أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
الجزء الأول - السنة 44 - صـ 171

جلسة 7 من يناير سنة 1993

برئاسة السيد المستشار/ عبد الحميد الشافعي نائب رئيس المحكمة وعضوية السادة المستشارين/ محمد بكر غالي، محمد محمد محمود نائبي رئيس المحكمة، عبد الملك نصار وعلي شلتوت.

(33)
الطعن رقم 2434 لسنة 58 القضائية

(1) شفعة "حالة توالي البيوع". صورية. بيع.
بيع العقار المشفوع فيه لمشتر ثان قبل تسجيل إعلان الرغبة في الأخذ بالشفعة. م 938 مدني. أثره. عدم جواز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني وبالشروط التي اشترى بها. شرطه. ألا يكون البيع الثاني صورياً.
(2، 3) إثبات "الإثبات بالبينة، قرائن". صورية "إثبات الصورية". محكمة الموضوع.
(2) محكمة الموضوع. سلطتها في تقدير أدلة الصورية وأقوال الشهود واستخلاص الواقع منها. شرطه.
(3) محكمة الموضوع. عدم التزامها بالرد استقلالاً على كل ما يثيره الخصوم من قرائن غير قانونية متى أقامت قضاءها على أسباب سائغة.
(4) دعوى "الخصوم في الدعوى" "دعوى صحة التعاقد". بيع.
دعوى صحة التعاقد. ماهيتها. كون سند البائع عقداً عرفياً. وجوب اختصام المشتري البائع للبائع له للحكم بصحة ونفاذ العقدين. استناد البائع فيما باعه إلى حكم بصحة ونفاذ عقده - ولو لم يشهر. صدور هذا الحكم قبل رفع المشتري دعواه أو أثناء نظرها. أثره. عدم وجوب اختصام البائع له.
1 - مفاد نص المادة 938 من القانون المدني أنه إذا صدر من مشتري العقار المشفوع فيه بيع لمشتر ثان قبل أن تعلن أية رغبة في الأخذ بالشفعة أو قبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة فإنه يسري في حق الشفيع ولا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني وبالشروط التي اشترى بها إلا أن ذلك مشروط بألا يكون البيع الثاني صورياً.
2 - المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع السلطة في تقدير الأدلة التي يأخذ بها في ثبوت الصورية أو نفيها لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى كما أنه يستقل بتقدير أقوال الشهود ولو كانت سماعية حسبما يطمئن إليه وجدانه وأن يستخلص منها ما يرى أنه الواقع في الدعوى ما دام لم يخرج بتلك الأقوال عما يؤدي إليه مدلولها وأن يكون ما يستخلصه منها ومن سائر الأدلة في الدعوى سائغاً ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها.
3 - محكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير ملزمة بالرد في حكمها على ما يثيره الخصوم فيما اختلفوا فيه أو على كل قرينة من القرائن غير القانونية التي يدلون بها استدلالاً على دفاعهم، إذ في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الضمني المسقط لكافة الحجج والطلبات.
4 - لئن كانت دعوى صحة ونفاذ عقد البيع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي دعوى استحقاق ما لا يقصد بها تنفيذ التزامات البائع التي من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذاً عينياً للحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية فيتعين عند الفصل فيها بحث ما عسى أن يثار من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه، ولا يجاب المشتري إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر في الدعوى ممكنين فإذا كان سند البائع فيما يبيعه عقداً عرفياً تعين على المشتري اختصام البائع للبائع له في الدعوى ليصدر الحكم بصحة ونفاذ العقدين ومؤدى ذلك أنه إذا كان البائع يستند فيما باعه إلى حكم بصحة ونفاذ عقده - حتى ولو لم يكن قد أشهر فلا موجب لاختصام البائع له سواء صدر الحكم قبل رفع دعوى المشتري الأخير والبيع له أو أثناء نظرها إذ حسب محكمة صحة التعاقد أن تجيب المدعي فيها إلى طلبه إذا لم تقم منازعة جدية ولم تكشف أوراق الدعوى أمامها عن أن الملكية ليست ثابتة للبائع بأي طريق من طرق كسب الملكية أو أنها محل منازعة من الغير.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع التقرير الذي تلاه السيد المستشار المقرر والمرافعة وبعد المداولة.
