مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة 1990) - صـ 376

(26)
جلسة 2 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار/ طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأستاذة: محمد يسري زين العابدين ود. إبراهيم علي حسن ود. فاروق عبد البر السيد وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

الطعن رقم 1059 لسنة 34 القضائية

نيابة إدارية - دورها في مراحل الدعوى التأديبية - أثر ذلك على تدخل الإدارة فيها.
تنص المادة (4) من قرار رئيس الجمهورية بالقانون 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية - قبل تعديلها بالقانون رقم 12 لسنة 1989 - على أن "تتولى النيابة الإدارية مباشرة الدعوى التأديبية أمام المحاكم التأديبية بالنسبة إلى الموظفين المعينين على وظائف دائمة" - في ظل هذا النص جرى قضاء المحكمة الإدارية العليا على أن النيابة الإدارية فيما تباشره من إجراءات أمام المحكمة التأديبية إنما تنوب قانوناً عن الجهة الإدارية التي يتبعها العامل المقدم للمحاكمة والتي يتعدى إليها أثر الحكم الصادر في الدعوى التأديبية - بهذه المثابة تعتبر جهة الإدارة الخصم الأصلي في الدعوى وتكون من ثم صاحبة صفة في أن تطعن في الحكم الصادر في الدعوى التأديبية ويكون لها أن تطلب التدخل الانضمامي إلى جانب النيابة الإدارية إذا طعنت في الحكم الصادر في الدعوى التأديبية - بعد تعديل هذه المادة أصبح نصها يجرى بأن تتولى النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية ومباشرتها أمام المحاكم التأديبية ولرئيس هيئة النيابة الإدارية الطعن في أحكام المحاكم التأديبية - مقتضى هذا التعديل أن أصبحت ولاية النيابة الإدارية شاملة إقامة الدعوى التأديبية ومباشرتها أمام المحاكم التأديبية وكذلك إقامة الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية في تلك الدعاوى - قصر هذه الولاية على النيابة الإدارية من شأنه عدم جواز تدخل جهة الإدارة في الطعن الذي تقيمه النيابة الإدارية أو يقام ضدها في الأحكام المشار إليها - تطبيق [(1)].


إجراءات الطعن

في يوم الأحد الموافق السادس من مارس سنة 1988 أودع الأستاذ أنور عبد الفتاح المحامي بصفته وكيلاً عن السيد/...... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1059 لسنة 34 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلسة 31 من يناير سنة 1988 في الدعوى رقم 135 لسنة 15 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن والقاضي بمجازاته بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن للأسباب الموضحة بتقرير الطعن الحكم بقبول الطعن شكلاً وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه وما يترتب على ذلك من آثار.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً مسبباً بالرأي القانوني رأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة، وتوقيع الجزاء الذي يتناسب وظروف الطاعن.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون جلسة 28 من ديسمبر سنة 1988 وبجلسة 25 من يناير سنة 1989 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة التي نظرته في الرابع من مارس سنة 1989 وفي هذه الجلسة حضر الأستاذ محمد محمد عبد الباري المحامي عن الهيئة العامة للجهاز التنفيذي لمشروعات تحسين الأراضي وطلب اعتبار الهيئة متدخلة تدخلاً انضمامياً مع النيابة الإدارية ضد الطاعن بجلسة 21 من أكتوبر سنة 1989 قررت المحكمة إصدار الحكم بجلسة اليوم السبت الموافق 21 من أكتوبر سنة 1989، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه عند النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى سائر أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن عناصر هذه المنازعة تتحصل حسبما يبين من الأوراق في أنه بتاريخ 25 من ديسمبر سنة 1986 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 130 لسنة 15 القضائية بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية بالمنصورة منطوية على تقرير باتهام السيد/........ المهندس الزراعي لمنطقة دمياط لتحسين الأراضي - فئة ثالثة لأنه خلال المدة من 17/ 3/ 1986 حتى 5/ 10/ 1986 بمقر عمله بدائرة محافظة دمياط خالف الأحكام الصادرة له من رئاسته وخرج على مقتضى الواجب الوظيفي بأن:
1 - انقطع عن العمل في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً.
2 - امتنع عن تنفيذ القرار رقم 504 لسنة 1985 المتضمن ندبه للعمل بمنطقة كفر الشيخ.
ورأت النيابة الإدارية أن المذكور بذلك قد ارتكب المخالفة الإدارية المنصوص عليها بالمادتين 62، 76/ 8 من القانون رقم 47 لسنة 1978 بشأن نظام العاملين المدنيين بالدولة المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983 وطلبت محاكمته تأديبياً طبقاً للمادتين السالفتين وعملاً بالمواد 78/ 1، 80، 82 من القانون المشار إليه وبالمادة الأولى من القانون رقم 60 لسنة 1963 بشأن المؤسسات والهيئات العامة والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بشأن إعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية والمادتان 15/ 1، 19/ 1 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 31 من يناير سنة 1988 أصدرت المحكمة التأديبية بالمنصورة حكمها بمجازاة المتهم..... بالفصل من الخدمة.
