مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة 1990) - صـ 365

(25)
جلسة 2 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسري زين العابدين ود. إبراهيم علي حسن ود. فاروق عبد البر السيد وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

الطعن رقم 412 لسنة 33 القضائية

عاملون مدنيون بالدولة - تأديب - التحقيق - ضماناته - (إدارة محلية) القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون الحكم المحلي معدلاً بالقانون رقم 50 لسنة 1981 - يجب على السلطات المختصة إخطار المجلس الشعبي المحلي قبل مباشرة أي إجراءات تأديبية ضد عضو المجلس المحلي إذا كان من العاملين بالجهاز الإداري للدولة أو القطاع العام أو القطاع الخاص - الإخطار لا يعتبر محض إجراء تنظيمي بل هو في واقعه ضمانة لأعضائه من العاملين المذكورين - أساس ذلك: حتى لا يخضع العامل لإكراه مادي أو تأثير أدبي من جهة عمله وهو يمارس أعماله بما تتضمنه من رقابة للسلطات الإدارية وحتى يتصدى المجلس الشعبي المحلي لما قد يراه ماساً بعضو المجلس في ممارسته اختصاصاته النيابية المحلية - يترتب على إغفال الإخطار بطلان التحقيق وما ينبني عليه من قرارات - لا حجة للقول بأنه لا بطلان إلا بنص صريح يقرره لأن البطلان يتقرر في كل حالة يفقد فيها الإجراء ركناً من أركان قيامه - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الأربعاء الموافق 31/ 12/ 1986 أودع الأستاذ/ حنا ناروز المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها تحت رقم 412 لسنة 33 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط في دعوى الطعن المقام من السيد/....... ضد كل من السيد/ وزير المالية بصفته والسيد/ محافظ المنيا بصفته، والقاضي بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وقد طلب الطاعن للأسباب الواردة في تقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم بإلغاء قرار الجزاء الصادر من وكيل الوزارة المشرف على مصلحة الضرائب رقم 602 لسنة 1985 بخصم ستة أيام من راتبه مع اعتباره كأن لم يكن مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً برأيها القانوني ارتأت فيه - للأسباب المبينة به الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وحدد لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 25/ 1/ 1989، وبجلسة 8/ 3/ 1989 قررت تلك الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة، والتي نظرت بجلسة 8/ 4/ 1989 وتداول نظره وفقاً للثابت بمحاضر الجلسات إلى أن تقرر بجلسة 4/ 11/ 1989 حجز الطعن للحكم فيه بجلسة اليوم (2/ 12/ 1989)، وبها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعات، وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أن الطاعن بصفته مراجعاً بمأمورية ضرائب ملوى نسب إليه إتيانه الوقائع التالية:
1 - تعديه بالألفاظ الخارجة على كل من رئيس المأمورية السيد/.....، والمراجع السيد/......، والسيد/...... المأمور الفاحص وذلك أثناء تواجدهم بالمأمورية يومي 12، 13/ 2/ 1984 الأمر الذي ترتب عليه الفوضى وعدم انتظام العمل.
2 - تقديمه الشكاوى الكيدية ضد رئيس المأمورية والمراجع المذكور.
3 - محاولته إعاقة العمل بالتصدي للسيد/...... أثناء مناقشته للممولين/........،...... بتاريخ 13/ 2/ 1984 وتحريضهم بعدم الإدلاء بالمعلومات الصحيحة بشأن المناقشة.
4 - قيامه بإثارة جو من الرعب والخوف للعاملين بالمأمورية حتى لا يتمكن أحد من محاسبته وزوجته وشركائهم في نشاطهم تقسيم أراضي البناء بمدينة ملوى.
وقد قامت النيابة الإدارية بالتحقيق في هذا الموضوع وانتهت إلى الآتي:
أولاً: قيد الواقعة كمخالفة إدارية بالمواد 76/ 3، 78/ 1، 80/ 20 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983، والمادة 27 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي والمادة 27/ 1 مكرراً المضافة بالقانون رقم 50 لسنة 1981 ضد السيد/....... المراجع بمأمورية الضرائب العامة بملوى من الدرجة الأولى التخصصية لأنه في يوم 12/ 3/ 1984 بمقر المأمورية المذكورة خرج على مقتضى الواجب الوظيفي وسلك مسلكاً لا يتفق والاحترام الواجب ولم ينأ بنفسه عن موطن الشبهات بأن:
1 - تقدم بشكوى إلى الشرطة ضد كل من....... رئيس المأمورية والمراجع....... ضمنها اعتداءهما على الممول..... وتبين من التحقيق عدم صحة الادعاء وعلى النحو المبين بالأوراق.