حيث إن الطعن استوفى أوضاعه الشكلية.
وحيث إن الوقائع - على ما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر الأوراق - تتحصل في أن الطاعن أقام الدعوى رقم 78 لسنة 1984 مدني المنيا الابتدائية "مأمورية ملوي" على المطعون ضده الأول والمطعون ضدهم من الثالثة للسادس ومورثة المطعون ضده الأخير بطلب الحكم بأحقيته في أخذ الأرض الزراعية الموضحة الحدود والمعالم بصحيفة الدعوى بالشفعة مقابل الثمن المودع خزينة المحكمة ومقداره 8639.335 جنيهاً والتسليم، وقال بياناً لذلك إن المطعون ضدهم من الثالثة للسادس ومورثة المطعون ضده الأخير باعوا للمطعون ضده الأول أطياناً زراعية مساحتها 16 س، 11 ط، 5 ف بعقد مؤرخ 17/ 10/ 1980 وأنه لما كان من حقه أخذ مساحة 16 س، 7 ط، 4 ف منها بالشفعة بثمن مقداره 8639.335 جنيهاً لأنه يمتلك الأرض المجاورة للأرض المشفوع فيها ولها حق ارتفاق الري عليها كما أنه مالك الأرض على الشيوع فقد أعلن رغبته في الأخذ بالشفعة بالإنذار المؤرخ 7/ 6/ 1981 ثم أودع الثمن خزينة المحكمة وأقام الدعوى ليحكم له بطلباته. تدخلت المطعون ضدها الثانية في الدعوى طالبة عدم قبولها تأسيساً على أنها المالكة لأرض النزاع بموجب العقد المودع في الدعوى رقم 259 لسنة 1984 مدني المنيا الابتدائية "مأمورية ملوي" ولم تختصم في دعوى الشفعة وكانت قد أقامت الدعوى الأخيرة ضد المطعون ضده الأول بطلب الحكم بصحة ونفاذ عقد البيع المؤرخ 15/ 2/ 1981 والمتضمن بيعه لها الأطيان الزراعية البالغ مساحتها 16 س، 11 ط، 5 ف - موضوع العقد المؤرخ 17/ 10/ 1980 - لقاء ثمن مقداره 22000 جنيه والتسليم. تدخل الطاعن في هذه الدعوى طالباً الحكم بعدم قبولها على سند من أن الملكية لم تنتقل للبائع لها لعدم تسجيل عقد شرائه واحتياطياً برفضها لأنه طلب أخذ المبيع بالشفعة ولصورية هذا البيع. ضمت المحكمة الدعوى الثانية إلى الأولى ثم أحالتهما إلى التحقيق لإثبات ونفي صورية عقد البيع الثاني المؤرخ 15/ 2/ 1981. وبعد سماع شهود الطرفين حكمت أولاً في الدعوى رقم 78 لسنة 1984 المنيا الابتدائية "مأمورية ملوي" بقبول تدخل المطعون ضدها الثانية خصماً ثالثاً في الدعوى وبرفض الدفع المبدى من الطاعن بصورية عقد البيع المؤرخ 15/ 2/ 1981 وبسقوط حقه في أخذ الأطيان الموضحة بصحيفة الدعوى بالشفعة ثانياً وفي الدعوى 259 لسنة 1984 مدني المنيا الابتدائية "مأمورية ملوي" بقبول تدخل الطاعن خصماً ثالثاً فيها وفي موضوع تدخله برفضه وبإلحاق عقد الصلح المؤرخ 3/ 10/ 1981 بمحضر الجلسة وإثبات محتواه فيه وجعله في قوة السند التنفيذي. استأنف الطاعن هذا الحكم لدى محكمة استئناف بني سويف "مأمورية المنيا بالاستئناف رقم 314 لسنة 22 ق - طالباً إلغاءه والقضاء له بطلباته وبعدم قبول الدعوى رقم 259 لسنة 1984 مدني المنيا الابتدائية "مأمورية ملوي" وبتاريخ 6 من إبريل سنة 1988 قضت المحكمة بتأييد الحكم المستأنف طعن الطاعن في هذا الحكم بطريق النقض، وقدمت النيابة مذكرة أبدت فيها الرأي برفض الطعن، وإذ عرض الطعن على هذه المحكمة في غرفة مشورة رأت أنه جدير بالنظر وحددت جلس لنظره وفيها التزمت النيابة رأيها.