وأقامت المحكمة قضاءها على أن الثابت من الأوراق ومن تحقيق النيابة الإدارية أن المتهم انقطع عن العمل دون إذن اعتباراً من 17/ 3/ 1986 إذ لم يحتسب القومسيون الطبي بالباجور منوفية المدة من 2/ 4/ 1986 حتى 28/ 7/ 1986 إجازة مرضية وقد واعترف المتهم في تحقيق النيابة الإدارية بأنه لا يزال منقطعاً ولم يمكنه تنفيذ أمر الندب الذي صدر له، وهو ما يؤكد أن المتهم لم يعد إلى عمله فضلاً عما قرره أمام المحكمة من أنه لا يرغب في العودة إلى عمله ومن ثم فإن المخالفة الأولى المنسوبة إليه ثابتة في حقه.
وأضافت المحكمة التأديبية أنه قد صدر القرار رقم 504 في 14/ 7/ 1985 بندب المتهم إلى منطقة كفر الشيخ ولكن الثابت من الأوراق ومما اعترف به المتهم ذاته في تحقيق النيابة الإدارية بدمياط أنه لم ينفذ القرار وتعلل بظروفه العائلية وتعذر تنفيذه الأمر الذي تكون معه هذه المخالفة هي الأخرى ثابتة في حقه.
وانتهت المحكمة التأديبية إلى أنه متى كانت المخالفتان المنسوبتان إلى المتهم ثابتتين في حقه على النحو المتقدم فإن ذلك يمثل خروجاً من جانبه على واجبه الوظيفي ويتعين لذلك مساءلته عنهما تأديبياً.
والمحكمة إزاء ما قرره المتهم من أنه غير راغب في العودة لعمله تقضي بمجازاته بالفصل من الخدمة إذ أنه لا يجوز معه جزاء آخر.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد صدر على غير أساس صحيح من الواقع أو القانون وذلك لسببين:
السبب الأول: أن الثابت بقرار القومسيون الطبي أن الطاعن مصاب بحالة اكتئاب نفسي تفاعلي، وهي من الأمراض التي لا تجعل العامل في كامل قواه العقلية ومن ثم لم يكن مسئولاً عما وقع منه من انقطاع على النحو الذي يبرر القضاء بفصله.
السبب الثاني: أن الطاعن لم يبد أنه لا يرغب في العودة للعمل بل كان يقصد أنه لا يرغب في تنفيذ قرار ندبه لأنه قرار معيب.
ومن حيث إنه عن طلب التدخل الانضمامي من جانب الهيئة العامة للجهاز التنفيذي لمشروعات تحسين الأراضي فإنه لما كان قانون المرافعات المدنية والتجارية ينص في المادة (126) منه على أنه "يجوز لكل ذي مصلحة أن يتدخل في الدعوى منضماً لأحد الخصوم أو طالباً الحكم لنفسه بطلب مرتبط بالدعوى" وينص في المادة (127) منه على أن "تحكم المحكمة في كل نزاع يتعلق بقبول الطلبات العارضة أو التدخل".
ومن حيث إن قرار رئيس الجمهورية بالقانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية قد نص في المادة (4) منه - قبل تعديلها بالقانون رقم 12 لسنة 1989 - على أن "تتولى النيابة الإدارية مباشرة الدعوى التأديبية أمام المحاكم التأديبية بالنسبة إلى الموظفين المعينين على وظائف دائمة" وفي ظل سريان هذا النص جرى قضاء هذه المحكمة على أن النيابة الإدارية فيما تباشره من إجراءات أمام المحكمة التأديبية إنما تنوب قانوناً عن الجهة الإدارية أو غيرها التي يتبعها العامل المقدم للحاكمة والتي يتعدى إليها أثر الحكم الصادر في الدعوى التأديبية وبهذه المثابة فإن هذه الجهة تعتبر الخصم الأصلي في الدعوى وتكون من ثم صاحبة صفة في أن تطعن في الحكم الصادر في الدعوى التأديبية. وقد كان مفهوم ذلك أنه طالما اعتبرت الجهة الإدارية التي يتبعها العامل صاحبة صفة في أن تطعن في الحكم الصادر في الدعوى التأديبية فإنه يكون لها أن تطلب التدخل الانضمامي إلى جانب النيابة الإدارية إذا ما طعنت في الحكم الصادر في الدعوى التأديبية.. إلا أنه من حيث إن القانون رقم 12 لسنة 1989 قد تضمنت تعديل نص المادة (4) المشار إليها بحيث أصبح نصها يجرى بأن "تتولى النيابة الإدارية إقامة الدعوى التأديبية ومباشرتها أمام المحاكم التأديبية ولرئيس هيئة النيابة الإدارية الطعن في أحكام المحاكم التأديبية.." فإن مقتضى هذا التعديل أصبحت ولاية النيابة الإدارية شاملة إقامة الدعوى التأديبية ومباشرتها أمام المحاكم التأديبية وكذلك إقامة الطعن في الأحكام الصادرة من المحاكم التأديبية في تلك الدعاوى التأديبية ومقتضى إثبات تلك الولاية للنيابة الإدارية وقصرها عليها على ما تقدم عدم جواز إقامة الطعن على أحكام المحاكم التأديبية الصادرة في الدعاوى التأديبية من جانب الجهة الإدارية التي يتبعها العامل، وعدم جواز تدخلها في الطعن الذي قد تقيمه النيابة الإدارية أو يقام ضدها في شأن تلك الأحكام.