2 - أهان بالقول كلاً من....... رئيس المأمورية و....... المراجع أثناء العمل وعلى النحو المبين بالأوراق.
3 - حاول التدخل والتأثير على المختصين بمأمورية ضرائب ملوى أثناء مناقشة الممول....... والمشترين منه لبعض الأراضي رغم صلة القربى التي تربطه بالممول المذكور على النحو المبين بالأوراق.
ثانياً: مجازاة المخالف المذكور إدارياً مع أخذه بالشدة الرادعة.
ثالثاً: إبلاغ النيابة العامة لإجراء شئونها في المسئولية الجنائية طبقاً للتعليمات.
وقد انتهى رئيس مصلحة الضرائب في 30/ 4/ 1985 إلى الموافقة على الجزاء المقترح من الإدارة العامة للتحقيقات بمصلحة الضرائب (ملف رقم 24/ 1984) بخصم ستة أيام من مرتب السيد/...... وعلى إبلاغ النيابة العامة بما هو منسوب إليه من إهانته بالقول كلاً من السيد/....... رئيس المأمورية والسيد/...... المراجع بالمأمورية وذلك أثناء عملهما.
وفي 7/ 10/ 1985 أقام الطاعن دعوى الطعن التأديبي ضد قرار الجزاء المذكور والصادر برقم 602 لسنة 1985 من السيد وكيل وزارة المالية المشرف على مصلحة الضرائب، وذلك أمام المحكمة التأديبية بمدينة أسيوط والتي تقيدت تحت رقم 3 لسنة 13 القضائية، وبجلسة 9/ 11/ 1989 حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن ما نعاه الطاعن على القرار المطعون فيه بمخالفته لأحكام القانون 43 لسنة 1979 بنظام الحكم المحلي والمعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 بعدم إخطار الجهة الإدارية بالمجلس الشعبي المحلي باتخاذ الإجراءات التأديبية قبل الطاعن والذي يعمل عضواً في المجلس الشعبي المحلي بملوى بالمخافة لأحكام المادة 91 من القانون المذكور، هذا النعي لا أساس له من القانون ذلك أن المشرع لم يرتب أي أثر إلا بطلان على مخالفة هذه المادة، إذ أنه من المقرر قانوناً لا بطلان إلا بنص، ومن ثم فيكون الدفع ببطلان قرار الجزاء المطعون فيه وبطلان التحقيقات غير قائم على سند صحيح من القانون مما رأت معه المحكمة رفض هذا الدفع.
وعن موضوع الاتهامات الموجهة للطاعن فقد انتهت المحكمة في حكمها المطعون عليه إلى أنه قد ثبت في حقه كافة المخالفات المنسوبة إليه في تحقيقات النيابة بالمنيا، ومن ثم يكون القرار المطعون عليه قد استخلص النتيجة التي انتهى إليها استخلاصاً سائغاً من الأوراق ويكون قرار الجزاء قائماً على سنده، وهو ما انتهت معه المحكمة إلى أن دعوى الطعن قد أقيمت على غير سند من القانون والواقع خليفة بالرفض.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد خالف القانون لأسباب ثلاثة: السبب الأول أن الطاعن أوضح أنه كان ضحية حملة شرسة تزعمها السيد/....... رئيس مأمورية ضرائب ملوى، والسيد/.... مراجع المأمورية اللذان تزعما حركة تنكيل وإرهاب للطاعن وذكر على سبيل المثال ثلاث دعاوى قضائية أقيمت أمام مجلس الدولة مستهدفاً بيان الخصومة بين المذكورين، والسبب الثاني ويجمل في مخالفة جهة الإدارة لحكم المادة 91 من قانون نظام الحكم المحلي والمادة 34 من اللائحة التنفيذية لهذا القانون حيث تم توقيع الجزاء بدون إخطار المجلس الشعبي، والسبب الثالث يخلص في أن حفظ النيابة العامة للشكوى ضد رئيس المأمورية والمراجع بها لا يدل على أن الطاعن أبلغ بأمور كاذبة، بل أن النيابة العامة سارت على حفظ أمثال هذه القضية، ولم توجه له تهمة البلاغ الكاذب وعن الاتهام بإهانة رئيس المأمورية والمراجع فهو يذهب إلى بطلان هذا الاتهام وتلفيقه، وعن اتهامه بالتدخل لصالح بعض الممولين وهما.....، ...... فقد أنكر صحة هذا الأمر.
