مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة 1990) - صـ 443

(32)
جلسة 9 من ديسمبر 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسري زين العابدين ويحيى السيد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

الطعن رقم 1234 لسنة 34 القضائية

أمناء المخازن وأرباب العهد - مسئوليتهم - الفرق بين المسئولية المدنية والمسئولية التأديبية. (عاملون مدنيون بالدولة).
ينبغي التفرقة بين مجال المسئولية المدنية لرب العهدة ومسئوليته التأديبية - رب العهدة مسئول مدنياً عن أي عجز في عهدته ما لم يثبت أنه راجع إلى سبب أجنبي - نطاق المسئولية التأديبية يختلف عند تحقق هذا العجز باختلاف السبب الذي يسفر التحقق عن أنه كان وراء وقوع العجز وما إذا كان هذا السبب هو الإهمال وعدم التبصر أو كان هو الاستيلاء من جانب رب العهدة عليها إذ تختلف جسامة المسئولية التأديبية في الحالتين - يجب على المحقق في واقعة وجود عجز لدى رب العهدة أن يتقصى ظروف الواقعة وملابساتها وشواهدها بحيث إذا ما انتهى إلى أن العجز ناتج عن استيلاء رب العهدة عليها قدم أدلة هذا الاستخلاص - على الجهة المنوط بها توقيع الجزاء أن تمحص تلك الأدلة لصالح العدالة بحيث لا تنسب إلى رب العهدة أنه ارتكب مخالفة الاستيلاء على ما بعهدته إلا إذا كان ذلك مبنياً على قطع ويقين لا يحوط به شك ولا يتسرب إليه ظن - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الاثنين الموافق 21 من مارس سنة 1988 أودع الأستاذ الدكتور محمد عصفور المحامي عن..... قلم كتاب المحكمة الإدارية العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 1234 لسنة 34 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية لوزارة الصحة والإسكان بجلستها المنعقدة بتاريخ 31 من يناير سنة 1988 في الدعوى رقم 245 لسنة 29 القضائية المقامة من النيابة الإدارية ضد الطاعن والقاضي بمعاقبته بالفصل من الخدمة.
وطلب الطاعن - للأسباب الموضحة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً، وبصفة مستعجلة بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وفي الموضوع بإلغائه وبراءة الطاعن مما نسب إليه.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً، ورفض طلب وقف تنفيذ الحكم المطعون فيه، وفي الموضوع برفضه.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 14 من ديسمبر سنة 1988، وبجلسة 24 من مايو سنة 1989 حكمت دائرة فحص الطعون بوقف تنفيذ الحكم المطعون فيه وأمرت بإحالة الطعن إلى هذه المحكمة، فنظرته بجلسة 17 من يونيو سنة 1989، وبجلسة 21 من أكتوبر سنة 1989 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم السبت الموافق التاسع من ديسمبر سنة 1989، وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه فور النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق، وسماع المرافعة، والمداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية، ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن وقائع هذه المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه بتاريخ 23 من سبتمبر سنة 1987 أقامت النيابة الإدارية الدعوى التأديبية رقم 245 لسنة 29 القضائية بإيداع أوراقها قلم كتاب المحكمة التأديبية لوزارة الصحة والإسكان منطوية على تقرير باتهام كل من:
1 - ......، الطبيب السابق بالوحدة الصحية بوالي ميزار التابعة لإدارة أبشواى الصحية ويشغل الدرجة الثالثة بمستشفى الرمد بالفيوم.
2 - .......، مراجع بالدرجة الرابعة بمراقبة العهدة بإدارة أبشواى الصحية. لأنهما في المدة من 1/ 7/ 1985 حتى 1/ 7/ 1986 بالإدارة الصحية بأبشواى التابعة لمديرية الصحة بالفيوم خرجا على مقتضى الواجب الوظيفي ولم يحافظا على ممتلكات وأموال الوحدة التي يعملان بها ولم يحافظا على كرامة الوظيفة بسلوك المسلك اللائق بها وخالفاً القواعد والتعليمات المالية بما من شأنه الإضرار بمصلحة مالية للدولة بأن:
الأول: استولى دون وجه حق على ما قيمته 3689.825 جنيهاً من أصناف الأدوية المملوكة للوحدة الصحية بوالي ميزار والتي سلمت إليه كعهدة بحكم وظيفته.
2 - أجري تعديلاً في بيانات الدفتر 118 ع. ح عهدته وذلك بالكشط والتحشير لخصم الأصناف التي استولى عليها دون وجه حق على النحو المشار إليه في البند السابق وذلك بدون مستندات تؤيد هذا الخصم بقصد إخفاء ما نسب إله في البند السابق.
3 - أهمل إمساك دفتر 44 صحة لقيد المنصرف اليومي من الأدوية بالمخالفة للتعليمات المنظمة لذلك.
