أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 44 - صـ 163

جلسة 7 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ محمد رأفت خفاجي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بدر الدين المتناوي، شكري محمد حسين نائبي رئيس المحكمة، فتيحه قره ومحمد الجابري.

(32)
الطعن رقم 1720 لسنة 58 القضائية

(1 - 4) إيجار"إيجار الأماكن: بيع الجدك". قانون "تفسير القانون" "سريان القانون". نظام عام.
(1) القانون التفسيري. شرطه. ألا يضيف جديداً للقانون السابق. نص المادة 20 ق 136 لسنة 1981 بشأن أحقية المالك في تقاضي نصف ثمن المبيع أو مقابل التنازل في الحالات التي يجوز فيها للمستأجر بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى. عدم اعتباره تشريعاً تفسيرياً للمادة 594/ 2 مدني والقانون 49 لسنة 1977 وارتداد عمله إلى تاريخ العمل بها. علة ذلك.
(2) النص التشريعي. وجوب سريانه على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم يقض القانون برجعية أثره. أحكام القانون المتعلقة بالنظام العام. سريانها بأثر فوري على ما لم يكتمل من المراكز القانونية الناشئة قبل نفاذه.
(3) عقد بيع الجدك. رضائي. عدم توقفه على إرادة المؤجر. انتقال الحق في الإجارة لمشتري الجدك. شرطه. توافر شروط المادة 594/ 2 مدني وقت إبرام العقد. عقود بيع الجدك المبرمة في تاريخ سابق على القانون 136 لسنة 1981. عدم خضوعها لحكم المادة 20 منه. سريان المادة المذكورة على حالات البيع والتنازل التي تتم في تاريخ لاحق لنفاذها. علة ذلك.
(4) موافقة المؤجر صراحة أو ضمناً على بيع الجدك. غير لازمة لنفاذه ولإعمال حكم المادة 594/ 2 مدني. مؤداه. عدم جواز اعتبارها مزية تخوله الحصول على مقابل لها من المستأجر.
1 - لئن كان من حق المشرع أن يصدر تشريعاً تفسيرياً يكشف به عن حقيقة المراد بقانون سابق منعاً لكل تأويل أو لبس إلا أن شرط ذلك ألا يضيف جديداً إلى القانون السابق أما حيث يورد القانون الجديد حكماً تفسيرياً مستحدثاً أو نصاً يتناول بالتعديل أو التغبير نصاً قائماً فإنه لا يعد تشريعاً تفسيرياً ولما كان ما أوردته المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن أحقية مالك العقار في الحالات التي يجوز فيها للمستأجر بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى في تقاضي نصف ثمن أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين يتضمن تعديلاً لنص المادة 594/ 2 من القانون المدني وليس لها مقابل في القانون رقم 49 لسنة 1977 ومن ثم فإنها لا تعد تشريعاً تفسيرياً لأي من القانونين المذكورين ولا يرتد إعمالها إلى تاريخ العمل بأي منهما وإنما يسري عليها ما يسري على سائر التشريعات من أحكام خاصة بتنازع القوانين من حيث الزمان.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أنه من الأصول الدستورية المقررة أن النص التشريعي لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم يقضي القانون خروجاً على هذا الأصل وفي الحدود التي يجيزها الدستور برجعية أثره ولا يغير من هذا الأصل تعلق أحكام القانون بالنظام العام إذ لا يجاوز أثره ذلك إلا أن تسري أحكامه على ما يستجد من أوضاع ناتجة عن علاقات تعاقدية أبرمت قبل نفاذه ما دامت آثارها سارية في ظله إذ تخضع هذه الآثار لأحكام القانون تغليباً لاعتبارات النظام العام التي دعت إلى إصداره على حق المتعاقدين في تحديد التزاماتهما وحقوقهما التعاقدية الحال منها والمستقبل على السواء.
3 - عقد بيع الجدك عقد رضائي يتم بمجرد اتفاق طرفيه وتنتقل فيه الملكية بمجرد انعقاده دون توقف على إرادة المؤجر باعتباره بيعاً لمنقول أي أن المراكز القانونية لأطرافه تنشأ وتكتمل فور إبرامه ويتوقف انتقال الحق في الإجارة أو عدم انتقاله إلى مشتري الجدك تبعاً لتوافر الشروط التي أوجبتها المادة 594/ 2 من القانون المدني أو عدم توافرها أي أنه ينظر فيها إلى وقت إبرام العقد ولا يمتد إلى تاريخ لاحق وبالتالي فإن عقود بيع الجدك التي أبرمت في تاريخ سابق على العمل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 لا تخضع لما ورد في المادة 20 منه التي تسري فقط على حالات البيع والتنازل التي تتم في تاريخ لاحق لنفاذه والعمل بأحكامه هذا إلى أن ما أوجبته الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 آنفة البيان من شروط تتمثل في التزام المستأجر البائع بإعلان المالك قبل إبرام الاتفاق مع الغير وتقريرها أحقية المالك في الشراء وتقييدها حق المستأجر في البيع للغير بانقضاء أجل معين كل ذلك يكشف عن أن هذه المادة يستحيل تطبيقها بشروطها وقيودها على عقود بيع الجدك التي أبرمت في تاريخ سابق على العمل بها ومن ثم يقتصر سريانها على حالات البيع والتنازل التي تتم في تاريخ لاحق لنفاذها.
