أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 5 - صـ 237

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1953
(35)
القضية رقم 187 لسنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: سليمان ثابت، ومحمد نجيب أحمد، وعبد العزيز سليمان، وأحمد العروسي المستشارين.
فرض موت. بيع. حكم. تسبيبه. تقريره لأسباب سائغة أن التصرف حصل في حال صحة البائع وأنه سابق على فترة مرض عادي لا يغلب فيه الهلاك. لا عيب.
متى كان الحكم إذ نفى حصول البيع في مرض موت البائع قد قرر للأسباب السائغة التي أوردها أنه في الوقت الذي تصرف فيه كان في حال صحته، وأنه سابق على فترة مرض عادي لا يغلب فيه الهلاك، فإن هذا الذي قرره لا عيب فيه.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير حضرة المستشار المقرر ومرافعة المحاميين عن الطرفين والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الوقائع تتحصل - حسبما يبين من الحكم المطعون فيه وسائر أوراق الطعن - في أن الطاعنة أقامت الدعوى المدنية رقم 65 لسنة 1946 محكمة بنها الابتدائية، وطلبت فيها تثبيت ملكيتها إلى نصيبها فيما تركه المرحوم إبراهيم علي أبو نيل مورثها ومورث المطعون عليهم ومقداره النصف على الشيوع في 3 أفدنة و8 قراريط و20 سهماً، وفي المنازل المبينة بالدعوى، فدفع المطعون عليهم الدعوى بأن المورث باع لهم هذه العقارات بعقود بيع محررة في 8 و12/ 3/ 1944 وأنهم استصدروا بها أحكاماً بصحة توقيع البائع، فطعنت الطاعنة في هذه البيوع بصدورها في مرض موت البائع، لأنه كان مريضاً بمرض الفالج وتوفي به في 16/ 8/ 1944 عقب تحرير تلك العقود وفي 24/ 4/ 1946 قضت المحكمة تمهيدياً بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفي ما تدعيه الطاعنة من مرض الموت. وبعد أن نفذ الحكم وحجزت القضية للحكم. قالت الطاعنة بمذكرتها إن تصرفات مورثها إنما قصد بها الإيصاء. وفي 20/ 1/ 1947 قضت المحكمة تمهيدياً بإحالة الدعوى على التحقيق لإثبات ونفي الوصية. وبعد أن نفذ هذا الحكم قضت في 19/ 5/ 1947 برفض الدعوى، فاستأنفت الطاعنة وقيد استئنافها برقم 975 سنة 64 ق محكمة استئناف مصر التي قضت في 7 من مارس سنة 1948 بإلغاء الحكم المستأنف وبطلبات الطاعنة، فقرر المطعون عليهم عدا الثالثة والسابعة والثامنة الطعن في هذا الحكم بطريق النقض. وفي 12 من يناير سنة 1950 قضت محكمة النقض في الطعن رقم 65 لسنة 18 ق بقبول الطعن شكلاً ونقض الحكم وإعادة القضية إلى محكمة استئناف مصر التي قضت في 31 من يناير سنة 1951 بإثبات نزول الطاعنة عن مخاصمة المطعون عليهن الثالثة والسادسة والسابعة والثامنة، وبتأييد الحكم المستأنف. فقررت الطاعنة بالطعن في هذا الحكم بطريق النقض.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية بالنسبة إلى المطعون عليهم عدا الثالثة والسادسة والسابعة والثامنة وهن من نزلت الطاعنة عن مخاصمتهن أمام محكمة الاستئناف فلم يعد لهن شأن في الخصومة، ويتعين عدم قبول الطعن بالنسبة إليهن.
ومن حيث إن الطعن بني على خمسة أسباب يتحصل أولها في أن الحكم المطعون فيه أخطأ في تطبيق القانون وشابه القصور، ذلك أن الطاعنة قالت في دفاعها أمام محكمة الاستئناف إنها تطعن في عقود البيع بالصورية المطلقة لتفاهة الثمن المسمى في العقد، غير أن المحكمة لم ترد على هذا الدفاع مع أنه دفاع جوهري من شأنه أن يؤدي إلى إبطال العقود.
ومن حيث إن هذا السبب غير مقبول، لأن الطاعنة لم تقدم ما يثبت أنها تمسكت لدى محكمة الموضوع بهذا الوجه من الدفاع، بل الثابت من الحكم أن دفاعها انحصر في وجهين: الأول أن العقود باطلة لصدورها في مرض موت البائع والثاني أن كلاً منها يتضمن وصية لوارث لم تجزها، وقد سجل عليها الحكم عجزها عن إثبات هذين الأمرين.