ومن حيث إن حكم هذه المحكمة في طلب التدخل الانضمامي المقدم من الهيئة العامة للجهاز التنفيذي لمشروعات تحسين الأراضي وقد صدر بعد العمل بالقانون رقم 12 لسنة 1989 المشار إليه فإنه يلتزم بإعمال مقتضى ما ورد بهذا القانون.
ومن حيث إنه يبين من الاطلاع على أوراق الموضوع أن النيابة الإدارية قد نسبت إلى الطاعن اتهامين أولهما أنه انقطع عن العمل في غير حدود الإجازات المقررة قانوناً وثانيهما أنه امتنع عن تنفيذ قرار ندبه للعمل بمنطقة كفر الشيخ.
ومن حيث إنه عن الاتهام الأول المنسوب إلى الطاعن والمتمثل في الانقطاع عن العمل فقد ورد بتقرير الاتهام المقدم من النيابة الإدارية إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة إن ذلك كان خلال الفترة من 17/ 3/ 1986 حتى 5/ 10/ 1986، إلا أن النيابة الإدارية قد عدلت تقرير الاتهام في مواجهة المتهم بجلسة الثالث من يناير سنة 1988 بحيث جعلت مخالفة الانقطاع المنسوبة إليه شاملة المدة من تاريخ بداية الانقطاع في 17/ 3/ 1986 حتى تاريخ تلك الجلسة.
ومن حيث إن المحكمة استندت إلى ما أبداه المتهم بمحضر الجلسة المشار إليها من أنه لا يرغب في العودة للعمل فيها انتهت إليه من أنه من غير المقبول الإبقاء على رابطة وظيفية لا يرغب المتهم في الإبقاء عليها، وما بنته على ذلك من القضاء بفصله من الخدمة.
ومن حيث إن القضاء التأديبي وهو يوقع على المتهم العقوبة التأديبية عما يثبت في حقه من جريمة تأديبية إنما يتولى بداءة تحديد وصف ما ثبت في حق المتهم تحديداً قانونياً دقيقاً، إذ بهذا التحديد يمكن أن يوصف ما أتاه المتهم بوصف المخالفة التأديبية أو ينتفي عن فعله هذا الوصف، وكذلك بهذا التحديد يمكن أن تتعين مدى جسامة المخالفة لدى ثبوت هذا الوصف لما آتاه المتهم. وعلى ذلك فإنه يكون على المحكمة التأديبية عند نظر الدعوى التأديبية المقدمة إليها من النيابة الإدارية أن تتمحص الأوراق في سبيل استخلاص حقيقة ما وقع من المتهم ومدى تطابقه مع ما نسب إليه في تقرير الاتهام ثم أن تمعن التمحيص في كل ما أحاط بارتكاب الوقائع من ظروف واعتبارات وملابسات، ثم أن تستخلص من وصف الوقائع مرتبطة بما أحاط بها من مؤثرات مدى جسامة الجريمة التأديبية وعلى ضوء ذلك جميعه يمكن تحديد العقوبة التأديبية التي تتفق صدقاً وعدلاً مع ما وقع من المتهم من مخالفة.