وحيث إن الطعن أقيم على ثلاثة أسباب ينعى الطاعن بالسبب الأول منها على الحكم المطعون فيه الخطأ في تطبيق القانون، وفي بيان ذلك يقول إن إجراءات دعوى الشفعة تستقيم في حالة توالي البيوع والدفع بصورية عقد المشتري الثاني بتدخله أو إدخاله فيها ويتوقف مصير الدعوى على ثبوت تلك الصورية من عدمه وبصدور الحكم بالصورية تصح إجراءات الشفعة في البيع الأول دون اختصام المشتري الثاني. وإذ انتهى الحكم المطعون فيه على الرغم من تدخل المطعون ضدها الثانية في دعوى الشفعة ودفعه بصورية عقدها إلى تأييد الحكم المستأنف القاضي بسقوط حقه في الشفعة على سند من عدم اتخاذه الإجراءات القانونية التي تستقيم بها دعوى الشفعة كإعلان الرغبة للمشترية الثانية بعد اختصامها فيها وإيداع الثمن الذي اشترت به وتحجب بهذا النظر الخاطئ عن بحث دفعه بالصورية فإنه يكون معيباً بالقصور بالخطأ في تطبيق القانون بما يستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي في غير محله، ذلك أنه لما كان مفاد نص المادة 938 من القانون المدني أنه إذا صدر من مشتري العقار المشفوع فيه بيع لمشتر ثان قبل أن تعلن أية رغبة في الأخذ بالشفعة أو قبل أن يتم تسجيل هذه الرغبة فإنه يسري في حق الشفيع ولا يجوز الأخذ بالشفعة إلا من المشتري الثاني وبالشروط التي اشترى بها، إلا أن ذلك مشروط بألا يكون البيع الثاني صورياً، وكان البين من الحكم المطعون فيه أنه بعد أن انتهى إلى تأييد الحكم المستأنف فيما خلص إليه من جدية عقد المشترية الثانية بعد أن عجز الشفيع عن إثبات صوريته - وعلى ما سيأتي بيانه في الرد على السبب الثاني - ورتب على ذلك قضاءه بسقوط حق الطاعن في الشفعة أورد في مدوناته تدعيماً لذلك قوله "وكان المستأنف (الطاعن) لم يتخذ الإجراءات القانونية لاستقامة دعوى الشفعة إذ أنه لم يعلن رغبته للمشترية الثانية - المستأنف عليها الثانية والمتدخلة في دعوى الشفعة - ولم يودع الثمن المذكور بعقد البيع الصادر لها خلال الميعاد القانوني ولم يختصمها في دعوى الشفعة مع البائع لها ومن ثم يكون الاستئناف غير قائم على أساس سليم...." وهو من الحكم نظر صحيح في القانون بعد أن عجز الشفيع عن إثبات صورية عقد المشترية الثانية الصادر لها قبل أن تعلن أية رغبة في الشفعة أو يتم تسجيلها فإن النعي عليه في هذا السبب يكون على غير أساس.
