مجلس الدولة - المكتب الفني - مجموعة المبادئ القانونية التي قررتها المحكمة الإدارية العليا
السنة الخامسة والثلاثون - العدد الأول (من أول أكتوبر سنة 1989 إلى آخر فبراير سنة 1990) - صـ 472

(35)
جلسة 16 من ديسمبر سنة 1989

برئاسة السيد الأستاذ المستشار طارق عبد الفتاح البشري نائب رئيس مجلس الدولة وعضوية السادة الأساتذة: محمد يسري زين العابدين ويحيى السيد الغطريفي ود. إبراهيم علي حسن وأحمد شمس الدين خفاجي - المستشارين.

الطعن رقم 896 لسنة 33 القضائية

عمد ومشايخ - حظر الجمع بين الوظيفة وأي عمل آخر - الترشيح لعضوية المجالس المحلية. (إدارة محلية) (عاملون مدنيون بالدولة).
القانون رقم 59 لسنة 1964 في شأن العمد والمشايخ والقانون رقم 52 لسنة 1975 بإصدار قانون الحكم المحلي.
ترشيح العمدة أو شيخ البلد لعضوية المجالس المحلية بالوحدات المحلية التي تدخل في اختصاص وظيفته لا يكون صحيحاً إلا بعد تقديم استقالته من وظيفته - مخالفة هذه القواعد تؤثر على صحة الترشيح لعضوية المجلس المحلي دون أن يعتبر هذا الترشيح ارتكاباً لمخالفة تأديبية تتصل بوظيفته كعمدة - تطبيق.