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم أنه إذا ما ثبت أن حكم المحكمة التأديبية قد بني على إلمام بظاهر الوقائع دون غوص فيما بباطن الأوراق من عناصر ذات ارتباط جوهري بتلك الوقائع التي تتكامل بها الصورة الحقيقية لما وقع من مخالفة في إطار من الإحاطة الكاملة بمختلف أبعاد وظروف ارتكابها، فإن هذا الحكم يكون قد صدر معيباً لأنه يكون قد وقع عقوبة تأديبية لم تراع المحكمة في تقديرها ما افترضه المشروع من ابتناها على إحاطة واعية بجميع الاعتبارات التي من شأنها التأثير على وصفها وعلى مدى جسامتها.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على واقعة انقطاع الطاعن عن عمله دون سند قانوني فإن الطاعن قد أبدى في التحقيق الذي أجرته النيابة الإدارية في 5/ 10/ 1986 أنه يعاني من اضطهاد رئاسته إذ صدر القرار 504 بتاريخ 14/ 7/ 1985 بندبه للعمل بمنطقة كفر الشيخ رغم أنه متزوج وله أولاد يقيمون معه بدمياط ويتعذر عليه تنفيذ النقل لهذه الظروف وأنه حاول أن يكون ندبه للدقهلية باعتبارها أقرب لمحل إقامته إلا أن جهة عمله لم تستجب لذلك. ولهذا فهو لا يزال منقطعاً عن العمل.
كذلك يبين من الاطلاع على حافظة مستندات الطاعن أنه أقام الدعوى رقم 223 لسنة 8 القضائية أمام محكمة القضاء الإداري بالمنصورة طالباً فيها الحكم بإلغاء قرار ندبه من دمياط إلى كفر الشيخ وقد قدمت فيها هيئة مفوضي الدولة تقريراً جاء به أن الثابت من ظروف وملابسات إصدار قار ندب الطاعن أنه صدر بهدف إيقاع الأذى به لأنه تجاسر على تقديم العديد من التظلمات التي يتضرر فيها من ندب آخر من منطقة الدقهلية مديراً لمنطقة دمياط إلى جانب عمله الأصلي وقد ترتب على تظلمه صدور قرار ندبه إلى كفر الشيخ إلى غير وظيفة محددة وغير بدل سفر، وقد انتهى تقرير هيئة مفوضي الدولة إلى اقتراح الحكم بإلغاء قرار الندب.
وفضلاً عن ذلك يبين من أوراق الطعن أن القومسيون الطبي قد أثبت أن الطاعن يعاني من مرض نفسي هو الاكتئاب التفاعلي ومن مرض جسدي هو التهاب الكلية والفقرات القطنية.
ومن حيث إنه يثبت للمحكمة من جماع ما تقدم أن انقطاع الطاعن عن العمل لم يكن تمرداً عن الوظيفة العامة أو عزوفاً عنها أو سعياً وراء عمل آخر يفضلها وإنما كان ضيقاً وتبرماً بقرار ندب رأى فيه ظلماً وعنتاً من جانب جهة الإدارة الأمر الذي أدى به مع مرضه النفسي إلى حالة نفسية متأزمة دعته إلى ارتكاب المخالفة المتمثلة في الانقطاع عن العمل دون مسوغ قانوني على أمل أن يقضى بإلغاء قرار ندبه فيعود إلى عمله حسب ما أبداه في التحقيق وإن كان قد خانه التعبير عنه أمام المحكمة التأديبية إلا أنه كان ميسور الاستخلاص من ذات محضر جلسة المحكمة التأديبية المنعقدة بتاريخ 6/ 12/ 1987 إذ ثبت بهذا المحضر أنه بمواجهة المتهم بما هو منسوب إليه أنكر وأبدى أنه مريض ثم أبدى أنه لا يرغب في العودة للعمل، الأمر الذي ينبغي أن يحمل في ضوء ظروف الطاعن على أنه لا يرغب في العودة للعمل المنتدب إليه وهذا هو ما يشكل الاتهام الثاني المنسوب إليه.
ومن حيث إنه عن هذا الاتهام الثاني الوارد بتقرير الاتهام والمتمثل في امتناع الطاعن عن تنفيذ قرار ندبه لمنطقة كفر الشيخ، فإن الطاعن معترف به وإن كان يخفف من جسامة هذه المخالفة ما تقدم من ظروف وملابسات.
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم أن الحكم المطعون فيه وقد بنى قضاءه بفصل الطاعن من الخدمة على استخلاص غير دقيق يكون قد صدر معيباً واجب الإلغاء.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة:
أولاً: بقبول الطعن شكلاً.
ثانياً: بعدم قبول تدخل الهيئة العامة للجهاز التنفيذي لمشروعات تحسين الأراضي في الطعن.
ثالثاً: في الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه فيما قضى به من مجازاة الطاعن بالفصل من الخدمة ومجازاته بخصم شهرين من راتبه.


[(1)] راجع الطعن رقم 989 لسنة 34 ق بجلسة 9/ 6/ 1990 في خصوص عدم اعتبار النيابة الإدارية عنصراً في تشكيل محاكم القسم القضائي بمجلس الدولة - وتحديد دورها في الدعوى التأديبية في ضوء القانون رقم 12 لسنة 1989.