وحيث إن الطاعن ينعى بالسبب الثاني على الحكم المطعون فيه القصور في التسبيب والفساد في الاستدلال، وفي بيان ذلك يقول إنه تمسك في دفاعه في صحيفة الاستئناف بأن أقوال شهود المطعون ضده الأول فضلاً عن أنها سماعية ومتناقضة فإنها لا تؤدي لما انتهى إليه الحكم المستأنف من انتفاء صورية عقد البيع المؤرخ 15/ 2/ 1981 إذ لم يشهد أحداً منهم واقعة تحرير العقد أو قبض الثمن أو أن الزوجة المشترية باعت شيئاً من أملاكها دفعته ثمناً للأرض مع أن غنى الزوجة إن صح لا يدل على شرائها الأرض بالفعل من زوجها أو دفعها الثمن له، كما أنه دلل على صورية البيع بقرائن عديدة كتحرير العقد بين زوجين، وبضعف الثمن فضلاً عن أن العقد غير ثابت التاريخ وأن عقود إيجار الأرض كلها صادرة باسم الزوج شخصياً وليس بصفته وكيلاً عنها غير أن الحكم المطعون فيه انتهى إلى تأييده الحكم المستأنف دون أن يعرض لهذه القرائن إيراداً ورداً عليها ويوليها حقها من البحث والتمحيص بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي مردود، ذلك أن المقرر في قضاء هذه المحكمة أن لقاضي الموضوع السلطة في تقدير الأدلة التي يأخذ بها من ثبوت الصورية أو نفيها لتعلقه بفهم الواقع في الدعوى، كما أنه يستقل بتقدير أقوال الشهود ولو كانت سماعية حسبما يطمئن إليه وجدانها وأن يستخلص منها ما يرى أنه الواقع في الدعوى ما دام لم يخرج بتلك الأقوال عما يؤدي إليه مدلولها وأن يكون ما يستخلصه منها ومن سائر الأدلة في الدعوى سائغاً ومن شأنه أن يؤدي إلى النتيجة التي انتهى إليها، لما كان ذلك، وكان البين من الحكم الابتدائي المؤيد بالحكم المطعون فيه أنه أقام قضاءه برفض الدفع بصورية عقد البيع المؤرخ 15/ 2/ 1981 الصادر للمطعون ضدها الثانية على قوله "..... وإذ كانت المحكمة تقتنع بأقوال شهود الخصمة المتدخلة في دعوى الشفعة والمدعية في الدعوى المنضمة وهم.....، ......، ...... فقد قرر الأول بأنه قريب الطرفين وحضر صلح بين المدعي وبين المدعى عليه الأول وتناول عرض الصلح شروطاً عرضها على الأخير فلم يبت فيه إلا بعد الرجوع إلى زوجته التي تقابل معها ورفضت عرض الصلح وعلم منها بأن زوجها باع لها الأرض وانتفعت بها عن طريق زوجها الوكيل عنها مؤكداً بأن هذا البيع جدي، وبما قرره الثاني وهو أخ المدعي الذي شهد بأن المدعى عليه الأول بعد أن اشترى الأرض بنحو شهرين أو ثلاثة - وهو ما يتفق مع تاريخ العقد المطعون عليه - علم منه بأنه في ضائقة مالية وسعى لإيجاد مشتري للأرض وعرض على المستأجرين شراؤها فطلبوا نصفها وعندما عاد إليه مفضياً له بذلك أخبره بأنه قام بالبيع لزوجته وأن البيع الذي تم للزوج على حساب الفدان ألفين من الجنيهات، أما البيع الذي تم للزوجة كان بأربعة آلاف جنيه للفدان وسبب ارتفاع سعر الأرض هو عودة القادمين من الخارج بأموال كثيرة مع قلة عرض الأراضي المبيعة، وبما شهد به الثالث أيضاً من أن الزوجة أرسلت في طلبه مستفسرة منه عن سعر الفدان وعندما حضر الزوج لتحصيل الإيجار أخبره بأن الزوجة هي التي اشترت الأرض وأفاده بوجود توكيل معه لتحصيل الإيجار وأن الفترة بين البيعين حوالي ثلاثة أشهر ولا تطمئن إلى أقوال شهود المدعي التي جاءت معظمها سماعية بالنسبة لواقعة البيع الثاني وفي البعض الآخر غير جازمة بصوريته وغير موضحة تفاصيل وأدلة هذه الصورية فضلاً عن أنه قد نال من أقوال الشاهدين......