أحكام النقض - المكتب الفني - مدني
العدد الأول - السنة 5 - صـ 245

جلسة 10 من ديسمبر سنة 1953
(37)
القضية رقم 392 سنة 21 القضائية

برياسة السيد الأستاذ أحمد حلمي وكيل المحكمة، وبحضور السادة الأساتذة: عبد العزيز محمد وكيل المحكمة، ومصطفى فاضل، وأحمد العروسي، ومحمود عياد المستشارين.
( أ ) رسوم. الدمغة. حكم. تسبيبه. إصدار اعتماد مستندي. متى تستحق عليه رسوم الدمغة وفقاً للمادة الثانية من الفصل الثاني من الجدول الثاني من القانون رقم 44 لسنة 1939. تعيين المحكمة خبيراً لفحص عقود الاعتمادات لمعرفة ما ينطوي منها على فتح اعتمادات عادية بسلفة مقترنة بأوامر دفع مقابل تسلم مستندات شحن البضائع فتستحق عليها رسوم الدمغة وما يعتبر منها مجرد أوامر دفع مستندة إلى عقود فتح اعتمادات سبق تحصيل الرسم عنها. لا خطأ في تطبيق القانون.
(ب) رسوم الدمغة. حكم. تسبيبه. قضاء المحكمة برد الرسوم المحصلة من أحد البنوك على اعتمادات مستندية دون تحقيق ما إذا كانت مجرد أوامر دفع مستندة إلى عقود فتح اعتمادات بسلفة سبق تحصيل الرسم عنها أم أنها في حقيقتها تنطوي على عقود فتح اعتمادات عادية مقرونة بأوامر دفع مقابل تسلم مستندات شحن البضائع فتستحق عليها الرسوم. خطأ في تطبيق القانون.
1 - إنه وإن كان الأصل أن إصدار الاعتمادات المستندية ليس عملية أصلية ولكنه متفرع عن عملية أخرى هي عملية فتح اعتماد عادي بسلفة يمنحها البنك إلى عميله مضمونة بمستندات أو بضائع ما لم يكن للعميل رصيد دائن للبنك يزيد على قيمة الاعتماد فعندئذ يؤول الاعتماد إلى خصم يقيد في الحساب المدين للعميل، إلا أنه إذا كان الحكم الأول المطعون فيه قد بنى قضاءه على أن نماذج فتح الاعتمادات المستندية المقدمة من البنك غير موضحة بها العملية الأصلية، ولذلك ندبت المحكمة خبيراً للاطلاع على المستندات الخاصة بها لمعرفة ما إذا كانت تتضمن عملية فتح اعتماد عادي بسلفة مضافاً إليه أمر دفع بمبلغ معين مقابل تسلم مستندات شحن البضائع فيفرض على العملية رسم دمغة أم أنها مقصورة على مجرد أوامر دفع مستندة إلى عقود فتح اعتمادات سابقة عليها فلا يفرض عليها رسم الدمغة باعتبار أن هذا الرسم قد حصل عند فتح الاعتمادات السابقة، فان هذا الحكم لا يكون قد أخطأ في تطبيق المادة الثانية من الفصل الثاني من الجدول الثاني من القانون رقم 44 لسنة 1939.
2 - إذا كان الحكم الثاني المطعون فيه قد قضى برد رسوم الدمغة المحصلة من البنك دون أن يحقق ما إذا كانت الاعتمادات المستندية المحصلة عنها تلك الرسوم تنطوي أو لا تنطوي على عقود اعتمادات عادية بسلفة فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق المادة الثانية من الفصل الثاني من الجدول الثاني من القانون رقم 44 لسنة 1939 على وجهها الصحيح.


المحكمة

بعد الاطلاع على الأوراق وسماع تقرير السيد المستشار المقرر ومرافعة المحامي عن الطاعنة والنيابة العامة وبعد المداولة.
من حيث إن الطعن قد استوفى أوضاعه الشكلية.