ومن حيث إن السبب الثاني يتحصل في أن الحكم مشوب بالقصور والتناقض، ذلك أنه نفى مرض الموت استناداً إلى أن شهود الإثبات لم يذكروا نوع المرض واختلفوا في تحديد مدته مما رجحت معه المحكمة أقوال شهود النفي بحجة أنهم شهدوا بأن البائع كان حاضراً وقت حضور مهندس المساحة لمعاينة الأطيان المبيعة، وأن المرض لم يقعده سوى أسبوعين قبل الوفاة، وهذا يفيد أن الحكم سلم بمرض الموت، إلا أنه عاد وقرر أن المورث مات بسبب الشيخوخة التي لا تعتبر مرض موت، وقد قرر الحكم ذلك دون أن يحدد الوقت الذي حررت فيه العقود.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بما قرره الحكم الابتدائي المؤيد في هذا الخصوص بالحكم المطعون فيه من أن شهود الطاعنة اختلفوا في تحديد مدة المرض، ولم يذكروا نوع المرض المبطل للتصرف والذي يغلب فيه الهلاك ويجعل المريض في حالة نفسية يستشعر معها قرب منيته فيتجرد من أمواله كلها أو بعضها إيثاراً لمن تصرف إليه، ومن أن شهود المطعون عليهم شهدوا بأن البائع لم يكن مريضاً بمرض الفالج، بل كان بصحة جيدة وقت تحرير العقود إلى أن مرض مرضاً عادياً قبل وفاته بأسبوع أو بأسبوعين بسبب شيخوخته، ويؤكد ذلك ما ثبت من شهادة وفاته بأنه توفي بسبب الشيخوخة وهي ليست من أمراض الموت، وهذا الذي قرره الحكم لا تناقض ولا قصور فيه، إذ قرر أن الوقت الذي تصرف فيه البائع كان في حال صحته، وأنه سابق على فترة مرض عادي لا يغلب فيه الهلاك.
ومن حيث إن الطاعنة تنعى على الحكم في السبب الثالث القصور بمقولة إنه لم يرد على دفاعها فيما تناوله من المنازل التي تركها المورث والعقود المحررة عنها والطعون الموجهة إليها.
ومن حيث إن هذا السبب غامض ومبهم؛ فيتعين عدم قبوله.
ومن حيث إن السبب الرابع يتحصل في أن الحكم شابه بطلان في الإجراءات لإغفاله الفصل في طلب الطاعنة بصحيفة الاستئناف إلغاء الحكم التمهيدي الصادر في 20/ 1/ 1947 بالإحالة على التحقيق لإثبات ونفي الوصية.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن محكمة أول درجة أصدرت الحكم التمهيدي الأول في 24/ 4/ 1946 لإثبات ونفي مرض موت البائع الذي ادعته الطاعنة ثم أصدرت الحكم التمهيدي الثاني في 20/ 1/ 1947 لإثبات ونفي الوصية التي دفعت بها الطاعنة، ولما كان الحكم التمهيدي الأخير قد صدر من محكمة أول درجة لتحقيق دفاع الطاعنة فإنها لا تكون لها مصلحة في تعييب الحكم بالقصور لعدم رده على طلبها الخاص بإلغائه. على أن في تأييد الحكم المطعون فيه للحكم الابتدائي المؤسس على مناقشة الشهود في التحقيق الذي أجرته المحكمة ما يفيد رفضه طلب الطاعنة إلغاء الحكم التمهيدي المشار إليه.
ومن حيث إن السبب الخامس يتحصل في أن الحكم أخطأ في الإسناد بارتكانه إلى دليل لا وجود له، إذ استند في تقريره صحة عقود البيع إلى أن الطاعنة وقعت عليها كشاهدة مع أنها أمام محكمة الاستئناف بجلسة 6/ 3/ 1948 المودعة الصورة الرسمية لمحضرها ضمن أوراق الطعن أنكرت توقيعها وقرر المطعون عليهم عدم التمسك بهذا التوقيع.
ومن حيث إن هذا السبب مردود بأن الحكم المطعون فيه لم يرتكن في قضائه برفض دعوى الطاعنة إلى توقيعها على عقود البيع وإنما أسس قضاءه على عجزها عن إثبات ما دفعت به من أن عقود البيع التي يتمسك بها المطعون عليهم والصادرة لهم من مورث الطرفين باطلة لصدورها في مرض موت البائع ولانطوائها على نية الإيصاء ومن ثم يكون ما تعيبه الطاعنة على الحكم من خطأ في الإسناد غير منتج.
ومن حيث إنه يخلص مما تقدم أن الطعن على غير أساس ومن ثم يتعين رفضه.