ومن حيث إنه عن النعي على الحكم بالخطأ في تطبيق القانون لبطلان الجزاء الإداري الموقع لبطلان التحقيقات لمخالفة ما تقضي به المادة 91 من القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي والمعدل بالقانون رقم 50 لسنة 1981 - فإن هذه المادة بعد تعديلها بالقانون رقم 50 لسنة 1981 تنص على الآتي: لا يسأل عضو المجلس الشعبي المحلي عما يبديه من آراء أثناء اجتماعات ومناقشات المجلس ولجانه.
ويجب على السلطات المختصة إخطار المجلس الشعبي المحلي بما يتخذ من إجراءات جنائية ضد أعضاء المجلس خلال ثمان وأربعين ساعة على الأكثر من تاريخ اتخاذ هذه الإجراءات، كما يتعين إخطاره قبل مباشرة أي إجراءات تأديبية ضدهم إذا كانوا من العاملين بالجهاز الإداري للدولة أو القطاع العام أو القطاع الخاص، وفي جميع الحالات يبلغ المجلس بنتيجة التحقيق ويتعين أخذ موافقة المجلس الشعبي المحلي قبل تنفيذ نقل أحد أعضاء المجلس من وظيفته إلا إذا كان النقل بناء على طلبه، وعلى الجهة التي يعمل بها عضو المجلس الشعبي المحلي إن تيسر له أداء واجبات العضوية وذلك طبقاً للقواعد والأوضاع التي تحددها اللائحة التنفيذية.
ومن حيث إن اللائحة التنفيذية من قانون نظام الحكم المحلي الصادر بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979، والمعدلة بالقرار رقم 314 لسنة 1982 قد تضمنت في نص المادة 34 منها ذات عبارات المادة 91 من القانون وخاصة ما جاء بها من أنه "ويتعين إخطار المجلس قبل مباشرة أية إجراءات تأديبية ضد أي من أعضائه إذ كان من العاملين بالجهاز الإداري للدولة والقطاع العام أو القطاع الخاص.
ومن حيث إن تحقيق سبب الطعن على الحكم والذي يخلص في مخالفة جهة الإدارة لما تقضي به المادة 91 من قانون نظام الحكم المحلي سالفة الذكر مناطه تبيان ما إذا كان الإجراء المنصوص عليه في هذه المادة والموجب لإخطار المجلس الشعبي المحلي قبل مباشرة أي إجراءات تأديبية ضد أي من أعضائه إذا كانوا من العاملين بالجهاز الإداري بالدولة أو القطاع العام أو القطاع الخاص - ما إذا كان هذا الإجراء هو محض إجراء تنظيمي لمجرد إحاطة المجلس الشعبي بما يتخذ من إجراءات تأديبية ضد أحد أعضائه - مما لا يترتب على إغفاله أي بطلان للإجراءات التأديبية المتخذة، أم أن هذا الإجراء من الإجراءات الجوهرية الممثلة لضمانة من ضمانات عضو المجلس الشعبي المحلي الذي يرتبط بعلاقة عمل بإحدى الجهات العامة أو الخاصة وهو ما يترتب على إغفاله بطلان الإجراء التأديبي المتخذ.
ومن حيث إن القانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي قد نص في المادة 41 منه على أن "يتولى المجلس الشعبي المحلي للمركز في نطاق السياسة العامة للمحافظة الإشراف والرقابة على أعمال المجالس الشعبية المحلية للمدن والقرى الواقعة في نطاق المركز والتصديق على قراراتها في الحدود التي تقررها اللائحة التنفيذية.
