون عليه الثاني ومقدارها أربعة قراريط كما اشترى حصة باقي الشركاء وأصبح جميع المنزل ملكه وفي وضع يده. ولكنه علم أن المطعون عليه الثاني عاد وباع ما سبق أن باعه إياه للطاعن الذي رفع دعوى صحة تعاقد سجل عريضتها في 16/ 1/ 1945 (أي قبل تسجيل عقد البيع الصادر للمطعون عليه الأول) وقد صدر له الحكم وسجله في 28/ 3/ 1946، وأنه لما كان البيع الصادر للطاعن قد تم بطريق التواطؤ - فضلاً عن صوريته - فلا يفيد من أسبقية تسجيل عريضة دعواه وتسجيل الحكم الصادر له، ولذلك هو يطلب الحكم ببطلان البيع الصادر من المطعون عليه الثاني للطاعن عن الحصة البالغة أربعة قراريط في أرض وبناء المنزل ومحو كافة التسجيلات. وبتاريخ 17/ 11/ 1947 قضت محكمة الإسكندرية الابتدائية بإحالة الدعوى على التحقيق ليثبت المطعون عليه الأول أن عقد البيع الصادر للطاعن هو عقد صوري. وبعد التحقيق قضت المحكمة في 31/ 10/ 1948 ببطلان عقد البيع الصادر للطاعن ومحو كافة التسجيلات فاستأنف الطاعن وقيد استئنافه برقم 58 سنة 5 ق. الإسكندرية. وفي 22 فبراير سنة 1950 حكمت محكمة الاستئناف حضورياً للمطعون عليه الأول وغيابياً للثاني بقبول الاستئناف شكلاً ورفضه موضوعاً. فقرر الطاعن الطعن في هذا الحكم بطريق النقض في 25 يناير سنة 1951 وأعلن الطاعن تقرير الطعن للمطعون عليه الأول في 28 يناير سنة 1951 ولما أراد إعلان المطعون عليه الثاني بمحل إقامته المبين بالحكم ذكر شيخ الحارة أنه ترك هذا المحل فأعلنه في النيابة في 5/ 2/ 1951 وقد رأت النيابة أن هذا الإعلان وإن كان في الميعاد إلا أنه إعلان باطل، لأن الطاعن لم يقدم التحريات التي قام بها قبل الإعلان للنيابة، وعلى ذلك يكون الطعن غير مقبول شكلاً، وذلك لعدم إعلان المطعون عليه الثاني الذي يترتب على بطلان إعلانه عدم قبول الطعن لعدم اختصامه فيه مع وجوب ذلك، لأن الدعوى تقوم على الادعاء بصورية عقد هو البائع فيه.
وحيث إنه يبين من الأوراق أن الطاعن بعد أن قرر الطعن في 25 من يناير سنة 1951 حاول في 28/ 1/ 1951 أن يعلن التقرير للمطعون عليه الثاني في موطنه المبين في صحيفة الدعوى وفي الحكم المطعون فيه وهو شارع الحلاج رقم 28 بالإسكندرية فلم يجده المحضر في ذلك المحل، بل أخبر أنه تركه وقد سأل عنه شيخ الحارة فأجاب بما يؤيد ذلك ولم يبين شيخ الحارة في إجابته موطن المعلن إليه الجديد مما يستفاد منه أنه لا يعلمه، وليس في أوراق الدعوى ما يستدل منه على أن الطاعن لو بذل جهداً آخر في التحري فيما بقى من ميعاد الخمسة عشر يوماً لاهتدى لموطن المعلن إليه، لذلك ترى المحكمة أن ما تم من تحريات في هذه الظروف كاف لصحة إعلان المعلن إليه المذكور في النيابة.
وحيث إنه متى كان إعلان تقرير الطعن صحيحاً كان الدفع بعدم قبول الطعن في غير محله ويتعين رفضه.
وحيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الطعن يقوم على سببين: يتحصل أولهما في أن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بصورية عقد الطاعن على أدلة غير سائغة فشاهد الإثبات عبد الله عبد المقصود وإن كان قرر أنه سمع حديثاً من البائع يفيد الصورية إلا أنه قرن ذلك بأنه لا يعلم مبلغ هذا الحديث من الصحة والشاهد الآخر علي عثمان لا يصح أن يوثق بأقواله، إذ مع انعدام الصلة بينه وبين الطرفين، يقرر أنه سمع حواراً يزعم أنه حدث منذ عامين الأمر الذي يقطع في كذبه فضلاً عن تناقضه مع الشاهد الأول فيما قرره من أنه سمع المطعون عليه الثاني يذكر أنه مستعد لإلغاء البيع الصادر منه للطاعن إذا دفع له مبلغ معين، كما أن هذين الشاهدين تناقضا بشأن إظهار ورقة الضد، هذا كله فضلاً عن أن أقوال المطعون عليه الثاني لا يصح قانوناً أن تعتبر حجة على الطاعن، وكما أن استئجار الطاعن من المطعون عليه الأول مسكناً ومحلاً لتجارته في العين بعد شرائها من المطعون عليه الثاني لا يفيد صورية عقد الطاعن، ذلك لأن الطاعن إنما يملك أربعة قراريط في العقار والمطعون عليه الأول يملك الباقي فاضطر الطاعن إلى الاستئجار وذلك لتحديد القيمة الإيجارية للمسكن والمحل التجاري منعاً للخلاف على ذلك في المستقبل. وأخيراً شاب الحكم المطعون فيه القصور لعدم رده على دفاع الطاعن الذي حوته مذكراته أمام محكمتي أول وثاني درجة.
وحيث إن هذا السبب مردود: أولاً - بأن الحكم المطعون فيه أقام قضاءه بصورية العقد الصادر للطاعن على ما أورده من أدلة منها وجود مستندات التمليك بيد المطعون عليه الأول دون الطاعن الذي خلت يده من أي مستند، وأن عقد المطعون عليه الأول قد صدر له من جميع ملاك العقار ومنهم المطعون عليه الثاني، وما قرره شهود الإثبات الذين رجحت المحكمة أقوالهم بما لها من سلطة تقدير الواقع الذين قرروا أنهم سمعوا المطعون عليه الثاني يعترف بصورية العقد الذي حرره، ومما هو ثابت من أن الطاعن استأجر من المطعون عليه الأول في أول فبراير سنة 1945 مسكناً ومتجراً في العقار الذي يدعي أنه اشترى فيه المقدار محل النزاع قبل ذلك في 17 من سبتمبر سنة 1944 وذلك بعد أن ردت محكمة أول درجة على ما زعمه الطاعن سبباً لهذا الإيجار ورجحت استدلال المطعون عليه الأول، وهذه الأدلة مجتمعة هي أدلة سائغة على الصورية ولا محل للطعن على تقدير الحكم لها إذ كل ما أورده الطاعن من مطاعن في نعيه على الحكم لا يعدو أن يكون تعقيباً على ما لمحكمة الموضوع من سلطة في تقدير شهادة الشهود أو في ترجيح الأدلة مما لا شأن لمحكمة النقض به، ثانياً - إن النعي على الحكم بالقصور غير مقبول إذ لم يبين الطاعن في تقرير الطعن مواطن القصور ولا يكفي في ذلك قول مجمل بأن الحكم لم يرد على دفاع الطاعن الذي أورده في المذكرات دون بيان في تقرير الطعن لهذا الدفاع الذي أغفل.
وحيث إن السبب الآخر يتحصل في أن الحكم أخطأ في تطبيق القانون وشابه التناقض، ذلك أن الحكم الصادر من محكمة ثاني درجة أيد الحكم الصادر من محكمة أول درجة على فهم غير صحيح، فقد فهمت محكمة ثاني درجة أن محكمة أول درجة قضت ببطلان عقد البيع الصادر للطاعن، لأنه عقد صوري مع أن حكم محكمة أول درجة إنما قضى بذلك بناء على أن عقد الطاعن قد شابه الغش والتدليس.
وحيث إن هذا السبب مردود بأن حكم محكمة أول درجة إنما بني على صورية عقد الطاعن وإن كان قد تزيد فطرق باب الغش والتدليس وقد قوّم حكم محكمة ثاني درجة هذا التزيد وقرر استبعاده وقصر البحث على الصورية التي انتهت إلى الاقتناع بها فأيد حكم محكمة أول درجة في هذا الخصوص فحسب ولم يحل على أسباب حكمها إلا فيما لا يتعارض مع أسبابه.
وحيث إنه لذلك يكون الطعن في غير محله ويتعين رفضه.