ومن حيث إن الوقائع - كما يبين من الحكم المطعون فيه وباقي أوراق الطعن - تتحصل في أنه قام خلاف بين المطعون عليه ومصلحة الضرائب "الطاعنة" في شأن تطبيق بعض نصوص القانون رقم 44 سنة 1939 انتهى بإصرار الطاعنة على تحصيل قيمة رسوم الدمغة التي لم يدفعها البنك وهي 272 جنيهاً فدفعها وأقام الدعوى رقم 561 تجاري كلي مصر سنة 1946 بطلب استردادها ودار النزاع على مسألتين: الأولى خاصة بعقود فتح الاعتمادات المستندية وهي موضوع هذا الطعن، والثانية خاصة برسم الدمغة على ضمان السندات والكمبيالات المحولة. ففي المسألة الأولى بنى المطعون عليه دعواه على أن الرسم لا يفرض إلا على عقود فتح الاعتمادات العادية التي هي في حقيقتها عقود قرض ولا يفرض على الاعتمادات المستندية متى كان للعميل رصيد بالبنك. ودفعت الطاعنة بأن الرسم يفرض على عقود فتح الاعتماد كلها دون تفريق بينها. وفي 6 من مارس سنة 1947 حكمت محكمة مصر الابتدائية بإلزام مصلحة الضرائب برد مبلغ 272 جنيهاً للمطعون عليه. فاستأنفت الطاعنة وقيد استئنافها برقم 281 تجاري سنة 64 ق. وفي 6 من فبراير سنة 1949 حكمت محكمة استئناف مصر بندب مكتب الخبراء لأداء المأمورية الموضحة بأسباب ذلك الحكم وهي تتضمن الاطلاع على عقود فتح الاعتمادات المستندية المتنازع على فرض رسوم الدمغة عليها والعمليات التي ترتبت عليها هذه الاعتمادات وبيان ما ينطوي منها على فتح اعتماد عادي أو عقد سلفة من البنك بكل أو بعض قيمة الاعتماد المستندي وما لا ينطوي على شيء من ذلك وبيان مقدار الرسم المستحق على العقود الأصلية كل بحسب فئته والرسم المقرر له في القانون، وباشر الخبير مأموريته وقدم تقريره وقال فيه إن البنك المطعون عليه لم يطلعه على الأوراق. وفي 31 من مايو سنة 1951 حكمت محكمة استئناف مصر في موضوع الاستئناف بإلغاء الحكم المستأنف فيما قضى به من رد مبلغ 180 جنيهاً الخاص برسم الدمغة على ضمان السندات ورفض دعوى المطعون عليه بالنسبة إلى هذا المبلغ وتأييده فيما عدا ذلك أي بالنسبة لما قضى به من رد رسوم الدمغة المحصلة عن الاعتمادات المستندية فقررت الطاعنة بالطعن بطريق النقض فيما قضى به عليها هذا الحكم وفي الحكم التمهيدي الصادر في 6 من فبراير سنة 1949.
ومن حيث إن مما تنعاه الطاعنة على الحكمين المطعون فيهما هو أنهما أخطأ في تطبيق القانون، إذ أقاما قضاءهما على أن عملية فتح الاعتماد المستندي ليست عملية أصلية، بل هي عملية تبعية لعملية أخرى فلا يستحق عليها رسم دمغة بل يستحق هذا الرسم على العملية الأصلية المتفرع عنها فتح الاعتماد المستندي، فإن كانت تلك العملية مما يستحق عليها رسم كما لو كان العميل ليس له مال أصلاً بالبنك، أو كان له مال ولكنه لا يكفي لتغطية ثمن البضائع المستوردة الصادر بثمنها الاعتماد المستندي كانت العملية في هذه الحالة منطوية على عقدين: الأول سلفة أو فتح اعتماد عادي لتغطية ثمن البضائع، والثاني عقد فتح الاعتماد المستندي، وحينئذ يجب تحصيل الرسم على العقد الأصلي، أما لو كانت العملية ليست مما يستحق عليه رسم كما لو كان للعميل رصيد دائن في البنك يكفي لتغطية ثمن البضاعة أو يزيد فإن العملية لا يفرض عليها رسم، مع أن هذا القضاء مخالف للمادة الثانية من الفصل الثاني من الجدول الثاني من القانون رقم 44 سنة 1939 إذ نصها صريح في فرض رسم الدمغة المقرر فيها على عقود فتح الاعتمادات عموماً دون تفريق بينها هذا إلى أن فتح الاعتماد المستندي لا يختلف في طبيعته وأركانه عن عقود فتح الاعتمادات الأخرى ولا تعني لفظة مستندي سوى أن الدين مضمون بتسليم مستندات تمليك البضاعة. وقانون الدمغة هو قانون حرفي لا يجوز التوسع في تفسيره ولا الأخذ فيه بطريق القياس.