كما يتولى الرقابة على مختلف المرافق ذات الطابع المحلي التي تخدم أكثر من وحدة محلية في نطاق المركز ويختص في حدود القوانين واللوائح بما يلي:
1 - إقرار مشروع الخطة ومشروع الموازنة السنوية للمركز ومتابعة تنفيذها وإقرار مشروع الحساب الختامي.
2 - تحديد وإقرار خطة المشاركة الشعبية بالجهود والإمكانيات الذاتية على مستوى المركز في المشروعات المحلية ومتابعة تنفيذها.
3 - اقتراح إنشاء مختلف المرافق التي تعود بالنفع العام على المركز.
4 - تحديد وإقرار القواعد العامة لإدارة استخدام ممتلكات المركز والتصرف فيها.
5 - الموافقة على القواعد العامة بتنظيم تعامل أجهزة المركز مع الجماهير في كافة المجالات.
6 - الموافقة على القواعد اللازمة لتنظيم المرافق العامة المحلية للمركز ورفع كفاءة العمل بها.
7 - اقتراح خطط رفع الكفاية الإنتاجية.
كما أجازت المادة 42 للمجلس الشعبي المحلي بعد موافقة المحافظ التصرف بالمجان في مال من أموال المركز الثابتة أو المنقولة أو تأجيره بإيجار رسمي أو بأقل من أجر المثل بقصد تحقيق غرض ذي نفع عام.
ونصت المادة 37 من اللائحة التنفيذية للقانون رقم 43 لسنة 1979 الصادرة بقرار رئيس مجلس الوزراء رقم 707 لسنة 1979 والمعدلة بالقرار رقم 314 لسنة 1982 على أن "تتضمن اللائحة الداخلية للمجلس الشعبي المحلي طريقة تقديم الاقتراحات للمجلس وتنظيم إجراءات وأوضاع تقديم الأسئلة وطلبات الإحاطة والإجابة عليها والاستجوابات ومناقشتها".
ومن حيث إن المشرع قد أناط بالمجالس الشعبية المحلية اختصاصات تتبلور في الرقابة على مختلف المرافق المحلية بما يتضمنه ذلك من حق تقديم الأسئلة وطلبات الإحاطة وتوجيه الاستجوابات وبما يعين على ذلك من مساءلة القادة الإداريين المحليين.
ومن حيث إنه استهدافاً لضمان ممارسة أعضاء المجالس الشعبية المحلية لأعمالهم - والمقرر لهم تحقيقاً لصالح الجماعة - فقد قرر المشرع ضمانات لأعضاء المجالس الشعبية المحلية تكفل لهم القدر اللازم من الحماية في ممارستهم واجباتهم التي أناطها بهم القانون.
ومن حيث إنه بصدد تنظيم هذه الضمانات بالمادة 91 من القانون رقم 43 لسنة 1979 سالف الذكر والمعدلة بالقانون رقم 50 لسنة 1981 فقد نص على أنه "ويجب على السلطات المختصة إخطار المجلس الشعبي المحلي بما يتخذ من إجراءات جنائية ضد أعضاء المجلس خلال ثمان وأربعين ساعة على الأكثر من تاريخ اتخاذ هذه الإجراءات، كما يتعين إخطاره قبل مباشرة أي إجراءات تأديبية ضدهم إذا كانوا من العاملين بالجهاز الإداري بالدولة أو القطاع العام أو القطاع الخاص".
ومن حيث إنه يبين من ذلك أن إجراء الإخطار من السلطة المختصة للمجلس الشعبي المحلي قبل مباشرة أي إجراءات تأديبية ضد عضو المجلس - إذا كان من العاملين بالجهاز الإداري للدولة أو القطاع العام أو القطاع الخاص - هذا الإجراء لا يعتبر محض إجراء تنظيمي، بل هو في واقعه وعلى ما تكشف عنه طبيعة اختصاصات المجلس الشعبي المحلي - ضمانة لأعضائه من العاملين بالدولة أو القطاع الخاص، وحتى لا يخضع العامل لإكراه مادي أو تأثير أدبي من جهة عمله وهو يمارس أعباء النيابة بما تتضمنه من رقابة للسلطات الإدارية ذاتها، والتي منها وسائل ذات وطأة على الجهات الإدارية تصل غايتها بتقديم الاستجوابات وتقرير مسئولية القادة الإداريين المحليين. ويكون من ثم إخطار السلطة المختصة للمجلس الشعبي المحلي قبل مباشرة أي إجراء تأديبي ضد عضو بهذا المجلس من العاملين بالدولة تحقيق لضمانة أساسية لهذا العضو، وحتى يستطيع المجلس الشعبي المحلي أن يتصدى في ضوء سلطاته القانونية - لما قد يراه ماساً بعضو المجلس في ممارسته اختصاصاته النيابية المحلية.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الأعمال التحضيرية للقانون المعدل للقانون رقم 43 لسنة 1979 بإصدار قانون نظام الحكم المحلي، والذي صدر برقم 50 لسنة 1981 - أن المشرع استهدف دعم نظام الحكم المحلي بتقرير عديد من السلطات للوحدات المحلية وتعميق رقابة المجالس الشعبية على السلطات المحلية.