4 - إن موافقة المؤجر على بيع الجدك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - صريحة كانت أو ضمنية غير لازمة لنفاذ البيع بالجدك في حقه، ولإعمال حكم المادة 594/ 2 من القانون المدني، ومن ثم لا تعتبر في حكم المزية التي يحصل المؤجر على مقابل لها من المستأجر.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن المطعون ضده الأول أقام على الشركة الطاعنة والمطعون ضدها الثانية الدعوى رقم 3443 لسنة 1983 مدني جنوب القاهرة الابتدائية بطلب الحكم ببراءة ذمته من مبلغ أربعة آلاف جنيه موضوع العقد المؤرخ 16/ 12/ 1981 مع ما يترتب على ذلك من آثار، وقال بياناً لدعواه إنه اشترى من المطعون ضدها الثانية المحل التجاري المبين بالصحيفة بمقتضى عقد بيع بالجدك 9/ 5/ 1981، إلا أن الشركة الطاعنة اشترطت لاعتماد التنازل وتغيير عقد الإيجار باسمه أن يدفع لها مبلغ 4000 جنيه وقامت ببيع ذات المحل له بمقتضى عقد بيع مؤرخ 16/ 12/ 1981 حدد فيه الثمن بمبلغ خمسة آلاف جنيه منها مبلغ ألف جنيه سبق سداده للمطعون ضدها الثانية فأقام الدعوى، حكمت المحكمة برفض الدعوى، استأنف المطعون ضده الأول هذا الحكم بالاستئناف رقم 7056 سنة 103 ق القاهرة. وبتاريخ 17/ 2/ 1988 قضت المحكمة بإلغاء الحكم المستأنف وببراءة ذمة المطعون ضده الأول من مبلغ أربعة آلاف جنيه. طعنت الشركة في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة حددت جلسة لنظره، وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على سببين، تنعى الشركة الطاعنة بأولهما على الحكم المطعون فيه مخالفة القانون، وفي بيان ذلك تقول، إن قوانين إيجار الأماكن تتعلق جميعها بالنظام العام وتسري بأثر فوري مباشر على عقود الإيجار حتى تلك التي أبرمت قبل سريانه، وعلى كل دعوى لم تستقر المراكز القانونية للخصوم فيها بحكم نهائي، وإذ كان البين من مستندات الدعوى أن بيع المحل التجاري قد تم للمطعون ضده الأول في 15/ 9/ 1981 وهو تاريخ محضر التصديق الذي تم برقم 380 لسنة 1981، وكان ذلك بعد صدور القانون رقم 136 لسنة 1981 المعمول به اعتباراً من 31/ 7/ 1981، أما تاريخ 9/ 5/ 1981 الذي يحمله عقد البيع فليس حجة عليها باعتبارها من الغير، هذا إلى أن المادة 20 من القانون سالف البيان والتي تقضي بحق المؤجر في تقاضي نصف ثمن المبيع أو مقابل التنازل عن العين المؤجرة فإن حكمها يسري على واقعة النزاع إذا ما فرض أن عقد البيع أبرم في 9/ 5/ 1981 طالما أن المركز القانوني الناشئ عنه لم يكتمل أو يستقر رضاء أو قضاء بحكم نهائي قبل 31/ 7/ 1981، وقد استقرت مراكزهم القانونية بالنسبة للعين محل النزاع بموجب اتفاق مؤرخ 16/ 12/ 1981، وإذ خالف الحكم المطعون فيه هذا النظر فإنه يكون معيباً بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك أنه ولئن كان من حق المشرع أن يصدر تشريعاً تفسيرياً يكشف به عن حقيقة المراد بقانون سابق منعاً لكل تأويل أو لبس، إلا أن شرط ذلك ألا يضيف جديداً إلى القانون السابق، أما حيث يورد القانون الجديد حكماً مستحدثاً أو نصاً يتناول بالتعديل أو التغيير نصاً قائماً فإنه لا يعد تشريعاً تفسيرياً، ولما كان ما أوردته المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 بشأن أحقية مالك العقار في الحالات التي يجوز فيها للمستأجر بيع المتجر أو المصنع أو التنازل عن حق الانتفاع بالوحدة السكنية أو المؤجرة لغير أغراض السكنى في تقاضي نصف ثمن أو مقابل التنازل بحسب الأحوال بعد خصم قيمة المنقولات التي بالعين يتضمن تعديلاً لنص المادة 594/ 2 من القانون المدني وليس لها مقابل في القانون رقم 49 لسنة 1977، ومن ثم فإنها لا تعد تشريعاً تفسيرياً لأي من القانونين