إجراءات الطعن

في يوم الثلاثاء الموافق العاشر من فبراير سنة 1987 أودعت هيئة قضايا الدولة بصفتها نائبة عن وزير الداخلية قلم كتاب المحكمة الإدارة العليا تقرير طعن قيد بجدولها برقم 896 لسنة 33 القضائية في الحكم الصادر من المحكمة التأديبية بالمنصورة بجلستها المنعقدة بتاريخ 21 من ديسمبر سنة 1986 في دعوى الطعن رقم 175 لسنة 12 القضائية المقامة من السيد/........ ضد الطاعن والقاضي برفض الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً وبقبوله وفي الموضوع بإلغاء قرار وزير الداخلية باعتماد قرار لجنة العمد والمشايخ بمديرية أمن الشرقية الصادر بجلسة 13/ 4/ 1977 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن من منصبه كعمدة لقرية كفر الحلمية مركز أبي حماد مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وطلب الطاعن - للأسباب الموضحة بتقرير الطعن - الحكم بقبول الطعن شكلاً وفي الموضوع بإلغاء الحكم المطعون فيه والحكم برفض الدعوى الأصلية.
وأعلن تقرير الطعن إلى المطعون ضده على الوجه المبين بالأوراق.
وقدمت هيئة مفوضي الدولة تقريراً بالرأي القانوني مسبباً ارتأت فيه الحكم بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.
وعين لنظر الطعن أمام دائرة فحص الطعون بهذه المحكمة جلسة 23 من نوفمبر سنة 1988 وبجلسة 12 من إبريل سنة 1989 قررت الدائرة إحالة الطعن إلى هذه المحكمة فنظرته بجلسة 13 من مايو سنة 1989 وبجلسة الرابع من نوفمبر سنة 1989 قررت المحكمة إصدار الحكم في الطعن بجلسة اليوم السبت الموافق 16 من ديسمبر سنة 1989 وفيها صدر الحكم وأودعت مسودته المشتملة على أسبابه فور النطق به.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع المرافعة والمداولة.
ومن حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية ومن ثم فهو مقبول شكلاً.
ومن حيث إن وقائع المنازعة تتحصل - حسبما يبين من الأوراق - في أنه في 23 من ديسمبر سنة 1976 أقام السيد/......... الدعوى رقم 328 لسنة 31 القضائية بإيداع صحيفتها قلم كتاب محكمة القضاء الإدارة بالقاهرة طلب في ختامها الحكم بأحقيته في الجمع بين وظيفة العمدة لقرية كفر الحلمية مركز أبي حماد ومنصبه كعضو ورئيس مجلس محلي مركز أبي حماد مع إلزام جهة الإدارة بالمصروفات.
وقال شرحاً لدعواه إنه يعمل مزارعاً بقرية الحلمية مركز أبي حماد وحاصل على بكالوريوس التجارة وعندما صدر القانون رقم 52 لسنة 1975 بنظام الحكم المحلي تقدم لترشيح نفسه وقدم الأوراق المطلوبة ومنها خطاب مركز شرطة أبي حماد يفيد عدم وجود تعارض بين ترشيحه لعضوية المجلس المحلي وبين عمله كعمدة لقرية الحلمية وتم انتخابه عضواً بالمجلس المحلي ثم رئيساً لهذا المجلس لمدة دورتين متتاليتين إلا أن مديرية أمن الشرقية رأت عدم جواز الجمع بين الموقعين وطلب إليه أن يختار أحدهما ويتنازل عن الآخر.
وبعريضة مودعة عدل المدعي طلباته إلى طلب الحكم (أولاً) بإلغاء القرار الصادر من لجنة العمد المشايخ بمديرية أمن الشرقية في القضية التأديبية رقم (1) مركز أبي حماد القاضي بفصله من وظيفته كعمدة للقريرة المذكورة. (ثانياً) بأحقيته في الجمع بين وظيفة العمدة وعضوية المجلس المحلي المذكور ورئاسته.
وقد أحيلت الدعوى المشار إليها إلى محكمة القضاء الإداري بالمنصورة عملاً بقرار رئيس مجلس الدولة رقم 275 لسنة 1978 وقيدت بجدولها برقم 294 لسنة 2 القضائية وتدوول نظرها بالجلسات على النحو المبين بمحاضرها وبجلسة 28 من يونيو سنة 1984 حكمت محكمة القضاء الإداري بالمنصورة بعدم اختصاصها نوعياً بنظر الدعوى وأمرت بإحالتها إلى المحكمة التأديبية بالمنصورة حيث قيدت بجدولها كطعن تأديبي برقم 175 لسنة 12 القضائية وتدوول نظر الطعن بالجلسات إلى أن صدر حكمها بجلسة 22 من ديسمبر سنة 1986 (أولاً) برفض الدفع باعتبار الخصومة منتهية في الطعن (ثانياً) بعدم قبول الطعن بالنسبة للمطعون ضدهما الثاني والثالث - مدير أمن الشرقية - ومحافظ المحافظة لرفعه على غير ذي صفة (ثالثاً) برفض الدفع بعدم قبول الطعن شكلاً وبقبوله وفي الموضوع بإلغاء قرار وزير الداخلية باعتماد قرار لجنة العمد والمشايخ بمديرية أمن الشرقية الصادر بجلسة 13/ 4/ 1977 فيما تضمنه من إنهاء خدمة الطاعن من منصبه كعمدة لقرية كفر الحلمية مركز أبي حماد مع ما يترتب على ذلك من آثار.