ومن حيث إنه استهدافاً لذلك فقد أضاف القانون المعدل نصاً على أنه "يتعين إخطار - السلطة المختصة للمجلس الشعبي - قبل مباشرة أي إجراءات تأديبية ضد أعضاء المجلس - إذا كانوا من العاملين بالجهاز الإداري للدولة أو القطاع العام وقد رؤى عند مناقشة مشروع المادة 91 إضافة القطاع الخاص للنص المذكور وحتى "يتمتع أعضاء المجالس الشعبية المحلية العاملون بالقطاع الخاص بنفس الضمانات التي يتمتع بها أعضاء هذه المجالس من العاملين بالجهاز الإداري للدولة أو القطاع العام" (مجلس الشعب - الجلسة الثالثة والخمسين - 23 مايو 1981 - صفحة 4835) وهو ما يعني إسباغ هذه الضمانة المقررة بهذا النص على من يرتبطون بعلاقة عمل سواء كانت عامة أو خاصة وحتى لا تكون ممارستهم لاختصاصاتهم النيابية المحلية معرضة لضغوط أدبية أو توجيه من جهات عملهم.
ومن حيث إنه متى كان الأمر كذلك فإن إخطار السلطات المختصة للمجلس الشعبي المحلي قبل مباشرة أي إجراءات تأديبية ضد أعضاء المجلس من العاملين بالجهاز الإداري للدولة أو القطاع العام أو القطاع الخاص - هو في واقعه ضمانة أساسية لممارسة عضو المجلس لاختصاصاته النيابية، ويترتب على إغفال هذا الإخطار بطلان التحقيق وما ينبني عليه من قرارات.
ومن حيث إنه لا حجة للقول بأنه لا بطلان إلا بنص صريح يقرره - لأن البطلان يتقرر في كل حالة يفقد فيها الإجراء المتخذ ركناً من أركان قيامه.
ومن حيث إنه بناء على ما تقدم وقد ثبت من الأوراق أن الطاعن وهو عضو مجلس شعبي محلي مركز ملوى قد اتخذت ضده إجراءات تأديبية وفقاً لما سلف من بيان ولم تخطر السلطة المختصة المجلس الشعبي المحلي قبل مباشرة الإجراءات التأديبية ضده ومن ثم فإنه يكون قد لحق بالتحقيق الذي أجرى من الطاعن بطلان ينهدر معه القرار التأديبي الذي بني عليه، ويكون الحكم المطعون فيه وإذ لم يلتزم بهذا النظر - قد أخطأ في فهم القانون وتأويله مما يوجب إلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء قرار الجزاء رقم 602 لسنة 1985.
ومن حيث إن هذا القضاء لا يعني تبرئه الطاعن مما هو منسوب إليه، إذ أن مبنى هذا الحكم هو مخالفة أحد الإجراءات الجوهرية والتي تمثل ضمانة لعضو المجلس الشعبي المحلي دون التعرض لموضوع المساءلة التأديبية - ومن ثم فإن الجهة الإدارية وشأنها في اتخاذ ما تراه من إجراءات تأديبية بعد اتباع إجراء الإخطار المنصوص عليه بالمادة 91 من القانون رقم 43 لسنة 1979 سالف الذكر.
ومن حيث إن هذا الطعن معفى من الرسوم لما تقضي به المادة 90 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بإصدار قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه وإلغاء قرار وكيل الوزارة المشرف على مصلحة الضرائب رقم 602 لسنة 1985 بخصم ستة أيام من مرتب الطاعن.