الثاني: استنزل أصناف الدفتر 118 ع. ح الممسوك بمعرفته والمقابل للدفتر 148 ع. ح الخاص بوحدة والي ميزار الصحية دون مستندات تؤيد هذا الخصم وطبقاً لما استنزله المتهم الأول من دفتره بالتواطؤ ولإخفاء الاستيلاء على أصناف الأدوية المشار إليها على النحو الموضح بالأوراق.
وبناء على ذلك ارتأت النيابة الإدارية أن المتهمين ارتكبا المخالفات الإدارية والمالية المنصوص عليها بالمواد 76/ 1، 3، 5، 77/ 1، 3، 4، 78/ 1 من قانون نظام العاملين المدنيين بالدولة الصادر بالقانون رقم 47 لسنة 1978 المعدل بالقانون رقم 115 لسنة 1983. ولذلك طلبت النيابة الإدارية محاكمتهما طبقاً للمواد سالفة الذكر والمادتين 80، 82/ 4 من قانون نظام العاملين المدنيين المشار إليه والمادة 14 من القانون رقم 117 لسنة 1958 بإعادة تنظيم النيابة الإدارية والمحاكمات التأديبية المعدل بالقانون رقم 171 لسنة 1981 والمادتين 15 و19 من القانون رقم 47 لسنة 1972 بشأن مجلس الدولة.
وبجلسة 31 من يناير 1988 قضت المحكمة التأديبية لوزارة الصحة والإسكان بمعاقبة كل من.... و..... بالفصل من الخدمة.
وأقامت المحكمة التأديبية قضاءها في شأن..... (الطاعن) على أن الثابت من نتيجة جرد عهدته في 21/ 1/ 1987 عن المدة من 1/ 7/ 1985 حتى 12/ 7/ 1986 وجود عجز بعهدته من الأدوية قدر بمبلغ إجمالي مقداره 3689.825 جنيهاً شاملاً 10% مصاريف إدارية، وأنه لم يتبع الإجراءات والضوابط المخزنية وذلك بعدم استعمال دفتر 44 صحة لقيد المنصرف اليومي وعدم الدقة في إثبات البيانات في دفتر 118 ع. ح التي يجب أن تكون مطابقة لكشوف المنصرف الشهري، ومن ثم يكون ما نسب للمتهم في تقرير الاتهام ثابت في حقه، ولا يغير من ذلك ما ورد بمذكرة دفاع المتهم من صرف بعض الأدوية من أقراص البلتراسيد لتلاميذ المدارس بالكشوف الدورية حيث إن ذلك قول مرسل لم يؤيد بالمستندات، كما لا يعفي المتهم من المسئولية حصوله على شهادة إخلاء طرف من العهدة المالية والإدارية والمخزنية من وحدة والي ميزار الصحية في 2/ 8/ 1986 لأن هذه الشهادة صادرة من كاتب الوحدة، وهي وإن كانت معتمدة من طبيب الوحدة إلا أنها لم تكن صادرة نتيجة جرد فعلي للعهدة أو تسليم وتسلم لها.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد صدر بإدانة الطاعن دون سند من الواقع أو القانون، وذلك للأسباب الآتية:
1 - إن الحكم المطعون فيه مشوب بالخطأ في تطبيق القانون الإخلال بحق الدفاع، ذلك أن الطاعن قد أبدى في التحقيق أن ثمة كشوفاً قد تضمنت صرف أدوية البلهارسيا وأن لجان الفحص تعمدت إخفاءها لما وقع بين الطاعن وبين رئيسها في بداية عملها، إلا أن هذا الدفاع لم يحقق، كذلك أبدى الطاعن أمام المحكمة التأديبية أنه لم يوجه إليه في التحقيقات أي اتهام بشأن إمساك دفتر صحة 44، وبرغم ذلك فقد عول الحكم على ما تقدم دون تحقيق أو مناقشة.
2 - أن الحكم المطعون فيه مشوب بالفساد في الاستدلال والقصور في التسبيب، وذلك من خلال عدم اعتداده بإخلاء الطرف الذي صدر للطاعن من الوحدة التي يعمل بها في 2/ 8/ 1986 رغم أنه سند قانوني لإخلاء طرفه من أية عهدة.
3 - أن الحكم المطعون فيه لم يراع الطبيعة الفنية لعمل الطاعن باعتباره طبيباً وهو مسئول كرب عهدة دون أن تكون له الخبرة والدراسة الفنية بالأعمال المخزنية.
4 - أن الحكم المطعون فيه مشوب بالغلو في توقيع الجزاء، إذ وقع عقوبة الفصل عن مخالفة، على افتراض قيامها لا تستأهل هذا الجزاء.