ومن حيث إنه يبين من مطالعة الحكم الصادر في 6 من فبراير سنة 1949 أنه أسس قضاءه بندب مكتب الخبراء للاطلاع على المستندات الخاصة بعقود فتح الاعتمادات المستندية على "أن نماذج فتح الاعتمادات المستندية المقدمة من بنك زلخا غير موضحة بها العملية الأصلية المترتب عليها فتح الاعتماد المستندي أو بعبارة أخرى غير مبين بها إن كان فتح الاعتماد المستندي مترتباً على عملية فتح اعتماد عادي أو تقديم سلفة من البنك للعميل أم لا حتى يحصل الرسم على العملية الأصلية حسب فئتها والرسم المقرر لها". ويبين من مطالعة الحكم الصادر في 31 من مايو سنة 1951 القاضي بتأييد الحكم الابتدائي فيما قضى به من رد رسوم الدمغة المحصلة عن الاعتمادات المستندية إلى المطعون عليه أنه أسس قضاءه في ذلك على أنه: "ظاهر من استقراء الحكم التمهيدي وأوراق الدعوى ودفاع الخصوم أن المستأنفة "الطاعنة" كانت تقول إن فتح الاعتماد المستندي يستحق عليه رسم الدمغة، وكان المستأنف عليه يقول بأن هذا الرسم لا يستحق على مثل هذا العقد، وقد انتهت المحكمة في الحكم السالف الذكر إلى إقرار النظر الأخير، إذ ضمنت أسباب الحكم أنه ولو أن عقد فتح الاعتماد المستندي لا يستحق عليه رسم دمغة، إلا أنه يتفرع عن عملية أصلية وهي اعتماد عادي أو عقد سلفة يستحق على كل منها رسم تختلف فئته، وندبت الخبير لتقدير الرسم المستحق على تلك العقود الأصلية، وأن المستأنفة لا تطالب في شق الدعوى الأول بغير رسم الدمغة على عقد فتح الاعتماد المستندي، ولا تتصل طلباتها برسم الدمغة المستحق على عقود السلفة أو عقود فتح الاعتماد العادي. وقد بان مما سبق أن حكم 6 من فبراير قضى بأن فتح الاعتماد المستندي لا يستحق عليه رسم دمغة، كما بان أنه لا يدخل في ولاية هذه المحكمة إعادة النظر في قضائها إلا في حالات معينة ليست مطروحة على المحكمة الآن، وبذلك تكون الخصومة قد انتهت بين الطرفين فيما يتعلق برسم الدمغة المستحق على فتح الاعتماد المستندي" ولما كان هذا الذي أسس عليه الحكم الأخير قضاءه لا يخلو من الخطأ، ذلك بأنه وإن كان الأصل أن إصدار الاعتماد المستندي هو كما أوضحه حكم 6 من فبراير سنة 1949 ليس عملية أصلية، ولكنه متفرع عن عملية أخرى هي عملية فتح اعتماد عادي بسلفة يمنحها البنك إلى عملية مضمونة بمستندات أو بضائع ما لم يكن للعميل رصيد دائن للبنك يزيد على قيمة الاعتماد، فعندئذ يؤول الاعتماد إلى خصم يقيد في الحساب المدين للعميل، إلا أن محكمة الاستئناف أوضحت في حكمها الصادر في 6 من فبراير سنة 1949 المشار إليه أن نماذج فتح الاعتمادات المستندية المقدمة غير موضحة بها العملية الأصلية. ولذلك ندبت خبيراً للاطلاع على المستندات الخاصة بها، ولكن الخبير لم يستطع أداء المأمورية لامتناع المطعون عليه عن تقديم هذه المستندات، وبذلك لم يعرف ما إذا كانت هذه النماذج تتضمن عملية مركبة أي عملية فتح اعتماد عادي مضافاً إليها أمر دفع بمبلغ معين مقابل تسلم مستندات شحن البضائع فيفرض عليها رسم دمغة أم تقتصر على مجرد أوامر دفع مستندة إلى عقود فتح اعتماد سابقة عليها فلا يفرض عليها رسم دمغة باعتبار أن هذا الرسم قد حصل عند فتح الاعتمادات السابقة. ولما كان الحكم الصادر في 31 مايو سنة 1951 اعتبر الخصومة منتهية بين الطرفين وقضى بتأييد الحكم الابتدائي الصادر برد رسوم الدمغة المحصلة عن الاعتمادات المستندية على أساس أنها حصلت بغير وجه حق دون أن يمكن الخبير من تأدية المأمورية التي كلفه بها الحكم التمهيدي الصادر في 6 من فبراير سنة 1949 والتي يتوقف على نتيجتها الفصل في حقيقة الاعتمادات المستندية المشار إليها فإنه يكون قد أخطأ في تطبيق المادة الثانية من الفصل الثاني من الجدول الثاني من القانون رقم 44 سنة 1939 ذلك أنه لا يبين من الاطلاع على عقود فتح الاعتمادات المستندية المقدمة من الطاعنة ضمن أوراق الطعن ما يعتبر منها في حقيقة الأمر وواقعه أمر دفع مسبوق بفتح اعتماد عادي سبق تحصيل رسم الدمغة عنه وما ينطوي منها على فتح اعتماد عادي مبتدئ مقترن بأمر دفع مع اختلاف الحكم في الحالتين مما كان لا يصح معه للمحكمة أن تقضي برد رسوم الدمغة المدفوعة من المطعون عليه على أساس أنها حصلت منه بغير حق دون أن تبين ذلك، وإذ هي لم تفعل فإنها تكون قد أخطأت في تطبيق المادة المذكورة على وجهها الصحيح ولذلك يتعين إلغاء الحكم الصادر في 31 من مايو سنة 1951 فيما قضى به من تأييد الحكم الابتدائي القاضي برد رسوم الدمغة إلى المطعون عليه ورفض الطعن بالنسبة إلى الحكم الأول الصادر في 6 من فبراير سنة 1949 إذ أنه في تحديد الأساس الذي تقوم عليه مأمورية الخبير لم يخطئ في تطبيق القانون.