وأقامت المحكمة قضاءها على أنه يجوز للطاعن أن يجمع بين العمدية وعضوية أو رئاسة المجلس المحلي دون الالتزام بتقديم استقالته من العمدية إذ ليس هناك في القانون ما يحول دون ذلك ومن ثم فإن قرار لجنة العمد والمشايخ بإنهاء خدمة الطاعن من منصبه كعمدة المعتمد من وزير الداخلية قد صدر مفتقراً إلى سببه إذ لم يقم على سند من القانون ولذلك تنتهي المحكمة إلى القضاء بإلغاء القرار المطعون فيه مع ما يترتب على ذلك من آثار.
ومن حيث إن مبنى الطعن أن الحكم المطعون فيه قد أخطأ في تطبيق القانون وفي تأويله ذلك أن المادة 75 من القانون رقم 50 لسنة 1981 بتعديل قانون نظام الحكم المحلي رقم 43 لسنة 1979 تحظر على العمد الترشيح لعضوية المجالس الشعبية للوحدات المحلية والتي تدخل في نطاق اختصاص وظائفهم قبل الاستقالة منها، كما أن المادة 21 من القانون رقم 58 لسنة 1978 في شأن العمد والمشايخ تحظر أن يجمع العمدة بين وظيفته وبين أي عمل آخر يؤديه بالذات أو بالواسطة إذا كان من شأن ذلك الإضرار بأداء واجبات تلك الوظيفة التي تقتضي من شاغلها الإقامة بالقرية مقر العمدية والتفرغ لأداء مهامها هذا فضلاً عن أن وظيفة العمدة من شأنها التأثير في عملية انتخاب أعضاء المجلس المحلي حيث سيكون للعمدة تأثير على الناخبين من قريته كما سيكون لعمله كعمدة لإحدى القرى تأثير لصالح قريته عند عضويته بالمجلس المحلي، ولذلك ينتهي تقرير الطعن إلى أن الحكم المطعون فيه قد جانبه الصواب إذ قضى بإلغاء قرار إنهاء خدمة الطاعن من منصبه كعمدة.
ومن حيث إن جوهر المنازعة محل الطعن هو مدى سلامة قرار وزير الداخلية الصادر باعتماد قرار لجنة العمد والمشايخ الصادر بجلسة 13 من إبريل سنة 1977 باعتبار وظيفة العمدية بقرية كفر الحلمية شاغرة.
ومن حيث إن هذا القرار قد صدر في ظل العمل بالقانون رقم 59 لسنة 1964 في شأن العمد والمشايخ والقانون رقم 52 لسنة 1975 بإصدار قانون الحكم المحلي.
ومن حيث إن القانون رقم 95 لسنة 1964 في شأن العمد والمشايخ كان ينص في المادة (24) منه على أنه "لا يجوز أن يجمع العمدة أو الشيخ بين وظيفته وبين أي عمل آخر يؤديه بالذات أو بالواسطة إذا كان من شأن ذلك الإضرار بأداء واجبات وظيفته أو كان هذا العمل غير متفق مع مقتضياتها.
ومن حيث إن هذا النص إنما يمثل ترديداً لقاعدة عامة في شأن واجبات الموظف العام، حرص المشرع على أن ينص عليها في تشريعات الموظفين على تتابعها، وهذه القاعدة أنه لا يجوز للموظف العام أن يجمع بين وظيفته وبين أي عمل آخر بما يترتب عليه الإضرار بأداء واجبات وظيفته أو يكون غير متفق مع مقتضياتها.
ومن حيث إن تواتر وجود هذا الحكم التشريعي في تشريعات الموظفين على تتابعها لم يحل دون أن يجمع الموظف العام بين وظيفته وبين عضوية المجالس المحلية، ومن ثم لا يقال بأن ورود هذا النص في قانون العمد والمشايخ يحمل مفهوماً مختلفاً بحيث يجعل من حصول العمدة على عضوية أو رئاسة المجلس المحلي إخلالاً بواجب وظيفي يستوجب مسئوليته التأديبية.
ومن حيث إن قانون الحكم المحلي الصادر بالقانون رقم 52 لسنة 1975 كان ينص في المادة (75) منه على أنه "لا يجوز للعمد أو المشايخ أو رؤساء الوحدات المحلية أو مديري المصالح أو رؤساء الأجهزة التنفيذية في نطاق هذه الوحدات الترشيح لعضوية المجالس المحلية للوحدات المحلية التي تدخل في نطاق اختصاص وظائفهم قبل تقديم الاستقالة منها".
ومن حيث إن هذا النص في قانون الحكم المحلي إنما ينظم أحد شروط صحة الترشيح لعضوية المجالس المحلية للوحدات المحلية، فيقرر أن ترشيح العمدة - وغيره ممن شملهم النص - لعضوية المجالس المحلية للوحدات المحلية التي تدخل في اختصاص وظيفته، لا يكون جائزاً، أي لا يكون صحيحاً، إلا بعد تقديم استقالته وظيفته.
ومن حيث إن مقتضى ذلك أن مخالفة هذا النص بترشيح العمدة نفسه لعضوية المجلس المحلي للوحدة المحلية التي تدخل في اختصاص وظيفته هو مما يؤثر على صحة الترشيح وعلى صحة انتخابه لعضوية المجلس المحلي، دون أن يعتبر هذا الترشيح ارتكاباً لمخالفة تأديبية تتصل بوظيفته كعمدة.
ومن حيث إن مقتضى ما تقدم أن قرار وزير الداخلية باعتماد قرار لجنة العمد والمشايخ باعتبار وظيفة العمدية بقرية كفر الحلمية شاغرة قد صدر دون سند من صحيح حكم القانون فإنه يكون قد صدر معيباً واجب الإلغاء.
ومن حيث إن ما تقدم هو ما انتهى إليه الحكم المطعون فيه فإنه يكون قد وافق صحيح حكم القانون ومن ثم يكون الطعن عليه في غير محله متعين الرفض.

فلهذه الأسباب

حكمت المحكمة بقبول الطعن شكلاً ورفضه موضوعاً.