ومن حيث إن النيابة الإدارية قد نسبت إلى الطاعن في تقرير الاتهام أنه ارتكب مخالفات ثلاث:
الأولى. أنه استولى دون وجه حق على بعض ما بعهدته من الأدوية.
والثانية، أنه أجرى تعديلات في بيانات الدفتر المثبتة به هذه العهدة لستر الاستيلاء على بعضها.
والثالثة، أنه أهمل أن يمسك دفتر القيد اليومي للمنصرف من الأدوية.
ومن حيث إنه عن الاتهام الأول المتمثل في أن الطاعن قد استولى دون وجه حق على بعض ما بعهدته من الأدوية، فإن الثابت من الأوراق أن الطاعن الطبيب..... يتولى إلى جانب مهامه العلاجية مهمة رب العهدة بالنسبة لصيدلية الوحدة الصحية بوالي ميزار، وقد أبلغت الإدارة الصحية بأبشواى النيابة الإدارية بالفيوم أن لجنة جرد عهدة الصيدلية قد كشفت عن وجود أصناف عجز وأصناف زيادة بها وقد أجرت النيابة الإدارية تحقيقاً في هذه الواقعة خلصت منه في مذكرتها المعدة في القضية رقم 118 لسنة 1987 إلى أن الطاعن قد استولى دون وجه حق على قيمة العجز فيها وقد وافق الحكم المطعون فيه النيابة الإدارية فيما انتهت إليه في هذا الشأن.
ومن حيث إن الطاعن إنما يجادل فيما انتهى إليه الحكم المطعون فيه في هذا الشأن من زاويتين، أولاهما المجادلة في شأن مدى صحة قيام عجز في عهدته، وثانيهما المجادلة في شأن وصف العجز المنسوب إليه بأنه استيلاء بغير حق على الأدوية محل العجز.
ومن حيث إن الطاعن يستند في إنكار وجود عجز بعهدته إلى أن لجنة الفحص قد تعمدت إخفاء بعض كشوف صرف الأدوية لما وقع من رئيسها من تهجم عليه انتهى بإدانته جنائياً، كما يستند في ذلك إلى عدم اعتداد الحكم المطعون فيه بإخلاء الطرف الذي صدر لصالحه من الوحدة التي كان يعمل بها رغم أنه سند قانوني لإخلاء طرفه من أية عهدة.
ومن حيث إنه لا حجة فيما ذهب إليه الطاعن في هذا الشأن لأن الثابت أن الطاعن قد تظلم من تقرير اللجنة التي يرأسها..... - المشكو منه - إلى مدير مديرية الصحة حيث بادر إلى تشكيل لجنة فنية أخرى قامت بجرد عهدة الطاعن في حضوره وانتهت إلى إثبات وجود العجز بعهدته، كذلك فإن الثابت أن إخلاء طرف الطاعن المحرر في 2/ 8/ 1986 قد صدر بتاريخ لاحق لتمام الجرد وإثبات العجز ومن ثم فإنه قد بني على وضع العهدة بعد التصحيح بصورتها المطابقة للجرد الأمر الذي لا يجدي الطاعنين فيما أورداه من دفاع.
ومن حيث إن الطاعن يستند في إنكار وصف الاستيلاء بغير حق على العجز المنسوب إليه إلى أنه لا دليل على ذلك إذ لم يحدث هذا الاستيلاء من جانبه.
ومن حيث إن المادة (45) من لائحة المخازن قد حددت واجبات أمناء المخازن وأرباب العهدة بنصها على أن "أمناء المخازن وجميع أرباب العهد مسئولون شخصياً عن الأصناف التي في عهدتهم وعن حفظها والاعتناء بها، وعن صحة وزنها وعددها ومقاسها ونوعها، وعن نظافتها وصيانتها من كل ما من شأنه أن يعرضها للتلف أو الفقد، ولا تخلى مسئوليتهم إلا إذا ثبت للمصلحة أن ذلك قد نشأ عن أسباب قهرية أو ظروف خارجة عن إرادتهم ولم يكن في الإمكان التحوط لها".
ومن حيث إن مؤدى هذا النص أن القاعدة هي مسئولية رب العهدة مسئولية شخصية عن الأصناف التي في عهدته بحيث لا يخلي مسئوليته عنها إلا سبب قهري أو ظرف خارج عن إرادته لم يكون في الإمكان التحوط له بحيث إنه إذا أصاب العهدة عجز لم يستطع رب العهدة أن يثبت أنه نتج عن سبب قهري أو ظرف خارج عن إرادته لم يكن في الإمكان التحوط له كان رب العهدة مسئولاً عن هذا العجز ويعتبر أنه قد ارتكب خطأ شخصياً يسأل عن تعويض الضرر الناتج عنه في ماله الخاص.