، ..... ما ثبت من واقع شهادة الإدارة التعليمية من تواجدهما بالخارج إبان الفترة المعاصرة لتحرير هذا العقد بالإضافة إلى أن الشاهد الأول...... قرر بتحذيره لعمه الشاهد الثالث من شهود المدعى عليه الأول بالبيع الصوري إلا أن الأخير كذبه في هذا الشأن، وإذا ما أضافت المحكمة لاطمئنانها لأقوال شهود المدعى عليه الأول ما تأيد بموجب المستندات المقدمة بحافظتيه والتي يدلل بها على صدور توكيل إليه من زوجته بتحصيل الإيجار من المستأجرين وما يتعلق بذلك ووجود تعاملات لها مع شركة السكر سابقة على تحرير العقد المطعون عليه وإخطار المدعي بالبيع المطعون عليه بالإنذار المؤرخ 23/ 6/ 1981 وإقامة دعوى صحة التعاقد بشأنها بصحيفة أودعت قلم كتاب محكمة المنيا الابتدائية برقم 1853 لسنة 1981 بتاريخ 13/ 6/ 1981 أي قبل إعلانه الرغبة بإنذار الرغبة بالشفعة من قبل المدعي فيها الحاصل في 17/ 6/ 1981 من كل ذلك قرائن مؤيدة لأقوال الشهود على جدية التصرف الصادر من المدعى عليه الأول في دعوى الشفعة وهو بذاته المدعى عليه في الدعوى المنضمة لزوجته المتدخلة في دعوى الشفعة والمدعية في الدعوى المنضمة وتسقط عن هذا العقد القول بصوريته". وكانت هذه الأسباب سائغة ومن شأنها أن تؤدي إلى ما رتبه الحكم عليها من رفض الدفع بالصورية وتكفي لحمله، وكان لا يعيب الحكم المطعون فيه عدم رده على القرائن التي تساند إليها الطاعن لإثبات صورية ذاك العقد لأن محكمة الموضوع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - غير ملزمة بالرد في حكمها على ما يثيره الخصوم فيما اختلفوا فيه أو على كل قرينة من القرائن غير القانونية التي يدلون بها استدلالاً على دفاعهم، إذ في قيام الحقيقة التي اقتنعت بها وأوردت دليلها الرد الضمني المسقط لكافة الحجج والطلبات، ومن ثم يكون النعي على غير أساس.
وحيث إن حاصل النعي بالسبب الثالث القصور في التسبيب، وفي بيان ذلك يقول الطاعن إنه تمسك في صحيفة الاستئناف بعدم قبول دعوى صحة ونفاذ العقد الصادر للمطعون ضدها الثانية بتاريخ 15/ 2/ 1981 لأن زوجها البائع لها لم يكن مالكاً إذ لم يصدر له حكم صحة التعاقد إلا في 30/ 6/ 1981 بعد دعواها غير أن الحكم الابتدائي واجه الدفع بما لا يصلح رداً عليه وغفل الحكم المطعون فيه المؤيد له عن إيراده أو الرد عليه بما يعيبه ويستوجب نقضه.
وحيث إن هذا النعي غير سديد، ذلك لأنه ولئن كانت دعوى صحة ونفاذ عقد البيع - وعلى ما جرى به قضاء هذه المحكمة - هي دعوى استحقاق ما لا يقصد بها تنفيذ التزامات البائع من شأنها نقل الملكية إلى المشتري تنفيذاً عينياً للحصول على حكم يقوم تسجيله مقام تسجيل العقد في نقل الملكية فيتعين عند الفصل فيها بحث ما عسى أن يثار من منازعات بشأن ملكية البائع للمبيع كله أو بعضه، ولا يجاب المشتري إلى طلبه إلا إذا كان انتقال الملكية إليه وتسجيل الحكم الذي يصدر في الدعوى ممكنين، فإذا كان سند البائع فيما يبيعه عقداً عرفياً يتعين على المشتري اختصام البائع للبائع له في الدعوى ليصدر الحكم بصحة ونفاذ العقدين، ومؤدى ذلك أنه إذا كان البائع يستند فيما باعه إلى حكم بصحة ونفاذ عقده - حتى ولو لم يكن قد أشهر - فلا موجب لاختصام البائع له سواء صدر الحكم قبل رفع دعوى المشتري الأخير والبيع له أو أثناء نظرها، إذ حسب محكمة صحة التعاقد أن تجيب المدعي فيها إلى طلبه إذا لم تقم منازعة جدية ولم تكشف أوراق الدعوى أمامها عن أن الملكية ليست ثابتة للبائع بأي طريق من طرق كسب الملكية أو أنها محل منازعة من الغير وإذ التزم الحكم الابتدائي المؤيد لأسبابه بالحكم المطعون فيه هذا النظر وأقام قضاءه بقبول دعوى صحة التعاقد المرفوعة من المطعون ضدها الثانية تأسيساً على أن الطاعن لم يدع أنه أو غيره مالك لأطيان النزاع وأنه يكفي لقبول هذه الدعوى صدور حكم للبائع بصحة التعاقد فإن النعي عليه بهذا السبب يكون في غير محله.
وحيث إنه لما تقدم يتعين رفض الطعن.