المذكورين ولا يرتد إعمالها إلى تاريخ العمل بأي منهما، وإنما يسري عليها ما يسري على سائر التشريعات من أحكام خاصة بتنازع القوانين من حيث الزمان. لما كان ذلك، وكان من المقرر في قضاء هذه المحكمة أن من الأصول الدستورية المقررة أن النص التشريعي لا يسري إلا على ما يلي نفاذه من وقائع ما لم يقض القانون خروجاً على هذا الأصل وفي الحدود التي يجيزها الدستور برجعية أثره، ولا يغير من هذا الأصل تعلق أحكام القانون بالنظام العام إذ لا يجاوز أثر ذلك إلا أن تسري أحكامه على ما يستجد من أوضاع ناتجة عن علاقات تعاقدية أبرمت قبل نفاذه ما دامت آثارها سارية في ظله، إذ تخضع هذه الآثار لأحكام القانون الجديد تغليباً لاعتبارات النظام العام التي دعت إلى إصداره على حق المتعاقدين في تحديد التزاماتهما وحقوقهما التعاقدية الحالي منها والمستقبلي على السواء، ولما كان عقد بيع الجدك عقد رضائي يتم بمجرد اتفاق طرفيه وتنتقل فيه الملكية بمجرد انعقاده دون توقف على إرادة المؤجر باعتباره بيعاً لمنقول، أي أن المراكز القانونية لأطرافه تنشأ وتكتمل فور إبرامه ويتوقف انتقال الحق في الإجارة أو عدم انتقاله إلى مشتري الجدك تبعاً لتوافر الشروط التي أوجبتها المادة 594/ 2 من القانون المدني أو عدم توافرها أي أنه ينظر فيها إلى وقت إبرام العقد ولا يمتد إلى تاريخ لاحق، وبالتالي فإن عقود بيع الجدك التي أبرمت في تاريخ سابق على العمل بالقانون رقم 136 لسنة 1981 لا تخضع لما ورد في المادة 20 منه التي تسري فقط على حالات البيع والتنازل التي تتم في تاريخ لاحق لنفاذه والعمل بأحكامه هذا إلى أن ما أوجبته الفقرة الثانية من المادة 20 من القانون رقم 136 لسنة 1981 آنفة البيان من شروط تتمثل في التزام المستأجر البائع بإعلان المالك قبل إبرام الاتفاق مع الغير وتقريرها أحقية المالك في الشراء، وتقييدها حق المستأجر في البيع للغير بانقضاء أجل معين، كل ذلك يكشف عن أن هذه المادة يستحيل تطبيقها بشروطها وقيودها على عقود بيع الجدك التي أبرمت في تاريخ سابق على العمل بها، ومن ثم يقتصر سريانها على حالات البيع والتنازل التي تتم في تاريخ لاحق لنفاذها وإذ كان عقد البيع بالجدك المؤرخ 9/ 5/ 1981 انتقلت به الملكية فور انعقاده دون توقف على إرادة المؤجر ولم تقدم الشركة الطاعنة ما يؤيدها في دفاعها بصورية تاريخ هذا العقد، وانتهى الحكم المطعون فيه إلى عدم سريان أحكام القانون رقم 136 لسنة 1981 على واقعة النزاع فإنه يكون قد أعمل صحيح القانون ويضحى النعي على غير أساس.
وحيث إن الشركة الطاعنة تنعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه الفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك تقول، إن موافقة المؤجر للمستأجر صاحب الجدك وبائعه تعتبر مزية يحق للمؤجر أن يقومها وأن يقتضي مقابلها جزءاً من ثمن البيع بالجدك ولا يقع ذلك تحت طائلة النصوص القانونية التي تحرم تقاضي مبالغ تزيد عن الأجرة (خلو رجل) وليس في ذلك مخالفة لأي قاعدة من القواعد المتعلقة بالنظام العام، وإذا سلمنا من الحكم المطعون فيه بأن المادة 594/ 2 هي المنطبقة، فإنه يشترط أن يستأذن المستأجر المؤجر في النزول عن الإجارة إلى مشتري الجدك ليكون بيع الجدك نافذاًَ في حق المؤجر رغم الشرط المانع مما يعيب الحكم ويستوجب نقضه.
وحيث إن النعي غير مقبول، ذلك أن موافقة المؤجر على بيع الجدك - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - صريحة كانت أو ضمنية غير لازمة لنفاذ البيع بالجدك في حقه، ولإعمال حكم المادة 594/ 2 من القانون المدني، ومن ثم لا تعتبر في حكم المزية التي يحصل المؤجر على مقابل لها من المستأجر ويكون النعي برمته على غير أساس.
ولما تقدم يتعين رفض الطعن.