ومن حيث إنه ينبغي التفرقة بين مجال المسئولية المدنية لرب العهدة ومسئوليته التأديبية، فرب العهدة مسئول مدنياً عن أي عجز في عهدته لم يثبت أنه راجع إلى سبب أجنبي، ولكن نطاق مسئوليته التأديبية يختلف عند تحقق هذا العجز باختلاف السبب الذي يسفر التحقيق عن أنه كان وراء وقوع العجز وما إذا كان هذا السبب هو الإهمال وعدم التبصر أو كان هو الاستيلاء من جانب رب العهدة عليها. إذ تختلف جسامة المسئولية التأديبية في الحالتين، ولذلك وجب على المحقق في واقعة وجود عجز لدى رب العهدة أن يتقصى ظروف الواقعة وملابساتها وشواهدها بحيث إذا ما انتهى إلى أن العجز ناتج عن استيلاء رب العهدة عليها قدم أدلة هذا الاستخلاص، تلك الأدلة التي يكون على الجهة المنوط بها توقيع الجزاء أن تمحصها لصالح العدالة بحيث لا تنسب إلى رب العهدة أنه ارتكب مخالفة الاستيلاء على ما بعهدته إلا إذا كان ذلك مبنياً على قطع ويقين ولا يحوط به شك ولا يتسرب إليه ظن.
ومن حيث إنه بتطبيق ما تقدم على واقعات الطعن الماثل، فإنه وإن كان قد ثبت يقيناً وجود عجز في عهدة الطاعن، وكان يرجح أن هذا العجز قد نتج عن استيلائه على ما بعهدته من دواء وأنه أجرى تعديلات في بيانات الدفتر المثبتة به هذه العهدة، إلا أن الترجيح لا يحول دون قيام شك ينبغي أن يفسر في صالح المتهم (الطاعن) قوامه ما شهد به الطبيب...... أحد أعضاء لجنة جرد عهدة الطاعن من أنه يرى احتمال أن يكون سبب العجز راجعاً إلى إهمال نتيجة عدم احتفاظ الطاعن بمستندات صرف الأدوية محل العجز، يؤيد هذه الشهادة ادعاء الطاعن بفقد بعض الأوراق على نحو لم يمحصه التحقيق.
ومن حيث إن مؤدى ذلك أن القدر المتيقن في نطاق المسئولية التأديبية للطاعن عما وقع بعهدته من عجز هو أنه ارتكب إهمالاً وهو ما يمثل مخالفة تأديبية أدنى جسامة من مخالفة الاستيلاء دون وجه حق على جانب مما بعهدته.
ومن حيث إنه عن الاتهام الثاني المنسوب إلى الطاعن، والمتمثل في أنه أجرى تعديلات في بيانات الدفتر المثبتة به عهدته من الأدوية لستر الاستيلاء على بعضها، فإن القدر المتيقن من هذا الاتهام في حق الطاعن على ضوء ما تقدم هو الإهمال الذي رتب وقوع بعض الشطب والتحشير والذي لا محل للقطع بأنه تم لستر الاستيلاء على بعض العهدة، الأمر الذي يكون معه ما ثبت في حق المتهم في هذا الشأن إهمالاً لا عمد فيه.
ومن حيث إنه عند الاتهام الثالث المنسوب إلى الطاعن والمتمثل في أنه أهمل أن يمسك دفتر القيد اليومي للمنصرف من الأدوية، فإن الثابت من الاطلاع على أوراق التحقيق أن الطاعن لم يواجه فيه بهذا الاتهام.
ومن حيث إنه من أول ضمانات التحقيق التأديبي أن يواجه المتهم بما هو منسوب إليه حتى يتمكن من تقديم أوجه دفاعه ودفوعه في شأن ما نسب إليه، بحيث إذا ما أهدر التحقيق هذه الضمانة الجوهرية من ضمانات الدفاع كان مشوباً في هذا الشق منه بعيب جسيم يهدره ويهدر ما يبنى عليه من قرار جزاء.
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم أن الحكم المطعون فيه قد عول على هذا الاتهام الثالث المنسوب إلى الطاعن رغم عدم مواجهته به في التحقيق فإنه يكون قد جاء معيباً في هذا الشق منه.
ومن حيث إن الحكم المطعون فيه قد صدر استناداً إلى ثبوت مخالفات ثلاث في حق الطاعن، لم يثبت ارتكاب الطاعن لأي منها بالوصف الذي وردت به في تقرير الاتهام وأقره الحكم المطعون فيه وإنما ثبت ارتكاب الطاعن لاثنين منها بوصف أقل جسامة فإن الحكم المطعون عليه يكون فيما ذهب إليه قد خالف صحيح حكم القانون على نحو يقتضي إلغاءه. والقضاء بجزاء آخر.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً، وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه، والقضاء بمجازاة الطاعن بتأجيل ترقيته عند استحقاقها لمدة سنة.